زخات رعدية محليا قوية مصحوبة بهبات رياح عاصفية مرتقبة بعدد من أقاليم الممكلة    "أطباء القطاع العام" يعلنون خوض إضراب وطني عن العمل احتجاجا على حكومة أخنوش    أشرف حكيمي ضمن المرشحين الخمسة للفوز بلقب أفضل لاعب إفريقي للسنة    المنتخب الوطني يختتم مشواره في إقصائيات كأس إفريقيا بفوز كبير على منتخب ليسوتو    المفوضية الجهوية للأمن بأزرو…استعمال السلاح الوظيفي من قبل شرطي لتوقيف متورطين في اعتراض وتهديد سائق أجرة    أسرة الأمن الوطني تحتفي بأبنائها المتفوقين دراسيا ورياضيا وفنيا    توزيع 10 حافلات للنقل المدرسي على الجماعات الترابية بإقليم الحسيمة    المنتخب المغربي يختتم تصفيات كأس إفريقيا 2025 بالعلامة الكاملة    مشاريع الحسد الجزائرية تواصل فشلها الذريع....    شريط سينمائي يسلط الضوء على علاقات المملكة المغربية والولايات المتحدة منذ مستهل التاريخ الأمريكي    الشرادي يكتب : عندما تنتصر إرادة العرش والشعب دفاعا عن حوزة الوطن وسيادته    حالة ان.تحار جديدة باقليم الحسيمة.. شاب يضع حد لحياته شنقا    العراقي محمد السالم يعود لجمهوره المغربي بحفل كبير في مراكش    إنقاذ سائح وزوجته الألمانية بعد محاصرتهما بالثلوج في أزيلال    مصرع 4 أشخاص في حادث سير مروع    المغنية هند السداسي تثير الجدل بإعلان طلاقها عبر "إنستغرام"    مجموعة العشرين تعقد قمة في البرازيل يطغى عليها التغير المناخي والحروب وانتخاب ترامب    بريطانيا تفرض عقوبات جديدة ضد إيران        دراسة: البحر الأبيض المتوسط خسر 70 % من مياهه قبل 5.5 ملايين سنة    الفرحة تعم أرجاء القصر الملكي غدا الثلاثاء بهذه المناسبة        الحزب الحاكم في السنغال يستعد للفوز    رابطة ترفع شكاية ضد "ولد الشينوية" بتهمة الاتجار بالبشر    هذه هي المنتخبات التي ضمنت رسميا التأهل إلى "كان المغرب" 2025    أجواء غير مستقرة بالمغرب.. أمطار وزخات رعدية وثلوج ابتداءً من اليوم الإثنين    جائزة ابن رشد للوئام تشجع التعايش    فتح باب الترشح لجائزة "كتارا للرواية العربية" في دورتها الحادية عشرة    محامي حسين الشحات: الصلح مع محمد الشيبي سيتم قريبا بعد عودته من المغرب    انطلاق مهرجان آسا الدولي للألعاب الشعبية وسط أجواء احتفالية تحت شعار " الألعاب الشعبية الدولية تواصل عبر الثقافات وتعايش بين الحضارات"    المغرب يستضيف الملتقي العربي الثاني للتنمية السياحية    مركز موكادور للدراسات والأبحاث يستنكر التدمير الكامل لقنطرة واد تدزي    تزامن بدلالات وخلفيات ورسائل    الكرملين يتهم بايدن ب"تأجيج النزاع" في أوكرانيا بعد سماح واشنطن باستخدام كييف أسلحتها لضرب موسكو    المغرب يرسل أسطولا إضافيا يضم 12 شاحنة لدعم جهود تنظيف قنوات الصرف الصحي في فالنسيا    فاتي جمالي تغوص أول تجربة في الدراما المصرية    فرنسا تقسو على إيطاليا في قمة دوري الأمم الأوروبية    بني بوعياش وبني عمارت على موعد مع أسواق حديثة بتمويل جهوي كبير    "غوغل" يحتفل بالذكرى ال69 لعيد الاستقلال المغربي    المغرب يفتح آفاقاً جديدة لاستغلال موارده المعدنية في الصحراء    ملعب آيت قمرة.. صرح رياضي بمواصفات عالمية يعزز البنية التحتية بإقليم الحسيمة    تنظيم النسخة 13 من مهرجان العرائش الدولي لتلاقح الثقافات    بعد صراع مع المرض...ملك جمال الأردن أيمن العلي يودّع العالم    مزاد يبيع ساعة من حطام سفينة "تيتانيك" بمليوني دولار    ارتفاع أسعار النفط بعد تصاعد حدة التوتر بين روسيا وأوكرانيا    تراجع النمو السكاني في المغرب بسبب انخفاض معدل الخصوبة.. ما هي الأسباب؟    مجلس الأمن يصوت على مشروع قرار يدعو إلى وقف النار في السودان    وقفة احتجاجية بمكناس للتنديد بالإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة    خبراء يحذرون من "مسدس التدليك"    شبيبة الأندية السينمائية تعقد دورتها التكوينية في طنجة    دراسة علمية: فيتامين "د" يقلل ضغط الدم لدى مرضى السمنة    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    حشرات في غيبوبة .. "فطر شرير" يسيطر على الذباب    دراسة تكشف العلاقة بين الحر وأمراض القلب    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إجماع على أن أثمنة الأدوية في المغرب مرتفعة جدا مقارنة مع دول أخرى
تقرير الـمهمة الاستطلاعية حول ثمن الدواء بالـمغرب
نشر في العلم يوم 18 - 12 - 2009

ترك التقرير حول الأدوية المقدم للجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب ردود فعل قوية في الأوساط السياسية والحكومية والاجتماعية. ووقع الاجماع على أن أثمنة الأدوية في المغرب مرتفعة جدا مقارنة مع دول أخرى.
وكان هذا الموضوع قد دخل فيه البرلمان بعدما تقدمت فرق نيابية ومنها حزب الاستقلال باقتراحات في الموضوع مطالبة بالعمل على تخفيض أثمنة الأدوية وجعلها في متناول المرضى، وذلك عن طريق مراجعة المساطر المنظمة لتداول الدواء في المغرب.
وقد استنتج الجميع أن شركات صناعة الأدوية في المغرب تراكم الأرباح على حساب جيوب المواطنين وصحة وحياة المرضى.
وخلص تقرير قدمته هيئة استطلاعية للجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب في الثالث من شهر نوفمبر المنصرم إلى أن ثمن الأدوية في المغرب مرتفع بشكل غير عادي وذلك كيفما كانت المعايير المعتمدة لتحديد مفهوم الغلاء وحملت الهيأة هذه المسؤولية في الغلاء إلي صانعي الأدوية وكذا إلى المساطر الادارية المتبعة لتحديد ثمن الدواء ومساطر التعويض عن الأدوية من طرف مختلف أنظمة التغطية الصحية.
ووفق مقارنات قامت بها الهيأة الاستطلاعية فإن أثمنة الأدوية بالمغرب على العموم أعلى من مثيلاتها في دول أخرى بنسب تتراوح مابين 30و189 في المائة بالنسبة لتونس مثلا، وما بين 20 إلى 70 في المائة مقارنة مع فرنسا بالنسبة للأدوية الأصلية.
وتختلف أثمنة الأدوية حسب نفس العلامة التجارية بنسب تصل إلى 600 في المائة كما تختلف أثمنة نفس الدواء تحت نفس العلامة التجارية حسب المكان الذي تشترى منه بنسب تصل إلى 300 في المائة.
وترجع أسباب غلاء الأدوية حسب التقرير إلى أن أغلب الشركات الصيدلية في العالم تسعى إلى تحقيق الأرباح عبر السعي للحصول على أغلى الأثمان والحث على استهلاك الأدوية وبالمقابل تسعى السلطات الحكومية المكلفة بتحديد وتقنين ثمن الأدوية إلى حماية المريض وضمان حصوله على الدواء.
وفي المغرب لم تتمكن السلطات العمومية ولم تعرف على مدى عدة عقود الدفع بأثمنة الأدوية إلى الانخفاض نظرا لتطبيقها لنصوص تنظيمية متجاوزة تتضمن عدة ثغرات تستغلها شركات الأدوية للحصول على أثمنة مرتفعة،
وهو ما دفع وزارة الصحة أخيرا إلى السعي لتعديل النصوص لجعلها أكثر حماية لمصلحة المرضى ومستعملي الدواء.
ومن جهة أخرى فإن الدولة لا تستعمل وسائل تفاوضية فعالية على اعتبار أنها (أي الدولة) هي أهم مستثمر مباشر وغير مباشر للأدوية.
وقد مكنت هذه الإمكانية التفاوضية أخيرا من تحقيق تخفيض ملحوظ لثمن الأدوية بالمغرب.
وفيما يخص مسؤولية مصنعي الأدوية، فإن الهيأة ألحت على أن الأدوية لا يجب التعامل معها كغيرها من المنتجات الصناعية ذلك أن الحق في الحياة رهين بحق الحصول على الخدمات الصحية والأدوية، وهذه أمور لا تقبل تطبيق المفاهيم المطبقة في الصناعات التجارية من قبيل حرية الاختيار وحرية المنافسة، فالمغرب، اختار نظاما إداريا لتحديد أثمنة الدواء يهدف لضمان حصول المريض على الدواء عبر السهر على توفيره وضمان جودته وتحديد ثمنه.
إلا أن هذا مازال لم يتحقق بشكل كافٍ إلا بإصلاح المنظومة القانونية التي أشار التقرير إلي عيوبها وثغراتها مما يحتم أولا وقبل كل شيء دراستها ثم تقديمها للهيأة التشريعية من أجل تغييرها حتى لا تبقى مستغلة من طرف مصنعي ومروجي الادوية.
وقد عرض التقرير ، الذي أشرف على تحريره السيدة والسادة النواب: عبد الله البورقادي: رئيس المهمة الاستطلاعية و محمد الزويتن: نائب رئيس المهمة الاستطلاعية و خالد الحريري: مقرر المهمة الاستطلاعية
و مباركة بوعيدة: نائبة مقرر المهمة الاستطلاعية ورضى بنجلون: عضو المهمة الاستطلاعية ، على لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب يوم 3 نونبر 2009
1 ـ ملخص التقرير
الهدف من تكوين المهمة الاستطلاعية حول ثمن الدواء بالمغرب
تم تكوين هذه المهمة لدراسة إشكالية أثمنة الأدوية في المغرب، واضعة ضمن أهدافها نقطتين أساسيتين:
ضمان أنجع السبل لحصول المرضى على الأدوية
ضمان استمرارية نظام التغطية الصحية الحالي والمستقبلي (التغطية الصحية الإجبارية ونظام المساعدة الطبية).
وارتأت المهمة أنه من الضروري تعميق البحث في التساؤلين التاليين:
هل تنطوي بنية ثمن الدواء بالمغرب على تكلفة زائدة بالنسبة للمريض المغربي؟
وإذا كانت كذلك، فماهي أسباب هذه التكلفة الزائدة؟
وفي نهاية المطاف تمكنت المهمة من اقتراح مجموعة من التوصيات كفيلة بخفض ثمن الأدوية وتكلفتها بالنسبة للنظام الصحي المغربي.
مسطرة تكوين المهمة الاستطلاعية
يمر تكوين مهمة استطلاعية عبر مسطرة يحددها النظام الداخلي لمجلس النواب. ويمكن لأية لجنة دائمة بالمجلس أن تكون لجنة استطلاعية بطلب من فريق أو فرق نيابية.
ويصادق مكتب مجلس النواب على قرار التكوين.
تهم المواضيع التي يمكن أن تدرسها المهمة تطبيق قانون ما أوى موضوع يهم الرأي العام.
تشكيلة المهمة الاستطلاعية حول ثمن الدواء
تضمنت المهمة الاستطلاعية ممثلين عن كل الفرق والمجموعات النيابية، أغلبية ومعارضة كما ضمت المجموعة التي أشرفت على تحرير التقرير نوابا من الأغلبية والمعارضة حيث كانت هناك رغبة لدى جميع الأعضاء أن يكون التقرير عملا جماعيا يعكس آراء جميع مكونات المجلس.
المهمة الاستطلاعية منبثقة عن لجنة المالية وليس عن لجنة القطاعات الاجتماعية
جاء تكوين المهمة الاستطلاعية عقب النقاش الذي دار أثناء دراسة قانون المالية لسنة 2009. وتعتبر الإشكالية التي يتطرق لها التقرير من اختصاصات لجنة المالية: الأثمان المنافسة، الضرائب.
وقد تابعت لجنة الشؤون الاجتماعية التي تدخل الصحة من ضمن اختصاصاتها عمل المهمة الاستطلاعية باهتمام. وستتم مناقشة خلاصات عمل المهمة من طرف كل الأطراف المعنية.
مدة اشتغال المهمة الاستطلاعية ونشر التقرير
بدأت المهمة الاستطلاعية أشغالها في فبراير 2009، وكانت أهم مكونات التقرير جاهزة في ماي ـ يونيو 2009 . وارتأى أعضاء المهمة الاستطلاعية تأخير نشر التقرير الى نونبر 2009 بعد نهاية المسلسل الانتخابي الذي عرفه المغرب بين ماي وأكتوبر 2009.
وتم استغلال هذه المدة لتدقيق عدد من جوانب التقرير. ويبقى الهاجس الآن هو التفعيل السريع للتوصيات التي يتضمنها.
أهم خلاصات التقرير
يمكن إيجاز خلاصات التقرير في النقط الثلاث التالية:
أثمنة الدواء في المغرب مرتفعة بشكل غير عادي، وذلك كيفما كانت المعايير المعتمدة لتحديد مفهوم الغلاء.
المسؤولية الرئيسية عن هذا الغلاء يتحملها جزء من صانعي الأدوية وكذا المساطر الإدارية المتبعة لتحديد ثمن الدواء ومساطر التعويض عن الأدوية من طرف التغطية الصحية.
من الممكن خفض ثمن الدواء بالمغرب وكذا تكلفته بالنسبة للمجتمع بنسب جد مهمة وذلك بتطبيق عدد من الإجراءات التي تدخل في اختصاص السلطات العمومية.
ثمن الأدوية مرتفع
قامت المهمة الاستطلاعية بمقارنات تعتمد على عدة معايير مختلفة وأكدت هذه المقارنات كلها نفس الخلاصة.
وعلى سبيل المثال:
الأثمنة بالمغرب على العموم أعلى من مثيلاتها في دول أخرى (30 الى 189% مقارنة مع تونس بالنسبة للأدوية الأصلية و 20 إلى 70% مقارنة مع فرنسا).
تختلف أثمنة نفس الدواء بالمغرب حسب العلامات التجارية بنسب تصل الى 600% .
تختلف أثمنة نفس الدواء تحت نفس العلامة التجارية حسب المكان الذي تشتري منه بنسب تصل الى 300%.
وبمقابل بعض الأدوية الجنيسة التي تتوفر على ثمن مشابه أو أقل من الدول التي تمت المقارنة معها.
هناك اختلاف كبير بين أثمنة نفس الدواء تحت علامات تجارية مختلفة.
فإذا ركزنا على الأدوية التي تباع في المغرب، فإننا سنندهش أمام تعدد العلامات التجارية والأنواع والأثمنة لنفس الدواء الواحد.
