وصف تقرير قدمته "مؤسسة يطو لإيواء وإعادة تأهيل النساء ضحايا العنف"، حول نتائج المحطة الأولى لقافلة النساء الإفريقيات بمنطقة أزيلال، أول أمس الثلاثاء في الدارالبيضاء، أوضاع نساء المنطقة ب"الكارثية"، إذ أن سكان الدواوير بالمنطقة، يجهلون مستجدات مدونة قانون الأسرة، رغم مرور 5 سنوات على تعديلها. وأشار التقرير إلى أن منطقة إكمير، بجماعة أيت عباس، تعتبر حالة مثيرة ضمن عدد هائل من دواوير أيت امحمد، وتامدة نومرصيد، موضحا أن كل الزيجات تجري في سن مبكرة، مابين 11 و13 سنة، زيادة على تفشي ظاهرة تعدد الزوجات، والهجر والتطليق، وحرمان الأطفال من النفقة، والحرمان من الإرث، نظرا لغياب الوثائق الثبوتية، من قبيل عقد الزواج، وعقد الازدياد، والحالة المدنية، بالإضافة إلى الارتفاع المهول لظاهرة الهدر المدرسي، ابتداء من السنة الرابعة والخامسة ابتدائي، بسبب غياب هذه الوثائق. ورصد التقرير الخصاص الصحي المهول، الذي تعرفه المنطقة، فدوار إكمير أيت عباس، يتوفر على مستوصف وحيد، يفتقر إلى التجهيزات والأدوية، ويشرف على إدارته ممرض، رغم أنه من المفروض، حسب التقرير، أن يشرف على تطبيب سكان 14 دوارا، يبلغ عدد سكانها 6400 نسمة. ويوجد بقرية أيت امحمد مركز للولادة ومستوصف، لكنهما بعيدان عن أغلب الدواوير المحاصرة بين الجبال، مع سوء حالة الطرق، وصعوبة تنقل سكان الدواوير المجاورة إلى مركز الاستشفاء. كما أشار التقرير إلى "النقص الكبير في التجهيزات والأدوية الضرورية والأساسية". وينتظر أن يستفيد من خدمات المستوصف ودار الولادة، كما جاء في التقرير، 33 دوارا، يبلغ عدد سكانها 1728 نسمة. وينطبق الأمر نفسه على منطقة تامدة نومرصيد، التي تتوفر، بدورها، على مستوصف للعلاج، يشرف عليه طبيب واحد وممرضة، بينما يلجأ لخدماته الطبية 19 دوارا، يبلغ عدد سكانها 11 ألفا و260 نسمة. وأفاد التقرير أن أكثر السكان تضررا من الافتقار إلى الخدمات الصحية، هم النساء والأطفال، إذ سجلت شهادات الرجال والنساء المستفيدين من الاستشارات الطبية، والفضاءات المخصصة للحوار، التي وضعتها القافلة رهن إشارتهم، أن النساء الحوامل في حالات الوضع المستعصية يحملن على أكتاف الرجال أو فوق الدواب، ويمشين طيلة الليل، أحيانا، من أجل الوصول إلى مستشفى أزيلال، على بعد 45 كلم عن إكمير، بأيت عباس، أما النساء اللواتي تستعصي ولادتهن، يتوفين، أحيانا، في الطريق قبل بلوغ المستشفى. وترتبط أغلب الأمراض بالمنطقة، حسب التقرير، بالفقر، وتلوث البيئة، ومن أكثر الأمراض تفشيا، الحساسية والربو، وآلام الظهر والمفاصل، بسبب حمل الأثقال والأشغال الشاقة للنساء، والأمراض المنقولة جنسيا بسبب انعدام الوقاية، وفقر الدم، بسبب سوء التغذية، والتهاب الغدة الدرقية، وانعدام مادة اليود في التغذية، والالتهاب الرئوي، والتهابات الجهاز الهضمي، وأمراض الرحم لدى النساء، بسبب الولادات المبكرة والمتكررة. و بالنسبة لأمراض الأطفال، نبه التقرير إلى ارتفاع معدل الوفيات الناتج عن سوء التغذية، وانعدام النظافة، وإهمال الوقاية من البرد الشديد خلال فصل الشتاء، والولادات المستعصية لدى النساء وانعدام البنيات التحتية والتغطية الصحية. وسجلت القافلة "الانعدام التام للمؤسسات الإعدادية قرب الدواوير"، التي زارتها، باستثناء أيت أمحمد المركز، ما ينتج عنه ارتفاع نسبة الهدر المدرسي، خصوصا وأن الأغلبية الساحقة من الأسر تعيش تحت عتبة الفقر، ولا تستطيع الحصول على منح لتمدرس أبنائها. وارتفعت النسبة إلى 96 في المائة وسط الذكور و98 في المائة وسط الفتيات. كما تعاني مختلف المناطق بأزيلال، حسب التقرير نفسه، من وضع بيئي جد متدهور، بفعل انعدام المطارح لتجميع النفايات المنزلية وغير المنزلية، والانتشار المهول للأكياس البلاستيكية، ونفايات المذابح السرية. وكانت قافلة "السلام والمساواة والمواطنة" للنساء الإفريقيات، التي نظمت بمبادرة من "مؤسسة يطو"، عرفت مشاركة 200 شخص، من مختلف الأعمار، من المغرب، والجزائر، ومصر، وفرنسا، وبلجيكا، ومالي، والسينغال، فضلا عن أطباء وممرضين وأطر مختصة في الإسعافات الأولية. ونظمت القافلة خلال الفترة بين 16 و26 يوليوز الماضي، وساهمت في الاستماع والتوجيه والتحسيس، في مجال التخطيط العائلي، والصحة الإنجابية، والأمراض المتنقلة جنسيا، والتوعية البيئية، فضلا عن الاستشارات الطبية المجانية وتوزيع الأدوية، والتنشيط. وتوجت القافلة بإنشاء جمعية نسائية بجماعة أيت أمحمد، ستسهر مستقبلا على تأطير نساء المنطقة، وتوعيتهن حول التربية على المواطنة، والتكوين المهني.