نظمت حركة التوحيد والإصلاح بجهة الشمال الغربي يوم الجمعة الماضي بقاعة الندوات التابعة للقصر البلدي بطنجة ندوة حول تأثير الربيع العربي على الحركات الإسلامية ، شارك فيها نخبة من الباحثين الشباب الذين قدموا كعادتهم مساهمات ستثري بلا شك النقاش الدائر بالمغرب حول هذا الموضوع . وأول ما أثار انتباه الحاضرين هو الحضور المبكر للشيخ محمد الفزازي أحد ما يسمى شيوخ السلفية بالمغرب ،حيث شوهد وهو يستمع بإمعان مثير لمدخلات الشباب الموجود في المنصة ،رغم طول المداخلات التي تعدى بعضها الوقت المخصص ،وفي الوقت الذي كان يعتقد فيه البعض أن الشيخ الذي قضى أزيد من 8 سنوات وراء القضبان بتهم غير واضحة ولا مقنعة ،أنه سيغادر بعد توقف الندوة لأداء صلاة المغرب ،عاد الفزازي ليكمل الندوة إلى آخرها ،بل وحرص على الهامش أخذ صور مع القيادات المحلية والجهوية لحركة التوحيد والإصلاح ومداعبتهم ومضاحكتهم،مما اعتبره البعض محاولة منه لتعزيز تقاربه مع حزب العدالة والتنمية الذي كانت قياداته المحلية في ذلك الوقت مشغولة بدورة مجلس المدينة التي احتضنها قاعة أخرى بنفس القصر البلدي .ليؤكد بذلك الفزازي النهج الذي صار عليه منذ إطلاق سراحه حيث اغتنام أي فرصة لإبداء التقارب من حزب ابن كيران .وهو أمر لم يكن بهذا الشكل قبل سنوات حيث كانت قيادات العدالة والتنمية والتوحيد والإصلاح تتعامل بنوع من التردد مع الشيخ الفزازي ،لدرجة أن جريدة التجديد كانت ترفض نشر مقالات الفزازي،وهذا بطبيعة الحال من أثر وبركات ربيع الأمة . وثاني ما أثار الإنتباه هو حديث المداخلات بشكل إيجابي جدا عن الحركات الإسلامية المغربية بما في ذلك التيار السلفي لدرجة أن بالغت بعض المداخلات في الإطراء،ولم نسمع طيلة وقت الندوة عن أي انتقادات حادة كما كنا نسمع قبل الربيع العربي ،نعم كانت هناك انتقادات لكنها كانت ناعمة جدا ،وكلنا يتدكر كيف كانت بعض الأسماء المشاركة توجه ملاحظاتها الحادة جدا خصوصا للتيار السلفي بعد أحداث 16 ماي الدموية التي اتضح اليوم أن لا علاقة لشيوخ السلفية بها ،وأنها دبرت لأجل فرملة حركيتها .وهذا بطبيعة الحال من بركات ربيع الأمة . وثالث ما يثير الإنتباه هو أنه طيلة الندوة لم تشر المداخلات لا من قريب ولا من بعيد لمكونات من الحركة الإسلامية رغم أن لها حضورا أصبح اليوم بارزا ،ورغم أيضا أن من الأسماء المحاضرة من كتب حولها وخصص لها مؤلفات ومع ذلك تم تهميشها في هذه الندوة وهذا أمر لا يستقيم ،خصوصا وأن أثر الربيع العربي كان واضحا عليها ،وعلى قياداتها التي غادرت السجن بسبب ضغط الشارع الذي تحرك في إطار الربيع العربي ، وبسبب هذا الأخير أيضا نالت حقها في التنظيم ،وكل هذا من بركات ربيع الأمة . في الحقيقة حسنا فعلت حركة التوحيد والإصلاح بتنظيمها لهاته الندوة التي خصصتها للحركات الإسلامية على اعتبار أنها أصبحت القوة السياسية الأولى في المغرب ،وكانت ستكون أفضل لو لم يكن هناك اقصاء لأحد مكوناتها التي أصبحت لهم مكانة اليوم في المغرب ،ولكن بالتأكيد أن للأمر علاقة بأمور تقنية لن تتكرر في المستقبل