وعلى سبيل المثال، يوجد في المغرب 137 عرضا مختلفا للأموكسيسيلين، و 62 من الأموكسيسيلين كلافولانيك، و 60 من الباراسيتامول، و 53 من ديكلوفيناك، و 34 من أوميبرازول... ويصل الفرق بين أثمنة العلامات المختلفة إلى 600% وهو غالبا ما يناهز 200%.
يدل تعدد العلامات التجارية وخصوصا فوارق الثمن بين مختلف هذه العلامات على وجود اختلال عميق في نظام تقنين وعرض الأدوية وتحديد أثمانها.
ولم يتمكن أعضاء المهمة من الحصول على أي مبرر معقول لهذه الفوارق.
أغلى علامات نفس الدواء هي الأكثر مبيعا
في بلد كالمغرب حيث القدرة الشرائية منخفضة من المفترض أن تكون العلامات التجارية، الأكثر مبيعا من نفس الدواء هي الأقل ثمنا. إلا إن الواقع عكس كذلك، فالعلامات الأغلى هي الأكثر مبيعا. وهذه مفارقة أخرى يبرزها التقرير.
مشاكل الأدوية المكلفة أكثر حدة
تعتبر إشكالية الأثمان المرتفعة بالنسبة للأدوية المكلفة أكثر حيوية. فاستهلاك هذا النوع من الأدوية يرتفع بنسبة 40% سنويا تتسبب هذه الأثمان في نوعين من المشاكل:
ارتفاع الأثمان يجعل هذه الأدوية خارج متناول أغلبية المرضى المغاربة.
تهدد هذه الأثمان استمرارية وتوازن نظام التغطية الصحية الذي لن يستطيع على المدى المتوسط تحمل هذه التكلفة، ويبقى توسيع نظام التغطية الصحية ليشمل كل الساكنة المغربية رهينا بمراجعة الأثمان نحو الانخفاض وبعقلنة استعمال هذه الأدوية.
يختلف ثمن نفس الدواء المكلف
حسب العلامة التجارية
والاختلاف في هذه الحالة أكثر أهمية من الأدوية العادية وكمثال من بين العشرات من الأمثلة دواء دوسيطاكسيل، وهو دواء يستعمل في علاج بعض أنواع السرطان، يتراوح ثمنه بين 11243 درهم و 7800 درهم حسب العلامة التجارية، أكثر من ذلك، فثمن هذا الدواء بصيدلية الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي لا يتجاوز 2984 درهم.
وللاخبار فثمن هذا الدواء بالطايلاند هو 950 درهم.
العلامة الأغلى لنفس الدواء هي الأكثر مبيعا
هذه الملاحظة تشمل جل الأدوية المكلفة. فمثلا في حالة دوسيطاكسيل أعلاه، وفي سنة 2008 نلاحظ أن الأطباء وصفوا العلامة الأغلى 50 مرة أكثر من العلامة الأرخص بالنسبة لمنخرطي الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي.
أسباب غلاء الأدوية بالمغرب
تسعى أغلب الشركات الصيدلية في العالم، إلى تحقيق أكبر قدر من الأرباح عبر السعي للحصول على أعلى الأثمان والحث على استهلاك أغلى الأدوية.
وبالمقابل تسعى السلطات الحكومية المكلفة بتقنين وتحديد الأثمنة، من جهتها، إلى حماية المريض وضمان حصوله على الدواء، مجندة لذلك جميع الأدوات والآليات التشريعية والتنظيمية المتاحة لمواجهة استراتيجيات هذه الشركات . وفي المغرب، لم تتمكن أو لم تعرف وزارة الصحة على مدى عدة عقود الدفع بأثمنة الأدوية نحو الانخفاض نظرا لتطبيقها لنصوص تنظيمية متجاوزة تعرف عدة ثغرات تستغلها شركات الأدوية للحصول على أثمنة مرتفعة كما لم تسع الوزارة، إلا مؤخرا، الى تعديل هذه النصوص لجعلها أكثر حماية لمصالح المرضى سبب آخر هو عدم استعمال الدولة لقدرتها التفاوضية باعتبارها أهم مشتر مباشر وغير مباشر للأدوية. وقد مكن هذه القدرة من خفض مهم لثمن الأدوية بالمغرب.
مسؤولية مصنعي الأدوية في نظام ليبرالي
لا يجب التعامل مع الأدوية كغيرها من المنتجات الصناعية الأخرى، ذلك أن الحق في الحياة رهين بحق الحصول للخدمات الصحية وللأدوية. وهو أمر لا يقبل تطبيق مفاهيم من قبيل حرية الاختيار، والمنافسة وحرية الأسواق، على الأدوية كما يتم تطبيقها على غيرها من المنتجات الصناعية.
لقد اختار المغرب نظاما إداريا لتحديد الأثمان يهدف الى ضمان حصول المرضى على الدواء عبر السهر على توفيره وضمان جودته وتحديد ثمنه.
ويبدو أن هدف تحديد ثمن في متناول العرض قد تم نسيانه مع مرور السنين.
أهم توصيات التقرير
على المستوى المؤسساتي توصي اللجنة بأن لا يبقى تحديد ثمن الدواء من اختصاص وزارة الصحة وحدها بل أن يوكل لهيئة تضم زيادة عن وزارة الصحة، هيئات التغطية الصحية والهيئات المهنية للأطباء والصيادلة، وكذا مجلس المنافسة.
تضع هذه الهيئة مسطرة جديدة لتحيد ثمن الدواء تشكل قطيعة مع المسطرة الحالية. ويعطي التقرير التوجهات التي يمكن أن تعتمد عليها هذه المسطرة.
القيام بمراجعة جميع الأثمنة الحالية اعتمادا على المسطرة الجديدة.
إعادة النظر في نسب التعويض عن الأدوية التي تحددها التغطية الصحية بهدف تشجيع الأدوية الأقل ثمنا وليس العكس كما هو الحال حاليا.
أهم التوصيات لخفض أثمنة الأدوية المكلفة
الإجراء المستعجل هو استعمال نظام «الرخص الإجبارية» بالنسبة للأدوية التي مازالت خاضعة لبراءة الاختراع، وهي مسطرة قانونية منسجمة مع توصيات منظمة التجارة العالمية ومنظمة الصحة العالمية، كما أنها لا تتعارض مع اتفاقيات التبادل الحر التي وقعها المغرب.
كما توصي المهمة بالتوقف الفوري عن التعويض عن كل دواء مكلف يوجد مماثل له أرخص ثمنا تحت علامة مختلفة. وهذه وسيلة فعالة لخفض ثمن وتكلفة هذه الأدوية.
آثار تطبيق هذه التوصيات
يمكن أن يفرز تطبيق هذه التوصيات عن خفض التكلفة الإجمالية للأدوية العادية بنسبة تتراوح بين 30 و 50% وكذا خفض التكلفة الإجمالية للأدوية المكلفة بنسبة تتراوح بين 50 و 80%. وسينتج عن هذا التخفيض تحسين حصول المرضى على الأدوية وارتفاع الاستهلاك. مما سيمكن الصيادلة والمصنعين من تدارك أثر انخفاض الثمن.
مسؤولية تطبيق التوصيات
تبقى مسؤولية تطبيق معظم التوصيات من اختصاص الحكومة وستحتاج الى رغبة وشجاعة سياسيتين.
وقد عبرت وزيرة الصحة عن هذه الرغبة سابقا.
وأعضاء المهمة الاستطلاعية مقتنعون أن الحكومة ستجد كامل الدعم الذي تحتاجه داخل البرلمان ولدى الرأي العام.
II ـ لائحة أعضاء المهمة الاستطلاعية كمااقترحتها الفرق البرلمانية عند تشكيل المهمة حول ثمن الدواء بالمغرب
النائب السيد الشيخ أعمار: الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية: رئيس لجنة المالية والتنمية الاقتصادية
النائب السيد عبد الله البورقادي: الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية: رئيس المهمة الاستطلاعية
النائب السيد محمد الزويتن: فريق العدالة والتنمية، نائب الرئيس
النائب السيد خالد الحريري: الفريق الاشتراكي: المقرر
النائبة السيدة امباركة بوعيدة : فريق التجمع والمعاصرة: نائبه المقرر
النائب السيد محمد أشرور: فريق التجمع والمعاصرة
النائب السيد رضى بنخلدون: فريق العدالة والتنمية
النائب السيد علي كبيري: الفريق الحركي
النائب السيد الحسين أوحليس: الفريق الحركي
النائب السيد عبد الخالق اللحياني: الفريق الاشتراكي
النائب السيد أحمد عموري: فريق تحالف القوى التقدمية الديمقراطية
النائب السيد عبد الحميد المرنيسي: فريق تحالف القوى التقدمية الديمقراطية
النائب السيد سعيد الضور: فريق الاتحاد الدستوري
النائب السيد عبد اللطيف مرداس: فريق الاتحاد الدستوري
النائب السيد محماد الفرارع: المجموعة النيابية لتحالف اليسار الديمقراطي
النائب السيد الحسين النعيمي: مجموعة الحزب العمالي
الطاقم الإداري للجنة المالية والتنمية الاقتصادية:
السيد محمد الغزواني
السيدة إلهام التونسي
السيدة نعيمة علالي
السيدة أمينة باسلام
III ـ الهيئات والمؤسسات المستمع إليها خلال المهمة الاستطلاعية
وزارة الصحة: السيدة يسمينة بادو وزيرة الصحة
السيد عبد العزيز أكومي مدير الأدوية
الوكالة الوطنية للتأمين الصحي: السيد شكيب التازي المدير العام
الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي: السيد سعيد حميدوش المدير العام
الفدرالية المغربية لشركات التأمين وإعادة التأمين: السيد حميد بصري
الدكتور حكيم نجوى الله
السيد محسن بوجدي
الجمعية المغربية للصناعة الصيدلية (AMIP) السيد علي السدراتي
السيد عبد الله لحلو الفيلالي
السيد عمر التازي
السيد عبد الغني الكرماعي
المغرب ابتكار وصحة (MIS) السيد كريستوف كورني المدير العام
السيدة سناء الصايغ
السيد ربيع المريني
السيد كريم العلوي
الهيئة الوطنية لصيادلة المغرب السيد محمد الاغضف غوتي
السيد توفيق لحلو
السيد الشريف المراني؟
الجمعية المغربية للموزعين الصيادلة (AMDP) السيد كمال المرنيسي
السيد لحسن الصنهاجي
الهيئة الوطنية للأطباء: السيد مولاي الطاهر العلوي
النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر: الدكتور محمد بناني الناصري
الدكتور أحمد بن بوجيدة
الدكتور محمد عبور
الدكتور محمد العثماني
الفدرالية الوطنية لصيادلة المغرب: السيد أنور فنيش
السيد منير التدلاوي
السيد عبد الحميد ناصر
IV ـ دور المهمة الاستطلاعية
السياق والرهانات
تم تكوين المهمة الاستطلاعية حول أثمنة الأدوية بالمغرب بقرار من لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية بمجلس النواب وبعد مصادقة مكتب المجلس طبقا للمادة 35 للنظام الداخلي لمجلس النواب.
وقد جاءت فكرة القيام بهذه المهمة بعد النقاش الذي دار بين أعضاء اللجنة خلال دراسة قانون المالية لسنة 2009 ، ولاسيما الشق المتعلق بالنظام الضريبي المفروض على الأدوية.
إذ أبدى العديد من النواب رغبتهم في إعفاء الأدوية من الضريبة على القيمة المضافة ومن بقية الرسوم الجمركية، خاصة الأدوية الضرورية لعلاج الأمراض المزمنة المكلفة.
بينما أشار نواب آخرون، دون أن يعترضوا على المطلب السابق، إلى أن الضرائب والرسوم الجمركية ليست السبب الوحيد ولا حتى الأساسي في غلاء الأدوية . وهذا ما حتم دراسة تفاصيل بنية أثمنة الأدوية في المغرب دراسة مستفيضة قبل إقرار الإجراءات التي يمكن أن تسهل حصول المرضى على الأدوية.
أنشئت هذه المهمة إذن لدراسة إشكالية أثمنة الأدوية في المغرب، واضعة ضمن أهدافها نقطتين أساسيتين:
1. ضمان أنجع السبل لحصول المرضى على الأدوية.
2. ضمان استمرارية نظام التغطية الصحية الحالي والمستقبلي (التغطية الصحية الإجبارية ونظام المساعدة الطبية).
وخلال الجلسات التي عقدها أعضاء المهمة، ونظرا لاختلاف وجهات نظر المتدخلين الذين تم الاستماع إليهم، ارتأت المهمة أنه من الضروري تعميق البحث في التساؤلين التاليين:
3. هل تنطوي بنية ثمن الدواء بالمغرب على تكلفة زائدة بالنسبة للمريض المغربي؟
4. وإذا كانت كذلك، فما هي أسباب هذه التكلفة الزائدة؟
المنهجية المتبعة
اعتمدت المهمة الاستطلاعية في تحليلها على البحث والتوثيق الدقيقين اللذين يتجاوزان مجرد الاستماع الى آراء الهيئات والأشخاص المستجوبين.
ولكي يكون تحليل أثر ثمن الدواء أكثر دقة ، كان لابد من التمييز بين إشكاليتي الأدوية العادية والأدوية المكلفة.
وفي نهاية المطاف، تمكنت المهمة الاستطلاعية من اقتراح مجموعة التوصيات كفيلة بخفض ثمن الأدوية وتكلفتها بالنسبة لنظام الصحة المغربي.
تجدر الإشارة أن هذا التقرير ليس مجرد تلخيص لمجموع، وجهات النظر الآراء التي عبرت عنها مختلف المؤسسات المستجوبة ، بل هو تعبير عن القناعات التي توصل اليها أعضاء المهمة، وأما وجهات النظر الخاصة بالمؤسسات والهيئات المستجوبة فيمكن الاطلاع عليها لدى إدارة لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب.
ـ الأدوية في نظام الصحة المغربي
1 الأدوية مكون أساسي من مكونات منظومة العلاج
في البداية تجدر الإشارة الى أن الدواء ليس إلا عنصرا من بين عناصر أخرى تكون النظام الصحي في بلد معين، وأعضاء المهمة مقتنعون جميعهم بذلك. وقد ركز العديد من المتدخلين والمؤسسات على جوانب اخرى تعرقل الحصول على الخدمات الصحية وتعميق محاولات التحكم في النفقات المرتبطة بها. كما تجمع العديد من تقارير ومنشورات المنظمة العالمية للصحة من جهتها على ضرورة التعامل مع إشكالية أثمنة الأدوية في سياقها العام كما هو مبين فيما يلي:
العولمة
الدستور الوطني
أهداف التنمية الوطنية
السياسة الصحية الوطنية
السياسة الدوائية الوطنية
الحصول على الدواء
ثمن الدواء
ويبقى الحصول على الأدوية رهينا بعدة عوامل مختلفة، من بينها توفر الأدوية وجودة نظام الصحة والتطبيب وأثمنة في المتناول وتوفر نظام تمويل مستدام. وعلى الرغم من ذلك، فإن أعضاء المهمة مقتنعون بأن أهم عنصر من عناصر الحصول على الأدوية ، في السياق المغربي، يبقى هو ثمنها، ويقوي هذه القناعة العديد من الدراسات والأبحاث التي أنجزها منظمة الصحة العالمية في دول نامية وأخرى في طور النمو.
