'وطن على وتر' برنامج تلفزيوني فلسطيني يقدم حلقات ساخرة منذ بداية شهر رمضان المبارك على شاشة التلفزيون الرسمي منتقدا الواقع الفلسطيني سواء على صعيد السلطة بأجهزتها او على الصعيد الاجتماعي، مما اثار لغطا في الشارع الفلسطيني بسبب جرأة القضايا المطروحة. واستطاع طاقم المسلسل الذي يبث حلقاته على شاشة التلفزيون الفلسطيني الرسمي ان يكسر العديد من الحواجز ويتجاوز ما يسمى بالخطوط الحمراء حيث قدم حلقات حول الاجهزة الامنية الفلسطينية وتدخلها في شؤون المواطنين الخاصة، في حين كانت هناك حلقة تلفزيونية تتحدث عن حركة فتح والرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي تم تقليده من احد الممثلين وهو يشارك في المؤتمر العام السابع لحركة فتح في نابلس شمال الضفة الغربية بعد 500 عام. واكد المشرف العام على التلفزيون الفلسطيني الرسمي ياسر عبد ربه بأن عباس شاهد تلك الحلقة وكان سعيدا جدا وضحك كثيرا وهو يشاهد نفسه مقلدا في مسلسل تلفزيوني ساخر يعرض على الشاشة الرسمية الفلسطينية. وقلد الممثل عماد فراجين الرئيس عباس بطريقة فكاهية اثناء 'ترؤسه مؤتمر حركة فتح السابع المنعقد في حي الياسمين في نابلس، بعد مرور 500 سنة على عقد المؤتمر السادس الشهر الماضي في بيت لحم'. وظهر فراجين، كاتب النص وأحد الممثلين الرئيسيين في ذلك المسلسل التلفزيوني وهو يلقي بصورة فكاهية خطابا مفترضا لعباس في المؤتمر ويقول: أنا ما في عندي تكتكة (اطلاق نار)، انا عندي مفاوضات ثم مفاوضات ثم مفاوضات، واللي بدو يتكتك عندي بتكتكو. وقلد فراجين الرئيس عباس وهو ينادي خلال خطابه امام اعضاء المؤتمر العام السابع لفتح بعد 500 عام على اسماء شخصيات قيادية في الحركة مثل 'دحلان الرابع عشر' في اشارة الى القيادي في الحركة محمد دحلان، و'ابو الولاء السادس عشر' في اشارة الى احمد قريع (ابو العلاء). وقلد الممثل في نهاية 'المؤتمر' عباس وهو يبحث عن تصريح المرور من الاسرائيليين، في إشارة إلى بقاء الوضع السياسي الفلسطيني على ما هو عليه تحت الاحتلال الاسرائيلي حتى بعد خمسمائة سنة. وبعد ان مس الممثلون وطاقم انتاج ذلك المسلسل الساخر رأس الهرم في القيادة الفلسطينية متمثلا في الرئيس عباس وتقليده بشكل ساخر انضم المشرف العام على التلفزيون الرسمي ياسر عبد ربه قبل ايام الى الممثلين في احدى الحلقات مؤديا دوره كأمين سر اللجنة التنفيذية. وظهر عبد ربه بمنصبه الحالي وهو يستقبل الرئيس الامريكي باراك اوباما في رام الله، حيث اشتكى الاخير لعبد ربه من تأخره على الحواجز العسكرية المنتشرة في الاراضي الفلسطينية لمدة 60 دقيقة، فرد عليه عبد ربه: انتم تأخرتم 60 عاما حتى تتفهموا معاناتنا مع الحواجز والاحتلال. وقال الممثل الذي ادى دور اوباما لعبد ربه ' د.صائب عريقات لم يخبرنا بالمعاناة على هذه الحواجز' فرد عليه عبد ربه 'والله كمان احنا ما بخبرنا عريقات شو بصير معه في المفاوضات'. وجرى بث هذه الحلقة التلفزيونية من البرنامج الساخر تحت عنوان 'اوباما في رام الله'. ومن جهته نفى السينمائي الفلسطيني جورج خليفة المقرب من طاقم البرنامج الساخر ان يكون ذلك البرنامج يخضع لرقابة من خلف الكواليس من قبل السلطة الفلسطينية واجهزتها الامنية. وقال خليفة ل'القدس العربي' 'ليس موجها بل معطى حرية اكثر من اللازم'، مشيرا الى ان طاقم عمل المسلسل يعبرون عن افكارهم وارائهم 'كما يريدون' دون تدخلات من جهات رسمية. واوضح السينمائي خليفة بأن المسلسل 'مبني على السترية السياسية الاجتماعية'، مشيرا الى اكثر الانتقادات التي تتناولها حلقات المسلسل تميل الى النقد السياسي. واكد خليفة