ميناء مدينة طنجة عُبِّدت طريق بحرية التفافية شملت ساحل سيدي "بوقْنادل" مرورا ب "للاّجميلة" و"سيدي ميمون" الذين باتا مطمورين تحتها، ثم "العَدْويِّين" و"الأحجار الثلاثة" فشاطئ مرقالة.. هذه الطريق الالتفافية عُبِّدت للتخفيف من الضغط على شوارع المدينة خصوصا عند عودة المهاجرين المغاربة من ديار الغربة.. لن أتحدث هنا عن سلبيات الطريق بالنسبة للبيئة البحرية التي دمرتها خصوصا حاضنة "للاّجميلة" التي كانت موقعا مثاليا للكائنات البحرية المتنوعة من قواقع وقشريات ورخويات وحلازين بحرية وأسماك لتضع فيها بيضها، ثم يفقس البيض ويعيش الكائن البحري في بيئة مناسبة حتى يشتد عوده، ثم يبتعد إلى الأعماق. لن أتحدث عن الخراب البيئي الذي أحدثته شركة فيوليا أمانديس بشاطئ مرقالة حيث تسببت في تلويثه عن عمد حين لم تصلح القادوس الضخم الذي بناه الاستعمار في العهد الدولي لطنجة والذي تصدّع بالأمطار الطوفانية التي ضربت طنجة بتاريخ 23 أكتوبر من السنة الماضية وخلفت خسائر مادية وبشرية لساكنة وادي اليهود والدرادب والسواني ومغوغة وغيرها. لن أتحدث عن استخفاف الشركة برواد الشاطئ خصوصا الأطفال الذين يقدمون دون رفقة من مناطق نائية كمغوغة وبئر الشفا وبن ديبان وبني مكادة ليسبحوا في بحر ملوث لوثته فيوليا أمانديس .. لن أتحدث عن التمثيلية البغيضة التي مارستها وتمارسها فيوليا أمانديس بالتقليل من تدفق المياه الحارة التي لم تستطع إيقافها كلية وشق مجرى لها إلى البحر والتي تجمّعت بسبب الردم الذي حصل للقادوس الضخم الذي كان يصرفها بعيدا عن الشاطئ لتوجِد ظلما بيئيا، ولتحْدث مستنقعا فوق رماله الذهبية تتجاوز روائحه الكريهة القصر الملكي بالجبل الكبير، ثم تغطية المستنقع الذي سرعان ما يتعرى؛ برمال الشاطئ خصوصا عند علمها بالزيارة الملكية لمدينة طنجة، وبالأخص تدشين الطريق الالتفافية من طرف الملك وخوفها من مروره فيها حتى يخلص إلى شاطئ مرقالة فيتنبه لغشها له وللرأي العام المحلي.. لن أتحدث عن هذا لأن لي معه وقفة غير هذه كما كانت لي وقفات في الأيام القليلة الماضية بالإنترنت وبعض الصحف المحلية التي نشرت فيها فضائح فيوليا أمانديس أملا في رفع الظلم، وطالبتُ بنقر جبل مرقالة وحفر نفق فيه لتعبيد الطريق، وكذلك شق قناة لمياه الصرف الصحي، ومياه الأمطار التي تكون أحيانا طوفانية خصوصا في وادي اليهود والتي لن ينفع معها إلا إعادة القادوس الضخم ليعمل كما كان مع إصلاحه، وإلا فالكارثة قادمة إذا كان الموسم الشتوي القادم موسم 2009 مطيرا كسابقه.. لن أتحدث عن ضعف الدراسات التي ارتأت نصب مصفاة بمحاذاة القاعة الرياضية المغطاة بالدرادب وتحريكها لدفع المياه العادمة في شارع الإمام مسلم نحو الأعلى بدل دفعه إلى مصفاة بوقنادل من شاطئ مرقالة دون حاجة للطاقة التي إن اعتطبت آلاتها وأجهزتها رجعت المياه الحارة إلى الشاطئ، ونعلم أن لكل واد ذاكرة. ولن أتحدث عن عملية البناء يمينا وشمالا في طريق شاطئ مرقالة بأمكنة كان يجب أن تظل مناطق خضراء إذ يحصل فيها انجراف للتربة، وقد حصلت كارثة حومة "حسيسن" بانهيار أكثر من 20 بناية سكنية في 26 نوفمبر سنة 2006 تسببت فيها شركة تريس كانتوس حين أزاحت الصخور التي وضعت سُدَداً لحماية البنية التحتية للوادي الحار، والآن يجري البناء فيها ولا ندري كيف يسمح بالبناء رغم الكارثة التي حصلت، والكارثة الأخرى بالوضع القائم؛ قادمة. سأتحدث عن الشركة التي عبدت الطريق الالتفافية والتي ردمت القادوس الضخم الذي كان يصرف المياه العادمة بعيدا عن شاطئ مرقالة، ردمته على مرأى ومسمع من شركة فيوليا أمانديس والسلطات العمومية وعمدة المدينة ورئيس الجماعة الحضرية والمهندس البلدي.. هذه الشركة أنهت أشغالها دعائيا، ولكنها لم تنهها حقيقة، إذ تدشين الطريق إذا دُشِّن من طرف الملك سيكون غشا للملك أولا، ثم غشا للرأي العام الطنجاوي ثانيا، إذ كيف يعقل تدشين طريق لا تتضمن قنوات لتصريف المياه سواء كانت هذه المياه مياه الشرب أو الأمطار أو مياه الصرف الصحي؟. ما نعلمه أن الإنارة وقنوات تصريف المياه أساسيان في أي طريق معبدّة أو شارع، فكيف بطريق في المدار الحضري مرشحة لاحتضان مشاريع على الكورنيش من مثل المطاعم والمقاهي والأكشاك وربما محطة وقود مرفوضة بيئيا؛ لا تحتوي على قنوات لتصريف المياه؟. ومن الطريف حقا أنك إذا سرت على الطريق الرابط بين ميناء طنجة وشاطئ مرقالة ووادي اليهود تجد الأرصفة على يسارك عند سيرك من الميناء، أو على يمينك عند سيرك من شاطئ مرقالة بها ما يشير إلى وجود قنوات لتصريف المياه الحارة ومياه الأمطار، ولكنك إذا اقتربت منها ودققت النظر تجدها خدعة، تجدها كذبة كبيرة قد مارستها الشركة ويشاركها في كذبتها كل مسئول عليم بغشها، صحيح أن بعضا منها قد بدا منصوبا في وسط الطريق، وقد أحصيتها فلم أجد أكثر من اثني عشر قناة وكلها قريبة من بعضها البعض أسفل ما يطلق عليه أهل طنجة "الحافة"، ولكنك لن تجد غيرها بدءا من الميناء مرورا بدار البارود والقصبة وبوقنادل، أما بعد "الحافة" إلى شاطئ مرقالة فلن تجد قناة واحدة، هذا إذا لم تكن القنوات المنصوبة ذاتها خدعة أخرى بحيث يتطلب الأمر بعد تدشين الطريق أن تشق هذه الأخيرة وتردم من جديد لتنصيب القنوات ولا تهم الخسارة، لأنها بالتأكيد لن تقع إلا على المال العام. رئيس جمعية الجيرة للتفاعل الثقافي بطنجة