وبالإضافة الى أثمنة الدواء، أثيرت العديد من الإشكاليات المرتبطة بالنظام الصحي المغربي خلال جلسات الاستماع، إذ ركز العديد من المتدخلين على المشاكل المرتبطة بالصحة العمومية وحالة المستشفيات ومشاكل الموارد البشرية ووضعية الصيدليات والأطباء وممارسات المصحات الخاصة...
بالرغم من وعي المهمة بأهمية هذه المشاكل، فقد قررت تركيز أعمالها على أثمنة الأدوية على اعتبار هذا الموضوع هو الهدف من تكوين المهمة. إن أعضاء المهمة واعون بأن التركيز على أثمنة الأدوية قد يولد الانطباع أن عملها عمل جزئي ولا يتعامل مع إشكالية الحصول للخدمات الصحية برمتها، ولكن التجارب التي مرت بها العديد من الدول، تبين ان البلدان التي بادرت ترشيد أنظمتها الصحية، بدأت أولا بالتفكير في مستوى ثمن الدواء.
وبتركيز المهمة أعمالها على هذا الجانب وحده فإنها تبقى ضمن اختصاصات لجنة المالية والتنمية الاقتصادية وتتجنب تشتيت الجهود وتداخل المواضيع.
كما قررت المهمة عدم التعامل مع الأدوية كغيرها من المنتجات الصناعية الأخرى، ذلك أن الحق في الحياة رهين بحق الحصول للخدمات الصحية وللأدوية . وهو أمر لايقبل تطبيق مفاهيم من قبيل حرية الاختيار، والمنافسة وحرية الأسواق، على الأدوية كما يتم تطبيقها على غيرها من المنتجات الصناعية.
2 تكلفة الأدوية في النظام الصحي المغربي
لقد واجهت المهمة العديد من الصعوبات من أجل التحقق من التكلفة الاجمالية للأدوية في المغرب إذ لاتوجد مصادر معلومات عمومية موثوقة، قادرة على مدنا بصورة واضحة عن حجم السوق عبر كل شبكات التوزيع: المستشفيات العمومية والمراكز الاستشفائية الجامعية والصيدليات والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي والتعاضديات وغيرها. وبالرغم من هذا النقص في المصادر، إلا أن المهمة استطاعت تحصيل مجموعة من المعلومات:
تشكل الأدوية مكونا جوهريا من مكونات تكلفة النظام الصحي في المغرب: إذ مثلت سنة 2007 حوالي 40٪ من تكلفة النظام الصحي المغربي، وبالمقارنة ، ففي بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية
(OCDE) تبلغ هذه النسبة 18٪.
بلغت قيمة نفقات الأدوية بالمغرب سنة 2008، مبلغا أدناه 25،12 مليار درهم، يتوزع على الشكل التالي:
الصيدليات الخاصة: 11 مليار درهم
المستشفيات العمومية: 750 مليون درهم
المراكز الاستشفائية الجامعية: 150 مليون درهم
صيدلية صندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS): 350 مليون درهم
ولايشمل هذا المبلغ نفقات بقية المشترين: المصحات، والمستشفيات العسكرية.... وقد سبق لمنظمة الصحة العالمية لسنة 2004 ان قدرت حجم السوق المغربي بحوالي 5،13 مليار درهم.
كما كانت الأدوية سنة 2008، أحد أكثر المكونات أهمية في نفقات التأمين الإجباري على المرض ، بما يفوق 47٪ من نظامي التغطية الصحية اللذان يدبرهما الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وقد عرفت هذه النسبة ارتفاعا ملموسا منذ سنة 2006 ويمكن أن تؤثر، على المدى المتوسط بشكل سلبي على توازن التأمين الإجباري على المرض.
وحسب المنظمة العالمية للصحة فقد بلغ مجموع النفقات الصحية في المغرب 2.33 مليار درهم، سنة 2007، ويتحمل المرضى المغاربة ما يقارب 57٪ من هذه النفقات بصفة مباشرة، في غياب تعميم نظام التغطية الصحية، بينما تسدد ميزانية الدولة 26٪ من هذه النفقات وتتحمل التعاضديات والتأمينات الخاصة بقية الأتعاب. وهذه النسبة جد مرتفعة إذا ما قورنت بنسب البلدان المتقدمة في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (٪20)، مما يحتم علينا التركيز أكثر على سبل تحديد الأثمنة العمومية للأدوية في المغرب.
الخلاصة 1 ـ تعتبر كلفة الأدوية في المغرب جد مرتفعة بالمقارنة مع مجموع نفقات الصحة
وسواء تحملها المريض مباشرة أو عبر أحد أنظمة التأمين على المرض فإن كلفة الأدوية بالمغرب تبقى جد مرتفعة وسنتطرق في بقية هذا التقرير الى تحليل هذه الوضعية.
وتجدر الإشارة الى أن ارتفاع كلفة الأدوية بالمقارنة مع مجموع نفقات الصحة يسببه كذلك المستوى المنخفض لباقي المكونات: نفقات التطبيب، نفقات الاستشفاء...
1.2 ـ وضعية الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS)
تبين وضعية الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي بوضوح حجم تأثير كلفة الأدوية على التأمين الاجباري على المرض، إذ مثلت الأدوية 47٪ من تكلفة التأمين الإجباري على المرض الذي يديره الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي سنة 2007، أي ما يعادل مبلغ 953 مليون درهم.
وللتذكير فالصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي هو المؤسسة المكلفة بتدبير التأمين الصحي الاجباري للموظفين، وليس من ضمن مهامه تدبير مؤسسات الرعاية الصحية أو الصيدليات.
وقد شهدت مصاريف الأدوية الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي ارتفاعا ملموسا منذ بداية سنة 2006، تاريخ بداية سريان التأمين الإجباري على المرض. وقد نتج هذا الارتفاع أساسا عن الارتفاع الكبير لتكلفة أدوية الأمراض المزمنة: السكري وأمراض القلب، والأوعية الدموية والسرطان، والتهاب الكبد...
فقد بلغ معدل ارتفاع متوسط نفقات الأدوية المرتبطة بالأمراض المزمنة 40٪ سنويا منذ سنة 2006 (45٪ بالنسبة للسرطان والتهاب الكبد). ويغطي الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي 100٪ من تكلفة أدوية الأمراض المزمنة (41 داء).
والملاحظ ان الأدوية الجنيسة لاتمثل إلا 5٪ من التكاليف الصيدلية للصندوق اما أغلب الأدوية المشمولة بتغطية الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (70٪) فهي عبارة عن أدوي »جديدة« وليست لها أدوية جنيسة، والملاحظ أيضا أنه رغم وجود أدوة جنيسة مماثلة لازال معظم الأطباء يصفون العلامات التجارية الشهرية المرتفعة الثمن.
تطور تعويضات الأدوية الجنيسة بالمقارنة مع أدوية العلامات التجارية الشهيرة (بملايين الدراهم
ونشير في هذا الباب الى أن الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي استطاع، وعلى الرغم من غياب الأدوية الجنيسة التي تمكن من خفض الأثمنة، الحصول على أثمنة أقل بكثير من أثمنة البيع للعموم. فهو يستغل قدراته التفاوضية (الحجم والتعويض) من أجل الاستفادة من أثمنة تصل الى 30٪ من أثمنة البيع للعموم . أي بتخفيض يصل الى 70٪ عن ثمن البيع للعموم.
2.2 ـ وضعية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي
لايملك الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، على خلاف الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، أي أداة (صيدليته الخاصة مثلا) تمكنه من تقليص أثمنة الأدوية المشمولة بالتغطية الصحية الإجبارية، ويترتب عن ذلك التعويض بأثمان مرتفعة مقارنة مع مثيلاتها في الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، وإن كان ذلك بكميات أقل من الوقت الراهن.
ـ لماذا يجب التحكم في تكلفة الأدوية
هناك سببان أساسيان يحتمان التحكم في تكلفة الأدوية: تيسير حصول الطبقات غير المستفيدة من التغطية الصحية على الدواء وضمان توازن أنظمة التغطية الصحية.
1ـ تيسير حصول الطبقات المتوسطة والمعوزة، غير المستفيدة من التأمين الإجباري على المرض، على الأدوية
إضافة الى الاختلالات المعروفة للنظام الصحي المغربي، نلاحظ منذ بضع سنوات تطورا مهما في الأمراض التي تحتاج علاجات مكلفة وطويلة: السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية ، والسرطان والتهاب الكبد....
هذا التطور يزيد من حدة إشكالية عدم تساوي المغاربة في الحصول لخدمات التطبيب ، فارتفاع التكاليف يؤدي الى حرمان العديد من المرضى من الحق في العلاج، ويؤثر ذلك بالخصوص على الطبقات المتوسطة والمعوزة، التي لاتتمتع بالتغطية الصحية، ولاسيما في الوسط القروي، حيث لايستطيع ملايين المغاربة الحصول على الحق في التطبيب، أو يحصلون عليه بشكل محدود، لعدم توفرهم على الامكانيات المالية الضرورية لشراء الأدوية.
وقد تؤدي الإصابة بأحد الأمراض المزمنة الى إفلاس أسر بكاملها فالعديد من المغاربة لايترددون في بيع ممتلكاتهم، جزئيا أو كليا، من أجل سداد مصاريف علاج أحد أفراد الأسرة، وتنجم عن مثل هذه الحالات مضاعفات اجتماعية واقتصادية متعددة. ويصبح بذلك الحصول للتطبيب وخاصة للأدوية أحد العوامل التي تعرقل التطول الاجتماعي بالمغرب.
ـ ضمان التوازن الحالي والمستقبلي لنظام التغطية الصحية
يعتبر التأمين الإجباري على المرض أحد أهم المكتسبات الاجتماعية التي تحققت خلال السنوات الأخيرة بالمغرب. وهو ثمرة نضال طويل والعديد من التوافقات. هذا المكسب يجب أن يتسع ليشمل شرائح اجتماعية جديدة من الشعب المغربي. ولن يتحقق هذا المبتغى دون التحكم في النفقات وخاصة نفقات الأدوية.
يتم، حاليا، استرجاع مصاريف حوالي 2500 دواء وهو ما يمثل 60٪ من الأدوية الموجودة في السوق المغربية.
كما أن 47٪ من نفقات التأمين الإجباري على المرض مخصصة للأدوية، وتجدر الإشارة على سبيل المقارنة الى أن هذه النسبة تبلغ 34٪ بفرنسا و 19٪ ببلجيكا و 12٪ بإنجلترا وهولندا و7٪ بنيوزيلندا سيؤدي توسيع نطاق المستفيدين من التأمين الاجباري على المرض ليشمل الخدمات الطبية الخارجية الى ارتفاع كبير في نفقات الأدوية . هذا التوسيع الذي تمت المصادقة عليه في أبريل 2003 كان مطلب العديد من الفاعلين الاجتماعيين وسيتم العمل به ابتداء من نهاية 2009
3.2 وضعية نظام المساعدة الطبية «راميد»
يعد نظام المساعدة الطبية »راميد« مكونا أساسيا من مكونات نظام التغطية الصحية. سيصبح التأمين الإجباري على المرض مكتسبا يلمسه على أرض الواقع أغلب المغاربة المعوزين، المحرومين من إمكانيات الحصول على نظام التطبيب، عندما سيدخل نظام »راميد« حيز التنفيذ ويتم تعميمه على نطاق واسع.
وسوف تتشكل نفقات نظام المساعدة الطبية »راميد«، المقدرة بحوالي 6،2 مليار درهم سنويا، من تكلفة الأدوية أساسا، ولضمان استمرارية هذا النظام على المدى الطويل، سيصبح التحكم في نفقات الأدوية ضرورة حيوية.
الخلاصة 2 ـ إن التحكم في ثمن الدواء مسألة حيوية لضمان استمرار أي مكون من مكونات التغطية الصحية سواء من خلال التأمين الصحي الإجباري الذي يدبره الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، أو نظام المساعدة الطبية (راميد).
بالنسبة للصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، صار من الضروري اتخاذ قرار عاجل بشأن التحكم في نفقات الأدوية في اطار التأمين الصحي الإجباري: إما الإبقاء على الصيدلية المركزية بصفتها أداة تفاوض مع مأسستها قانونيا أو إلغائها شريطة وضع آلية تفاوض بديلة تمكن من تخفيض أثمنة البيع للعموم لفائدة جميع المغاربة وتستعمل القدرة التفاوضية الشاملة للدولة.
وبالنسبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فقد أصبح اليوم في أمس الحاجة الى أداة تمكنه من التفاوض حول أثمنة الأدوية المعوض عنها والتي سيزداد حجمها لامحالة.
ويحتاج نظام المساعدة الطبية »راميد« من جهته، قبل تعميمه بدءا من 2010 الى سياسة شراء أدوية قادرة على ضمان دوامه واستمراره.
دواء الأوميبرازول (الذي يستعمل لعلاج القرحة المعدية)، الذي نجده في 12 علامة تجارية مختلفة (يبلغ ثمن المصنع الأقل ثمنا 42 درهما بالنسبة لعلبة 14 كبسولة من فئة 20 ملغ، بينما يناهز ثمن العلبة ذاتها عند المصنع الأكثر ثمنا 310 دراهم).
المقارنة بين ثمن نفس الدواء في المغرب حسب قنوات التوزيع المختلفة، هناك فوارق أيضا في أثمنة نفس الدواء (نفس المكون والعلامة التجارية والتلفيف) حسب قناة الشراء المستعملة، وهي فوارق جد مرتفعة بل صادمة أحيانا، وهذا دواء طاكسول TAXOL مثلا يستعمل لعلاج بعض حالات السرطان ، ويناهز ثمن بيعه للعموم في الصيدليات 90،2230 درهم (لحقنة واحدة من سعة 30 سل)، بينما ثمن المستشفى 60،1478 درهما، أما ثمنه في صيدلية الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي فيبلغ 640 درهم »فقط«.
مقارنة الثمن في المغرب مع ما قد يكون عليه في حال سن سياسة عمومية مختلفة، المعروف أن ثمن الدواء هو ثمن مقنن وللدولة دور أساسي في تحديده ، وتملك الدولة عدة ، وسائل لكي تضغط على الأثمنة من أجل تخفيضها ، وسنعود الى ذلك بتفصيل أكبر في بقية تقريرنا. ولكننا نسوق هنا، على سبيل المثال، الأثر الذي قد يكون لاستعمال »الرخص الإجبارية« في خفض ثمن الدواء من خلال مثال التايلاند ولتروزول (فيمارا) (Letrozole Femara) المستعمل في علاج سرطان الثدي. يبلغ ثمن هذا الدواء في المغرب 60،2345 درهم في الصيدلية (علبة من 30 قرصا بتركيز 5،2 ملغ)، وثمن نفس هذا الدواء بصيدلية الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي هو 73،1477 ، أما في الطايلاند فقد كان ثمن هذا الدواء حوالي 1650 درهم سنة 2007، وعلى إثر قرار حكومي صدر سنة 2008 يقضي باستعمال »الرخص الإجبارية«، انخفض ثمن الدواء الى 50 درهم (للمزيد من التفاصيل ، راجع الفصل (IX)
تعريف : نتحدث عن »رخصة إجبارية« عندما ترخص سلطة ادارية استعمال براءة اختراع دون موافقة صاحبها، ويقوم مبدأ الرخصة الإجبارية القانوني على الفصل 31 من اتفاق جوانب الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة ADPIC للمنظمة العالمية للتجارة وتستعمل هذه الرخص عندما يحدد مصنع دواء ما ثمنا يمكن اعتباره مرتفعا مما يضعه خارج متناول المرضى دون أن يكون له بديل (انظر الملحق 2)
ـ هل أثمنة الأدوية غالية في المغرب؟
»هل الأدوية غالية الثمن في المغرب؟«، الجواب بالتأكيد هو »نعم«، وأمام تعدد وجهات النظر المعبر عنها خلال الاستماع لمختلف المتدخلين، فقد قررت المهمة إنجاز تحليل خاص بها مرتكزة على العديد من المقارنات.
