يشكل المطرح العشوائي للنفايات المتواجد بمدخل مدينة تطوان البؤرة الأكثر سوادا لدى الساكنة المحلية خصوصا منطقة بوحراق واد مرتيل لما يترتب عنه من أخطار مدمرة للصحة والبيئة ، ويظل قطاع الفلاحة المجال الأكثر تضررا جراء هذه المزبلة، باعتباره المورد الوحيد الذي تعتمد عليه ساكنة المنطقة في العيش، نظرا لانعدام أي مصدر آخر يمكن للسكان استغلاله لضمان لقمة عيشهم. لكن رغم هذا، فقد أبت وزارة الداخلية إلا أن تقتطع هذا الجزء الترابي من جماعة بنقريش لتلحقه بالمجال الحضري لتطوان، رغم بعده الجغرافي عن المدينة وضمه لأراض فلاحية شاسعة، والمعارضة الشديدة للسكان المحليين لهذا التقطيع الجديد الذي دخل حيز التنفيذ سنة 2009، ليتم تحويل أجزاء واسعة منها إلى غابات إسمنتية من البناء العشوائي نتيجة تواطؤ السلطات المحلية والمنتخبة مع مافيا البناء ذو الدفع المسبق، وحتى أراضي الحبوس لم تسلم بدورها من سطو عصابات هذا البناء التي استولت على أجزاء واسعة من الأراضي الحبسية دون أي موجب حق، الشيء الذي أثار استنكار وسخط السكان وفلاحي المنطقة. إلا أن التساؤل الذي يطرح بشدة هنا هو: لماذا تم ضم منطقة بوحراق واد مرتيل للمجال الحضري رغم أنها أرض فلاحية بامتياز وتبعد عن المدينة بعدة كيلومترات ولم يتم ضم المنطقة التي تحتضن معمل الإسمنت "لافارج" باعتباره من بين أكبر المشاريع على الصعيد الوطني، حيث لايزال إلى يومنا هذا تابعا لنفوذ جماعة صدينة القروية رغم قربه من المجال الحضري لتطوان؟ نفس الأمر ينطبق على أحياء بوعنان والزرقاء وبني صالح وكيتان وأحديق التابعة لجماعة الزيتون باعتبارها مناطق سياحية من الطراز الرفيع لو تم استغلالها على الوجه الأمثل لضخت ميزانية ضخمة في صندوق الجماعة، كما تم التخلي عن عدة مناطق أخرى محاذية للمدينة ولازالت خاضعة لنفوذ جماعات قروية فقيرة مثل السحتريين والملاليين، لتضم منطقة بوحراق واد مرتيل التي تعتمد على الفلاحة وتربية الماشية كنشاط وحيد يزاوله سكانها، وما هي القيمة المضافة التي ستجنيها الجماعة الحضرية لتطوان من ضمها لهذه المنطقة إلى نفوذها الترابي؟؟ والمثير للاستغراب هنا، هو تخصيص ميزانية ضخمة من وزارة الفلاحة تجاوزت 90 مليون درهم لتجهيز هذه الأراضي على أساس أنها فلاحية رغم تبعيتها للجماعة الحضرية!! فهل توجد أراضي فلاحية داخل المجال الحضري؟ وأي قانون ينص على ذلك؟؟ إنها وبلا شك إحدى عجائب حكومتنا الموقرة والتي تستحق أن تخلد في سجل تاريخها الحافل بالمنجزات العظام وما أكثرها!!! معاناة ساكنة منطقة بوحراق واد مرتيل مع مطرح النفايات السالف الذكر ليست وليدة اليوم، فقد سبق لسكان المنطقة أن وجهوا عدة شكايات وعرائض للسلطات المحلية والمركزية كل حسب اختصاصاته يناشدون من خلالها المسؤولين المعنيين للتدخل قصد إيجاد لهذا المشكل العويص الذي أتى على جل أراضيهم الفلاحية، ناهيك عما يسببه لهم من مشاكل صحية جمة، لكن دون جدوى، فالمياه العادمة المنسابة من هذا المطرح والتي تخترق أراضيهم الفلاحية أثرت بشكل كبير على كل