سيمكن مشروع إعادة توظيف ميناء طنجة - المدينة من جعل المغرب وجهة واعدة في سياحة الرحلات البحرية في العالم، وهو النشاط ذي القيمة المضافة المرتفعة، والذي يشهد خلال السنوات الأخيرة ازدهارا غير مسبوق. وستسهر شركة التهيئة من أجل إعادة توظيف المنطقة المينائية لطنجة المدينة، التي عين صاحب الجلالة الملك محمد السادس السيد عبد الوافي لفتيت رئيسا مديرا عاما لها أمس الاثنين، على تنفيذ التعليمات الملكية السامية الرامية إلى إعادة توظيف وتأهيل ميناء طنجة المدينة، بعد تحويل القسط الأكبر من خطوطه البحرية نحو ميناء طنجة المتوسط للمسافرين، الذي سيشرع في العمل به خلال الأشهر القليلة المقبلة. ويستفيد ميناء طنجة المدينة من موقعه الجغرافي الاستراتيجي في مدخل مضيق جبل طارق، الذي يعد ممرا رئيسيا لسفن الرحلات البحرية بين المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، حيث تشير إحصاءات إلى أن 16 بالمائة من عدد السفن السياحية بالعالم تمر عبر المضيق في رحلاتها حول العالم. + زورق سياحة الرحلات البحرية يرخي شراعه + بفضل مشروع إعادة توظيف ميناء طنجة المدينة، يكون المغرب قد أرخى شراع زورق تنمية هذا النوع من السياحة ذي القيمة المضافة العالية، في رحلة تجعل من ميناء طنجة عنصرا مكملا للمشاريع السياحية المهيكلة، التي انخرط فيها المغرب خلال السنوات الأخيرة. وأفادت دراسة مونوغرافية للاتحاد العام لمقاولات المغرب بجهة طنجة تطوان، حول واقع السياحة بمدينة طنجة، أن سياحية الرحلات البحرية شهدت قفزة نوعية خلال السنوات الأخيرة، إذ انتقل عدد الزائرين الذين قدموا إلى مدينة البوغاز من أزيد من حوالي 21 ألف خلال سنة 2001 إلى أزيد من 70 ألف زائر سنة 2007. غير أن تطلعات المغرب بهذا الشأن أكبر من جلب بضعة آلاف من السياح لقضاء بضعة ليال بمدينة طنجة أو في المنتجعات القريبة منها، إذ يسعى المغرب إلى أن يكون محطة انطلاق وعبور لا محيد عنها للسفن البحرية العابرة لمضيق جبل طارق، ويرفع التحدي إلى استقبال مليون و250 ألف زائر خلال سنة 2015، حسب ذات الدراسة. هو أمر غير بعيد المنال، حسب رئيس المكتب الجهوي للسياحة بطنجة تطوان السيد مصطفى بوستة، الذي أكد أن من شأن هذا المشروع أن يجلب مئات السفن السياحية إلى ميناء طنجة المدينة بعد إعادة توظيف أنشطته. + ميناء سيغني العرض السياحي لجهة الشمال + سيجعل النشاط الجديد لميناء طنجة، من المنطقة وجهة عالمية لسياحة الرحلات البحرية، مما سيغني العرض السياحي لهذه المنطقة، التي تحتضن مشاريع سياحية هائلة من قبيل المحطة السياحية "ليكسوس" بالعرائش، السادسة ضمن المخطط الأزرق، ومشاريع المركبات السياحية الضخمة ل`"إعمار" الإماراتية" و"ديار" القطرية و"بيت التمويل" الخليجي بمدينة طنجة، وخليج "ثمودا باي" بين مدينتي المضيق والفنيدق. بهذه المؤهلات الطبيعية المتعددة، سيصبح ميناء طنجة مرفأ في خدمة السياحة بالمغرب، وجهة الشمال على الخصوص، إذ يسعى المهنيون إلى جعل مدينة طنجة نقطة انطلاق عدد من سفن الرحلات البحرية، وأسر السيد بوستة أن المجلس قرر القيام بزيارة لألمانيا للقاء متخصصين في المجال لدراسة إمكانية إحداث نقطة انطلاق الرحلات وجلب خبرة وكالات الأسفار المتخصصة في المجال. من جهته، أبرز السيد أحمد العثماني، المدير الجهوي للوكالة الوطنية للموانئ المساهمة في رأسمال شركة إعادة توظيف المنطقة المينائية لطنجة المدينة، أن المشروع يروم خلق منطقة للأنشطة الترفيهية والسياحية على مساحة 60 هكتارا، تضم فنادق فخمة ومرافق ترفيهية ورياضية. وأشار السيد العثماني إلى أن الانعكاسات الاقتصادية لهذا المشروع ستكون مهمة على النسيج الاقتصادي بجهة الشمال، نظرا لاحتضانها منطقة جذب سياحي ومرافق تجارية، فضلا عن إحداثها لآلاف مناصب الشغل المباشرة وغير المباشرة. + ميناء مندمج في محيطه + استفادت المنطقة المحيطة بميناء طنجة المدينة من عمليات مهمة في إطار برامج التأهيل الحضري لجعل الميناء أكثر اندماجا في محيطه الطبيعي والحضري. فقد خصصت للمدينة العتيقة لطنجة، التي تطل على الميناء، ميزانية بقيمة 130 مليون درهم بين سنتي 2009 و2013 ، في إطار برنامج شامل لتأهيل معالمها وتراثها الحضاري، وتأهيل الأحياء الواقعة داخل قصبة مدينة طنجة وفي محيطها. وسيتم في إطار هذا البرنامج تبليط واجهات أزيد من ألفي منزل بالمدينة العتيقة، وترميم أسوار القصبة، وتأهيل الفضاءات الخضراء، وإعادة إسكان حوالي 200 أسرة تقطن في سكن عشوائي بالمدينة العتيقة، وتثبيت هضبة الحافة التي تعد من بين أهم المزارات السياحية بالمدينة، حيث تحتوي على قبور يعتقد أنها تعود إلى عهد الفينيقيين. ولخلق امتدادت ترفيهية للميناء، تم افتتاح طريق جديد على الواجهة البحرية الغربية بكلفة 285 مليون درهم، وبطول 11 كلم، حيث ستكون له انعكاسات إيجابية على صعيد التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وكذا على مستوى السلامة الطرقية من خلال المساهمة في التخفيف من حدة حركة السير داخل المدينة، عبر إحداث منفذ ساحلي جديد، يشكل امتدادا لمحج محمد السادس (كورنيش مدينة طنجة) الواقع شرق الميناء، والذي يحتضن بدوره العديد من المؤسسات الفندقية والمرافق الترفيهية.