1 ما المقصود بالضبط بغلاء الدواء؟
قصد التعامل مع مفهوم غلاء الأدوية في المغرب بشكل محايد، ارتأت المهمة ضرورة فحص هذا المفهوم وفق مقارنات مختلفة.
مقارنة الثمن مع القدرة الشرائية للفئات ذات الدخل المحدود وتبقى أهم مقارنة لتحديد غلاء الأدوية هو مقارنة التكلفة مع القدرة الشرائية للمواطنين وبالخصوص الذين لايتوفرون على نظام للتغطية الصحية.
المقارنة بين أثمنة الأدوية في المغرب وفي دول أخرى هناك تباين في أثمنة الأدوية من دولة الى أخرى، إذ يمكن العثور على الدواء نفسه، وقد صنعته المقاولة ذاتها، بنفس الاسم، والتلفيف وفي شروط توزيع مماثلة، لكن بثمن مغاير يتجاوز في بعض الأحيان 100٪ لذلك كانت المقاربة بين أثمنة سلة من الأدوية الأكثر مبيعا في المغرب وأثمنة نفس الأدوية في دول لها مستوى نمو مشابه للمغرب أو أكثر تقدما، أول مقربة للجواب على هذا السؤال.
المقارنة بين أثمنة نفس الدواء بعلامات تجارية مختلفة داخل المغرب. قد يتواجد أحيانا الدواء نفسه تحت علامات تجارية مختلفة . وكمثال على ذلك فنجد مثلا دواء الأموكسسيلين (مضاد حيوي) في عشرات العلامات التجارية المختلفة، بفوارق أثمان جد هامة تتجاوز 70٪ (55،53 درهم لعلبة تحوي 12 قرصا من فئة 1 غ عند الأقل ثمنا، بينما يبلغ ثمن الدواء نفسه 85،93 درهم وعند المصنع الأكثر غلاء) والمفارقةأن أغلى الأدوية هي غالبا أكثرها مبيعا، وقد يكون فرق الثمن أكثر حدة في بعض الحالات الأخرى ليتجاوز أحيانا 600٪ وهذه حالة تنطبق على مقارنة الثمن مع القدرة الشرائية للفئات ذات الدخل المحدود، وتبقى أهم مقارنة لتحديد غلاء الأدوية هو مقارنة التكلفة مع القدرة الشرائية للمواطنين، وبالخصوص الذين لا يتوفرون على نظام للتغطية الصحية.
2- ليس هناك ثمن واحد للدواء في المغرب بل أثمنة متعددة
يشكل دليل الأدوية المعوض عنها، الصادر عن الوكالة الوطنية للتأمين الصحي، المصدر العمومي الوحيد بالمغرب الذي يعطي فكرة شاملة عن أثمنة الأدوية في المغرب، هذا الدليل متوفر في نسخة ورقية كما يمكن الاطلاع عليه عبر موقع الوكالة على الأنترنيت، ويتيح هذا الدليل إمكانية إجراء بحث بواسطة أسماء المنتجات أو التسمية المشتركة الدولية (DCI)، وتم تحديث مضمونه آخر مرة في شهر يونيو 2008 (تم إصدار نسخة جديدة في يونيو 2009 بعد انتهاء المهمة من إعداد معظم محاور التقرير) بحصى دليل الوكالة الوطنية للتأمين الصحي 2524 منتوجا مختلفا، وهي منتوجات تستفيد جميعها من تعويضات التأمين الإجباري على المرض، أي ما يقارب 60٪ من الأدوية المسوقة في المغرب وهو ما يعني أن يصعب الحصول على أثمان أزيد من 1600 منتوج آخر لعدم توفر مصدر عمومي مماثل لهذا الدليل.
- وقد يختلف ثمن نفس الدواء (بنفس المكونات ونفس العلامة التجارية ونفس التلفيف) ويتضاعف ثلاثة مرات حسب مكان شرائه (صيدلية) أو مستشفى أو صيدلية الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي).
- كما يمكن أن يناهز فارق ثمن بيع نفس الدواء (بنفس المكونات ونفس التلفيف) من 1 إلى 7 أضعاف حسب العلامة التجارية والمصنع. ولنا في حالة الأوميبرازول دليل حي على ذلك، إذ تتأرجح أثمنته بين 42 درهما و310 دراهم، مرورا بـ 49 و55 و60 و65 و69 و90 و74 و95 و165 و198 درهما.
- ونجد هذه الفواق حتى بين الأدوية المكلفة، إذ تتأرجح أثمان بيع دواء إماتنيب، المستعمل في علاج بعض حالات السرطان، حسب العلامات التجارية بين 27090 درهم و6400 درهم لعلبة 120 قرصا، وتجدر الإشارة في هذا الصدد أن ثمن هذا الدواء في صيدليات الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي يناهز 3500 درهم.
وقد يعرض نفس المصنِّع المنتوج ذاته (بنفس المكونات والتلفيف) تحت علامات مختلفة وبأثمنة قد تتراوح بين ضعف وثلاثة أضعاف، وينطبق هذا الأمر على حالة الأوميبرازول الذي تبيعه نفس الشركة تحت اسم موبرال بـ 310 دراهم وتحت اسم أوميبرال ب 95 درهم.
- كما قد يبيع مُصنّع نفس المنتوج (بنفس الجزيئات والعلامة التجارية) بتلفيف مختلف بعض الشيء بأثمنة يتراوح الفرق بينها بين الضعف والضعفين، فعلى سبيل المثال يصعب تبرير الفوارق الهامة بين أثمنة الأقراص العادية والأقراص الفوارة بتكلفة الإنتاج فقط.
- يمكن كذلك أن يسوق أحد الصانعين المنتج عينه (بنفس الجزئيات ونفس العلامة التجارية والتلفيف) بأثمنة تتفاوت من الضعف إلى 6 أضعاف في إطار طلبات العروض، تنطبق هذه الحالة على الأنسولين البشري مثلا، الذي تسوقه شركة صوطيما بـ 28 درهما في إطار طلب عروض مع جماعة الدار البيضاء، بينما يصل ثمنه في الصيدليات 198 درهما، وحتى عندما نأخذ بعين الاعتبار هوامش التوزيع، فإن الفارق يظل 4 مرات وهو أمر يصعب تبريره.
الخلاصة 3-
من المفترض أن يكون ثمن الدواء في المغرب موحدا، ولكن الأمر ليس كذلك في الواقع.
هذا الأمر يجعل أي تحليل لثمن الدواء بالمغرب أمرا صعبا ويسمح باستمرار وضعيات غير طبيعية منذ سنوات طوال.
وتعطي الأمثلة السالفة الانطباع أن هناك نوعا من الفوضى يعم مساطر تحديد الأثمنة بالمغرب.
وهناك مئات من الحالات المماثلة في سوق الدواء المغربي التي تعزز هذا الانطباع، وتجدر الإشارة هنا، ودون أي تبرير لهذه الوضعية، إلى أن العديد من البلدان تعيش حالات مشابهة، كما تنبغي الإشارة أيضا إلى نجاح العديد من الدول الأكثر لبرالية في عقلة بنية أثمنة الأدوية وإلى عدم وجود الحالات المبينة أعلاه فيها وبل إلى استحالة وجود أمثلة مماثلة.
3- تحليل وضعية الأدوية العادية
أ- تحديد سلة أدوية لإجراء المقارنة
من الصعب القيام بمقارنة شاملة لأثمان الأدوية المسوقة بالمغرب إذ يزيد عدد المنتجات الصيدلية المسوقة حاليا في المغرب عن 4000 منتوج (لم تستطع المهمة التحقق من الرقم الصحيح)، ويتطلب إحصاؤها عملا يتجاوز الصلاحيات والإمكانيات المخولة لنا.
لذلك قررت المهمة تركيز عملها على الأدوية الأكثر مبيعا في المغرب سنة 2008 وإنجاز تحليلها انطلاقا من هذه العينة حيث تم تحديد قائمة العشرة أدوية الأكثر مبيعا في الصيدليات، وقد ارتأينا تقديم هذه الأدوية وفق التسمية المشتركة الدولية (DCI) وعرض الاسم التجاري للعلامة الأكثر شهرة بعد ذلك بين قوسين، والمهمة تعطي اسم العلامة التجارية الأكثر شهرة، لا تصدر أي حكم قيمة على جودة منتجات هذه العلامة.
فيما يلي قائمة هذه الأدوية:
- الأموكسيلين (أموكسيل) Amoxilline (Amoxil)
- الباراسيتمول (دوليبران) Paracétamol (Doliprane)
- حامض الكلافولانيك (أوغمينتين) Acide Clavulanique (Augmentin)
- أوميبرازول (موبرال) Oméprazol (Mapral).
- ديكلوفيناك (فولطارن) Diclofénac (Voltarene).
- أسبرين (أسبرو) Aspirine (Aspro).
- سيبروفلاكسين (سيبروكسين) Ciproflaxine (Ciproxine)
- بريدليسولون (صولوبريد) Prednislolne (Solupred)
- فلوكلوكسالين (فلوكسابين) Flucloxaciline (Floxapen)
- بيضامبيطازون (سيليستين) Bétaméthasone (Celastene).
مجلس التوحيد لجنة المالية والتنمية الاقتصادية - تقرير المهمة الاستطلاعية حول ثمن الدواء بالمغرب.
وقد أضفنا إلى قائمة الأدوية العشرة هذه خمسة أدوية أخرى توصف من طرف الأطباء لمعالجة أمراض أصبحت تنتشر بكثرة، غير أن حجم مبيعاتها لا يمكن من تصنيفها مع قائمة العشر أدوية الأولى، وهذه الأدوية هي:
- كلينكلاميد (داونيل) Gilbenclamide (Daonil) مرض السكري.
- كانطوبريل (لوبريل) Captopril (Lopril) ارتفاع الضغط الدموي.
تجدر الإشارة إلى أن كل الأدوية المختارة حلّ من حقوق الملكية، أي أن براءات الاختراع التي كانت تحميها قد انتهت ويمكن لأية مقاولة تصنيعها إن رغبت في ذلك، وعادة ما تتزامن نهاية براءة الاختراع مع انخفاض في الأثمنة بسبب بداية المنافسة.
كما أن جميع الأدوية المختارة يعوض عنها التأمين الإجباري على المرض.
منهجية اختيار دول المقارنة
قررت المهمة القيام بمقارنة مع ثلاث دول مختلفة لكي تتمكن من الإجابة على السؤال الآتي »هل ثمن الأدوية في المغرب مرتفع مقارنة مع دول أخرى؟« وهذه الدول هي تونس وفرنسا ونيوزيلندا.
ومن محددات اختيار هذه الدول الثلاث توفر أثمنة الأدوية للعموم، وتم الحصول على كل الأثمنة خلال نفس الأسبوع وذلك ابتداء من 27 أبريل 2008، وفيما يلي المراجع التي استعانت بها.
- تونس: الصيدلية المركزية التونسية www.pct.com.tn
- فرنسا: www.eurekasante.fr.vidal Eurekasante (تحيين مارس 2009).
- نيوزيلندا: www.pharmac.govt.Phatmac (تحيين أبريل 2009).
- المغرب: الوكالة الوطنية للتأمين الصحي (دليل الأدوية المقبول إرجاع مصاريفها 02/04) www.anam.ma (تحديث يونيو 2008).
وشملت المقارنة أثمنة بيع الأدوية في الصيدليات فقط، وذلك بعد القيام بعملية المطابقة لتسهيل عملية المقارنة، فبالنسبة للأثمنة التونسية والفرنسية، اختيرت الأثمنة العمومية المعمول بها في الصيدليات، وتم القيام بتحويلها إلى الدرهم المغربي، وبعد ذلك قورنت بالأثمنة العمومية المغربية، في حين أن الأثمنة النيوزيلاندية هي أثمنة المنتجين التي قمنا بتطبيق هوامش التوزيع المغربية عليها من أجل مقارنتها بالأثمنة العمومية بالمغرب.
وقد اعتمدت المهمة أثمنة الصرف التالية:
٭ 1 أورو = 11.187 درهم ثمن صرف بنك المغرب بتاريخ 29 أبريل 2009.
٭ 1 دينار تونسي = 5.9893 درهم ثمن صرف بنك المغرب بتاريخ 29 أبريل 2009.
٭ 1 دولار نيوزيلندي = 4.7883 درهم ثمن الصرف حسب ياهو فينانس بتاريخ 29 أبريل 2009.
- يعزى اختيار تونس إلى قربها الجغرافي وإلى مستوى نموها المشابه للمغرب، وهي فضلا عن ذلك، تتمتع بنظام صحي يجعلها في مرتبة متقدمة على المغرب وذلك على صعيد غالبية مؤشرات منظمة الصحة العالمية، وتقدر سوق الأدوية التونسية في 2007 بـ 4.2 مليار درهم، أي ثلث السوق المغربية (حسب معطيات 2007 للصيدلية المركزية التونسية). ويبلغ الاستهلاك حسب عدد السكان 420 درهم في السنة وهو ما يعادل مبلغ الاستهلاك المغربي نفسه (انظر الجزء VIII).
- أما اختيار فرنسا، وهي بلد متقدم وعضو في الاتحاد الأوروبي، فهو راجع إلى أن جزءا كبيرا من سياسة الأدوية المنتهجة في المغرب مستوحاة من فرنسا، وزيادة على ذلك، فأثمنة الأدوية في فرنسا هي من بين أكثر الأثمنة ارتفاعا في أوروبا، كما أن ثمن معظم الأدوية التي تباع في المغرب يحدد وفقا للثمن المعمول به في فرنسا.
- وأما اختيار نيوزيلندا، العضو في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، فيعطي مقالا لما يمكن أن تحققه سياسة عمومية للشراء الجماعي من توفير انخفاض في الأثمنة، وذلك بالنسبة لجميع المتدخلين العموميين والخواص، وكثيرا ما يرد هذا البلد كمثال في الدراسات التي تتطرق إلى أثمنة الأدوية في العالم (انظر الجزء IX).
ج- نتائج المقارنة بالنسبة للعلامات التجارية المسماة بـ«الأصلية»
هي منتجات كانت تتمتع بالحماية التي تمنحها إياها براءة الاختراع، وهذه الحماية سمحت لها بتقوية شهرة علامتها التجارية، ومع نهاية الحماية، قام المنافسون بتصنيع أدوية مماثلة ولكن تحمل علامات تجارية مختلفة، ومن أصل 15 دراء التي شملتها المقارنة هناك 14 دواء أصليا، وهي أدوية تسوقها نفس الشركات المتعددة الجنسية، مباشرة أو عن طريق فروع أو شركات حاصلة على رخصة، تحت نفس الاسم أو تحت اسم تجاري مختلف.
- من أصل 14 دواء أصلي تمت مقارنتها بين المغرب وتونس
- جميع الأدوية المتوفرة في السوق التونسية (14/12) هي أغلى في المغرب منها في تونس.
