بعد عدة ضربات بالمزود الرطب الذي بداخله " تيمومة" أو " دكاكة مهراز"، بات المغاربة يحسون اخيرا بألم الكدمات التي يتركها ذلك المزود، كما أصبحوا جميعا يفهمون معنى "ما حاس بالمزود غير المضروب به". يتعلق الأمر بالفساد الانتخابي الذي يعتبر المواطن هو المسؤول الأول والأخير عن استفحاله وعن تداعياته. ذلك ما سنحاول توضيحه من خلال هذا النقد الكاريكاتوري لواقعنا المعاش. والذي لا نقصد به الإساءة إلى شخص معين أو هيئة معينة، أو إلى التشكيك في جدوى العملية الانتخابية، بل نريد من خلاله تسليط الضوء على بعض المشاهد المألوفة والغير اللائقة، آملين أن تندثر من بلادنا كما اندثر الطاعون والجدري.وكشاهد عيان لم يحس بضربات "المزود" إلا مؤخرا، فسوف اكتفي بإلقاء اللوم على المواطنين أمثالي الذين أحسوا ولكنهم لم يهتدوا بعد إلى مصدر الضربات نظرا للظلام الحالك (ما عارفين الدق منين جاي). وكبداية، سألخص طامتنا في كوننا نسيء استعمال أصواتنا أو "رخص الاقتراع " تماما كما نفعل برخص السياقة، فتكون العواقب وخيمة على التنمية حيث تكثر الحوادث الاجتماعية التي يسقط فيها بين الجريح والقتيل ويعاني من تبعاتها أسر وأجيال تماما كما بالنسبة لحوادث السير، مع فارق بسيط وهو وجود التأمين في الحالة الأخيرة, وغيابه في الحالة الأولى: إذا أسأت الاختيار فكأنما صدمك قطار.فلا تحاول تحميل المسؤولية إلى حالة الطريق أو الحالة الميكانيكية للسيارة أو أحوال الطقس, فما دمت تعرف أن "الحالة ضعيفة " و"زايدها الجفاف", والحمد لله أنه ليس الإعصار, فلا تزد الأمور تعقيدا بسلوكك السلبي الذي يكرس ثقافة العدمية ويشجع ويفتح شهية المشككين في قدرة المغاربة على تسيير شؤونهم بطرق ديمقراطية. كما يسيل لعاب الذئاب الجائعة والكلاب الضالة التي تجد الساحة خاوية فيسهل عليها اختراق الهيئة المنتخبة. ألا تذكرون مقولة أجدادنا: " البلاد الخالية، يديرو فيها الدياب كطاطي".إن النعاس، غياب الوعي أو عدم الرغبة في الوعي، التهور وانعدام الضمير هي الأسباب الرئيسية للحوادث. فكم من قوم هم أسوأ منا حظا, لكنهم استطاعوا الوصول بسلام ولو في "البيست" و"غير بالبشكالط" وتحت رحمة الزلازل والأعاصير. وذلك لأنهم أرادوا الوصول. إن لم تحضر في وقت السفر فلن تقبل منك شكاية فاعلم أنه عندما تخرج لك مجموعة من صناديق الاقتراع, فإنها تملك بقوة القانون, وكالة عامة باسم كل مغربي. نعم "وكالة عامة", بمعنى أنها تنوب عنك في كل كبيرة وصغيرة, ومخول لها أن تفعل كل شيء باسمك, ويمكنها مثلا بيع أرضك أو بيعك "حتا نتا كاع", أو تطليق زوجتك أو التوقيع على إعدامك. وان حاولت الاعتراض على شيء لم يعجبك, تقرأ عليك تلك العبارة التي كانت تكتب في تذاكر الحافلات "إن لم تحضر في وقت السفر فلن تقبل منك شكاية"، هذا إن لم تقرا عليك سورة ياسين. ويقصد بوقت السفر، في تلك الجملة التي لم تترجم جيدا من الفرنسية, موعد انطلاق الحافلة. إننا نحضر يوم الاقتراع, لكن فقط بأجسادنا بعد أن بعنا ضمائرنا وطمست عقولنا كثرة "الكساكيس". ونفس الحكم يطبق على الذين لا يأتون للاقتراع. فاحضروا "وحضروا عقولكم" يرحمكم الله. لا عذر اليوم لمن لم يحضر، فلقد أصبحنا نرى ونسمع كل يوم في وصلات اشهارية لا سابق لها، وكأنهم "يبرحون": " دابا 2007، اعباد الله، راه دابا دابا كار 2007 غادي يزيد".