بأن ذلك المسلسل الساخر من الواقع الفلسطيني سواء على صعيد السلطة او الانقسام الداخلي هو 'خطوة صغيرة' باتجاه تحويل التلفزيون الفلسطيني الرسمي من ناطق باسم تنظيم سياسي الى مؤسسة جماهيرية لخدمة المجتمع الفلسطيني. واشار خليفة في حديثه مع 'القدس العربي' الى ان ذلك المسلسل وبثه على شاشة التلفزيون الرسمي 'تدل على نية للتحول' عن النهج الذي كان سائدا سابقا بأن التلفزيون مؤسسة تابعة للحكومة 'الفلانية او العلانية'. واضاف خليفة 'هذا المسلسل الفكاهي والساخر يدل على ان هناك تحولا وهامشا من النقد والنقد الذاتي بدأ يأخذ مكانه' في التلفزيون الفلسطيني الرسمي، ومتابعا 'ولكن نحن في بداية الطريق'. واشار خليفة الى ان المسلسل 'يحتاج للدقة والرقة والتقنية العالية التي ما زالت ناقصة'، ومضيفا بأن في بعض حلقاته 'انتقادات ظالمة، وفيه الكثير من التعميم وتكرار للكلام الدارج الاكثر سوقية'. وذاع صيت برنامج 'وطن على وتر' فلسطينيا كونه اصبح اكثر البرامج الناقدة للعديد من القضايا السياسية والاجتماعية والثقافية في المجتمع الفلسطيني. وبات ذلك البرنامج التلفزيوني الذي يعرض يوميا على شاشة الفضائية الفلسطينية الرسمية، قرابة الساعة 6 بتوقيت غرينتش حديث الشارع الفلسطيني على اعتبار أنه 'مسلسل جريء .. ينتقد بجرأة عالية تصرفات المسؤولين' الا ان هناك وجهة نظر فلسطينية اخرى تقول بأن ذلك البرنامج وبثه على الشاشة الرسمية 'موجه' الهدف منه 'تخفيف حدة الاحتقان عند المواطنين جراء ممارسات الاجهزة الامنية الفلسطينية والسلطة في قمع الحريات وتكميم الافواه المعارضة والترويج للسلطة بانها لا تمس بالحريات بل وتسمح بحرية التعبير الى اقصى حد وذلك للتغطية على انتهاكاتها وملاحقتها لكل الذين يخالفونها الرأي'. ويقوم بعمل برنامج 'وطن على وتر' عماد فراجين، كاتب نصوص العمل وأحد نجومه، بالاشتراك مع منال عوض، وخالد المصو، وهم الثلاثي الذي سبق وقدم ال'ستاند أب كوميدي' الناجح 'غزة .. رام الله'، على خشبة العديد من المسارح الفلسطينية والعربية، والذي استوحى منه فراجين فكرة 'وطن على وتر'، الذي يخرجه رائد الحلو. وتحول المسلسل منذ الحلقة الأولى لمثار خلاف ما بين مرحب ومشجع ومتحمس وبين ناقد ورافض وربما ناقم، خاصة أن الحلقة الأولى والتي تحدثت عن مشاكل الشباب في البحث عن سكن، اشتملت على العديد من عبارات ذات إيحاءات جنسية التي وجدها البعض تخدش الحياء العام ولا يعقل ان تبث على شاشة تلفزيون رسمي. واستطاع ذلك المسلسل الكوميدي الفلسطيني ان يُدخل بجرأته الشاشة الفلسطينية الرسمية حلبة المنافسة الرمضانية، حتى بات البعض يطلق عليه 'باب الحارة الفلسطيني'، على غرار 'باب الحارة' السوري الا ان الشوارع الفلسطينية لا تخلو من الناس وقت عرضه كما تخلو عند موعد عرض باب الحارة على قناة 'ام بي سي'. ومع هذا اكدت مصادر فلسطينية مختلفة بان 'وطن على وتر 'يحظى بنسبة مشاهدة كبيرة في أوساط الفلسطينيين بسبب الجرأة العالية في تناول قضايا الفساد والاجهزة الامنية، والانقسام الداخلي، ومشاكل الشباب في حين ينتقد بجرأة أداء السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير في مسار المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي. واعترف عماد فراجين، كاتب العمل، وأحد المشاركين في تجسيد أدوار شخصياته المتغيرة بأنه لم يكن يتوقع أن يحقق ذلك البرنامج الساخر كل هذه الجماهيرية، كما لم يكن متفائلاً في البداية بإمكان عرضه على شاشة التلفزيون الفلسطيني الرسمي طالما ارتبط بتقديم وجهة نظر القيادة الفلسطينية كما هو الإعلام الرسمي في البلدان العربية.