المزروعات والأغراس التي يمتلكونها إضافة إلى نفوق عدد كبير من رؤوس الماشية التي تشرب من هذه المياه، الشيء الذي جعلهم يتكبدون خسائر فادحة سنويا، علما أن المنطقة تفتقر إلى سد يلبي حاجياتهم الفلاحية من ري ومياه الشرب لماشيتهم باستثناء سد تلي صغير مقام بالمنطقة منذ عدة عقود وأصبح لا يسد حاجيات السكان، هذا علاوة على انسداد قنوات الري الشيء الذي يؤثر على فلاحي المنطقة بشكل سلبي يحول دون تنمية مواردهم الفلاحية. معاناة فلاحي هذه المنطقة لا تتوقف عند هذا الحد، بل تتفاقم أكثر في مواسم الأمطار نتيجة قيام المسؤولين عن سد النخلة بإطلاق هذا الأخير كلما ارتفع منسوب المياه به دون إشعار السكان لأخذ احتياطاتهم اللازمة لذلك، مما يكبد الفلاحين خسائر جسيمة. كما أن المنطقة تفتقر إلى أدنى بنية طرقية تفك العزلة عن قاطنيها وتيسر تنقل السيارات والآليات الفلاحية، وهذا ما يتضح جليا من خلال الصورة أعلاه، حيث السيارة الرباعية الدفع التي أقلتنا إلى عين المكان لم تتمكن بدورها من اختراق هذه الأراضي الموحلة، وظلت موغلة في الأوحال التي تغمر المنطقة بأكملها على طول الفصول الممطرة. ولدى جولتنا بالمنطقة، التقينا مع العديد من المتضررين من هذا الوضع من أبناء هذه المنطقة والذين سردوا علينا معاناتهم التي لا تنتهي مع مطرح النفايات وما يلحق فلاحتهم من تدمير وإتلاف جراء ما ذكرناه أعلاه، وفي هذا الصدد صرح لشبكة طنجة الاخبارية الحاج علال العيادي أحد أكبر المتضررين قائلا: ''إننا نقاسي الويلات مع هذه المزبلة التي خربت أراضينا وفلاحتنا جراء المياه العادمة التي تفرزها وتخترق المنطقة لتأتي على الأخضر واليابس، ناهيك عما تسببه لنا من أمراض مزمنة، إضافة إلى معاناتنا مع ندرة المياه لعدم تواجد سد بالمنطقة يلبي حاجياتنا الفلاحية الأساسية وإغلاق قنةات الري مما يؤثر على الفلاحة بشكل كبير، إضافة إلى معاناتنا مع سد النخلة في فصل الشتاء خصوصا عند ارتفاع كميات الأمطار المتساقطة نظرا لما يسببه لنا من جرف وتدمير لمحاصيلنا الفلاحية (...)، فرغم شكاياتنا العديدة التي وجهناها للمسؤولين بخصوص ما نعانيه من مشاكل إلا أننا لم نجد آذانا صاغية، ولم يكترث أحد لمشاكلنا ومعاناتنا‘‘. نفس العبارات رددها جل ساكنة وفلاحي المنطقة الذين نفذ صبرهم اتجاه ما يقاسونه من ويلات جراء هذا الوضع المزري. وفي هذا الإطار، فإن ساكنة منطقة بوحراق واد مرتيل يناشدون مجددا جميع المسؤولين والسلطات المختصة قصد التدخل العاجل لإنهاء هذا المشكل الذي طال أمده، ويطالبون بتعويضهم عن الأضرار الفادحة التي لحقت أراضيهم ومحاصيلهم الفلاحية جراء مطرح النفايات وانسداد قنوات الري، كما يطالبون بإقامة سد تلي بالمنطقة لسد النقص الحاصل في مياه السقي. فهل ستبادر السلطات المعنية للاستجابة لمطالب ساكنة وفلاحي منطقة بوحراق واد مرتيل المشروعة وإنقاذهم من الخطر المحدق بهم وبأراضيهم؟ أم أنها ستظل تصم آذانها تجاه ساكنة هذه المنطقة وتستمر في تجاهل مطالبها إلى أن تحصل الكارثة ويقع ما لا يحمد عقباه؟؟