- تتراوح نسب فرق الثمن بين الأدوية المقارنة بين 31% و189%.
من أصل 14 دواء أصليا تمت مقارنتها بين المغرب وفرنسا:
٭ 11 دواء أغلى في المغرب منها في فرنسا، نسب فرق الأثمنة المغربية والفرنسية تتراوح بين 5% و77% أغلب الأدوية هي أغلى بالمغرب بنسبة تتجاوز 30% منها بفرنسا.
٭ دواء واحد له نفس الثمن في كلا البلدين.
هذا مع العلم بأن أثمنة الأدوية في فرنسا هي من بين أكثر الأثمنة ارتفاعا في أوروبا!
الخلاصة 4 - أثمنة الأدوية الأصلية بالمغرب أغلى من مثيلاتها في فرنسا وتونس، وبنسب تتراوح في أغلب الأحيان بين 30% و189%.
وكما سنبين ذلك في بقية التقرير، لا يمكن تبرير هذه النسب لا بحجم السوق، ولا بالضريبة على القيمة المضافة، ولا بالرسوم الجمركية ولا بهوامش التوزيع.
د. نتائج مقارنة المنتجات الجنيسة
في هذه المقارنة، سنقتصر على المنتجات الجنيسة الأقل ثمنا، يُعرَّف المنتج الجنيس بأنه دواء معادل للدواء المسمى بالأصلي، وتصنعه الشركات التي استغلت نهاية الحماية التي تمنحها البراءة للدواء الأصلي، وعموما، فالأدوية الجنيسة أرخص من الأدوية الأصلية، وتجدر الإشارة إلى أنه قد توجد عدة أدوية جنيسة للدواء الأصلي الواحد.
والملاحظ أن الأدوية الجنيسة الأقل ثمنا ليست هي دائما أكثرها مبيعا، ولكن أكثر الأدوية الجنيسة مبيعا هي عادة من بين الأدوية الأقل ثمنا، وسنعود إلى هذا الموضوع في الجزء المخصص للمقارنات داخل المغرب.
٭ 10 أدوية هي أغلى في المغرب منها في تونس، تعتبر الأثمنة المغربية أغلى من الأثمنة التونسية بنسب تتراوح بين 6% و134% وذلك حسب المنتجات، غير أن معظم المنتجات في المغرب هي أغلى ثمنا بنسبة 30%.
٭ ثلاثة أدوية أغلى في تونس منها في المغرب، حيث كانت الأثمنة المغربية في هذه الحالة أقل من الأثمنة التونسية بنسب تصل إلى 42% و35% و39% وذلك حسب المنتجات.
من أصل 14 أرخص أدوية جنيسة، هناك:
٭ 3 أدوية هي أغلى في المغرب منها بالنسبة لهذه الأدوية، كانت الأثمنة المغربية أغلى ثمنا من نظيرتها الفرنسية بنسبة 14% و26% و14%.
٭ 10 أدوية أرخص في المغرب منها في فرنسا، بالنسبة لهذه الأدوية، كانت الأثمنة أقل بنسب تتراوح حسب المنتج، بين 8% و66% وأغلبها بأكثر من 50%.
- مقارنة أثمنة أرخص الأدوية الجنيسة ثمنا بين المغرب /نيوزيلاندا
من أصل 11 دواء جنيسا مقاونا:
- كل هذه الأدوية هي أكثر غلاء في المغرب منها في نيوزيلاندا.
- الأثمنة المغربية هي أكثر ارتفاعا من الأثمنة النيوزيلاندية بمرتيل إلى 15 مرة حسب المنتجات.
الخلاصة 5: بناء على لائحة الأدوية المقارنة، نجد أن أثمنة الأدوية الجنيسة الأقل ثمنا في المغرب هي:
- كلها أغلي من الأدوية النيوزلندية.
- أغلبها أغلى من المنتجات التونسية.
- أغلبها أرخص من المنتجات الفرنسية.
التأثير المالي لأثمنة الأدوية على المرضى
من أجل معرفة التأثير المالي للفرق في الأثمنة على المرضى المغاربة، قامت بتقييم شمل 12 دواء أصليا الأكثر مبيعا في المغرب، ولقد كان بإمكان هذا الاختبار أن يتضمن لائحة كاملة وشاملة، إلا أن ذلك يتجاوز الوسائل والمعطيات المتاحة لأعضاء المهمة..
وقدرت المهمة التأثير على المرضى المغاربة انطلاقا من حجم بيع هذه الأدوية في الصيدليات آخذة بعين الاعتبار فرق الأثمنة الموجود في المغرب وتونس.
في 2006 و2007 و2008، صرف المرضى المغاربة على الأثنى عشر دواء عاديا الأكثر مبيعا مبلغ 1132 مليون درهم زائدة مقارنة بالأثمنة التونسية، وفي نفس الفترة، بلغت مبيعات هذه المنتجات الإثنى عشر 3743 مليون درهم.
والمغرب: نفس الدواء، علامات تجارية مختلفة، وأثمنة مختلفة
لا تقتصر الاختلالات في أثمنة الأدوية على المقارنة بين المغرب والخارج بل تتعداها إلى الأثمان المعمول بها داخل المغرب بالنسبة لنفس الدواء تحت علامات تجارية مختلفة.
فإذا ركزنا الآن فقط على الأدوية التي تباع في المغرب، فإننا سنندهش أمام تعدد العلامات التجارية والأنواع والأثمنة لنفس الدواء الواحد، هذا التعدد، الذي يقدمه المدافعون عنه كحرية اختيار يمارسها المريض، هو مصدر حيرة الأطباء والمرضى، كما أنه يعتبر مصدر العديد من المشاكل اللوجستيكية بالنسبة للصيادلة والموزعين.
وعلى سبيل المثال، يوجد في المغرب 137 عرضا مختلفا للأموكسيسيلين، و62 من الأموكسيسيلين، كلافولانيك، و60 من الباراسيتامول، و53 من ديكلوفيناك، و34 من أوميبرازول... وأكد معظم المتدخلين الذين تم الاستماع إليهم أن هذا التعدد هو مصدر العديد من المشاكل بالنسبة للمرضى والأطباء والصيادلة والهيئات المكلفة بتسيير التأمين الصحي الإجباري.
وهذا التعدد في العروض والعلامات التجارية يجعل من الصعب مقارنة أثمنة الدواء الواحد.
وبالرغم من ذلك، وسعيا منها لتوضيح جانب آخر من غلاء الأدوية في المغرب، حرصت المهمة على القيام بمقارنة الأثمنة نفس الدواء بالمغرب تحت علامات مختلفة وكمثال على ذلك ندرج الجدول الموالي الذي يبين المقارنة بالنسبة للعينة التي تم تحديدها سابقا، مع العلم بأن هذه الإشكالية لا تقتصر عليها وحدها.
1- أموكسيلين (Amoxicilline)
أكثر أنواع الأموكسيلين مبيعا هو النوع الذي يوجد على شكل برشامة من وزن 1 غرام، وتوجد في السوق المغربية عشر علامات تجارية مختلفة لهذا النوع، أما بالنسبة لأثمنة علبة تحتوي على 12 برشامة، فتتراوح بين 53.55 درهما و93.85 درهما، أي بفرق يناهز 175%.
2- باراسيتامول (Paracétamol)
أكثر أنواع الباراسيتامول مبيعا هو النوع الذي يوجد على شكل برشامة من وزن 500 ملغ، وتوجد أكثر من 11 علامة تجارية مختلفة لهذا النوع، أما بالنسبة لأثمنة علبة تحتوي على 20 برشامة، فتتراوح بين 7 دراهم و18.70 درهما، أي بفرق يناهي 267%.
3- أموكسيلين كلافولانيك (Amoxicilline clavulanique)
أكثر أنواع أموكسيلين، كلافولانيك هو النوع الذي يوجد على شكل كيس من وزن 1 غ / 125 ملغ، وهناك أربع علامات تجارية مختلفة لهذا النوع، أما بالنسبة لأثمنة علبة تحتوي على 12 كيسا، فتتراوح بين 99 درهما، و310 دراهم، أي بنسبة 173%.
4- أومبيرازول (Oméprazole)
أكثر أنواع أمبرازول مبيعا هو النوع الذي يوجد على شكل برشامة من وزن 20 ملغ، وتوجد 12 علامة تجارية مختلفة لهذا النوع، أما بالنسبة لأثمنة علبة تحتوي على 14 برشامة، فتتراوح بين 42 درهما و310 دراهم، أي بنسبة 738%.
5- سيروفلاكسين (Ciprofiaxine)
أكثر أضشكال سيروفلاكسين مبيعا هو برشامة 500 ملغ، وهناك 12 علامة مختلفة لهذا النوع، وتتراوح أثمنة العلبة الواحدة من 10 علامات بين 80 درهم و366 درهم، أي بنسبة فرق 458%.
6- أملوديبين (Amplodipine)
أحد أكثر أشكال أملودين مبيعا هو برشامة 5 ملغ، وهناك 8 علامات مختلفة لهذا النوع، وتتر اوح أثمنة العلبة الواحدة من 28 برشامة بين 50 درهم و366 أي بفارق 390 %.
خلاصة 6
يدل تعدد العلامات التجارية وخصوصا فوارق الثمن بين مختلف هذه العلامات على وجود اختلال عميق في نظام تقنين وعرض الأذوية وتحديد أثمانها.
ولم يتمكن أعضاء المهمة من الحصول على أي مبرر معقول لهذه الفوارق.
ب ـ الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي مثال لتسليط الضوء على هذه الإشكالية.
يعمل الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي على تزويد أعضائه المؤمنين من خلال صيدليته بالأدوية المكلفة اللازمة للعلاج والتي لا توجد في باقي الصيدليات والمستشفيات
وجدير بالذكر أن المصاريف المتصلة بهذه الأدوية بلغت في عام 2008 نحو 356 مليون درهم من أصل 953 مليون المخصصة للصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي من أجل إرجاع مصاريف الأدوية، أي ما يعادل 37% من هذه المصاريف وتشهد هذه المصاريف مند إنطلاق التأمين الصحي الإجباري في عام 2006 نموا يزيد عن 40% سنويا
ومن بين أبرز مميزات هذه الأدوية تركزها في يد مزودين قلة فمطنع واحد يحصل وحده على 54% من المشتريات،ن في حين يحصل 5 مصنّعين على 82% من المشتريات
ج ـ مواقع الخلل منظومة في أثمنة الأدوية المكلفة
هناك العديد من الاختلالات على مستوى أثمنة الأدوية المكلفة. ولقد أثيرت هذه المسألة خاصة أثناء جلسات الاستماع مع المديرين العامين لكل من الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والوكالة الوطنية للتأمين الصحي.
* غياب ثمن البيع للعموم الموحد لنفس الدواء (نفس العلامة ونفس التلفيف)
هناك ثمن بيع للعموم بالمغرب وثمن البيع بالمستشفيات والمصحات لبعض هذه الأدوية، وهي أثمنة مختلفة جدا.
وفي بعض الحالات ليس هناك ثمن البيع بالمستشفى رغم أنها أدوية تؤخذ أساسا في الوحدات الاستشفائية (عامة أو خاصة) ويؤدي هذا الوضع إلى انتشار بعض الممارسات التي تضر المرضى وخصوصا في بعض المصحات.
* أثمنة البيع للعموم وبالمستشفى مرتفعة جدا بالمقارنة مع ثمن صيدلية الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي.
الملاحظ أن هنا كفوارق في الأثمنة جد مرتفعة، حسب قنوات الاقتناء،
وللوقوف على تأثير هذه الفوارق يمكن القول أنه في حالة تطبيق أثمان المستشفى (وهي أثمان البيع المحددة بالنسبة للمؤسسات الاستشفائية والمصحات) على الصندوق فإن هذا سيؤدي إلى زيادة التكلفة بما يناهز 368 مليون درهم في الفترة 2009 ـ 2012 بينما سيؤدي تطبيق ثمن البيع للعموم على الصندوق إلى زيادة التكلفة بمقدار 653 مليون درهم خلال نفس الفترة.
وفيما يلي بعض الأمثلة على ذلك.
مثال دواء دوسيتاكسول Docétaxel
دوسيتاكسول دواء يوصف في علاج سرطان الثدي، وتفوق تكلفة العلاج السنوية 50 ألف درهم.والحال أن هذا الدواء يباع تحت 4 علامات ويتراوح ثمن القنينة من فئة 80 مبلغ بين 11244 درهم و 3825 درهم حسب العلامة التجارية ومصدر الشراء.
ومن المهم هنا أن نشير إلى أن ثمن هذا الدواء نفسه بتايلاند انخفض من 5950 درهم إلى 950 درهم بعد تطبيق مبدأ الرخص الإجبارية.
وفضلا عن ذلك، وبالرجوع إلى إحصائيات الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، يظهر أن أغلى هذه العلامات التجارية، تاكسوتير هو أكثر دواء يصفه الأطباء رغم أنه أغلى من مماثليه بنسبة 50 إلى 65%.
مثال دواء اكساليبلاتين oxaliplatine
هو دواء يوصف في علاج سرطان القولون، وهناك علامتان تجاريتان يتراوح ثمن قنينة 100 ملغ بين 7047 درهم و 4900 درهم حسب العلامة.
وبالرجوع إلى إحصائيات صندوق منظمات الاحتياط الاجتماعي، نلاحظ مرة أخرى أن علامة الوكساتين هي التي يصفها الأطباء أكثر رغم أنها أغلى من مثيلاتها بنسبة 43%.
مثال دواء باكليتاكسيل paclitaxel
وأخيرا، باكليتاكسيل دواء يوصف لعلاج بعض أنواع سرطان الثدي والمبيض وبعض أنواع سرطان الرئتين وهناك 6 علامات لهذا الدواء يتراوح ثمن القنينة من فئة 30 ملغ بين 1180 درهم و 90،2230 درهم.
وبالرجوع إلى إحصائيات صندوق منظمات الاحتياط الاجتماعي، نلاحظ أن علامة تاكسول هي التي يصفا الأطباء أكثر رغم أنها أغلى من مثيلاتها بنسبة 90%.
غياب دواء جنيس بالمغرب رغم توفره في بلدان أخرى
تتوفر بعض الأدوية المكلفة الأكثر مبيعا في المغرب على أدوية جنيسة في بلدان أخري إلا أن هذه الأدوية الجنيسة غير متوفرة في المغرب.
ولعل دواء intertéron alpha 2a-pégylé المستعمل لعلاج التهاب الكبد س هو أبلغ مثال على ذلك حيث تحدده في المغرب يباع تحت علامة واحدة فقط pégasys التي تنتجها مختبرات روش
يكلف علاج التهاب الكبد س سنويا حوالي 145000 درهم وهو يتصدر قائمة الأدوية المكلفة في صيدلية الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الوطني بارتفاع سنوي يتجاوز 40%
والحال أن هناك دواء جنيس (أو بتعبير أصح نظير بيولوجي) في مصر، وقد طورت هذا الدواء الجنيس شركة ألمانية مصرية لكي تقدم حلا في متناول المرضى المصريين. ويجدر الذكر هنا بأن الإحصائيات تقدر أن 15% من المصريين مصابون بالتهاب الكبد س.
ويبلغ ثمن هذا الدواء في مصر 550 درهم، مقارنة مع الثمن المغربي الذي يتراوح بين 2400 درهم و 3100 درهم، أي أنه أرخص خمس مرات في مصر.