فلتحضروا، فان الأمور اليوم قد تعقدت. لقد أصبحوا يستعملون الطائرة عوض الحافلة. إنهم يفضلون استعمال الطائرة حتى لا يلحق بهم أحد لإزعاجهم هنالك حيث ينعمون بسكون السماء بعد إطفاء هواتفهم.فسارعوا إلى انتقاء من ينوب عنك قبل إقلاع الطائرة التي ستدوم رحلتها خمس سنوات. اختاروا من لا يكتم هاتفه ومن يلتزم بأمانته ومن تستطيعون محاسبته. الانتخابات مناسبة للاحتفالات ووسيلة للكسب بعد أن تكلمنا عن الخطر الذي يتركه لنا النصف الذي لا يصوت, دعونا نتفقد أجواء الانتخابات عند نصف المغرب الذي يعيش في البادية, والذي له تأثير مباشر على نتائج الحكومات سواء عند انتخابها أو عند إعلان حصيلتها.وحتى لا نكثر على إخواننا البدويين، فإن أشقائهم في الأوساط الهشة بالمدن ليسوا أحسن حالا. فنفس القاعدة تجري على الجميع، ولا يفلت منها سوى النخبة المثقفة التي يدخل معظمها في عداد من لا يحضرون وقت السفر.وبما أن الجمود يسود على الحركة في بوادينا, فاٍن سكانها يتحينون كل فرصة تمكنهم من كسر الصمت والسكون. فمنها ما هو أسبوعي كالسوق, ومنها ما هو مناسبتي كالأعياد والأعراس و"الهديات", ومنها ما هو سنوي كالمواسم. لكنهم لا يكرهون المزيد, إذ يجدون في الانتخابات فرصة كبيرة للاحتفال والنشاط. حيث تفتح الجيوب والقنينات, وتكثر الهدايا والذبائح والقربان, وتتعدد الاحتفالات و"العراضات", كما تفتح أبواب "الديور الكبيرة" والسيارات الفخمة, وتنبسط لهم أسارير "السادة الكرام" ويتمكنون من رؤية وجوههم المضيئة. العشر الاواخر... إنها بكل اختصار العشر الأواخر من الدورة النيابية حيث يهبط ذوو القباب البيضاء إلى الأرض السفلى (يخرجون من مكاتبهم ويترجلون من سياراتهم), ويظلون النهار ويبيتون الليل (هواتفهم مفتوحة) وهم ينادون: أسرعوا يا سكان المعمور هل من سائل فنجيبه؟ وهل من مشكل فنحله؟ فيكونون بذلك أقرب إلى الإنسان من الجيب العلوي الأيسر لمعطفه. خير من ألف شهر... وكيف لهم أن يناموا وهم وحدهم يدركون أن دخلة واحدة إلى القبة خير من ألف شهر:تعويض شهري بمقدار ثلاثين ألف درهم لمدة خمس سنوات + سبعة آلاف درهما للتقاعد اكبر بكثير من أجرة ألف شهر من الحد الأدنى للأجور: 12x(30000x5+7000 x X) 1000 x SMIG . ناهيك عن الحصانة والإعفاءات والصفقات والنفوذ إلى غير ذلك من امتيازات ابتدعوها ما كتبها الشعب لهم, وما تمتع بمثلها قبلهم إلا الفراعنة. مهن الانتخابات وأمام حدة المنافسة وكبر الغنيمة, فان السادة الكرام لا يقتصرون على الكرم فحسب, بل يجتهدون في طرق جلب الأصوات. فتظهر عدة وظائف جديدة خاصة بموسم الانتخابات من أهمها:- الحياحة أو عبيدات الرمى: ينتشرون في الأمصار بين الأحجار والأشجار ويصدرون أصواتا ونباحا لتجميع الوحش (كما يرونه) وتوجيهه نحو البنادق.- الشناقة والبرغازة: ينتشرون في الأسواق ويشترون رؤوس الأغنام (كما يرونها) ويجمعونهم واحدا واحدا بأقل ثمن ممكن لكي يربط من قرنيه أو "يكرن" مع الآخرين في حبل طويل. حتى ما إذا اجتمع النصاب سيقوا إلى سوق أكبر كي يباعوا جملة بربح وفير.