نتناول في هذه المقالة دراسة وتحليل أربعة أفلام لأربعة مخرجين مغاربة لم تنل حظاً كبيراً من النقد والدراسة والتحليل وصارت سينماتهم المنافية للعقل تعبر دونما تعليق. وهؤلاء المخرجون الأربعة هم: نرجس النجار وفوزي بنسعيدي وليلى المراكشي وإسماعيل فروخي. إما إذا تساءل القارئ لماذا هؤلاء الأربعة بالضبط فالجواب هو: لأنهم يتسترون في أعمالهم السينمائية بأكوام الأوساخ الكريهة التي تشم منها رائحة خيانة النفس والضمير والتاريخ لاختراق الذهنية المغربية والتشكيك في تراثها على الطريقة الاستشراقية، ولأنهم تحولوا إلى أداة غربية تنصب شباكه بالوكالة في سينما الخداع، ويتهافتون على وسام الشرف من أسيادهم ويسلكون سبلاً بأساليب ملتوية وماكرة والدعاية المضللة أملاً في مصالح أو كراسي أو تحقيقاً لهوس حب الشهرة الضيقة أو سعياً وراء المغانم. ولأنهم فروا من المكان ومن المسؤولية الضميرية والاجتماعية واستقروا بأوروبا، وقبلوا عن غير وعي أو غير فهم، أن يضعوا أنفسهم على لائحة التسوق shopping list لتقمص دور السرية المختبئة داخل حصان طروادة لنثر الشوك على الطريق مقنعين بباقة حرية الإبداع وحرية التعبير. وفضلوا طواعية رؤوس أموال صهيونية بإمكانيات وتقنيات بشرية ضخمة لانجاز سلسلة من الأعمال السينمائية المشعة بالكراهية المََرَضية والهراء الإيديولوجي. وسنحاول في هذا المقال فضح حجم التداعيات الضائعة في تفاصيل ركام أزبال أفلامهم من ثرثرة زائدة والتهاب بصري، يفقد معها المشاهد السيطرة على الفكرة الأساسية التي يقوم عليها العمل السينمائي. فالافتراءات التي أطلقها مخرجونا المغاربة وعمموها في أفلامهم ضد الإنسان المغربي وتراثه الإسلامي تشبه إلى حد كبير كتابات المستشرقين العنصريين من أمثال الانتروبولوج رفائيل باتاي والمؤرخ برنارد لويس، التي تتأرجح وسط إشراطات تشويه معالم الشخصية العربية-الإسلامية التي طالت جوانب العنف والجنس والاضطراب النفسي والعدوانية والقتل بهدف سلب شخصيته منه ومكانته الإنسانية. والخطير في الأمر أن أبحاث المستشرقين الغربيين "الأكاديميين" يريدون إقناعنا أنهم يرصدون "الواقع" لا غير، ويدسون رسائل داخل رسائل كالاعتراف بان الإنسان العربي "كريم" لكن هذه الكلمة تتلاشى وتموت رويدا رويدا في زبد بحر عميق تسبح فيه الأفكار التي تتقل النفس والروح من شدة سقمها. وهذا تماما ما نحن بصدده من طرف بعض المخرجين المغاربة المراهقين البهلوانيين الذين يتزينون بالكذب والنفاق للدفاع عن وضعية المرأة المغربية، مثلا، من اجل أهداف دعائية تضليلية محضة للعبور إلى قلب المجتمع لتفكيكه والقضاء على قيمه الأسرية التقليدية (هذا المرض يروج له الشاذون جنسياً من النساء أو الرجال المغاربة). ويستعرض أصحاب الانحراف الشذوذ الجنسي نظريتهم بتسليط الضوء على "المناخ العنصري المنحاز للذكور" لهذا طالبوا بالمساواة وهذه المساواة، في رأيهم، تبدأ برفع "السلاسل عن المرأة المقيدة داخل البيت". وكلامهم هذا يقارب التجديف ويطفح بالهراء لأنه في النهاية يشبه هراوة إيديولوجية لصرف النقد عن الجوانب السلبية التي تسببت فيها الحركات النسوية للمرأة، حيث جرتها إلى الشارع كطريدة يسهل قنصها وبيعها وشرائها في سوق النخاسة الرأسمالية وإهمالها كعقل وكيان إنساني. إن العزف على الأوتار المشاعرية لا يصمد أمام التمحيص لان غايته بالضبط مصادرة الحريات والفكر والآراء. وصناعة سينما صادقة تعمق الوعي في دائرة المعرفة يجب ألا تتعارض مع حقيقة الدوافع التي تحرك الشخص، والدوافع الحقيقية للسلوك هي التي يجب أن تحدد الموقف والأهداف. وإذا كان الاستشراق يستند إلى أدوات البحث العلمي، لكنه يخلو من أي قيمة أكاديمية ويزخر بإساءات بالغة الغرض منها استهداف الدين الإسلامي في عرض حالات اجتماعية خاصة، فسينما الخداع عند المغاربة تسير على نفس النهج بمحاكمة امة بكاملها عن طريق الصورة بنفس الأساليب التي تعمل وفقها صناعة الاستشراق. ومن اللافت للنظر أن بعض المخرجين المغاربة يتفوهون بمغالطات تنم عن ضعفهم الفكري، إذ يحلو لهم القول إن العمل السينمائي ليس أكثر من شريط يُعرض داخل أربعة حيوط سميكة ويتحمل الفرد مسؤوليته في شراء تذكرة لمشاهدة الفيلم أو الامتناع عن ذلك. لكن التاريخ اثبت أن السينما هي الفن الأكثر شيوعا والأكثر تأثيرا في العالم وحققت ما أخفقت فيه القنابل والقاذفات الصاروخية وأرتال الدبابات الأمريكية. فسينما هوليود اختطفت وأسرت بلا منازع طريقة تفكير شعوب العالم وتصرفاتهم وصدّرت لهم رؤية معرفية وسلوكية علمانية امبريالية خطيرة تروج للتفسخ الأخلاقي. وحتى إذا أخذنا بفرضية المخرجين المغاربة المزيفة القائلة بان ما يشاهده المتفرج هو داخل قاعة محصنة، فالشيء نفسه ينطبق إذن على الكتاب الذي يعرض في مكتبة لها جدران كذلك ويتحمل القارئ مسؤولية اقتناءه أو عدم اقتناءه. لكن الأمر ليس بهذه البساطة، لأن الكاميرا بين يدي المخرج مثل القلم بين يدي الكاتب، والعمل الفني أو العمل الأدبي قد يستعمله البعض كسلاح للدعاية البغيضة يحرّف به ويشوه ما يريد وقد يفلح في هدم أقدس هيكل داخل أي مجتمع من المجتمعات. وكنموذج مثالي على ذلك كتاب "العقل العربي" لمؤلفه رافائيل باتاي (على سبيل المثال لا الحصر) الذي وجد له متسعاً عبر المراكز والمعاهد والجامعات والمؤسسات البحثية الغربية، الأمريكية منها بالأساس، ناهيك عن الاحتفاء به من خلال المؤسسات الصهيونية واليمينية الأمريكية. هذا الكتاب نفسه