وهو ما يكلف الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي وحده سنة 2008 حوالي 52 مليون درهم، زائدة عن الثمن بمصر وعلى مدى ثلاث سنوات (2006 و 2007و2008) بحوالي 112 مليون درهم. زائدة عن الثمن بمصر.
وهذا يعني كذلك أن تكلف العلاج لمريض مصاب بالتهاب الكبد س ستنخفض من 145000 درهم سنويا إلى 27000 بانخفاض يناهز 10000 درهم شهريا. إذا ما تم توفير هذا الدواء الجنيس بالمغرب.
ما هي أسباب غلاء الأدوية في المغرب؟
* سعيا للإجابة على هذا السؤال، الذي من أجله أنشئت المهمة أصلا، حاولنا الوقوف عند مختلف المتدخلين في سلسلة الدواء مع التركيز على أثر تدخلهم على ثمن الدواء.
٭ تسعى أغلب الشركات الصيدلية في العالم، إلى تحقيق أكبر قدر من الأرباح عبر السعي للحصول على أعلى الأثمان والحث على استهلاك أغلى الأدوية.
وبالمقابل تسعى السلطات الحكومية المكلفة بتقنين وتحديد الأثمنة، من جهتها، إلى حماية المريض وضمان حصوله على الدواء، مجندة لذلك جميع الأدوات والآليات التشريعية والتنظيمية المتاحة لمواجهة استراتيجيات هذه الشركات.
وفي المغرب لم تتمكن أو لم تعرف وزارة الصحة على مدى عدة عقود الدفع بأثمنة الأدوية نحو الانخفاض نظرا لتطبيقها لنصوص تنظيمية متجاوزة تعرف عدة ثغرات تستغلها شركات الأدوية للحصول على أثمنة مرتفعة كما لم تسع الوزارة، إلا مؤخرا، إلى تعديل هذه النصوص لجعلها أكثر حماية لمصالح المرضى.
1 ـ دور الدولة
أ ـ المسطرة الإدارية لتحديد الأثمنة
أقرت السيدة وزيرة الصحة أثناء جلسة الاستماع إليها من طرف المهمة الاستطلاعية بأن مساطر تحديد أثمنة الأدوية بالمغرب متجاوزة ويجب إعادة النظر فيها، ويؤكد هذا الإقرار تصريحات أخرى في وسائل الإعلام وأمام البرلمان والتي تؤكد جميعها بأن مسطرة تحديد الثمن بالمغرب تجعل الأدوية خارج متناول العديد من المرضى.
ومنذ سنة 2007، وللمرة الأولى منذ عقود، توجد رغبة فعلية لمواجهة هذا المشكل: تصريحات أمام البرلمان وفي الإعلام بدء مسلسل لتغيير نظام تحديد الأثمان...إلا أن تعقد الإشكالية والدعم الذي تحظى به الصناعة الدوائية لم يمكن يعد من الوصول إلى نتائج ميدالية.
وسنكتفي في هذا الجزء بالتذكير بأهم ما يعاب على البنية الحالية لتحديد الأثمنة التي تمت دراستها بمزيد من التفصيل في الفقرة المكرسة لبنية الأثمنة (الملحق 1).
* تبدو طريقة حساب ثمن المصنّع معقدة ومتجاوزة ، فالثمن يعتمد على التكاليف وليس علي الخدمة الطبية المقدمة للمريض. وهو يسمح بإدخال بعناصر تكلفة تصعب مراقبتها والتي يملك المصنع جميع الصلاحيات لتغييرها كما يشاء، خاصة إذا كان فرعا لمجموعة دولية (ثمن المواد الأولية، تكاليف التدبير، تكاليف المساعدة التقنية..»)
* طريقة الحساب لا تفصل بين تكاليف التصنيع ومصاريف التسويق التي تمثل بالمغرب أهم مكون في الثمن الذي يقترحه المصنّعون وتأتي قبل البحث والتطوير.
مرجعية ثمن المنتج المستورد لا تتماشى وواقع السوق الحرة التي يفترض فيها إمكانية الاطلاع على أسواق مختلفة بخصوص نفس المنتج وكذلك وجود تسعير دولي خاص بالدواء، وفضلا عن ذلك، فإن الثمن الدولي المعياري يعتمد حصريا على الثمن في البلد الأصلي دون مراعاة القدرة الشرائية في البلد المستهدف.
عمولة وكيل الاستيراد غامضة وتبدو مبالغها وغير معقولة.
طريقة احتساب هامش التوزيع متناقضة مع سياسة تعميم الأدوية الجنسية (النسبة المئوية مقابل الهامش الثابت) بالإضافة إلى عدم تناسق طريقة الحساب هذه مع تكلفة السلسلة اللوجيستيكية لدى الموزعين.
إن النص غير واضح بخصوص مراجعة الأثمنة بالإضافة إلى غياب أية إشارة متعلقة بمراجعة أثمنة المنتوجات المصنعة محليا.
ب ـ استخدام الدولة لسلطتها التفاوضية
تعتبر الدولة أكبر مشتر مباشر أو غير مباشر للأدوية بالمغرب، وسواء كان ذلك عن طريق مستشفيات الصحة العمومية أو المراكز الاستشفائية الجامعية، أو المستشفيات العسكرية، أو عن طريق المؤسسات التي تراقبها الدولة كالصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فإن للدولة قدرة شرائية جد مرتفعة.
كما أن للدولة تأثيرا غير مباشر أساسي في المشتريات بفضل آلية تعويض المصاريف في إطار التأمين الصحي الإجباري، وفي الواقع، فإن الحكومة هي التي تحدد قائمة الأدوية القابلة للاسترجاع والأثمنة المرجعية لإرجاع المصاريف بناء على مقترح من الوكالة الوطنية للتأمين الصحي.
كما ستزيد الدولة من تأثيرها في المشتريات بتوسيع التأمين الإجباري على المرض الذي يسيره الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ليشمل العلاجات الخارجية، ويرتقب أن يدخل هذه التوسيع الذي يهم كافة مأجوري القطاع الخاص المستفيدين من التأمين الإجباري على المرض أن يدخل حيز التنفيذ مع نهاية سنة 2009، وسيترجم بزيادة الإنفاق على الأدوية الذي تؤثر فيه الدولة.
كما أن تعميم نظام المساعدة الطبية المرتقب سنة 2010 سيمكن أزيد من ثلث المغاربة من الحصول على العلاجات والأدوية التي كانوا محرومين منها. وسيقوي هذا التعميم بدوره من ثأثير الدولة على مشتريات الأدوية بالمغرب.
وفي الأخير، فإن توسيع التأمين الإجباري على المرض ليشمل مقاولات القطاع الخاص التي لازالت تستفيد من نظام تأمين خاص على المرض، سيؤدي إلى نفس النتائج عند تفعيله.
ورغم هذا الامتياز، لم تستخدم الدولة، إلى يومنا هذا، سلطاتها التفاوضية المتميزة إلا جزئيا دونما تنسيق، حيث يستخدمها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لفائدة منخرطيه، كما أن إصلاح مسطرة طلبات عروض مشتريات المستشفيات بدأ في إعطاء نتائج مشجعة فيما يتعلق بالأثمان
خلاصة 7 ـ هذه القنوات المتعددة تخول للدولة وسوف تخول لها مستقبلا تأثيرا مباشرا أو غير مباشر على أزيد من ثلثي مشتريات الأدوية بالمغرب. وسيغدو من غير الطبيعي أن تستمر الدولة في إهمال توظيف هذا التأثير في التفاوض من أجل تخفيض أثمنة الأدوية التي تمر عبر هذه القنوات، وأثمنة الأدوية بالمغرب بصفة عامة.
وتبقى أهم آليات التخفيض وكذا استعمال آلية التعويض هي التنسيق في التفاوض من طرف أهم المشترين (الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي. الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وزارة الصحة).
ج ـ ترويج الأدوية الجنسية
إن الترويج للأدوية الجنيسة وسيلة من أنجع وسائل تخفيض أثمنة الأدوية. والدول التي حققت أفضل نجاح في سياسة تحسين الحصول على الأدوية هي تلك التي اعتمدت على سياسة ترويج ناجحة للأدوية الجنيسة.
وحتى اليوم، لم تلق السياسات الرامية إلى ترويج الأدوية الجنيسة بالمغرب النجاح المطلوب، إن المؤشر الأمثل على نجاح أو فشل هذه السياسات هو حصة الأدوية الجنيسة من حجم مبيعات الأدوية، ويبين الرسم البياني التالي وضعية المغرب مقارنة ببعض دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (الولايات المتحدة وألمانيا، وبريطانيا، وفرنسا).
ومن المفارقات المثيرة للإهتمام أن تكون أغلى الأدوية هي الأكثر مبيعا في بلد كالمغرب، يتميز بضعف القدرة الشرائية لأغلب مواطنية، ولعل أسباب هذا الوضع تكمن في عدم ملاءمة استراتيجية ترويج الأدوية الجنيسة وفي فعالية استراتيجيات التصدي للأدوية الجنيسة التي ينتهجها مصنّعو أدوية العلامات الأصلية.
يمكن إيعاز فشل استراتيجية ترويج الأدوية الجنيسة بالمغرب إلى عدة عوامل يقوى بعضها البعض:
في سنة 2004، ذكرت منظمة الصحة العالمية في دراستها لثمن الدواء بالمغرب ما يلي: «يمكن تفسير هيمنة الأدوية الحاملة للعلامات التجارية على السوق المغربية بنظام تحديد الأثمنة الذي يميل إلى تفضيل أغلى المنتجات ثمنا «ولم يشهد الوضع أي تحسن منذ ذلك الحين، حيث إنه حتى سنة 2009، لايزال نفس النظام ساريا في تنظيم تحديد أثمنة الأدوية.
يعطي نظام تحديد الأثمنة الحالي نوعا من «الأفضلية للأغلى ثمنا»، فالحصول على ثمن أعلى، يخول لمصنع الأدوية غالية الثمن هامش ربح أعلى وبالتالي ميزانية إشهارية أكبر، سيعمل على توظيفها في الزيادة من مبيعات منتوجه محدثا بذلك حلقة مفرغة حقيقية الضحية فيها هم المرضى.
إن أثمنة بعض الأدوية الجنيسة أعلى بكثير مقارنة مع أدوية جنيسة أخرى مماثلة الحاملة لعلامات تجارية مغايرة، وقد تصل إلى 300% ، الشيء الذي يصعب تبريره.
كما تساهم طريقة تحديد أثمنة الأدوية الجنيسة المبنية على النسبة المئوية من ثمن الدواء الأصلي، في الإبقاء على الأثمنة مرتفعة، حيث أن الأثمنة المبنية من أثمنة الأدوية الأصلية المرتفعة أساسا، تكون بدورها مرتفعة.
ـ تعاني الأدوية الجنيسة من تشكيك في جودتها ونجاعتها، وهي إشاعات يقف مصنعو الأدوية الأصلية وراء ترويجها بين أوساط الأطباء والمرضى (مع أنهم يصرحون رسميا بعكس ذلك)، لم تنجح لا الدولة ولا مصنّعو الأدوية الجنيسة إلى حد الآن في كسب ثقة عدد كبير من الأطباء والمرضى فيما يخص جودة الأدوية الجنيسة ونجاعتها وبالتالي التصدي لاستراتيجية مصنعي الأدوية الأصلية.
يعتبر الصيادلة عبر العالم الحليف الرئيسي في المعركة من أجل تبني الأدوية الجنيسة. ويجب الاعتراف بأن الحالة الاقتصادية للعديد منهم بالمغرب حاليا لا تحفز العديد من الصيدليين علي ترويج الأدوية الجنيسة، زد على ذلك غياب حق التعويض وبنية الهوامش المعمول بها والتي لا توفر للصيدلي أي تحفيز مادي من أجل ترويج الأدوية الجنيسة.
2ـ دور قطاع صناعة الأدوية
نجح المغرب في تطوير صناعة دوائية مهمة مكنته من ضمان أمن التزويد الوطني للأدوية. ومكتب هذه الصناعة على مدى أربعين عاما من تأمين ما يناهز 80٪ من الحاجيات المحلية من الأدوية، قبل أن تتراجع الى 70٪ حاليا.
وقد قامت الجمعية المغربية لصناعة الأدوية AMIP بدعم من وزارة التجارة والصناعة، والوكالة الوطنية للنهوض بالمقاولات الصغرى والمتوسطة ANPME، بإطلاق دراسة استراتيجية تهدف إلى تطوير هذه الصناعة على المستوى الدولي. وستترقب المهمة نتائج هذه الدراسة ولاسيما توصياتها المتعلقة بتطوير التشغيل وتصدير الأدوية.
ومع ما سبق بعين الاعتبار، فإن المهمة اقتنعت بأن قطاع الصناعة الدوائية يتحمل جزءا أساسيا من مسؤولية غلاء الأدوية بالمغرب.
وترى المهمة إن كل دعم تقدمه الدولة لمقاولات هذا القطاع: الحماية ضد الاستيراد. ودعم التصدير. ودعم الاستثمار.. يجب أن يكون مشروطا بتخفيض مهم في الأثمان المعمول بها في المغرب.
سنعمل، فيما يأتي من هذا الجزء، على التمييز بين مصنعي الأدوية الأصلية ومصنعي الأدوية الجنيسة، وسنقف عند الممارسات والاستراتيجيات المتباينة لكل منهما.
أ ـ استراتيجية وممارسات قطاع صناعة الأدوية الأصلية للإبقاء على الأثمان مرتفعة
ـ الضغط من أجل الحصول على ثمن مرتفع للبيع للعموم والإبقاء عليه كذلك.
كما هو الحال في سائر بلدان العالم تحاول هذه المقاولات الحصول على أعلى ثمن يمكن للسوق أن تتحمله. فبالإضافة إلى معرفتها الجيدة بمساطر تحديد الأثمنة ونجاحها في توظيف هذه المعرفة لتوفر هذه الشركات على موارد بشرية ومادية مهمة تسخرها لهذا الهدف. كما أن الثغرات القانونية وغياب الدقة والوضوح في النصوص المغربية والتي لاتعطي الأولوية الحصول المريض على الدواء يكرس وضعية هذه الشركات.
ـ الزيارات الطبية الموجهة للأطباء من أجل ترويج المنتوجات الغالية. بعد التمكن من الحصول على ثمن مرتفع للبيع للعموم، توظف هذه الشركات جزءا مهما من هامش ربحها في الإشهار والترويج لمنتوجاتها. وبما أن الأطباء هم من يصف الأدوية للمرضى، فلقد انصبت مجهودات الترويج عليهم بشكل مباشر.
ـ »الدورات التكوينية« الطبية موجهة نحو ترويج المنتوجات عالية الثمن. من المعلوم أن الطب قطاع يعرف تقدما دائما وسريعا في معارفه مما يلزم الأطباء الخضوع لتكوين مستمر لا يتوفرون دائما على الإمكانيات المادية اللازمة للحصول عليه. ويوفر قطاع صناعة الأدوية الإمكانيات لسد هذه الحاجة لدى الأطباء، حيث تستخدم عدة تقنيات كالزيارات الطبية والأمسيات الموضوعاتية والحوارات والندوات داخل المغرب وخارجه بحضور اختصاصيين مرموقين، وتتحمل شركات الأدوية مصاريف هذه التظاهرات لتضمن عرفان الأطباء بالجميل وبالتالي وصف منتوجاتهم للمرضى، وهي غالبا الأغلى ثمنا أو المحمية بموجب براءة اختراع.