- أصحاب الخردة أو (قراعي للبيع): قاعدة ربحهم أن يأخذوا منك بثمن بخس كل شيء تهمله ولا تقدر قيمتة. - أهل "الجذبة" والطبالة والغياطة: يكثرون من الكلام واللغط والضوضاء الذي يطمس مسامع الناس ويشتت انتباههم فيفقدهم قدرة التمييز بين الصالح والطالح.- الدجالون: يبالغون في الوعود والأكاذيب.- المشعوذون: يدعون أنهم قادرون على حل المشاكل المستحيلة. لعبة الديك رغم حشره لهؤلاء الأصناف المصنفة من المعاونين الذين يمهدون له الطريق، فلا بد للمرشح أن ينزل بنفسه إلى الساحة لمواجهة الجمهور. وهنا تبدأ المعاناة: ماذا سيقول لهم؟ فهم لا يحتاجون إلى أقوال ووعود. بل يؤمنون بالملموس واللحظي: "دابا، دابا". فانتشار الأمية بالبادية يزيد من صعوبة تأطير المواطنين والتواصل معهم. فلا جدوى من محاولة إعطاء دروس في الممارسة الديمقراطية ودور المنتخبين, وأهمية التصويت على البرنامج وليس على الشخص إلى غير ذلك. فان حاول أحدهم فعل ذلك, فلن يجمع صوتا واحدا. فسوف يقولون "هذا إما ما فيدوش, وإما باغي يقولبنا". فعدم الثقة عند أهل البادية, تعنى "قرصة من الفكرون ولا يمشي فالت".فا "العروبية مطورين" أنهم يمتازون عن أهل المدن بالحكم التي يأخذونها بكل هدوء من الطبيعة. فما يحاول المرشح فعله بهم كل خمس سنوات, هم يفعلونه كل أسبوع مع ديوكهم. إن للديك جهاز إنذار مبكر, يعتمد على ملاحظة التغيرات المفاجئة في محيطه. انه فائق الحس, فهو عندما يشعر بتغيير مفاجيء في محيطه مهما تناهى في الصغر, يصدر " تعييقة" أو "يعيق" كما تعودنا على القول. مثلا عند الفجر, قبل العاصفة, قبل الزلزال..., ويكتفي بإصدار أصوات صغيرة مثل "قع قع قع" عند مرور طائرة في الأجواء العليا أو رؤية ثعبان, وكذلك عندما ينادونه فجأة إلى تناول بعض حبات الذرة. وكأنه يقول "هادو آش باغين عاودتاني" ويقول كذلك بالفصحى: ما بال قومي يتقربون إلي فجأة بحبيبات الذرة. ما هذا الكرم المفاجيء؟ لابد أن هناك خطب ما؟ فيتقدم بعد ذلك بكل حذر لينقب أكبر عدد من الحبات في أقل وقت ممكن ثم يفر بريشه بعيدا قبل أن تهم أي يد بإمساكه. ولي كامل اليقين, أنهم ما أمسكوا يوما بديك مغفل, بل بديك مغامر, حاول النيل منهم فكتبت له الشهادة بعد أن تغلبت قوائم الفتى على قوائمه.وقد يقول قائل "على هاذ الحساب, اللي عول على البادية ما عمرو ينجح". ومع ذلك فهم ينجحون. كيف؟ : إن المرشحين بالبادية الذين ينجحون غالبا ما يكونون من أبناء البادية. وهم بلا شك أذكى وأعيق من الديك. إنهم يأتونهم بياتا ويجمعونهم في "الخناشي" قبل أن يستيقظوا, عملا بالوصية التي تقول: "دجاج السوق يبات مكثف".فبالإضافة إلى ذلك, فاليوم ولله الحمد, الدجاج الأبيض متوفر بكثرة, فلا حاجة لهم بالدجاج البري الذي يفر ويصيح " ويفضح الدنيا بالغوث". جعل الله البركة في الدجاج الأبيض الذي تقول له اتبعني لأذبحك, فيتبعك. وقد يتبعك حتى من دون دعوة. فيتبع ظلك وهو "مستوه" لا يعرف أين يتجه, كلما أحس بأحد قربه ظنها أمه قد أتت, فالمسكين كبر من دون أم.وغالبا ما يتبادل المرشحون مع الناخبين الأدوار في لعبة الديك. فيلعب الناخب دور الديك قبل الانتخابات: ينقب ويهرب. وبعد الانتخابات فان المنتخب هو من يلعب دور الديك فهو يهرب قبل الإمساك به: يصبح مثل "الزواق". فرسان القمر وإذا كان هناك صنف من المرشحين يتعب نفسه بممارسة لعبة الديك، فان هناك صنف آخر قد ابتكر لعبة سهلة، لا تكلف جهدا، إذ تخضع لأحد مبادئ الفيزياء الذي يسمى "مبدأ اقل المجهودات". كأن يتخذ المنتخب وضعية الأفعى التي تنتصب في حر الصحراء كغصن شجرة, حتى إذا جاء طائر مرهق ليحط فوقها ابتلعته، أو استراتيجية "فرسان الكمرة".