في الساعة الثامنة والنصف من مساء يوم الثلاثاء 3 يناير 2012 جلست كغيري من المغاربة أمام شاشة التلفاز لمتابعة النشرة الرئيسية التي خصصت بالكامل لحدث تعيين الملك لحكومة بنكيران التي تأخرت طويلا لا بسبب النقاش البرنامجاتي ولكن بسبب الصراع حول المقاعد الوزارية بين أحزاب الأغلبية من جهة ،والتحفظات الكثيرة التي أبداها القصر حول عدد من الأسماء من جهة ثانية. والمثير في هذا الاستقبال الذي جرى بقاعة العرش بالقصر الملكي بالرباط هو استمرار الطريقة التقليدية المعروفة التي دأب البروتوكول الملكي على نهجها في كل المناسبات البارزة،حيث الإنتظار الطويل، والإنحناء الحاط بالكرامة،وتسابق الوزراء على اسماع أصواتهم عند تأدية القسم بطريقة مضحكة. وكم كان مضحكا ونحن نشاهد كما أظهرت ذلك صور القناة الأولى أسماء بارزة كالدكتور محمد نجيب بوليف والاستاذ مصطفى الرميد والأستاذ مصطفى الخلفي .. وغيرهم ،وهم يسترقون النظر إلى داخل قاعة القصر وأعينهم "تتراقص" في انتظار وصول دورهم في الدخول ،ووجوهم بادية عليها علامات "الإرتباك" و"الخجل"،ثم الدخول بعدها للسلام على الملك قبل التوقف ثلاث مرات مصحوب بانحناءة حاولوا أن تكون "خفيفة". وكان بإمكان تفادي هاته الطريقة "المهينة" التي لم تكن ضرورية ،وإبداع طريقة جديدة مناسبة ،تتماشى مع ما يشهده المغرب من حراك شعبي ،ومطالب شبابية جذرية كل هذا يقتضي نهج أسلوب حكم جديد يواكب التطور ،ويستجيب لانتظارات الشعب المغربي الذي من بين آماله تجديد الملكية وتطويرها في اتجاه الإنفتاح،.خصوصا وأن هناك مطالب متعددة لعدد من الفاعلين السياسيين بإلغاء الطقوس القديمة. قد يعتبر البعض أن مثل هاته الدعوات شكلية والشعب المغربي ينتظر المضمون ،نقول أن الشكل هو مقدمة ضرورية للمضمون،وكانت مناسبة سانحة للوزراء المحسوبين على الفئة "المناضلة" للتخلص من ثقل طقس لم تعد تعتمده حتى الملكيات والإمارات الغارقة في "التقليدانية".فكيف يعقل أن يصدر مرسوم ملكي بالسعودية بإلغاء تقبيل يد الملك وإلغاء كل الأشياء الحاطة بكرامة الإنسان حسب لغة المرسوم منذ سنوات ،مع العلم أنه في السعودية لا توجد جمعيات ولا أحزاب ولا منظمات حقوقية بالقوة التي توجد عندنا في المغرب،ومع ذلك تستمر طقوس مخزنية عتيقة لا ندري إلى متى؟