ـ انتقاص ممنهج من قيمة الأدوية الجنيسة لدى الأطباء والمرضى. وإن كانت شركات الأدوية تتبرأ من هذه الاستراتيجية، إلا أنها تحارب الأدوية الجنيسة عبر استراتيجية بث معلومات خاطئة وإشاعات للتشكيك جودتها وفعاليتها.
ـ إطالة في أمد حياة الأدوية (تقديمها في شكل جديد) من أجل تجنب المنافسة من الأدوية الجنيسة. إن دخول الأدوية الجنيسة الى الأسواق غالبا ما يترجم بمنافسة أكثر شراسة تساهم في خفض كل من المبيعات والأثمنة. ولمواجهة هذه المنافسة، تعمد شركات الأدوية إلى طرق متنوعة كتغيير شكل الدواء فوار عوض عقاقير، مثلا)، أو تغيير التلفيف..
ـ استخدام حملات الكشف عن بعض الأمراض كوسيلة للترويح لبعض الأدوية فتحت غطاء العمل الإنساني تستغل هذه الشركات ضعف الموارد العمومية لبعض الدول كالمغرب للقيام بعمليات الكشف عن بعض الأمراض يكون الهدف غير المعلن منها هو الترويج لبعض الأدوية.
ـ استخدام جمعيات المرضى من أجل الترويج لدواء معين أو الضغط على نظام التأمين الإجباري على المرض ليتحمل مصاريفه. ويستخدم هذا الإجراء بشكل خاص في حالة الأمراض الخطيرة أو المزمنة. وهو ليس إجراء حكرا على المغرب. ففي سنة 2007، ذكر تقرير للجنة الاقتصادية للسفارة الفرنسية بلندن بشأن المؤسسة المكلفة بتقييم علاج الأدوية الجديدة ببريطانيا: »أنه في مواجهة ضغوط جمعيات المرضى التي تتحكم فيها عن بعد شركات الأدوية، ونظرا للغموض الشديد الذي يكتنف فائدة عدة أدوية جديدة مطروحة في السوق، كان لابد من ضمان استقلالية المؤسسة.«
المنافسة التي أتت بها الأدوية الجنيسة غير كافية
بلغت نسبة الأدوية الجنيسة المبيعة في المغرب بالصيدليات 26.4٪ من حجم مجموعة المبيعات وبلغت هذه النسبة، سنة 2007 ، في القطاع العام 52.9٪ و 83.8٪ بالنسبة للمضادات الحيوية وحدها.
ويبين الرسم البياني التالي التقدم البطيء في استعمال الأدوية الجنيسة بالمقارنة مع الأصلية. علي مدى 7 سنوات، لم يحقق استعمال الأدوية الجنيسة سوى تقدما ضئيلا بنسبة 7.26٪، أي 1.04 نقطة مئوية في السنة.
إن المغرب بلد متميز لتوفره على قطاع مهم ومتمرس في صناعة الأدوية الذي يعتبر مقوما أساسيا في المعركة من أجل تخفيض ثمن الدواء بالمغرب.
إلا أن الملاحظ أن من بين مصنعي الأدوية، لا يوجد عدد قليل يركز حصريا على صناعة الأدوية الجنيسة وعدد كبيرة من هؤلاء المصنعين هم مصنعون مباشرون أو بترخيص لعلامات تجارية دولية وعدد آخر يجمع بينهما مما يجعلهم في وضعية تضارب مصالح: فهم لا يروجون للدواء الجنيس الى ... كان من يضر بمصالح الشركات متعددة الجنسيات الشريكة.
كما أن عددا كبيرا من الشركات التي تصنع الأدوية الجنيسة تطبق أثمنة مرتفعة. وقد بينا فيما سبق أن أثمنة أرخص الأدوية الجنيسة في المغرب هي عادة أعلى من نظيراتها في تونس مثلا.
وقد بينا سابقا أن فرق الثمن بين الأدوية الجنيسة لنفس الدواء مرتفع جدا. حيث تصل الفوارق بين أثمنة الأدوية الجنيسة إلى أكثر من 400٪.
كما أن هناك عدد مصنعين أكبر من الضروري لنفس الدواء. وهذا يؤدي الى سوق مبعثرة لا تستفيد من وفورات الحجم لكي يحصل تخفيض في الثمن. إلا أن هناك بعض الأدوية التي ينتجها مصنعون يستولون على 30٪ من حصة السوق لا تزال تباع بأثمنة جد مرتفعة رغم ما تمكنه لهم وضعيتهم من إمكانية الاقتصاد في التكاليف وبالتالي خفض الثمن..
3ـ دور الأطباء
يلعب الطبيب دورا محوريا في عملية إقدام المريض على شراء الدواء، واختياره يحدد بشكل كبير تكلفة العلاج الذي سيحصل عليه المريض.
ـ وخلال جلسات الاستماع التي أجرتها المهمة، لمسنا وجهات نظر متباينة نوعا ما بشأن الأدوية الجنيسة على الخصوص.
ـ فقد عبر رئيس نقابة الأطباء عن ثقته الكاملة في الأدوية الجنيسة.
ـ غير أن رئيس نقابة أطباء القطاع الخاص كان أقل تحفزا. ولكنه عبر عن إرادة أعضاء النقابة قبول تحرير وصفات العلاج بالتسمية الدولية المشتركة شريطة وضع تعادل بيولوجي للأدوية الجنيسة.
وقد اتضح من خلال مختلف النقاشات الرسمية وغير الرسمية التي دارت بين أعضاء المهمة وعدة متدخلين وكذلك من خلال الوثائق التي حصلوا عليها، أن هناك ثلاثة فئات من الأطباء حسب الموقف من الأدوية الجنيسة:
1ـ الأطباء المقتنعون بجودة الدواء الجنيس وبدوره في التقيد بالعلاج، خاصة في حالة الأمراض المكلفة والمزمنة وكذلك بدوره في التحكم في مصاريف التأمين على المرض.
2 ـ الأطباء الذين يساورهم شك في جودة الدواء الجنيس، غالبا لعدم درايتهم بالمسطرة التي تسلكها الأدوية الجنيسة قبل الموافقة على طرحها بالسوق. والكثير منهم يطالبون بوضع معادلات بيولوجية بين الأدوية الجنيسة والأصلية.
3 ـ الأطباء الواقعون تحت ضغط المصنعين وأحيانا المرضى. فالعديد من شركات الأدوية تلجأ الى وسائل، أحيانا غير أخلاقية بل وغير مشروعة، لكي تحت الأطباء على وصف أحدث الأدوية وأغلاهما حتي لو لم يكن فيها أي نفع للمريض.
كما أن هناك عددا كبيرا من الأطباء، يختارون علامة نفس الدواء حسب مستوى المريضى الاقتصادي والاجتماعي، ونمط تغطيته الصحية (مؤمن أم لا)، وطبيعة المرضى (عادي أو خطيرا)... ويجد الأطباء أنفسهم، بالنظر إلى تعدد العلامات التجارية التي يسوق بها نفس الدواء وفوارق الأثمنة بينها، في وضعية تتضارب فيها المتطلبات.
ويجد بعض الأطباء أنفسهم، عند تحرير وصفة دواء، بين المطرقة والسندان، فمن جهة، يريدون وصف دواء فعال لمرضاهم وكسب ثقتهم، ولكن يريدون كذلك وصف علاج غير مكلف. وأمام الشكوك التي تبثها بعض شركات صناعة الأدوية، ينتهي الأمر بكثير من الأطباء الى وصف علامات تجارية غالية مع علمهم بوجود بدائل أخرى ذات نفس الفعالية وأقل تكلفة على المريض.
ليس من السهل على الطبيب أن يعرف جميع العلامات التي يسوق بها دواء معين مع أثمنتها. ولا يمكن للطبيب عموما أن يعرف أكثر من 4000 منتج مع أثمنتها. ولا يمكنه أن يتحرى عن ثمن دواء ونسبة تعويضه كلما أراد تحرير وصفة. يتعين إيجاد الحل لمشكل تعدد العلامات، والمنتجات والأثمنة من الأصل، من طرف السلطات المسؤولة ليتمكن الطبيب من تخصيص وقته لمعالجة مرضاه.
كم إن غياب بروتوكولات علاجية تحدد أنسب العلاجات لبعض الأمراض يؤدي إلى انحرافات في العلاج الذي يصفه بعض الأطباء، وتحدد هذه البروتوكولات في العديد من البلدان سلطات طبية مشهود لها بكفاءتها وحيادها واضعة بذلك حدا لمثل هذه الإنحرافات. وتشمل هذه الإنحرافات في المغرب على الخصوص الأمراض طويلة الأمد (السرطانات، والتهابات الكبد...) ويصف بعض الأطباء بشكل تلقائي الأدوية الغالية دون دليل على نفعها المريض وفي وجود بدائل أقل تكلفة وأكثر نجاعة. ويجري حاليا تحديد بروتوكولات علاجية لأهم الأمراض المزمنة.
يبدو لنا جليا أن أي استراتيجية تسعى إلى تخفيض ثمن الدواء بالمغرب يجب أن تركز بشكل خاص على دور الأطباء. وسنعود إلى ذلك في توصياتنا.
4 ـ دور الصيادلة
هناك في المغرب ما يناهز 10000 صيدلية، وبالمقارنة مع عدد السكان، فإن هذا الرقم هو ضعف نظيره التونسي. و تحقق الصيدليات رقم معاملات يفوق 11 مليار درهم سنويا (دون احتساب المنتجات الموازية)، وهو ما يعادل 1.1 مليون درهم للصيدلية الواحدة في السنة.
وقد ركزت هيئة فدرالية للصيادلة على الوضعية المالية الصعبة، والحرجة أحيانا، لعدد كبير من الصيدليات، هذه الوضعية لا تمكن الصيادلة من الانخراط في سياسة الأدوية الجنيسة الأقل ثمنا من أدوية العلامات التجارية.
يحدد هامش ربح الصيدلي كنسبة مئوية من ثمن البيع للعموم (30٪). وكمثال للتوضيح وانطلاقا من ثمن دواء أوميبرازول، 310 درهم، يحصل الصيدلي على 90.30 درهم، بما فيها الضريبة على القيمة المضافة. ومن ثمن نفس الدواء تحت علامة مختلفة بثمن 42 درهم، يحصل الصيدلي على 12.60 درهم. وليس من الصعب إذن، وخاصة بالنظر إلى وضعية عدد كبير من الصيادلة، ألا يوصوا بأقل العلامات ثمنا ويقومون بذلك أحيانا، عندما يلاحظون أن حالة المريض الاقتصادية لا تسمح بشراء أدوية غالية.
من وجهة نظر قانونية، لا يملك الصيادلة حق استبدال الدواء. ليس للصيدلي الحق في استبدال دواء ذي علامة غالية وصفه الطبيب بدواء أرخص، وعندما يكون المريض مستفيدا من تغطية صحية، لا يسمح بالتبديل ولو كان ذلك سيكلف المؤمن تكلفة أكبر. وعندما لا يستفيد المريض من تغطية صحية، يلجأ الصيادلة إلى تبديل الدواء، رغم ذلك، إذا كانت وضعية المريض المادية لا تسمح له باقتناء الدواء.
إن تعدد العلامات التجارية يجعل تدبير مخزون الصيدلي من الصعوبة بمكان. فليس من السهل على الصيدلي أن يحفظ ضمن مخزونه 137 شكلا وعلامة مختلفة للأموكسيلين، و 62 للأموكسيلين كلافولانيك: و 60 للبراستامول، و 53 لديكلوفيناك أو 34 للأوميبرازول.. وعادة ما يضطر الصيادلة الى الاحتفاظ بأشهر العلامات التجارية (التي غالبا ما تكون أغلاها) وعلامتين أو ثلاثة مختلفة (ليس دائما الأرخص).
في الظروف والبيئة الثقافية والاقتصادية والقانونية والتشريعية السائدة حاليا في المغرب، من الصعب أن يطلب من الصيدلي أن يصبح حليفا فاعلا في معركة تخفيض ثمن الدواء والترويج للأدوية الجنيسة كما هو الحال في بلدان أخرى. وعلى السلطات المسؤولة أن تتخذ إجراءات مناسبة لحل المشكل من جذوره.
5 ـ دور المرضى
يوجد المريض في قلب إشكالية ثمن الدواء بالمغرب. فهو الذي يتحمل في النهاية تكلفة اقتناء الدواء، بشكل مباشر أو غير مباشر (من خلال الانخراط والضرائب).
ويلاحظ أن تعامل المريض مع ثمن الدواء ليس تعاملا موحدا. وهو يتغير حسب وجود تغطية صحية أو عدمه، ومستواه الاقتصادي والاجتماعي، ومستوى معلوماته عن الدواء وثمنه. هناك بعض المرضى يثقون في الدواء الجنيس ويطلبونه، بينما يظل آخرون حذرين متأثرين بالحملات الإعلامية التي يقوم بها بعض المصنعين. ولكن أغلبهم غير واعون بأهمية بالإشكال المطروح.
وبصفة عامة، يسود لدى المرضى شعور بأن الولا يبدو أن التأمين الخاص يولي المسألة أهمية كبيرة رغم أن الأدوية تمثل أكثر من 400 مليون درهم من التعويضات السنوية، ويرجع ذلك ، حسب ما استخلصناه من جلسات الاستماع إلى ممثليه. إلى أنهم يلجأون في حال اختلال التوازن إلى الرفع من مساهمات المؤمنين (مقاولات ومأجورين).
والملاحظ أن الهيئات المدبرة لتأمين الصحة لا تساهم في مسطرة تحديد الثمن. وذلك بالرغم من أنها أكبر مشتري للأدوية بشكل مباشر أو غير مباشر.
وتعتبر نسبة التعويض أداة مهمة من أدوات الضغط على ثمن الأدوية نحو التخفيض. وأغلب البلدان التي نجحت في سياسة الأدوية الجنيسة وضعت نسب تعويض تعتمد على أرخص الأدوية الجنيسة ثمنا. وعلى المريض الذي يريد شراء دواء ذي علامة تجارية أن يتحمل فرق الثمن المهم.
والملاحظ في المغرب أن نسبة التعويض المعتمدة تشجع على استهلاك الأدوية المرتفعة الثمن ينص القانون المغربي على أن تعويض الأدوية يتم على أساس ثمن الدواء الجنيس. ولكنه لا يحدد أي ثمن واختارت الوكالة الوطنية للتأمين الصحي أن تصرف التعويضات على أساس الدواء الجنيس الأغلى. وهذا إجراء قد يكون مفهوما في البلدان حيث الفرق بين أثمنة الأدوية الجنيسة ضعيف. ولكنه غير مناسب لوضعية المغرب حيث فوارق الأثمنة في المغرب قد تصل الى 400٪. وهذا النظام إذا لا يشجع المصنعين على اقتراح أثمنة منخفضة ما دام التعويض يتم على أساس ثمن مرجعي أغلى.
في سنة 2008، حددت الوكالة الوطنية للتأمين الصحي أثمنة تعويض لبعض الأدوية المكلفة أغلى من الأثمنة التي يوفرها الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي نفس الأدوية لمؤمنيه وقد يكون هذا الإجراء ، في حال تطبيقه أثر كبير في رفع أثمنة عدة أدوية.
