عشقت السينما الهندية بجنون منذ صغر سنها, شدتها الاستعراضات المبهجة وفسحة العين في الأزياء والألوان والأضواء... فقررت هذه الشابة المغربية باكرا شد الرحال إلى شبه القارة الهندية, إلى حيث النبع لترتوي من معين الفن السابع وتصقل موهبتها الواعدة, في أفق حفر إسم لامع في عالم الشاشة الكبرى.لم تقو العائلة على ثني إيمان قرواش عن مطاردة حلمها في هذه الأرض القصية, بل زادها ذلك إصرارا على ركوب أمواج التحدي, متسلحة بإيمانها بموهبتها, فانتقلت للعيش في الهند عام 2001 وتحديدا في مومباي عاصمة الصناعة السينمائية الهندية, حيث يكبر حلمها في تدشين مسار فني فريد ومغاير للفنانات اللواتي سبقنها واخترن الهجرة نحو بلدان عربية للإعلان عن انطلاقتهن الفنية. لم تكن الطريق مفروشة بالورود, تقول إيمان في بنيودلهي, بل كانت البداية صعبة للغاية, فقد اصطدم الحلم بواقع مجتمعي عنيد ومختلف, لم تكن ببراءتها وطموحها تتوقعه. غير أن اختلاف العادات والتقاليد واللغة والفكر, إلى جانب غياب مدخول قار يعيلها على غائلة الزمن, لم يثبط عزيمتها في السعي إلى تحقيق الحلم القريب البعيد. قررت إيمان, إبنة التسعة وعشرين ربيعا, دراسة اللغتين الإنجليزية والهندية لمدة سنتين لتسهيل عملية التواصل مع المجتمع الهندي, ثم درست التمثيل في معهد "أشا شاندرا", وهو أحد أشهر معاهد السينما في مومباي والذي تخرج منه العديد من نجوم السينما الهندية من أمثال ريشي كبور وأكشاي كومان وساني ديول ومنصور خان وآخرين. وتخرجت إيمان من هذا المعهد السينمائي عام 2003 بعد أن احتلت الرتبة الأولى في دفعتها, وهو ما عبد الطريق أمامها لتلقي عروض سينمائية من مخرجين آمنوا بتفتق موهبتها, إيذانا بانطلاقة مشوراها الفني. تؤمن إيمان أن الحدود تذوب أمام اللغة الكونية للفن, لذلك لم تجد أدنى صعوبة في التأقلم مع الفنانين والمخرجين السينمائيين الهنود الذين لمست فيهم "تقديس الموهبة". فكانت البداية في فيلم "الهروب من طالبان" للمخرج إيجال شاتيرجي, الذي أدت فيه دور فتاة مسلمة تريد الانعتاق من قيود الأسرة. وقد فتح هذا الفيلم لها أبواب التألق, إذ انهالت عليها العروض السينمائية والتلفزيونية كان أهمها شريط "طوبلس" عام 2005. معظم الأفلام الهندية, تقول إيمان, ميلودرامية تُخرج قصصها المشاهد من عالمه الضيق إلى رحاب عالم جذاب مليء بالألوان والرقص والموسيقى. وبما أن الغناء والرقص ميزة تتتفرد بها سينما بوليود, فقد وعت الممثلة المغربية سريعا حاجتها إلى تطوير موهبتها في الرقص, وبالفعل تلقت دروسا في الرقص الكلاسيكي حتى تكون في مستوى النجمات الهنديات. علاقة إيمان بالسينما المغربية محتشمة للغاية, لا يتجاوز رصيدها فيلم تلفزيوني مع الفنان سعيد الناصري يحمل عنوان "رجل للكراء" والذي صورته العام الماضي. كما أن هناك مشروعا مع الفنان ذاته لإسناد دور لها في أحد مسلسلات "سيت كوم" التلفزيونية. ولا تقف موهبة إيمان عند حدود التمثيل , فقد انتهت من كتابة سيناريو فيلم مغربي, وتسعى حاليا لولوج معهد للإخراج السينمائي. للبعد ثمن, وللاغتراب لوعة تحفر عميقا في النفس, غير أن النجاح في مجتمع هندي يعد بالنسبة لإيمان خير بلسم لمشاعر الحنين إلى الوطن والأم التي ترفع أكفها دعاء لابنتها الطموحة.