ولكي نفهم هذا النموذج الأخير, دعونا نكتشف قصة هؤلاء الفرسان الأذكياء: يحكى أن إحدى القبائل بعبدة، كانوا إذا أرادوا الاحتفال بالأعراس, انتظروا الليالي المقمرة. فكانوا يهيئون كل شيء خلال النهار, وينتظرون طلوع "الكمرة" ( الكمرة أو القمرة هي البدر المكتمل) بعد مغرب الشمس ليبذؤا الاحتفال. وخلال إحدى الاحتفالات وبينما قاطبة سكان القبيلة ينتظرون على أحر من الجمر انطلاق "الفراجة", تأخرت "الكمرة". ولإنقاذ الموقف, وخوفا من إفشال العرس, تطوع مجموعة من الفرسان للذهاب خلف الهضاب، التي اعتادت السيدة الكمرة الطلوع من خلفها، لمعرفة سبب التأخر. فركضت الأفراس مسرعة نحو المشرق تتبعها كلاب الصيد المدربة, وما هي إلا دقائق حتى رجع الفرسان والكمرة تتبعهم, وتعالت الأصوات بالهتاف والزغاريد للفرسان الذين "جابوا الكمرة".إن النموذج الأخير بدا واضحا الآن, انه نموذج المنتخب الذي يتبنى عملا لم يقم به ولا دخل له فيه. كأن يتبنى مشروع مد العالم القروي بالماء الصالح للشرب أو بعض مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.ومع صعوبة تتبع الناخب للمنتخب وسط الشعاب الإدارية, فغالبا ما يستغل بعض المنتخبين تلك الظلمة وحاجة الناس إلى النور, تماما كفرسان القمر, لكي يتبنوا أعمالا لم يبدلوا فيها مجهودا وتكاد تكون من صنع الطبيعة.وغالبا ما ينساق الناخب وراء الخدعة البسيطة التي لا تزيد عن الذهاب وراء الهضبة والإياب أمام القمر لكي ينسب للفرسان عناء الإتيان بالقمر.ولعل عملية "الذهاب والإياب" أو "الغدو والرواح " أو "الحركة الانتخابية" التي تجعل من المنتخب منتخبا هي من أعطته مصداقية تبني كل ما يحدث في عهده من عمل صالح رغم قلته.ويبدو أن عدد كبير من المنتخبين قد فطنوا جيدا لحركة الغدو والرواح وما فيها من بركة فتوكلوا على جرأتهم وغفلة الناخبين فأصبحوا كالطير تغدو خماصا وتروح بطانا. لعنة حمو القرد وفي الحقيقة لو عول المغرب على مثل هؤلاء، ونحن من ينتخبهم، لرجعنا إلى عهد المجاعة والطاعون، ولما وجد أحدهم حينذاك من يدلي له بصوت.فحمو القايد مثلا وهو قائد عاش بين عبدة ودكالة أيام السيبة كان يفتخر بجيشه الكبير الذي كان قد جمعه للهجوم على السلطان والاستيلاء على الحكم، لكنه فوجيء يوما بالطاعون ومات كل جيشه بين عشية وضحاها، وبقي حمو وحده يتحسر ولم تكتمل نيته الخبيثة. فرأى الناس في ذلك لعنة، ولقبوه ب "حمو القرد" عوض "حمو القايد" ثم جعلوا منه مضربا للأمثال أو رمزا لكل شيء لم يكتمل، كأن يقال مثلا " واش غادين نعولو على حمو القرد": وذلك عندما يتم التهاون والتكاسل في أداء مهمة، أو " سير عند حمو القرد": على وزن " اذهب إلى الجحيم". وذلك للإشارة إلى غرض لن يقضى. فأرسلوهم إلى حمو القرد قبل أن يرسلوكم إليه. الجهل الكبير بدور البرلماني وأشكال شتى لبيع الذمم إن هذه الطبيعة الموسمية للتواصل مع الناس وعدم بذل الجهد لتأطير المواطنين وتوعيتهم بعيدا عن موسم الانتخابات، جعل نظرة المواطن للبرلماني على وجه