- الى جانب أدوية مستعملة كثيراً من مشتقات "بنزوديازبين"، كما "تريازولام" و"لورازيبام" و"ميدازولام" و"فلونيترازيبام" و"تيمازيبام"، ثمة أدوية منومة يتم تسميتها "زيتا"(مشتقة من عائلة أدوية "زولبيديم" و"زوبيكلون" و"زاليبلون" و"ايسزوبيكلون") تم تسويقها كونها وعدت المرضى بتسبيب مشاكل أقل لهم. لكن آثارها الجانبية لم تكن أقل وطأة مما دفع وكالة الأغذية والأدوية الأميركية إلى حث منتجي هذه الأدوية على تحذير المرضى بالخطوط العريضة، المكتوبة على كل علبة من علب الأدوية المشتقة من "بنزوديازبين" و"زيتا" حول مخاطر استعمالها المتعلقة بتسبيب نوبات حساسية حادة أم سلوك "غريب" أثناء ساعات النوم. ان هذه الأدوية تستعمل منذ زمان سحيق وبصورة مفرطة. وما يزال الاعتقاد سائدا أنه مهما كانت كمية هذه الأدوية المبتلعة فإنها تبقى غير ضارة بالصحة! * إذن نحن نتحدث عن تجارة بعيدة كل البعد عن العلاج الصحيح بإدارة الطبيب؟ - بالضبط! ان نظرنا الى إحصائيات العام الماضي لوجدنا أن الإيطاليين أنفقوا أكثر من نصف بليون يورو على هذه الأدوية. وهذا يحصل لأن الأرق واضطرابات النوم بلغا مستوى مقلقاً لدى جميع الفئات العمرية. على الصعيد الوطني، ثمة 12 الى 15 مليون مواطن يعاني الأرق. و5 الى 6 ملايين منهم يعيش نوعاً مزمناً من الأرق. نحن أمام جيش من النائمين قليلاً وبصورة سيئة. ولا حل أمامهم إلا استعمال المنومات! * ما هو السبب الرئيس للأرق؟- ان الأرق سببه القلق والكآبة. وتستهدف هذه الأدوية الآليات البيولوجية التي تثيرها هذه العوارض النفسية. بالأحرى، تتفاعل هذه الأدوية مع نواقل عصبية تدعى "غابا" (Gaba). بيد أن هذه النواقل العصبية تلعب أدواراً لا تحصى ولا تُعد في النظام العصبي المركزي. هكذا، تساعد أدوية "بنزوديازبين"، وفق الجرعة، في تحسين نوعية ومدة النوم. وتتفاعل أدوية "زيتا" مع هذه النواقل بالطريقة نفسها . يكفي الاستعمال السليم لهذه الأدوية لحل مشكلة الأرق ولعلها تكون في مرحلتها الأولى. هكذا، ينقذ المريض نفسه من أشكال أرق مزمنة وأخطر بكثير. أما في حال استعمال هذه الأدوية بصورة سيئة وبجرعات زائدة وعلى المدى الطويل، سوية مع الكحول أم المخدرات أم أدوية أخرى، فإنها ترتد سلباً على النظام العصبي المركزي. هنا، نحن نتحدث عن كارثة حقيقية يمكن لأولئك الذين يعانون الأرق الخروج منها.. بأعجوبة! فالآثار الجانبية تبرز هنا، عندما يصاب المريض بفراغ في الذاكرة والتشوش والفوضى السلوكية الليلية وهكذا دواليك لغاية إصابته بسلسلة من التصرفات الشاذة والإدمان على المنومات التي تزيد جرعاتها ليلة تلو الأخرى الى أن تضحي خطراً على الحياة! * ما هو علاج الأرق؟- يمر علاج الأرق بمراحل تسلسلية. في الواقع، فان الأرق ليس مرضاً بحد ذاته إنما عرض. إذن، فإنه يخضع للتشخيص. علينا أن نعرف ما سببه بدءاً بمراقبة السلوك. بعد ذلك، قد يلجأ الطبيب الى الأدوية. ولا ينبغي على فترة العلاج بالأدوية أن تتعدى أسبوعين أم ثلاثة أسابيع. ثم يتوقف العلاج بالأدوية تدريجياً دوماً تحت المراقبة الطبية. فهذه الأدوية تسبب مفعولاً معروف باسم (Rebound) أي أنها تسبب، لدى التوقف عن تعاطيها، عوارض مماثلة لتلك التي يحاول الطبيب قهرها، كما الاضطرابات والأرق. * هل هناك أجيال جديدة من المنومات؟- طالما اختار المصابون بالأرق رصاصة الليل السحرية أي حبة الدواء التي تعمل فقط وذلك من دون النظر الى كواليس آلياتها، الفتاكة أحياناً. خلال السنوات القليلة القادمة، سيتم تسويق فئتين جديدتين من المنومات، وجميعها ذات علاقة بالميلاتونين. في الولاياتالمتحدة الأميركية، اتفق على تسويق أول دواء، من الجيل الجديد، يدعى "راميلتيون" (ramelteon). ان الميلاتونين، وهو هرمون تفرزه الغدة الصنوبرية في الدماغ، رئيس في تنظيم دورات النوم والاستيقاظ. بالطبع، فان الأدوية الجديدة التي ستستغل الدورة الأيضية بالجسم لتحرير هذا الهرمون غير معروف مفعولها الجانبي بعد. كما لا نعلم بعد مدة العلاج المثالية بواسطة هرمون الميلاتونين ولا جرعته ولا كيفية تفاعله مع الأدوية الأخرى. قبل صدور نتائج الدراسات طور التنفيذ فإنني لا أنصح المصابين بالأرق استعمال حبوب الميلاتونين التي تباع اليوم من دون وصفة طبية!