اعتبرته المؤسسة العسكرية الأمريكية هدية من السماء استعملته ولا تزال كمصدر وكمرجع يستقي منه القادة الأمريكيون وجنودهم معلوماتهم عن العالم العربي، بل تحول إلى "إنجيل" تتداوله الهيئات الدبلوماسية الأمريكية والبعثات الثقافية المختلفة العاملة في المنطقة العربية. وما الحرب الامبريالية التي تشنها أمريكا على العراق وأفغانستان والحرب الصهيو-نازية التي تريد أن تبيد الفلسطينيين، والمعاملة القاسية واللانسانية التي تعرض لها السجناء العراقيون في سجن أبو غريب ويتعرض إليها سجناء غوانتانامو إلى يومنا هذا ما هي إلا حصيلة الأفكار الاستشراقية السيئة. أما في ما يخص "الفن السينمائي المغربي" فان فيلم "الرجال الأحرار" لمخرجه المغربي إسماعيل فروخي يفسر تهافت المهرجانات الصهيونية العالمية عليه لما فيه من صور كاذبة لكسب العطف لليهود على حساب الأعمال البربرية والوحشية الإسرائيلية التي تعرض لها الفلسطينيون ولا يزالون لعقود عديدة دامية وأزمنة مديدة قاسية بهمجية لا هوادة فيها تخل بجميع القيم الإنسانية السامية (نتناول هذه النقطة بالتفصيل لاحقا). انه أمر معيب ومخزي فعلا أن نفتح المجال ل"المستشرقين الجدد" بتجميع أفكار المستشرقين القدامى الشاذة والزائفة على شكل صور لتسويقها حتى يتمكنوا من خدعنا كما خدعوا أنفسهم ببيع ضمائرهم للغرب فقط من اجل "المنفعة الذاتية" والحقد الدفين لهدم ثقافتنا بالتغريد للتغريب بنسيان الماضي ونسيان التاريخ، وهم يفعلون ذلك بنبرة جاهلية وروح ميتة، لأنهم في افتقارهم للمفاهيم الايجابية عن دواتهم أو شعبهم أو لغتهم، إنما يسيؤون لأنفسهم. ولمخرجينا المغاربة الحق في تبني مشاريع النفايات شريطة أن يتحلوا ب"العقد الاجتماعي" الذي يفرض عليهم أن يرتدوا وزرة الزبالين. المؤلفة بطونهم فُتح المجال إذن أمام المخرجين "المغفلين" من أمثال فوزي بنسعيدي ونرجس النجار وإسماعيل فروخي وليلى المراكشي وغيرهم ممن يخلطون بين "الجرأة والوقاحة". فجلسوا على طاولة "البغاء" لإخراج أفلام "كأس وغانية" ليتحول الفن السابع من "ينبوع أخلاق" إلى "دعارة سينمائية" لتتكون صورة نمطية معينة عن السينما المغربية تماما كما هي الحال مع الصورة النمطية عن المرأة المغربية التي شوهت شرف وكرامة المغرب في الداخل والخارج. فلم تكن بمحض الصدفة أن ينتج فيلم ليلى المراكشي سوى زوجها اليهودي والمخرج في نفس الوقت "الكسندر آجا" حتى يتحقق الهدف بطريقة مزدوجة. فجاء فيلمها "ماروك" ليتمم ما بدأه المخرج المغربي عبد القادر لقطع، الصديق الحميم لمدير المركز السينمائي المغربي الحالي نورالدين الصايل، ليغذينا السموم بطريقة خادعة. فلنقف شيئا ما عند فيلم "ماروك" الذي اعتبره الصايل "نموذج سينما المغرب المستقبلي" والذي، في تصوري، أهمل فيه النقاد العديد من "الفيروسات" الخطيرة التي أصبحت بدورها نهجا يسير عليه المتطفلون على السينما المغربية. يصور الفيلم قصة حب بين "غيثة" (مرجانة العلوي) المسلمة الثرية و"يوري" (ماثيو بوجناب) اليهودي المغربي وكلاهما كانا يدرسان في ثانوية ليوطي الفرنسية بالدارالبيضاء. إلا أن موقف عائلة "غيثة" "المتصلب" بما فيه أخوها "ماو" وحتى الحارس الشخصي لفيلتهم الراقية، كان رافضا للعلاقة ومع ذلك ارتبطا ببعضهما البعض. وهنا لا نريد أن نتكلم عن "مشروع التعايش" بين المغاربة مسلمين ويهودا والذي يزعم الكثير انه العمود الفقري للفيلم، ولا على السلوكيات غير الأخلاقية أو حتى تحليل المشاهد الإباحية الجنسية الصارخة والعري الفاحش الذي أغرقت به المخرجة فيلمها. فالكل يدرك أضرار الصيغة الاستشراقية للفيلم التي تحرض على نشر "ثقافة الخلاعة" للمس بمقدسات الشعب المغربي وتجاوز التقاليد التي تربى عليها المغاربة. بل نريد التطرق ل"الفيروسات" التي تغاضى عنها الكثير من النقاد أو لم يتوقفوا عندها بالقدر الكافي. فتشخيص "المكروب" يصعب على الإنسان البسيط في اللقطة التي كانت فيها "غيثة" مع عشيقها "يوري" في السيارة بالقرب من الشاطئ حين طلبت منه فجأة أن يتزوجها من كثرة حبها له. هنا يتلخص الفيلم في نظرنا. فالمخرجة قدمت صورة مشوهة ومعتمدة وغير متكافئة. والبطل المغربي اليهودي الأصل، بدا منفتحا للفكرة. وبقي هادئا عندما طلبت منه اعتناق الإسلام، أولا، ليتم القران بينهما، ليس بدافع العقيدة ولكن إرضاء لعائلتها فقط (يظهر هنا التناقض جليا حيث أن غيثة لا تصوم رمضان في الفيلم كما أن عائلتها سيما والدها يحرض على كراهية الإسلام). فأجابها "يوري" انه لا يطلب منها تغيير ديانتها فلماذا تلح هي على تغيير ديانته؟ هنا يدخل الإشكال حيث قامت المخرجة بتزييف الحقيقة والتلاعب بالواقع. من المهم أن نميز بين التمثيل الجلي (الصريح) والتمثيل المُضْمَر (الخفي). فالأداء الجلي هو شيء يحوي الرمز أو غيره دون المزيد من المعالجة (التفاعل الرمزي المتشكل عبر اللغة، والصوت، والمعاني، والإشارات، والألوان مثلا لتمرير الرسالة). أما الأداء أو التمثيل المُضْمَر (الدفين) فيضم المعلومات نفسها لكنه يتطلب مزيدا من المعالجة لجعله صريحا لأنه في الغالب يضرب لمن يتكلم بكلام ويريد به شيئاً غيره لرسم ملامح الموقف (استخدام الأفكار والمفاهيم والمبادئ، مثلا). لهذا ارتأت المخرجة أن تقفز على نظرية "التفاعلية الرمزية" في جوانبها النفسية لتحليلِ الأنساق الاجتماعية التي تنطوي على التعميم المبتسر لإظهار الجرح الغائر وصب الملح عليه في محاولة يائسة لشد الانتباه إلى خصوصية الموقف أو الحدث الذي يتناسب ومطية التحليل التي تعلوها أحكام القيمة دون الغوص في الجوهر لتوجيه الضربة القاضية. وكمثال على ذلك الحوار الذي أسلفنا ذكره بين كل من "غيثة" و"يوري" في السيارة حيث جاء صريحا وواضحا ومبسطا لكنه مُضمرا ينطوي على الكثير من الألغاز التي تحتاج إلى التحليل والمقارنة للتأكد من مدى صحته. فجواب "يوري" تطبعه الحيلة وفيه مزاعم كاذبة ودعاوى زائفة. فالبطل يتهمنا بطرق ملتبسة ب"التعصب" لديننا وعدم قبول "التعايش" مع إنسان من دين مختلف ومن تم يحاول مصادرة عقيدتنا والحجر عليها. كما أن المخرجة حاولت مرارا تمرير بعض المعلومات الكاذبة والخادعة كما في السؤال: هل صحيح أن كل ما يريده اليهود هو فض بكارة المسلمات؟ تسأل "غيثة" "يوري" في الفراش. فينسحب من فوقها ويعلق في عنقها نجمة داوود في إشارة مسالمة حتى يشعرنا بالانغلاق وضيق الأفق وعدم امتلاك النظرة الإنسانية المتسامحة. كان على "غيثة" أن تسأله وهي مستلقية إلى جانبه ما يلي: هل تعتبرني بشراً؟ وان كان فات الأوان على هذا السؤال فننصح ليلى المراكشي أن تسأل زوجها اليهودي نفس السؤال. وإذا كان زوجها صادقا مع نفسه فجوابه سيكون: لا. إني أعتبرك "بهيمة نجسة" كما تنص التوراة والتلمود (المحرفة) على ذلك. فالتوراة تسمي غير اليهود ب"الجوييم" والجوييم بالنسبة لليهود بهائم وأنجاس. وأن اليهود هم الوحيدون الذين يتمتعون بنقاء الدم والانتماء العرقي، كما يزعمون أنهم أبناء الله وشعبه المختار، وأنهم وحدهم المعصومون المهديون، وان الله لا يقبل من عباده عبادة سوى عبادة اليهود. فإذا كانت ليلى المراكشي اعتنقت اليهودية فلن يقبل منها ذلك، ليس لأننا نعترض، فهي حرة في اختياراتها الحياتية والعقائدية، ولكن لأن دمها ليس نقيا بما فيه الكفاية لتصبح يهودية. إن اعتناق اليهودية لغير اليهود أمر مرفوض. واليهود ذوو نفوس استعلائية لا تقبل في صفوفها إلا من يثبت وحدتي الدم والعقيدة معهم. ولا ينجب اليهودي إلا الأم اليهودية. فان كانت ليلى أنجبت أطفالا مع زوجها اليهودي فهنيئا لها لكنهم سيقعون في تعداد الجوييم! وسيعودون إلى بلدهم المغرب المتسامح المتعاطف ليتكفل بهم ويحسبهم بشرا. فحياة ليلى الزوجية مع زوجها بالنسبة إليه هي "زنا"، والزنا بالأممية مباح في العرف اليهودي، لأن الأممية كالبهيمة كما يقول حاخام وفيلسوف اليهود الكبير موسى بن ميمون! هذا ما اتسمت به الحركة الفاشية، والحركة النازية، وهذا ما جسدته الحركة اليهودية منذ غابر الزمان في عمق الإنسان، كدين منحرف خرج على تعاليم أنبيائه، واعتبروا أنفسهم شعبا ساميا مقدسا مقدما على شعوب الدنيا، ولا يعترفون للآخرين بدياناتهم ولا بإنسانيتهم، ولا يمتلكون الذهنية المنفتحة أو الروح الإنسانية المتسامحة تجاه المجتمعات الأخرى، باعتبارها حيوانات نجسة. هكذا جاء فيلم المخرجة محملا بالحمولات العقائدية السلبية عن الإسلام ومحاولة تحويلها إلى عبء على الذاكرة. فالهدف ليس خلق أرضية متكافئة "للتعايش" وإنما تنمية العداء في الوعي الجماعي المغربي. فمشكلة "غيثة" ليست التقاليد أو الدين الذي "وقف" عائقا أمامها وأمام اختياراتها ولكن مشكلتها هو ضعف المقدرة في التمييز بين الحقيقة والخطأ. لهذا السبب تغربت البطلة داخل وطنها مما سبب لها تدمراَ في الهوية فكانت "الدافعية" بمثابة رد فعل للمشكلات الوجودية. فضحت البطلة بهويتها و"تركتها" خلفها عندما استقلت الطائرة باتجاه باريس من أجل الوجود والاستمرار الشيء المستحيل لأن الهوية والوجود متلازمان إذا سقط واحد اٌنعدم الآخر. سباق الخيل إذا أراد مخرج مغربي أن يحصل على الدعم المالي من الشركات الصهيو-أوروبية التي تعتمد سياسة الإنتاج السينمائي المشترك لاستقطاب المخرجين العرب، أو المغاربة على الأخص، لتبني طموحات وسياسات إسرائيل، فما على المخرج إلا إقامة شراكة مصالح، وهي شراكة لا يمكنها أن تختلف عن مبادئ الشراكة في النمط السلوكي. بعدها يجب أن يقدم المخرج سيناريو يعالج المواضيع التالية: سيناريو يروج للرذيلة والعري أو سيناريو ينال من التراث الإسلامي، وأحسن السيناريوهات تلك التي تعالج قصص معاناة اليهود في الحرب العالمية الثانية لخلق مزيد من الدعم لدولة إسرائيل. ومن الأمثلة البارزة على هذا الخداع فيلم "الرجال الأحرار" لمخرجه إسماعيل فروخي، حيث أغرقت المجلات والصحف الفرنسية مؤخرا السوق بالدعاية المكثفة والمتطورة لهذا الفيلم (باستثناء يومية لوموند التي أدانت الفيلم في عددها بتاريخ 27-9- 2011 واعتبرته محاولة لحجب الحقائق الراهنة، في إشارة واضحة إلى الوضع الفلسطيني). ومن بين الصحف التي هللت للفيلم مجلة لبون Le Point التي قالت عنه إن "ذكاء وفعالية السيناريو يكفيان لجعل فيلم "الرجال الأحرار"من أجمل وانجح الأفلام السينمائية حاليا". أما لنوفيل ابسيرفتور Le Nouvel Observateurفقيمت الفيلم كما يلي: "هذا الفيلم (الرجال الأحرار) كل من جزء من ذاكرتنا". وأفضل التعاليق جاءت على لسان مخرج الفيلم نفسه في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز (16 مارس) حيث قال:"هذا الفيلم اعتراف بالجميل لشخصيات منسية في حقبة معينة من تاريخينا (العربي).