اختار المخرج المغربي عبد السلام الكلاعي، في فيلمه السينمائي الأول «ملاك»، الذي عرض ضمن السابقة الرسمية في الدورة الرابعة عشر من المهرجان الوطني للفيلم بطنجة الاشتغال على قصة إنسانية. قصة «ملاك» الفتاة التي ولدت في كنف عائلة متوسطة الحال، حيث تكتشف الفتاة ذات 17 سنة أنها حامل فتدور بها الدنيا، وتقرر إجهاض الجنين وتلجأ إلى صديقة لها كي تقترض منها، لكن الأخيرة لا تمهلها لتشرح لها سبب الدين أو السلفة، حيث تشترط عليها الانضمام إليها لتكون مؤنسة لرجال في الشقة التي تمتلكها والتي تمارس بها أنشطة مشبوهة. تخضع ملاك للوضع، وتبدأ رحلتها في هذا العالم بجسد خاضع بجمود لسلطة الأجساد الباحثة عن الجنس واللذة طمعا في تحصيل ألفي درهم كلفة عملية الإجهاض. تتوالى الأحداث وتكتشف والدة ملاك، شخصت الدور السعدية لديب، أمر حملها فتأخذها إلى الطبيب لتتأكد، وتصدم الأم حين يؤكد لها الطبيب أن ابنتها غير عازب وأنها قد تكون حامل، فتحل الكارثة على العائلة، لتطرد ملاك من العائلة ليلا من قبل شقيقها عمر لطفي، أما الوالد محمد الشوبي فقد ظل بعيدا عن هذه الأحداث. تشرع ملاك في البحث عن حل للخروج من عنق الزجاجة وتتعرف على شاب يشتغل في محل لبيع السندويتشات، والذي يستغلها بدوره جنسيا إلى حين يكتشف أنها حامل من رجل آخر فينعتها بأسوأ الأوصاف ويطردها من منزله لتلجأ إلى منزل عاهرة متمرسة تمكث عندها وتقرر التخلي عن طفلها لسيدة غنية، وبين الفينة والأخرى كانت تتردد على مساعدة اجتماعية جاهدت في أن تقنعها بعدم التخلي عن الطفل. تظهر الأم من جديد في حياة ملاك وتحاول اقناعها بالعودة والمكوث في وزان إلى أن تضع الطفل وتتخلى عنه، لكن ملاك ترفض وتهرب من جديد حيث تضع الطفل وتقرر الاحتفاظ به لتسافر به إلى وجهة غير محددة. اشتغل عبد السلام الكلاعي في «ملاك» على معاناة مجموعة من النساء في المغرب، إنهن الأمهات العازبات، المنبوذات والتي يعانين الرفض والتنكيل والاستغلال من قبل المجتمع. اختار المخرج في معالجته للموضوع سرد التفاصيل المباشرة وبطرق جد بسيطة ومشاهد شارحة، غرضه من ذلك بالطبع هو الجمهور العريض الدي غصت به سينما الروكسي والذي تجاوب مع لقطات بعينها «لقطات ممارسة الجنس» من خلال التصفيق والتصفير. عبد السلام الكلاعي صور الفيلم في طنجة، وجسدت البطولة في فيلمه شيماء بن عشا، كما أسند الكثير من الأدوار لممثلين من نفس المدينة، لكنه لم يحاول أن يتناول الظاهرة من زوايا أكثر تعقيدا أو بإخراج فيلمي يبتعد عن السرد العادي والتبسيطي للأحداث الذي يجمد خيال الجمهور ويدفعه لملاحقة الأحداث. فيلم عبد السلام الكلاعي من نوعية الأفلام التي تعرف نهايتها قبل أن يكشف عنها المخرج نفسه.