بقلم: حميد طولست من منا لم يكن في يوم من الأيام عرضة لنصب أو احتيال؟؟ فليس غريبا أن يتعرض أحدنا لخديعة ماكر أو محتال . لكن الأغرب هو أن نخدع باسم الوطن والدين ، والأكثر غرابة هو أن نألف الخديعة ونتعود عليها - كالفراشة تعلم أن نور المصباح حارق ومع ذلك تنجذب إليه طائعة- فنراكم الخدعة فوق الخدعة مستطيبين لذغاتها مرات ومرات، ونحن نردد الحديث النبوي البليغ ( لا يلذغ الؤمن من جحر مرتين). وكثيرا ما سمعنا ونسمع عبارة "القانون لا يحمي المغفلين" فمن هم هؤلاء الذين يحميهم هذا القانون، ولمن وضعت القوانين؟ ومن يضعها؟ الاذكياء والعباقرة طبعا. فتكفيهم صفة الذكاء، وميزة العبقرة كحصن متين يقيهم شرور السدج والمغفلين الذين لا حامي لهم من مصائب هذه الحياة المليئة بالذئاب حتى يعيشوا فيها بسلام ولا يكونوا دائما مطمعا للدهاة الماكرين؟ القانون من وضع العباقرة "العايقين" أصحاب النفود والمواقع التسلطية، الذين يجبروننا نحن" لكوانب" على أن نلزم أنفسنا ببنوده فلا نبرحها، شئنا ذلك أم لا، لأننا لو خالفناه تعرضنا لشرور عقوباته(القانون) التي لا تحمي المغفلين، بل يجعلهم فريسة لتعسف الأذكياء وتسلط الأقوياء "القافزين" الماكرين، باسم ما وضعوا لذلك من تشريعات ونصوص. عبث لن ينتهي إلا بموت قوانين النخب والأذعيان، فهل حانت ساعتهم؟؟؟؟ لا وألف لا، بل ستظل العلاقات الصادقة دائما هي الضمانة الوحيدة لإيقاف إنهيار وتفكك عرى الروابط الإنسانية بين الناس في مجتمعنا الحديث، والعلامة الدالة على مدى نقاء العلاقة ومتانتها. فالواحد منا بمفرده لا يعدو أن يكون مجرد خيط من خيوط نسيج هذا المجتمع الكبير، والذي لابد له إن هو أراد الإستمرار الآمن، أن يتصل ويتواصل وتتشابك خيوطه، ويتمازج مع الناس في ذات الحزن، وذات الحب داخل ذات الحيز، "بلا ما تشمتني ولا ما أشمتك" لإننا جميعا نحفظ وعن ظهر قلب المثل المأثور الذي يقول "قالو شمتك قالو عرفتك"؛ و "عرفتك" هذه تحمل في طياتها وعيدا خطيرا، وتهديدا عظيما بالإنتقام المدمر من المجتمع ككل ، وليس من الماكر الخداع باسم القانون. فحينما تغفو الأحلام و تتبدد الألوان، ويصحو "المشموت" من شهد التمني السحري الذي أدخله إلى عالمه "المرشح العايق"، فينصعق لإصطدام صورتين متناقضتين ( ملاك /شيطان) وتداخلهما في تصور الناخب "التايق"، وتضيق به الدوائر حتى يسقط في غيبوبة تستفيق منها بروحه بإحساس فضيع بالغربة، يحاصره القلق الوجودي، ويضرب في صحاري الإكتئاب، و يعيش الغربة وهو في بيته و بين أهله وعلى أرضه ...فما أشنع ذلك الإحساس وما أبشعه، ينهش الأعماق ويحطم العقول وينتهي بالأفداد إلى مصحات المجتنين المعتمة. فأين المفر من هذه السلوكات المتعارف عليها بيننا على أنها قانونية، حيث يسطو الأذكياء العايقين ويغتصبون حلم الإنسان في أن يكون مواطنا صالحا، وإبنا بارا لوطنه ويستغلون نفوره من قوانينهم التي تكافئ "الماكر" على تأقلمه مع أي وضعية، والمرشح الذي ينفق من رصيده الكيدي بلا هوادة، لإنه رصيد وثروة لا علاقة لها بالصدق والمعقول، معتمدا المقولة المأثورة "اللي بلاش كثر منه" فيألف المجلدات، ويقعد الأطروحات الاقتصادية النهضوية العملاقة الكاذبة و "يجيب لك الجنة على ظهور الجمال" ثم يتخلى على كل المشاريع بمجرد الجلوس على كرسي دوار في مجلس جماعة، أو على أريئكة مريحة بقاعة البرلمان. وهذه سلوكات كفيلة بأن تبعث حالة اليأس والإحباط في نفوس الغالبية العظمى من المواطنين وتنفرهم من كل عمل سياسي مرتبط بالإنتخابات ووعودها الكاذبة، وغدا سيعلم مزوري الانتخابات أن الناخب المغربي يعرف متى يعاقب كل كذاب به مستهين، وإن غدا لممتهني الإنتخابات لقريب.