انه فيلم يظهر أن المسلمين واليهود عاشوا في سلام من قبل وعلينا أن نتذكر ذلك - بكل فخر". لكن الكاتبة الصحفية الصهيونية لين جوليس Lyn Julius لم تتجاوب مع هراء هذه المعلومات والتقييمات والتصريحات وهجمت على الفيلم في صحيفة أزمنة إسرائيل The Times of Israël الناطقة بالانجليزية، بشكل كاسح مليء بالإسفاف موضحة: "إن فيلم "الرجال الأحرار" جزء من اتجاه لتبرئة العرب وكسب عطف اليهود لتواطئهم مع النازية". ولعبت نفس الجريدة على نبرة مختلفة وامتدحت الفيلم على نطاق واسع وقدمت له في مقالة خاصة بالقول إن إسماعيل فروخي حاز على جائزة "أفضل مخرج سينمائي في العالم العربي" من مهرجان أبو ظبي السينمائي العام الماضي عن فيلمه "الرجال الأحرار". كما افتخرت بافتتاحية الفيلم لمهرجان نيويورك اليهودي السينمائي New York Sephardic Film Festival في دورته السادس عشر (15-22 مارس). وتميزت دعاية المهرجان للفيلم بالقول إن قصة الفيلم "مستوحاة من أحداث تاريخية حقيقية" وان المخرج إسماعيل فروخي حاز على "جائزة أفضل مخرج سينمائي في العالم العربي بتفوقه بسرد قصة غير معروفة وفي غاية الأهمية من مهرجان أبو ظبي السينمائي عام 2011". ولقي الفيلم ترحيبا واسعا من قبل مهرجان الفيلم الفرنسي French Film Festival الذي يطوف حول العالم ويمتد من 29 فبراير إلى 4 ابريل وكانت آخر محطاته تل أبيب. ولم يكتف المهرجان بعرض الفيلم في قاعة المهرجان المخصصة للأفلام بل روج له في كل أرجاء إسرائيل من مارس 23 إلى غاية ابريل 5. فهنيئا لإسماعيل فروخي صاحب رائعة "الرحلة الكبرى" الذي اهتزت له أرواحنا ورحبنا به كمبدع اعتقدنا معه أنه سيضيف الكثير إلى الفن السابع، لكن سرعان ما خذلنا بإدراج لائحة للمسلمين في فيلم مزيف على طريقة "شيندلرز ليست" أو قائمة شيندلرز. ونحن لسنا ضد هذا النوع من الإخراج، لكن الذي نتقزز منه هو أن النازية انقضت أيامها منذ أكثر من ستة عقود ومع ذلك نجد أن اليهود مازالوا إلى الآن يكررون ويعيدون الحديث عن النازية وكأنها موجودة معنا حتى يبقى العالم أسير فكرة الذنب ونسيان ما يسمى فلسطين. ويحكي الفيلم قصة خيالية (كما يشير الفيلم نفسه إلى ذلك منذ البداية) إلا انه يضيق أنها مبنية على "أحداث تاريخية حقيقية" تعالج نواحي ملاحقة اليهود في باريس من طرف الألمان النازيين والمساعدة التي قدمها مسجد العاصمة الفرنسية لإنقاذ بعضهم. والحق أن القصة ملفقة وخالية من أي حقائق تاريخية. وجاءت ابرز الانتقادات والاتهامات لها من المؤرخين الفرنسيين دانيال لوفيفر Daniel Lefeuvre و ميشال غونار Michel Renard حيث أكدا على أن "الادعاء بأن مسجد باريس آوى، والأهم من ذلك، نظم شبكة مقاومة لإنقاذ اليهود لا يستند إلى أي دليل تاريخي ولا اثر له في أي أرشيف حقيقي. انه (الفيلم) ضرب من الخيال". ورفع ميشال غونار من حدة انتقاداته بعد أن كذّب كل "الحقائق التاريخية" التي يستند عليها الفيلم مستغربا: "من المثير للدهشة أن الخيال يسود في هذه المرحلة عن الحقيقة" ومشددا على "أن الذي يحرف التاريخ يجب أن لا يفلت من العقاب". وكان المقصود من هذا الهجوم العنيف شخص المؤرخ الفرنسي بنيامين ستورا Benjamin Stora مستشار المخرج المغربي إسماعيل فروخي خلال صنع الفيلم. ويعمد الفيلم إلى تهويل الأحداث ليجد المشاهد نفسه أمام قضية إنسانية، تماما مثل الأفلام التي تتالت تباعاً منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية إلى اليوم، كُرست فيها مبادئ الصهيونية من خلال ستار خفي. ونحن نعي جيدا أن إسماعيل فروخي يخاف ويخشى أن توصد أبواب شركات الإنتاج الأجنبية في وجهه أكثر مما يحرص على إيصال الصورة الحقيقية عن العرب والمسلمين. هكذا قرر مخرجنا المغربي الانخراط في "نادي 13" الفرنسي الذي يوظف السينما بأرصدة غير محدودة لإنتاج أفلام دعائية للترويج لسياسات إسرائيل ولكسب تأييد شعوب العالم والتعاطف معها، وتقديم الإنسان اليهودي على أنه مسالم مغلوب على أمره، وأنه لا يريد سوى العيش بسلام مع باقي البشر، وهذا في حد ذاته تحريف وشكل من أشكال الغزو الثقافي المنظم الذي يدهمنا في عقر دارنا لخدمة أهداف الحركة الصهيونية ودعم مقولاتها ومزاعمها. ففي الوقت الذي يتسابق فيه إعلاميو العالم الحر لإنصاف الفلسطينيين بفضح بربرية وعنصرية إسرائيل التي فاقت كل المقاييس النازية، يخرج علينا مخرج مغربي بفيلم الغرض منه التعاطف مع اليهود لصرف الأنظار عما يجري من حصار لا إنساني للفلسطينيين في قطاع غزة وفي كل فلسطينالمحتلة. أليس بالأمر الهين أن يُخرج هذا المخرج فيلما عن عملاء جهاز الاستخبارات الإسرائيلية الذين يطاردون ويغتالون الفلسطينيين في كل مكان من أصقاع المعمورة؟ وماذا عن مخيمات التشريد التي يعاني فيها الفلسطينيون أشنع المآسي لأكثر من ستة عقود أو عن تجريد 5 ملايين منهم من هويتهم ليضيعوا في بقاع العالم أو عن وحشية فظاعة مجازر صبرا وشاتيلا أو عن ال11 ألف فلسطيني في سجون الاحتلال الإسرائيلي البشع، أو عن الانتفاضة الفلسطينية من أجل الحرية التي ذهب ضحيتها أكثر من 5300 شهيد أو عن 1400 قتيل حين هاجم الكيان الصهيوني غزة مؤخرا وأمطرها بوابل من القنابل والسموم المحرمة دوليا في واضحة النهار، أو عن قتل الأطفال الصغار والنساء الفلسطينيات أو التهجير القسري وسرقة الأراضي، أو محاصرة 4 ملايين من الفلسطينيين والتعامل معهم كرهائن في معسكرات الاعتقال، في كل من قطاع غزة والضفة الغربية منذ قيام الاحتلال عام 1948 إلى يومنا هذا؟ لماذا يرتاد مخرجونا المغاربة البحر بحثاً عن بلد يضمهم؟ لماذا يترحمون على اليهود في الحرب العالمية الثانية ويبكون على قضيتهم المزعومة في محاولة لجلب استعطاف الرأي العام ويغضوا البصر عن وجه الهمجية الصهيونية القذرة ويصموا الآذان عن إذلال الفلسطينيين واغتصاب فلسطين؟ لا يسعنا إلا أن نستنكر نوعية هذه الأفلام التي تغزو مجتمعنا المغربي وتسوق للعبث. والفيلم نفسه فارغ من المعنى وضعيف البنية، ناهيك عن أنه بعيد كل البعد في الأسلوب والموضوع لإقناع المشاهد. فيوسف (بطل الفيلم) الذي لا يعرف إلا القليل عن الكتابة والقراءة يتحول من "صرصار" ينتعش من قذارة البضاعة المهربة إلى متسيّس محنك يدافع عن اليهود. ويكفي أن نعرف أن كاتب السيناريو ليس أكثر من الن ميشال بلن Alain Michel Blanc (بالاشتراك مع فروخي) الذي سرق قصة فيلم "عين النساء" مع المخرج الصهيوني رادو مهايليانو وحاولا التستر على ذلك لكننا فضحنا خبثهما، في مقالتين على أعمدة القدس العربي، وأرغمناهما على الاعتراف بذلك. ولن نستغرب إذا اكتشفنا لاحقا أن قصة "الرجال الأحرار" مسروقة كذلك مع العلم المسبق أنها مزورة ومن نسيج الخيال. المهم أن هذا الفيلم فيه لغط كثير ولا شيء حقيقيا يحدث لكي يثير شهيتنا لمعرفة شيء جديد عن ثقافة الهولوكوست المغشوشة. ومشكلة إسماعيل فروخي، مثله مثل الكثير من المخرجين المغاربة، أنهم يفكرون بلغة وبعقلية أجنبيتين ويتبنون خطابا يتحكم فيه "مبدأ الاستغلال من أجل الربح المادي". المرأة الفولاذية تحاول نرجس النجار أن تصنع من نفسها واسطة العقد الفريد و"المرأة الفولاذية" في الحركة النسوية المغربية وحاملة راية المناضلات من أجل "تحرير المرأة". والمعروف أن هستيريا تحرير المرأة انتقلت من الغرب إلى العالم العربي عبر الغزو العسكري والثقافي. ومن أهم أولويات هذا الغزو البحث عن نقاط الضعف في المجتمعات العربية-الإسلامية للتهجم على الدين الإسلامي. ومن بين الحالات التي نالت اهتماما واسعا في الدراسات الاستشراقية مكانة المرأة. وسرعان ما طفت آثار عاصفة الحركات النسوية الغربية بكل أشكالها الأدبية النسوية التي رسمت صورة المرأة الدونية في المصادر الثقافية الدينية الغربية أي في التراث اليهودي-المسيحي. وهذه الحركات توجه اللوم لهذا الإرث المنحرف لازدرائه المرأة وإهانته إياها وتُحمله المسؤولية. وهذا الإرث أساء بالفعل إلى المرأة، حيث ألقى عليها تهمة الخطيئة، لأنها، حسب النصوص الدينية المحرفة في التوراة والتلمود، عصت ربها وأغرت آدم عندما أكلت من الشجرة التي نهاهما الله عن الأكل منها. وخلصت هذه النصوص المحرفة إلى أن الجحيم هو مأوى المرأة الأخير. لكن القرآن الكريم جاء ليصحح مفهوم الخطيئة وبرأ المرأة مما نسب إليها من كونها عنصر وسوسة وخطيئة وحمل المسؤولية آدم ومن بعده حواء. هناك بعد آخر (فلسفي) تجلى في الصورة السيئة التي رسمها الفلاسفة الغربيون للمرأة الغربية. وإذا ما رجعنا إلى التراث اليوناني الذي تأثر به فلاسفة غربيون كثر، نجد أفلاطون وأرسطو وغيرهما من فلاسفة اليونان يتبنون نظرية "كراهية المرأة". أما فلاسفة العصر الحديث، مثل نيتشه وديكارت وكانط، فيصفون المرأة بكونها ضعيفة في كافة الاتجاهات، وبالذات في قدراتها الفكرية والعقلية. وحتى جون جاك روسو، فيلسوف التنوير، وشوبنهاور وفرويد أشاعوا عن المرأة كونها وجدت من أجل الجنس ومن أجل الإنجاب فقط، وكونها جنسا ناقصا لا يمكن أن يرقى إلى مستوى الرجل (تأثير الفكر اللاهوتي واضح). كما أن هناك طيفا آخر من الفلاسفة نعتوها ب"الرئة المعطلة" أو ذلك "الجنس الآخر" أو"علة المرض"، والكائن الذي يغوط ويحيض ويفيض جنسا تمارسه مع أي كان في أي زمان أو مكان، وصنفوها مع العبيد والأشرار والمخبولين والمرضى. وحتى بداية القرن التاسع عشر، كان القانون الإنجليزي يبيح للرجل بيع زوجته. أما الثورة الفرنسية، التي أعلنت تحرير الإنسان من العبودية، فلم تشمل المرأة ووضعت نصا قانونيا يبين أن القاصرين هم "الصبي والمجنون والمرأة"، واستمر ذلك حتى عام 1983م حيث عدلت هذه النصوص. لهذين السببين تبنت الحركة النسوية، في الغرب (بمفهومه الشامل)، فلسفة رافضة تقوم على تغيير طابع العلاقات الاجتماعية من خلال تحليل استغلال المرأة واضطهادها واحتقارها، كفئة، من طرف فئة أخرى هي فئة الرجال. فدعاة النسوية يتخذون من هذه الأفكار منطلقا لنشر ثقافة بديلة ومضادة عن المرأة التي شكلت مفاهيم وقيم ومبادئ الحركة النسوية الغربية، ويهدفن إلى إحداث "ثورة" نسوية عالمية تطال قضايا عموم النساء. وخصائص هذه الحركة، التي تهدف إلى تغيير المجتمع، قائمة على مبدأين أساسيين، كما بين ذلك العلامة آية الله مرتضى مطهري، وهما: المساواة والحرية. مبدأ المساواة يتمثل في التماثلية بين الرجل والمرأة (إلغاء الفوارق النفسية والبيولوجية)، ومبدأ الحرية يتمثل في الحرية شبه المطلقة (رفع القيود الدينية والخلقية). وشدد آية الله مطهري على طرح رؤية بديلة تجسد المنظور الإسلامي للعلاقة بين الرجل والمرأة التي تقوم على التكامل وليس التماثل. وظهرت حركات نسوية أخرى متطرفة تطالب بتغيير البنى الاجتماعية والثقافية والعلمية واللغوية والتاريخية باعتبارها متحيزة إلى الرجل. وفي داخل هذا التيار نشأت تيارات أخرى تدعو إلى دين جديد يقوم على أساس تأليه المرأة (نعومي غولدنبورغ). ومن أهم مبادئ هذا التيار، بما فيه الشواذ، استهداف مبادئ نظام الأسرة. فالأسرة، بالنسبة لهذه الحركات المشبوهة، هي رأس الثعبان والدائرة الأولى والحضن والمدرسة الأولية التي تتأصل فيها العقلية الاستبدادية الرجعية، بمعنى آخر القضاء على الزواج حتى تتمكن المرأة من تحقيق طموحاتها في جميع حقول الحياة والبناء السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ومن ثم القضاء على هيمنة الرجل. وللوصول إلى هذه النتائج، كان لا بد من تغيير عقلية المجتمع القديم، الذي تتحكم فيه "الرجعية الجنسية"، لبناء مستقبل جديد تتحقق فيه المساواة التماثلية (التشابه) بين الجنسين على أساس تغيير الهوية البيولوجية والنفسية الكاملة للمرأة. كما ظهرت تيارات أخرى تروج، بشكل فاضح ودون خجل وتحت كل المسميات الفارغة، للحمل الاصطناعي للرجل، والإقرار بأن الطبيعة لم تخلق فقط الرجل والمرأة بل خلقت الرجل والمرأة وشيئا ثالثا: الشواذ! وهذا بالضبط ما يروج له فيلم "عاشقة الريف" لمخرجته نرجس النجار الذي يبدو للوهلة الأولى أن القصد منه حسن النية، إلا أن الحقيقة المختفية وراء هذا الوجه الناصع تفضح تلك النوايا الخبيثة، إذ يصور الفيلم المغرب كسجن كبير تتعرض فيه المرأة، من طرف الرجل، إلى العنف والاهانة والاحتقار والاضطهاد والاغتصاب، ويتغاضى المجتمع عن هذه السلوكيات ويدفع المرأة إلى الانتحار. ولا أحد يمكن أن ينكر أن المرأة المغربية تعاني من التمييز الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي ويجب أن تدينه المبادئ والأخلاق، وتصوره سينما تدعو لإزالة كافة أشكال التمييز والعنف وقوانين الأحوال الشخصية المجحفة لكن بروح عادلة (معالجة الظاهرة من جوانبها التاريخية بالمفهوم الماركسي) ونزيهة وخالية من الاستفزاز والاستخفاف واحتقار القيم والمعتقدات ومن دون استصدار الأحكام لغرض تعميم موجة العداء والكراهية وتأجيج أجواءها. ولو كانت المخرجة صادقة مع نفسها لكانت صورت فيلما عن الحالة المزرية لنساء المغرب اللواتي يرزخن تحت وطأة الأمية والبطالة والاستغلال الفاحش لهن من طرف الآلة الرأسمالية الامبريالية في المصانع والضيعات الفلاحية المغربية الذي بلغ حد الاسترقاق. وماذا لو أنجزت لنا المخرجة فيلما عن واقع نساء الدول الغربية اللواتي يتعرضن إلى كل أنواع الأعمال الوحشية من إذلال واهانة؟ هل اطلعت المخرجة عن الدراسات التي ثبت بالأرقام الرهيبة والحجج حجم الانتهاكات الصارخة التي تتعرض لها نساء الغرب؟ ماذا لو أخرجت فيلما عن ظاهرة العنف الذي تتعرض له نساء فرنسا التي استقرت بها المخرجة والتي تقول عنها آخر دراسة أجريت في العام 2006 حول جرائم الاغتصاب أن فرنسا تحتل المرتبة 16 في أوروبا في سلم الاعتداء على النساء. وتزكي أمينة سر الدولة لحقوق المرأة "ميشيل أندريه" هذه الدراسة بتقاريرها الخاصة موضحة أن مليونين من النساء الفرنسيات يتعرضن للضرب سنويا وان 95 في المائة من ضحايا العنف هن من النساء، وان 51 في المائة منهن تعرضن للضرب من قبل أزواجهن وأن 48 ألف امرأة تعرضت للاغتصاب عام 1999 م! أما في بريطانيا فالحال أسوأ إذ تشير الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني البريطاني أن 77 في المائة من الأزواج يضربون زوجاتهم دون سبب وان أكثر من 50 في المائة من القتيلات كن ضحايا الأزواج أو الشريك. وتقر الأكاديمية الألمانية "راتشيل فولتز" المتحدثة باسم مركز "عالم المرأة" أن ظاهرة الاعتداء على المرأة في ألمانيا باتت تمثل "حالة طوارئ وطنية" وبذلك تحتل ألمانيا المرتبة الثامنة عالميا من بين الدول الخطيرة على المرأة! إن أكثر السلع تسويقا وازدهارا حاليا في كل من أمريكا واليابان "حزام العفة" Chastity Belt، الذي انتشر استعماله في أوروبا في القرون الوسطى، وهو لباس داخلي مصنوع من الجلد أو الفولاذ الصلب يحمي الأعضاء التناسلية ويغلق بالقفل لمنع الاتصال الجنسي. وترتديه النساء حاضرا في كلتا الدولتين إما تقيدا بأوامر الزوج أو تجنبا لجرائم حالات الاغتصاب التي قالت عنها المراكز الأمريكية للوقاية من الأمراض Centers for Disease Control أنها تحولت إلى "طاعون" حيث اغتصبت 1.3 مليون امرأة سنة 2010 في أمريكا وخلصت إلى أن امرأة من بين ثلاث نساء في أمريكا تتعرض يوميا للاغتصاب أو التحرش الجنسي أو العنف الجسدي. ومن بين الأسباب الهامة والرئيسية التي تغذي العنف ضد المرأة الأفلام الإباحية كما بينت ذلك عالمة الاجتماع الأمريكية وأستاذة الدراسات النسائية غيل داينز Gail Dines التي أعلنت حربا ضروسا على نوعية هذه السينما وطالبت الشعب الأمريكي أن يتمرد ويثور ويمارس العصيان المدني في وجه هذه الأعمال المقيتة التي جردت المرأة من عفتها وحياءها وأخلاقها، وعرضت جسدها للعنف وشرفها للإذلال والإهانة، وتُعرض الأجيال المستقبلية بكاملها للخطر. لكن مخرجتنا ارتأت أن أحسن المشاريع للاستفادة من الدعم المالي (من داخل المغرب ومن خارجه) هو أن تذرف دموع التماسيح على موضوع سهل مفعم بالعواطف المتأججة: "الكبت الجنسي". وفي هذا السياق جاء فيلمها "عاشقة الريف" الذي نعتبره شكلا من إشكال البورنو بوصفات المشاهد الإباحية والوقاحة الزائدة التي لا تصلح حتى لأبناء الشوارع. وتدور أحداث الفيلم في منطقة الريف الجبلية المعروفة بزراعة الحشيش حول معاناة تجربة الفتاة المراهقة "المتمردة" آية (نادية كوندا) التي يدفعها أخوها إلى أحضان صديقه بارون المخدرات (مراد الزكندي) لاحتراف تجارة الجسد للخروج من هول الظروف الاقتصادية القاسية التي تمر بها العائلة. وتقع آية (لاحظوا التسمية بأسماء سور القرآن الكريم وفي ذلك دلالة عميقة) في غرامه وتفضل علاقتها الجنسية معه على أن تتزوج من ابن عمها. إلا أنها تُتهم لا حقا بمحاولة قتل صديقتها راضية (وداد الما) بمساعدة عشيقها تاجر المخدرات ويحكم عليها