الخصوص وللمنتخب بصفة عامة سوداوية. البرلماني "مولاي عبد القادر الجيلالي":وها هو المنتخب يؤدي اليوم ثمن تفريطه. فبالإضافة إلى النظرة السلبية وصعوبة التواصل مع عامة الناس، فان الذين يقبلون التعامل معه يجهلون مهمته كل الجهل، وغالبا ما يحرجونه بطلبات خارجة عن إرادته، لكنه مع ذلك فانه "يتجبد" ذات اليمين وذات الشمال لتلبيتها، حتى لا يشك الناس في قدراته وكأنه "مولاي عبد القادر الجيلالي". كأن يناديه أحدهم في منتصف الليل لنجدة أحد أبنائه الذي لسعته عقرب أو اللحاق بابنهم الذي احتجزه الدرك الملكي على اثر شجار بالمعاول على "الزون" أو طلب تشغيل أحد الأبناء بالجماعة، ومنهم من يكتفي بطلب القفة يوم السوق الأسبوعي إلى غير ذلك من المشاكل اليومية التي يجبر عليها ذلك المنتخب المسكين على الدخول فيها و إلا فان شعبيته ستسقط إلى الأبد. البرلماني "الفزاعة":وكثيرا ما يظلمه حتى من يفترض فيهم أنهم مثقفون. إذ يستعملونه أحيانا كفزاعة: فان كان الغرض من وراء تلك الفزاعة هو إبعاد الطيور الطفيلية، بمعنى حفظ الحقوق المشروعة، وتذكير المتجاوزين بحدود دولة الحق والقانون، فدلك شيء مستحب. أما إن كان الغرض من وراءها هو رعب الموظفين، وممارسة رياضة القفز على القوانين، من أجل السطو على حقوق الآخرين، فذلك يصنف في خانة الإرهاب، ويجري عليه ما يجري على الإرهاب من قواعد وأحكام. بيع الذمم لا يكون فقط باستعمال المال:وكثيرا ما تجد من الديوك أو " العايقين" من يقول لك بصراحة وأنانية: " أنا كنقلب على مصلحتي ". ويعني بذلك مصالحه الشخصية. إن شراء الذمم لا يكون بالدراهم فحسب ولكن أيضا بقضاء المصالح الشخصية على حساب مصالح الآخرين.فكيف تريدون من منتخب أنهكتموه بالمطالب الشخصية أن ينوب عن مصلحتكم العامة ويأتي بنتائج ايجابية؟ تصوروا أن هذا النائب نجح بعشرة آلاف صوت مثلا, فإذا أراد قضاء مصلحة شخصية واحدة لكل فرد صوت عليه, فانه سيقضي كل عمره في قضاء الحاجات ولو كانت بسيطة. فلا تلوموه إن "سلت" عنكم مباشرة بعد نهاية الاقتراع. فلقد ذهب لينعم بقسط من الراحة بعد أن "باع وشرى معاكم".ولا تعاتبوه أيضا إن اختصر دخوله إلى البرلمان في النوم والأكل والشرب و"قضاء حاجته" في ألامان. ضرورة تغيير النظرة تجاه المنتخب أيها الناخبون, اهتموا بالحالة الصحية لنوابكم, ولا ترهقوهم بالطلبات الشخصية, حتى لا يذهبوا منهكين للجلسات, وينامون هناك. اتركوهم متيقظين حتى يركزوا أثناء أشغال تلك الجلسات, وحتى لا ينتقموا منا بان يتركوا مرور بعض القوانين التي تكسر الأضلع. اتركوهم يحبوننا ويشفقون علينا كي يصوتوا لنا على قوانين جميلة. تاسيس جمعية منتخبي العالم القروي ونظرا لأهمية العالم القروي في المعادلة التنموية والاجتماعية والجغرافية، ونظرا للخصوصيات التي يتميز بها تسيير الشأن العام في ذلك "المغرب الحقيقي"، ونظرا للحالة المأساوية التي تعيشها جل القرى المغربية، وفي أفق تحقيق توازن بين الإنسان القروي والإنسان الحضري، فقد آن الأوان لتأسيس جمعية تضم منتخبي العالم القروي وتهدف إلى تبادل التجارب وتدارس سبل إرساء ثقافة الديموقراطية بالعالم القروي, وكذا الدفاع عن حقوقهم من اجل الزيادة في تعويضاتهم، لأنهم يبذلون مجهودات أكثر من نواب الأحياء المنظمة.