5 ـ هل يمكن خفض ثمن الأدوية؟
أثمنة الأدوية ليست قدرا محتوما يستحيل تغييره. وسواء كانت الأدوية مكلفة أم عادية، فقد أثبتت تجارب عديدة عبر العالم أن الإرادة السياسية، إن وجدت، قد تغير مستوى أثمنة الأدوية نحو الإنخفاض لكي تصبح في متناول كل شرائح المواطنين تقريبا.
وقبل أن تتقدم المهمة بتوصياتها، ارتأت من المفيد استعراض تجارب بعض البلدان التي نجحت في جعل الأدوية في متناول أكبر عدد من مواطنيها. ورغم أن ظروف هذه البلدان مختلفة عن السياق المغربي، ولكن توجهاتها تصلح لأن تكون مصدر إلهام لسياسة مغربية في هذا المجال.
التوصيات
تأسيسا على الخلاصات والتحاليل والتجارب المذكورة آنفا، صاغت المهمة مجموعة من التوصيات تهم الجانبين المؤسساتي والتدبيري مع مراعاة التمييز بين الأدوية العادية والأدوية المكلفة.
على المستوى المؤسساتي
1 ـ ضرورة وضع سياسة وطنية للدواء
2 ـ الفصل بين مهام الترخيص بالطرح في السوق والمراقبة، ومهمة تحديد أثمنة الدواء.
يمكن أن تبقى مهام الترخيص بالطرح في السوق والمراقبة من اختصاص وزارة الصحة، وأما مهمة تحديد الأثمنة فيجب أن توكل الى هيئة مختصة.
3. إنشاء لجنة مكلفة بتحديد أثمنة الأدوية والتعويض عنها
يجب أن تتوفر هذه اللجنة على وسائل بشرية ومادية ومالية مهمة، وعلى نظام معلومات وجميع بيانات ومرصد من مستوى عال. كما يجب أن تكون قادرة على أداء مهمتها بكل نزاهة واستقلالية بما يخدم مصالح المرضى.
ويجب أن تضم هذه اللجنة على الأقل:
* ممثلين عن والوزارات المكلفة بالصحة، والشؤون الاقتصادية والمالية
* ممثلين عن هيئات تدبير التأمين الصحي الاجباري: الوكالة الوطنية للتأمين الصحي، والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والهيئة المكلفة بنظام المساعدة الطبية.
* ممثلي الهيئات المهنية: هيئة الأطباء، وهيئة الصيادلة...
* ممثلا عن مجلس المنافسة.
ويمكن أن تستمع هذه اللجنة الى المعنيين بالأمر كمصنعي الأدوية إن اقتضى الأمر.
ويمكن للوكالة الوطنية للتأمين الصحي أو لوزارة الصحة أن تقوم مؤقتا بمهام كتابة اللجنة.
على المستوى الإجرائي
* على مستوى الأدوية العادية
4. وضع مسطرة جديدة لتحديد أثمنة الأدوية من طرف اللجنة المكلفة بتحديد أثمنة الأدوية.
يجب أن تشل المسطرة الجديدة قطيعة مع المسطرة السابقة وأن تعتمد على المبادئ الأساسية التالية:
* عدم الاعتماد على تكلفة تصنيع أو استيراد الدواء المصرح بها من طرف المصنعين كأساس لتحديد الثمن.
* عدم اعتماد مبدأ ثمن البلد الأصلي لتحديد الثمن بالمغرب.
* التخلي عن مبدأ تحديد ثمن الدواء الجنيس على نسبة مائوية من ثمن الدواء الأصلي.
* عدم التمييز بين مسطرتي تحديد ثمن الدواء الأصلي والجنيس بالنسبة للأدوية التي انقضت صلاحية براءة اختراعها.
* القيام بمقارنة منهجية مع البلدان التي نجحت في الحصول على أثمنة مخفضة (أدوية أصلية أو جنيسة)، والتي تتوفر أثمنتها للعموم: تونس، مصر، جنوب افريقيا، الأردن وبعض البلدان الأوروبية كذلك.
* القيام بمقارنة منهجية مع قواعد بيانات الأدوية الأساسية التي توفرها منظمة الصحة العالمية بانتظام وتضعها رهن إشارة العموم.
* القيام بمقارنة منهجية مع قواعد بيانات المواد الأولية التي توفرها المنظمة الصحية العالمية بانتظام وتضعها رهن إشارة العموم.
* اعتماد مفهوم الخدمة الطبية المقدمة لتحديد الثمن.
الأدوية العادية ـ سيناريو بديل
إذا لم تؤد هذه الإجراءات الى الخفض المنتظر في ثمن الدواء، يمكن التفكير في سيناريو بديل يهم على الخصوص الأدوية الأساسية.
تقوم السلطات العمومية عن طريق مسطرة عمومية شفافة، بالنسبة لكل دواء، بما يلي:
* اختيار أفضل علامة لكل دواء (من حيث الجودة والفعالية والثمن...)
* التفاوض على ثمن يطبق على كل قنوات البيع: المستشفيات والصيدليات الخاصة..
* لا تشتري المؤسسات العمومية إلا هذه العلامة، ولا تعوض مؤسسات التأمين الاجباري والمساعدة الطبية إلا عن هذه العلامة.
* تجدد هذه المسطر دوريا كل سنتين أو ثلاث سنوات.
هذا السيناريو هو الذي تنفذه نيوزيلندا وهو ما مكنها من الحصول على أثمنة أقل من أثمنة المغرب من مرتين الى 15 مرة.
على مستوى الأدوية المكلفة
13 . تطبيق مبدأ »الرخص الإجبارية« على الأدوية التي لا تزال تحت حماية براءة الاختراع
تطبيق هذا المبدأ لا يتعارض مع الاتفاقيات التي وقعها المغرب مع منظمة التجارة العالمية، واتفاقيات التبادل الحر (الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا).. انظر الملحق 2 و 3 ، وتنفيذا لذلك يجب وضع لائحة استعجالية للأدوية المكلفة وتطبيق مسطرة الرخصة الاجبارية بالاعتماد على تجربة صناديق التأمين عن المرض، ويمكن أن تشمل القائمة الأدوية الضرورية لعلاج أمراض السرطان، والتهاب الكبد س. وفي سنة 2010 ، يجب أن تكون أكثر من عشرة أدوية قد خضعت لنظام الترخيص الإجباري ومُصنعة محليا أو مستوردة إن اقتضى الحال.
هذا الإجراء وحده، سيمكن من تخفيض ثمن هذه الأدوية بنسبة قد تتجاوز 80٪.
14. التوقف الفوري عن التعويض من طرف نظام التأمين الصحي الإجباري، لكل دواء مكلف ويفوق ثمنه ثمن أرخص دواء جنيس بنسبة أكبر من 20٪.
لابد، بالموازاة مع هذا الإجراء، من تنظيم حملة إعلامية موجهة إلى الأطباء الاختصاصيين (وعددهم محدود) ومرضاهم لكي لا يتضرر المرضى من تطبيقه.
وهذا الإجراء كفيل بخفض تكلفة هذه الأدوية بنسبة تفوق 40٪.
15. الإسراع بنشر بروتوكولات علاج الأمراض المزمنة، والتي يعوض عنها نظام التأمين الصحي الإجباري (41 مرضا).
ومن المفروض أن يؤدي نشرها والتقيد بها في علاج الأمراض المزمنة الى تقلص تكاليف علاج هذه الأمراض مع ضمان حصول المرضى على العلاج المناسب.
16. إطلاق مسلسل تفاوضي شامل مع المزودين بالأدوية المكلفة وذلك بإشراك جميع المشترين، والآمرين بالشراء والمؤدين العموميين (وزارة الصحة، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي...).
ستكون حظوظ نجاح هذه المفاوضات أوفر وأثرها أكبر إذا تمت بعد تنفيذ التوصية المتعلقة بإصدار الرخص الإجبارية (التوصية 13) وكذلك التوصية المتعلقة بالتوقف عن تعويض الأدوية ذات الأثمنة المرتفعة (توصية 14).
17. توسيع الاستفادة من الأثمان التي تحصل عليها صيدلية الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي منها الى منخرطي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وإلى المستفيدين من نظام المساعدة الطبية وإلى الأشخاص غير المستفيدين من نظام المساعدة الطبية والى الأشخاص غير المستفيدين من أي تغطية صحية.
لعبت صيدلية الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي دورا محوريا في خفض أثمنة الأدوية المكلفة، وإن لم تشمل الاستفادة إلا منخرطي الصندوق. وأصبح من الضروري ومع آليات لتوسيع الاستفادة من هذه الأثمنة الى فئات أخرى من المرضى بتشاور مع مختلف المتدخلين المعنيين ، الخواص والعمومين وبالخصوص الصيادلة.
ويجب أن تكون هذه الآلية مؤقتة في انتظار وضع سياسة أثمان بديلة واستخلاص نتائجها، سياسة تسمح للمرضى بالاستفادة من أثمنة مماثلة لأثمنة الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي أو أقل منها.
18. احترام إرادة الأطباء والصيادلة وحقهم في عيش كريم من مهنتهم واتخاذ الاجراءات المناسبة تبعا لذلك.
ليس من المعقول أن يعيش هذا العدد الكبير من الصيادلة والأطباء في ظروف مادية هشة وعلى السلطات العمومية أن تقترح، بتشاور مع الهيئات الممثلة لهذه المهن، الحلول الكفيلة بتحسين الظروف الإنسانية والمهنية والمادية التي يزاول فيها هؤلاء مهنتهم.
19. تحسين نـظام التكوين المستمر لفائدة مهنيي قطاع الصحة: الأطباء، والصيادلة، والممرضون ، لدعم استقلاليتهم عن مصنعي الأدوية.
ويمكن تمويل نظام تكوين مستمر مستقل عن شركات الأدوية جزئيا عبر اقتطاع نسبة مائوية من ثمن الأدوية.
XI ـ ملحق: بنية أثمنة الأدوية
يتكون ثمن الدواء في المغرب من أربعة عناصر مهمة:
* المنتج: تكلفة الإنتاج + الترويج + هامش المنتج.
* الضرائب: إن الأدوية باهظة الثمن معفية من الضريبة على القيمة المضافة ولا تؤدى عنها إلا الرسوم الجمركية الدنيا، أي 5،2٪ في حالة استيراد المواد الأولية.
* البائع بالجملة: 10٪ من ثمن الصيدلي
* الصيدلية: 30٪ من ثمن البيع للعموم
1. تحدد الحكومة ثمن الدواء
يخضع نظام ثمن الأدوية في المغرب للقرارين الوزاريين للصحة العامة رقم 465 ـ 69 لسنة 1969 كما تم تعديله ويحدد القرار الأول طريقة حساب أثمنة الأدوية المصنعة، والمعبئة، والمخزنة، والتي تباع في المغرب، أما بالنسبة للقرار الثاني، فإنه يهتم بالأدوية المستوردة والمخصصة للبيع محليا.
ومازالت هذه البنية سارية المفعول في الوقت الراهن على الرغم من تصريحات السلطات العامة المقتضية الداعية لضرورة مراجعة هذه البنية وإنشاء لجنة تنكب على دراسة هذا الموضوع.
2. ثمن المصنع الأدوية المُصنعة بالمغرب
حسب قرار 1969 ، يتم حساب ثمن المنتج كالتالي:
* ثمن المنتج 1 = تكاليف الإنتاج المباشرة + التكاليف غير المباشرة التي يتم حسابها اعتمادا على الانجاز المالي السابق + هامش المنتج 2،9٪.
* ثمن المنتج 2 = ثمن المنتج 1 + 8٪ خلال السنتين الأوليين إذا كان الدواء جديدا.
* ثمن المنتج 3 = ثمن المنتج 1 + 10٪ إن تم تصنيع الدواء بناء على رخصة
* ثمن التفويت = ثمن المنتج (1 أو 2 أو 3) + الضرائب على المنتجات والخدمات 8٪.
تبدو طريقة حساب ثمن المنتج معقدة ومتجاورة، ويأخذ ثمن المنتج بعين الاعتبار التحليل الذي يعتمد على الانجازات المالية السابقة، وذلك في الوقت الذي يمكن فيه الوصول الى المعلومة في الوقت الحقيقي وكذلك في الوقت الذي يجب أن تكون فيه معاملات التكيف دقيقة جدا.
لا تفصل طريقة الحساب ثمن الانتاج عن التكاليف التسويقية والتجارية، وهي تكاليف مرتفعة إذ أنها تعد ثاني أهم عنصر، أي قبل حتى البحث والتطوير في ثمن تكلفة المنتجين.
3. ثمن المصنع الدواء المستورد:
عند استيراد المنتجات الصيدلانية، يتم حساب ثمن شراء المنتج على النحو التالي:
»يتم حساب ثمن FOB انطلاقا من ثمن البيع المعمول به في البلد الاصلي على الأكثر + ثمن الصرف).
+ تكاليف الخدمة بالنسبة للمنتج: 3 دراهم للكيلو الصافي
+ المعامل المتراوح بين 832.1 و 90.2 وذلك حسب الرسوم الجمركية
+ تبلغ عمولة الوكيلا المستورد 20٪ على الأقل.
ليس هناك توافق بين النظام المرجعي لثمن المنتج المستورد وواقع السوق الحرة التي تقصي بإمكانية البحث عن نفس المنتج الواحد في أسواق مختلفة، وكذلك بوجود قائمة دولية موحدة للأدوية.
ولا يجب أن تبقى تكاليف الخدمة ثابتة بل يجب مراجعتها بصفة منتظمة وفقا للمعايير الدولية. كما يجب أن تحدد أساس حساب الكيلو الصافي من المنتج سواء بالغلاف أو من دونه.
إن المعامل حسب الرسوم الجمركية قديم لأن الرسوم الجمركية المفروضة على الأدوية لا تتجاوز في الوقت الراهن 5.2٪ المواد الأولية.
تعتبر عمولة الوكيل المكلف بالاستيراد غير واضحة وتبدو مبالغا فيها وغير منطقية.
4. هامش التوزيع
* هامش الصيدلي = 30٪ من الثمن العمومي
* هامش بائع الجملة = 10٪ من ثمن الصيدلي أي 7٪ من ثمن البيع للعموم
* لا يتعدى هذا الهامش 5٪ في حالة البيع في المستشفيات
5. ظروف أخرى:
التخزين:
يجب على المنتجين ووكلاء الاستيراد تأمين مخزون لمدة ثلاثة أشهر على الأقل.
لا تتضمن القرارات التي تنظم هذا النشاط شروط تحويل المخزون
6. مراجعة الأثمنة.
يلزم القانون بضرورة إبقاء نفس الثمن عند البيع لمدة ثلاثة أشهر بالنسبة للمنتجات المستوردة، وبعد انقضاء هذه المدة، تجري المراجعة في ظل نفس هذه الظروف = ثمن FOB للدولة الاصلية على الأكثر ثمن الصرف بالنسبة للشهر السابق * المعامل / الرسوم الجمركية.
كل زيادة تتعدى 5٪ يجب أن تخضع لموافقة وزارة الصحة.
النص غير واضح بخصوص مراجعة الأثمنة لأنه لا ينص على تاريخ ثمن FOB عند المراجعة. أضف إلى ذلك، غياب أية إشارة إلى مراجعة أثمنة المنتجات المصنعة محليا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.