فيما قدمت السلطة الفلسطينية عرضا للمستوطنين الاسرائيليين للبقاء في الاراضي الفلسطينية ضمن مستوطناتهم ولكن تحت السيادة الفلسطينية، شنت حركة حماس هجوما عنيفا على القيادة الفلسطينية ورئيس طاقم المفاوضات مع اسرائيل احمد قريع (ابو العلاء) الذي قدم الاقتراح.واقترح قريع منح الجنسية الفلسطينية للمستوطنين في الضفة الغربية في مقابلة نشرتها صحيفة 'هآرتس' الاسرائيلية معه الثلاثاء، وذلك بالتزامن مع زيارة الرئيس محمود عباس الى واشنطن حيث سيثير قضية الاستيطان خلال محادثاته مع الرئيس الامريكي باراك اوباما. ومن جهته وجه الدكتور صلاح البردويل الناطق الرسمي باسم كتلة حماس البرلمانية انتقادات حادة لقريع، وقال ل 'القدس العربي' 'انا مستغرب كيف يجرؤ ابو العلاء ان يتحدث بهذا الشأن وهذا الامر المغلق'، ومضيفا 'لماذا يقترح مثل هذه العروض المجانية في الوقت الذي لا تعترف به اسرائيل ولا بسلطته؟'. وطالب البردويل في حديث مع 'القدس العربي' قريع بالتوقف عن تقديم عروض مجانية لاسرائيل، مشيرا الى ان عرض قريع هو مؤشر على اصابة قيادة السلطة الفلسطينية 'بلوثة سياسية وهذيان' على حد قوله. وكان قريع قال خلال مقابلة مع صحيفة 'هآرتس' الثلاثاء ان مستوطنات 'أرئيل' و'معاليه ادوميم' و'جفعات رئيف' ممكن أن تبقى بسكانها الإسرائيليين في المنطقة الفلسطينية تحت حكم السلطة. وأشارت 'هآرتس' الى أن هذا الموقف الفلسطيني الذي عبر عنه قريع ستعرضه السلطة على الإدارة الأمريكية في زيارة عباس لواشنطن غدا الخميس للقاء الرئيس الامريكي باراك اوباما. وردا على ذلك قال البردويل ل'القدس العربي' 'هذا ثمن باهظ مقابل اجر بخس'، مضيفا 'هل من المعقول ان نتنازل عن فلسطين مقابل ارضاء امريكا؟'. وشدد البردويل على ان قيادة السلطة اصيبت ب'الافلاس السياسي' وباتت تقدم العروض السخية لاسرائيل من اجل اعطاء شرعية لبقاء المستوطنات في الاراضي الفلسطينية لتبقى عمليا تحت سيطرة الاحتلال ومستوطنيه وتكون مهمة السلطة في تلك الحالة توفير الحماية لهم. وناشد البردويل القيادة الفلسطينية قائلا 'راجعوا انفسكم وتوقفوا عن الحديث عن مشروع سياسي هدمه نتنياهو وليبرمان'، مشيرا الى ان مواصلة القيادة الفلسطينية التمسك بالمشروع السياسي القائم على حل الدولتين في حين يرفضه رئيس الحكومة الاسرائيلية بأنه 'غسل لأيدي الاحتلال من الدم الفلسطيني'. واضاف البردويل قائلا 'تريدون غسل ايدي العدو الصهيوني من دماء الفلسطينيين وشرعنة بقاء المستوطنين 'على الارض الفلسطينية، محذرا من استغلال اسرائيل اقتراح قريع الذي وصفه 'بالمفاوض الفاشل'. وشدد البردويل الى على ان 'الارض الفلسطينية ليست للمستوطنين وعلى قريع ان يعرف بأنه اذا شعر بأنه مفاوض فاشل فليس من حقه الحديث عن الارض الفلسطينية وكأنها ملكه يستطيع التصرف بها وتقديم العروض المجانية بشأنها للعدو الصهيوني'، موضحا ان اقتراح السلطة من خلال قريع يؤكد بأن اسرائيل 'استطاعت انتزاع اعتراف فلسطيني بالاستيطان الصهيوني'. واشار البردويل ان اقامة دولة فلسطينية تضم المستوطنات الاسرائيلية 'تنطوي على خدعة كبيرة بحيث يكون الاسم دولة فلسطينية الا انها خاضعة للاحتلال والمستوطنين فيها'. وذكرت صحيفة 'هآرتس' أن قريع ومحمود عباس يسيران منذ اتفاقية أوسلو 1993 جنبا إلى جنب بالرغم من المتربصين بهما من عدة جهات، مثل حماس من جهة والجيل الشاب في فتح من جهة أخرى، وبالإضافة إلى أبناء جيلهم من فتح غير الراضين عن أدائهم في الخارج، وبالمقابل يراهن الاثنان على خيار الحل السلمي مع إسرائيل، وبذلك أصبح مصيرهما في يد شخص واحد هو الرئيس أوباما، على حد تعبير الصحيفة. ونقلت الصحيفة عن قريع من مكتبه في أبو ديس 'بأن أبو مازن سيضع على طاولة أوباما المبادرة العربية للسلام' مضيفا 'أن الولاياتالمتحدة والرباعية يجب أن تتبنى حل مبدأ المبادرة العربية والتي تتضمن الانسحاب الكامل من حدود 67 في مقابل التطبيع'. واشار الى 'أن هذه الحدود هي مفتاح الحل وإذا تم الاتفاق عليها فهذا سيحل 70' من الصراع'. وذكر أن شروط عباس هي حل المستوطنات العشوائية، وليس تحريكها من مكان إلى آخر كما يفعل باراك، وكذلك إزالة جميع الحواجز التي تقطع المدن في الضفة الغربية، مشددا على 'أنه لن نوافق في أي حال من الأحوال أن تجرى مفاوضات على متر هنا ومتر هناك وسنطلب جدولا زمنيا واضحا للانسحاب'. واشار قريع الى تجربة السلطة في المفاوضات مع اسرائيل قائلا 'عملنا منذ مؤتمر مدريد مع ثمانية رؤساء للوزراء في إسرائيل ولن نوافق على البدء من جديد'، مشيرا الى 'أنه عندما يطرح نتنياهو حلا اقتصاديا وحكما ذاتيا فهذا يعيدنا إلى السبعينات والحلول المطروحة آنذاك، مع العلم أننا نتفهم المطالب الأمنية لدولة إسرائيل ونحن نعمل على ذلك منذ وقت مع الأمريكان'. وبخصوص شرط نتنياهو بضرورة اعتراف السلطة بيهودية دولة إسرائيل قال قريع 'هذه دولتكم وانتم أحرار في وصفها وتسميتها' مضيفا 'أن المنظمة اعترفت عام 1988 وضمن قرار التقسيم (181) بيهودية الدولة التي ضمنها القرار'. وبالتطرق لموضوع عودة اللاجئين قال 'ان حق العودة هو حق شرعي للفلسطينيين ولكن حل هذه القضية سيكون ضمن المفاوضات والوصول إلى صفقة متوازنة'. الا ان صلاح البردويل الناطق باسم حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة قال 'ليس من حق قريع وغيره التنازل عن حق اللاجئين المشردين لبقاء المستوطنين الصهاينة في الارض الفلسطينية، فهذه ارض الشعب الفلسطيني وعلى العدو الصهيوني ومستوطنية الرحيل'.