بالسجن. وتحاول المخرجة بعد ذلك، بطريقة فاشلة (الكليشهات) وعلى نحو رديء، فضح عالم أسرار النساء الخفي والغامض وراء القضبان وما يتكبدن من أوضاع الاعتقال الصعبة، والمعاملة السيئة والمهينة والاستغلال الجنسي والمعاناة اليومية والعلاقات النسائية (السحاق) في جو مشحون بالكلام الذي يخدش الحياء وينم عن نظرة مرضية لا تحترم شعور المشاهد. وتتحول آية في نهاية الفيلم إلى "كارمن" جورج بيزي Georges Bizet الثائرة على القيم والمعتقدات وأبت إلا أن تنتقم لنفسها من نفسها بالانتحار احتجاجا على جميع أشكال التمييز ضد حرية المرأة. ونسأل مخرجة الفيلم هذا السؤال، أيهما أسوأ: الأم التي تأخذ ابنتها إلى الطبيب من اجل عملية غشاء بكارة اصطناعي قصد الزواج (كما جاء في فيلمها) أم الرجل الذي يتبول على وجه امرأة ويرغمها على شرب بوله وتسجله الكاميرا ويعرض في القاعات السينمائية من اجل الكسب المادي؟ ومهما يكن الجواب نقول معه تحيا الرأسمالية. نحن نعي جيدا الصورة النمطية التي تكونت في عقول بعض المستغربين والمستغربات من المخرجين المغاربة الذين لا تعنيهم إلا التبرعات والمنح الغربية لصالح تنفيذ التعليمات الغربية المتعلقة بخلخلة المجتمعات الإسلامية وبخاصة المرأة المسلمة. ويساعد على ذلك التمويل الغربي-الصهيوني للأفلام المغربية (مول فيلم نرجس النجار شركة Tarantulaالتي يملكها الصهيوني Joseph Rouschop) حتى يتسنى للناشطات داخل الحركة النسوية الهدامة التطبيق الحرفي لأجندة المقررات واتفاقيات المؤتمرات الدولية للمرأة. ومن المؤسف له جاهزية بعض المخرجين المغاربة، نساء ورجالا، لإفساد المجتمع وسلخه من قيمه وأخلاقه. وقد اجتمع كل من مصالح الآلة الإعلامية الضخمة التي يسيرها النفوذ الغربي-الصهيوني، مع أهداف المنخرطات في الحركة النسوية الغربية والغريبة، في تقديم صور نمطية مشوهة للمرأة المسلمة. وتدعي هذه الحركة تحرير المرأة لكنها في الحقيقة حركة انحرافية أغرقت المرأة في أوحال المتاهات الاجتماعية والهوس الجنسي والجدال التافه. ومشكلة هذه الحركة النسوية مع المرأة العربية المسلمة هي الحجاب. فهي ترى في الحجاب نوعا من الاضطهاد والاستغلال والمكان المتدني للمرأة في العالم العربي-الإسلامي، ولهذا السبب تريد هذه الحركة تحريرها من "الأغلال". لكن الحقيقة الغائبة هي النوايا المبيتة لهذه الحركة وهي صناعة "جيش" من النساء العربيات والمسلمات لتوسيع سوق الإنتاج والاستهلاك لبضاعة الغرب الفاسدة من أحمر الشفاه الفرنسي إلى "الجينز" الأمريكي تتحول معه المرأة إلى جسد مغر وسلعة مشتهاة متناثرة على أطراف الشوارع. وأخطر من ذلك هو استهداف الدين الإسلامي طبقا للنظرة الغربية المتأصلة التي ترى أن واحدا من الأسباب الذي أدى إلى اضطهاد النساء هو الدين الإسلامي. ونجحت بالفعل هذه الحركة في صوغ قوانين للأسرة وللأحوال الشخصية في بعض بلداننا العربية والإسلامية. فالحركة تكيل اللوم مباشرة إلى الإسلام وتحمله مسؤولية إهانة المرأة وازدرائها. والمقصود دائما من تعرية واقع المرأة العربية-المسلمة الإساءة للإسلام بأحط النعوت والتسميات كما جاء في فيلم نرجس النجار. الاسلاموفوبيا اعتقد فوزي بنسعيدي انه قادر بفيلمه "موت للبيع"، الذي جاء مشحونا بنفس المشاهد الإباحية والفضائح الجنسية والكلام الساقط الذي طبع فيلم "عاشقة الريف"، أن يلعب اللعبة القديمة نفسها التي لعبها المستشرقون بتصوير الإسلاميين في موقع الذين سيعيدون العالم العربي للقرون الوسطى. وفيلمه هذا دعاية رخيصة تعزز مفهوم "الاسلاموفوبيا" وسيساعد لا محالة على تنامي المشاعر السلبية تجاه الإسلام والمسلمين في المجتمعات الغربية وسيعرض مسلمي دول الغرب للتجريح والإساءة. وقصة الفيلم دراما خيالية في حد ذاتها لكنها سخيفة وفارغة المحتوى وتافهة ولا توجد فيها حبكة، تصور مسار ثلاثة أصدقاء في شمال المغرب (مدينة تطوان) يعيشون على السرقة والنهب، هم مالك (فهد بنشمسي)، وعلال (فؤاد الأبيض)، وسفيان (محسن مالزي)، ودنيا (إيمان مشرافي) التي لعبت دور العاهرة ومن سوء حظها عدم توفقها في أداءه بشكل مقنع، كما لم يتوفق فوزي بنسعيدي في أداءه دور الضابط الشرطي. ويقرر الشبان الثلاثة لاحقا سرقة محل مجوهرات اليهودي المغربي (هل يلاحظ أحد منكم وجود نمط هنا بين فوزي بنسعيدي وليلى المراكشي). ولا يوجد في الفيلم أرضية تؤسس لحكاية بقدر ما يجعلنا نرى شخوصا تائهة تعيش في الدوران مما أعطى انطباعاً أن الفيلم لا يتقدم ولكنه يدور حول نفسه في قصص فرعية تؤثر سلبا على التماسك العام وسلاسة الإيقاع. وإحدى مشكلات الفيلم عدم إدراك المخرج جوهر الدراما التي تحتاج إلى التوظيف المنسق لبناء الشخصيات والأحداث ودفعها إلى الأمام. وفجأة، وبطريقة فولكلورية وكاريكاتورية، وبعد انقضاض ثلثي الفيلم، يستقر السيناريو على شيء جديد يستهدف التطرف الديني (هنا بيت القصيد)، حيث يقع سفيان في قبضة "عصابة" من المتطرفين السلفيين الذين باعوا له الموت مقابل الجنة. ويطلق المخرج العنان لنفسيته المريضة ويقدم صورة مشوهة معتمدة تقر أن السلفيين وحوش مهووسون ساديون في حالة الهياج العصبي يتحصنون في قمم الجبال وفي أدغال الغابات ويحملون السيوف (في إشارة واضحة أن الإسلام يكرس العنف) ويتدربون ليل نهار وكأنهم يهيئون أنفسهم لإعلان الحرب على الجميع. ويحذر الفيلم انه إذا تُركوا لأنفسهم فسوف يفاجئون المغاربة بعقليتهم المتشددة، لان العنف والقتل والتعصب وهواية سفك الدماء هي