عجبا لأمة تقلد غيرها وتدوس على شهامة وكرامة شعبها، تحتقر وبدون اكتراث أطرها وعلماءها وخبراءها... تعتقد أن الدول الغربية هي النموذج والسبيل المحتذى، والأمل الأمثل لإخراج البلاد من كل الأزمات ودفع عنها الآلام والدمار المفتعل، متناسية أن سر شقائها فيها " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم" وأن الإهمال الذي يطال أبناء أمتنا المجيدة، والإصرار على الاستبداد والإقصاء الممنهج هو مكمن الداء. لاشك أن المتتبع والمحلل للواقع المغربي على مستوى القوانين أو التشريع، يستند في أغلب الأحيان إلى القوانين الغربية، حيث ظل القانون الفرنسي مرجعا كبيرا تستمد منه الدول الغربية بصفة عامة والدولة المغربية بصفة خاصة قوانينها وتشريعاتها، وعلى منوالها تبني نسق ومنظومة القيم. ولا نستغرب حينما نسمع بين الفينة والأخرى، فئة من بني جلدتنا يخرجون بأفكار رجعية تطالب بالإفطار في رمضان والاستمتاع بزنا المحارم ... وغيرها من الهوس الزائد الذي يجرد الصفة الإنسانية من محتواها الواسع القائم على الاستخلاف وعمارة الأرض بما يصلح البلاد والعباد، ويخرب المجتمع ويشيع الفساد والاستهتار بالإنسان وجعله مثل الحيوان، مع العلم أن الله سبحانه وتعالى ميز الأول عن الثاني وكرمه " ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم"، وأن من يخرج هذه الفتاوى معذور، وإن كان القانون يقول أنه لا يعذر أحد بجهله للقانون. لأننا نعلم أن من ينساق وراء هذه الأفكار مغرر به وكفى. بل الأمر تعد ذلك ونحن نتتبع ما صدر مؤخرا عن مجلس الشيوخ الفرنسي الذي صادق على مشروع قانون يسمح لزواج المثليين، وينظم طبيعة العلاقة الزوجية بينهم، والأدهى من هذا كله أباح لهم حق تبني الأطفال، ومن المنتظر أن يعرض مشروع القانون على الجمعية الوطنية الفرنسية بمثابة " مجلس النواب " من أجل تقديم قراءة فنية في المشروع كما يسميها الفرنسيون قبل عرضه. فإلى متى ستوعى نخبنا بأن المغاربة الأحرار قادرين على الاجتهاد انطلاقا من مبادئنا الإسلامية السمحة التي جاءت رحمة للعالمين ورأفة بالعباد، وكل ما فيه إخلال بالحياء والحياة العامة أو ينبش في الأخلاق العالية إلا حرمته الشريعة ونحن نعلم القاعدة الأصولية التي لا تحرم إلا بعلة.