كلما تعرضت صحيفة للمنع مهما كان توجهها. كلما تعرض صحفي للمضايقات مهما كانت قضيته. كلما سجن شخص مهمن يكن لمجرد تعبيره عن رأيه. كلما مارست الأجهزة الحكومية شططا في استعمال سلطاتها أو ارتكبت خرقا لمبدأ من مبادئ العدالة. كلما حدث شيء من ذلك إلا وحسبت نفسي معنيا بالأمر، وسارعت للتضامن مع الضحية والمطالبة بإنصافه، أو تعاطفت مع قضيته تجاوزا لكل الحسابات الضيقة. لست أمن بذلك على أحد ، إنما أعتبره جزءا من واجباتي كمواطن أولا ومثقف ثانيا، وشيئا يعبر عن كوني إنسانا له له ضمير يميزه عن بقية الكائنات ، فحق الإنسان في حرية الرأي والتعبير يسمو على ما سوى حقه في الحياة. توافق ديني مع دينه أو اختلف، صادف أن لوننا واحد أو انتفى، تكلم لغتي أو جهلها، اتفق مع رأيي أو اختلف معه، واحدة مصالحنا كانت أو تباينت، دائما أكون مع الضحية ضد الجلاد، مع المقموع والممنوع ضد المسيطر، مع الضعيف ضد الطاغي. إنها مسألة مبدأ لا تتبدل. ولذلك نندد بكل تلك الأحكام والقرارات التي تهدف لإعدام الصحف وخنق الأصوات المغردة خارج سرب الناصري وأزولاي. لكن ما سبق لا يمنعني من التعبير عن رأيي في حق الضحايا حين يسلطون سبب معاناتهم على أمثالهم عوض مواجهة مصدرها، أو حين يقعون في حب الجلاد استلابا، أو حين يتنازلون عن حقهم في الكلام مقابل حقهم في وجبة شهية، أو حين يستخفون بالأمانة التي حملهمها الشعب، أو حين يقعون في المكيدة فتتراءى لهم ظلالهم ذئابا تهاجمهم. نعم، فالصحفي مجرد كاتب يعبر عن آرائه ويمارس سلطته في الرقابة وليس زعيما سياسيا يحاسب على مواقفه وأعماله، ومع ذلك، فهو أيضا معني بالمراقبة والمحاسبة على تدبير سلطاته، حتى أنه يعامل معاملة السياسي المسؤول حين يجعل للصحيفة اتجاها سياسيا، وحين يتخذ لنفسه خطا يدافع عنه ويهاجم خصومه، وحين يرغب في دعم الشعب له ووقوفه إلى جنبه في المحن. حين تصبح الصحيفة قطبا سياسيا وفكريا فإنها تتحمل العواقب، والصحفي الذي ينشد دعم الشعب له في المواقف الصعبة ومشاطرته تكلفة جرأته يقر بالتزام ضمني مع الشعب على أرضية مطالب وأهداف ذات أولوية، وهكذا يتحمل الصحفي جزءا من الضغط الناتج عن مراعاة شعور الشعب، مقابل تحمل الجمهور لجهد المشاركة في حماية الصحيفة ودعمها، إلا إذا كان شخص يظن أن من حقه الاستفادة من معونات الدولة العائدة للشعب الذي عليه أيضا أن يسانده ويثق فيه ويناضل معه من أجل حقه في التعبير ويسانده في قضاياه، ولا ينتظر منه مقابلا، سوى أن يتسنى له ترويج أفكاره التي يعجز عن النضال من أجلها بالطرق الصعبة عبر حركة اجتماعية أو تنافس سياسي ، أو نشر هلوسات عبثية أو تملقات وصولية أو شتائم وضيعة أو اتهامات مجانية تسوية للحسابات الشخصية الصغيرة. لست أقصد بالكلام أحدا، لكنني لا أظن أيا من رشيد نيني ولا رضا بنشمسي جرب النضال والدفاع عن مطالب الشعب وحرية التعبير في مكان آخر غير صفحات جرائدهم، ولا أحد منهم خاطر بممتلكاته أو حريته أو حتى وقته من أجل الآخرين ومن أجل المبادئ، إن النضال الوحيد الذي يعرفونه هو النضال من أجل عدد المبيعات، أو بالأحرى من أجل قيمة المداخيل، وحين تتعرض حقوق الآخرين للمساس ولو كانوا زملائهم في المهنة فإنهم يفضلون مراجعة حساباتهم قبل كل شيء. رسالتي إليكما: إذا أردتم من الشعب التضامن معكم والوقوف إلى جانبكم فعليكم الوقوف إلى جانب بعضكم أولا ومعالجة خلافاتكم بالحوار المفيد لكم وللقراء، أما إذا أردتم أن تجنوا الثروة من نشر غسيلكم على صفحات تطبع من جيوبنا، فإن لدي عبارة واحدة لكم وهي: قيلونا عليكم، وعوموا بحركم. http://bnojabal.maktoobblog.com