مهنتهم، وهذا همهم الأكبر. ويتضح بشكل كبير، مع اقتراب نهاية الفيلم وبعد السطو على متجر اليهودي، أن سفيان تعرض لعملية غسل دماغ من طرف السلفيين حيث قرر قتل صاحب المتجر لأنه الطريق الأقرب إلى الجنة. وفي مشهد استسلامه أمام المتجر إلى الشرطة، ملطخا بالدماء وكأنه خرج لتوه من مجزرة الحيوانات، يتبين للمشاهد أن سفيان لم يأت من اجل ذهب اليهودي ولكن أتى من اجل الله. ولم ينطق بكلمة واحدة، وهو يستسلم، واكتفى برفع عينيه إلى السماء وشعر بالارتياح لان الجنة هي مأواه. ونظرا لرسائل الفيلم الملغمة على خرائط الموت والحياة تحتفي المهرجانات السينمائية الدولية بفيلم بنسعيدي ويتمتع بلمعان إعلامي مصاحب لافت للنظر. هذا الحقد الإسلامي الزائف لا أساس له من الصحة. والغائب في رؤية بنسعيدي أن السيف هي رؤيا استشراقية وإلا فليخبرنا عن حادثة سيف واحدة أو عن جندي واحد من جنود المسلمين الذين وفدوا إلى أراضي الهند والصين واندونيسيا وماليزيا والفيليبين أو وسط إفريقيا وجنوبها. هذا هو بالضبط ما يجهله فوزي بنسعيدي أو ما يعول عليه ويتصور مع نفسه أن الشعوب العربية-الإسلامية لا تعرف شيئا عن ماضيها. وليستمع الآن إلى شهادة بعض عظماء الغرب على رحمة هذا الدين. يقول جوستاف لوبون Gustave LeBon: "ما عرف التاريخ فاتحاً أرحم ولا أعدل من العرب". ويقول سير توماس Sir Thomas: "إن الفكرة التي شاعت أن السيف كان العامل في تحويل الناس إلى الإسلام بعيدة عن التصديق. إن نظرية العقيدة الإسلامية تلتزم التسامح وحرية الحياة الدينية لجميع أتباع الديانات الأخرى، وإن مجرد وجود عدد كبير جداً من الفرق والجماعات المسيحية في الأقطار التي ظلت قروناً في ظل الحكم الإسلامي لدليل ثابت على ذلك التسامح". وتقول المستشرقة الألمانية سيجريد هونكه Sigrid Hunke مؤلفة الكتاب المهم والشهير "شمس العرب تسطع على الغرب": "إن الإسلام أعظم ديانة على ظهر الأرض سماحة وإنصافاً نقولها بلا تحيز ودون أن نسمح للأحكام الظالمة أن تلطخه بالسواد، وإذا ما نحينا هذه المغالطات التاريخية الآثمة في حقه، والجهل به فإن علينا أن نتقبل هذا الشريك والصديق مع ضمان حقه في أن يكون كما هو". أما الروائي الروسي والفيلسوف الكبير ليو تولستوي Leo Tolstoy الذي أعجب بالإسلام والذي تقول عنه الأديبة "فالاريا بروهوفا" انه أسلم في أواخر حياته فكانت شهادته على هذا النحو: "إن محمدا (صلى الله عليه وسلم) هو مؤسس ورسول، كان من عظماء الرجال الذين خدموا المجتمع الإنساني خدمة جليلة، ويكفيه فخرا أنه أهدى أمة برمتها إلى نور الحق، وجعلها تجنح إلى السكينة والسلام، وتؤثر عيشة الزهد ومنعها من سفك الدماء و تقديم الضحايا البشرية، وفتح لها طريق الرقي و المدنية، وهو عمل عظيم لا يقدم عليه إلا شخص أوتي قوة، ورجل مثله جدير بالاحترام والإجلال". ويتابع "من فضائل الدين الإسلامي انه أوصى خيرا بالمسيحيين واليهود... وأمر بحسن معاملتهم ومؤازرتهم، حتى أباح هذا الدين لأتباعه بالتزوج من المسيحيات واليهوديات مع الترخيص لهن بالبقاء على دينهن ولا يخفى على أصحاب البصائر النيّرة ما في هذا من التساهل العظيم". ليس الغرض من هذه المقالة عرض حقائق كل العلماء والمفكرين الغربيين الذين أنصفوا الإسلام لان المقالة لا تتسع لذلك وإنما الغرض أن نقوم بمقاربة بسيطة عسى أن يستفيد منها مخرجنا المغربي المتحامل على "حضارة الإسلام العنيفة" لتحويل الأنظار على "حضارة أوروبا الهمجية" التي وصفها المؤرخ البريطاني الشهير "ارنولد توينبي" بأنها (الحضارة الغربية) "أكثر الحضارات إجراماً في التاريخ". ما ناسف له على مخرجينا المغاربة هو حالة الجهل الشديد التي يتمتعون بها والمعلومات التاريخية الخاطئة التي ينجرفون ورائها لتضخيم "العنف الإسلامي التاريخي" والسعي للتغطية على الأعمال البربرية الأوروبية المتواصلة منذ طرد المسلمين من الأندلس واكتشاف "العالم الجديد" سنة 1492. ف"الشر المطلق في التاريخ"، كما يسميه الكاتب الايطالي بيترو شيتاتي، تحقق على يد الأوروبيين الذين أزهقوا الأرواح بالملايين واخضعوا شعوب العالم إلى التعذيب الوحشي وبتوا جوا من الرهبة والخوف في قلوب العالمين وتسببوا في حربين عالميتين واستعملوا القنبلة النووية على السكان المدنيين، ومع ذلك تجدهم يرصدون كل الجوانب المادية الضخمة للنبش في 1400 سنة خلت لقتل كل ضمير حي يسعى لفضح تزوير التاريخ. ونكتفي بإحالة بنسعيدي على مؤرخين غربيين فقط (تزخر كتابتهما بالمراجع التاريخية الهامة) فضحوا هذا التزوير وكشفوا عن المجازر الأوروبية، الأول المؤرخ الفرنسي بيير شوني Pierre Chaunu الذي تجرد من كل شيء ليفضح موجات المذابح وإبادة الهنود الحمر في القارة الأمريكية من طرف الأوروبيين وليصل إلى النتيجة الحتمية أنها كانت وحيدة فريدة في وحشيتها وفظائعها وصنفها بأبشع الإبادات التي عرفها تاريخ البشرية! والثاني المؤرخ الأمريكي ديفيد ستانارد David E. Stannard في كتابه الكلاسيكي "المحرقة الأمريكية: الاستيلاء على العالم الجديد" "American Holocaust: The Conquest of the New World حيث قدر، مثله مثل المؤرخ الفرنسي شوني، أن ما بين 95 إلى 100 مليون من الهنود الحمر، في نصف الكرة الأرضية، لقوا حتفهم من قبل سيوف وبنادق الأوروبيين الغازين المستعمرين. أما المفكر والفيلسوف الفرنسي روجي جارودي فيضيف إلى إبادة الهنود الحمر إبادة أكثر من مائة مليون من السود الأفارقة الذين تعرضوا للوحشية الهمجية والق