سمي حي" الفيضان" بهذا الإسم، ارتباطا بالأمطار الطوفانية التي اجتاحت مدينة عين بني مطهر، وتسببت في فيضانات عارمة، غمرت مساحات كبيرة منه، نظرا لموقعه الجغرافي المنخفض؛ الذي تصب فيه السيول الآتية من هضبة" الكارة"، ووقع هذا نهاية الستينات، ومنذ ذلك الحين، لم ينل هذا الحي عطف المسئولين لتحصينه من خطر الفيضانات، حيث مازال يعاني من تداعيات التساقطات المطرية إلى يومنا هذا. بعد التهميش والحيف التاريخي الذي طال جميع أحياء البلدة، استبشر سكان مدينة عين بني مطهر خيرا، خاصة ساكنة حي الفيضان التي تنفست الصعداء، بعد طول انتظار تجهيز حيهم، عندما قرر مجلسنا البلدي فك العزلة عن ساكنة حي الفيضان، وإنقاذ منازلهم من أخطار الفيضانات العارمة التي تهدد أرواحهم وممتلكاتهم، والتي تدخل إلى عقر بيوتهم من حين لآخر. وهكذا، اعتقد الجميع أن هندسة القسم التقني للمجلس البلدي، سوف تضع حدا للمعاناة التي تسببها الأمطار كل سنة وباستمرار، وسوف يقلص من مخاطر الفيضانات والأوساخ التي تجرفها السيول.. لكن، وقع ما لم يكن بالحسبان، بعد بناء قناة لتصريف مياه الأمطار المنهمرة نحو الحي، في محاولة من مجلسنا لتسهيل وعقلنة مرور المياه داخلها، دون إحداث أضرار.. لكن مخطط مجلسنا كالعادة، وكباقي مشاريعه، باء ت بالخيبة والفشل، حيث زاد الطين بلة، وضاعف نسبة خطر الأمطار، وأصبحت القناة غير مستوعبة لكمية المياه المطرية بسبب ضيقها؛ حيث لم يتجاوز عرضها المترين على أبعد تقدير، وأصبحت بمثابة توطئة، وبنيت على شكل حاجز، يسهل اجتياح المياه للمنازل المتواجدة بالواجهة المحاذية للمجرى المائي، موضوع الجدال؛ الذي أنجزه مجلسنا، ليس فقط بصفة عشوائية، بل وبدون أدنى تخطيط ، أو دراسة، أو تقدير. ولو كان الأمر عكس ذلك، لما تسبب مجلسنا في هدر مبالغ مالية في مشروع ترقيعي وفاشل، يفتقد أدنى المواصفات والمقاييس العلمية؛ التي تحدد بدقة، الجوانب التقنية والعملية الضرورية، حيث زاد من حجم الكارثة، بدلا من اجتنابها. إضافة إلى أن المجرى، أصبح مرتعا للوائح الكريهة المنبعثة منها، جراء النفايات والأوساخ التي تؤدي إلى ارتفاع نسبة التلوث؛ مما يؤدي إلى انعكاسات سلبية على ساكنة الحي، لأن مسيري شأننا المحلي، يرفضون القيام بالدراسة، ويفضلون العمل وفق اجتهاداتهم الخاصة، متجاهلين بأن المشاريع الناجحة، تستوجب الدراسة والتدقيق، غير آبهين بالمبالغ المالية المهمة التي تنفق دون أدنى شروط التدبير والترشيد. وبعد الخسائر الكارثية المتعددة التي ألحقت أضرارا كبيرة بسكان الحي، خاصة أصحاب المحلات التجارية الذين تسببت لهم في خسائر مادية جسيمة؛ رغم الملتمسات والاحتجاجات الكثيرة التي عبر عنها سكان الحي، والتي تقدم بها المتضررون إلى مسيري مجلسنا البلدي؛ الذي لم يف بوعوده المتكررة التي التزم بها، وتعهد في أكثر من مناسبة بإيجاد حلول، تتمثل في تغيير اتجاه المياه إلى وجهة أخرى، قبل أن تصل الأمور إلى مالا يحمد عقباه. وما يثير الضحك، هو عندما اجتهد مسيرو مجلسنا بتغيير سيول المياه، عن طريق نقل هياكل السيارات القديمة، وتغطيتها بالتراب، علها تساعد على تصريف المياه التي تنزل صوب الزنقة10 إلى وجهة أخرى. ألا يعلم مجلسنا أن هناك مكاتب ومهندسون مختصون في دراسة المشاريع قبل تنفيذها؟.. هذا وجه من أوجه التسيير الذي تعرفه جماعتنا، فكيف ترجو ساكنة عين بني مطهر الخير من منتخبين، لا يقدرون معنى المسؤولية ودلالتها؟ وأمام صمت الجميع، وبعد طول الترقب، نفذ صبرهم، وبادروا إلى إرسال عريضة احتجاجية، تحمل أزيد من 45 توقيعا لسكان، كلهم متضررون من جراء سوء تسيير جماعتنا، إلى كل من السادة عامل صاحب الجلالة على إقليم جرادة، وإلى الباشا رئيس دائرة المدينة، ملتمسين منهم التدخل العاجل لإنقاذهم من شرور مشاريع مجلسنا التي تزيد من حدة مشاكل سكان البلدة، بدلا من تخفيفها. ومن باب الغيرة على أساليب التسيير التي ينهجها مجلسنا، يتساءل سكان مدينة عين بني مطهر: متى سوف يتم إيقاف مسلسل المشاريع العبثية؟ ومن المسؤول عنها؟ و حول الكيفية الغريبة التي تقام بها المشاريع في مدينتنا؟ ومتى ينام سكان حي الفيضان، دون التفكير في الأمطار التي ترعب الأطفال والنساء عند مرور كل سحابة فوق سماء بلدتنا؟ كارثة بيئية وصحية ببلدية عين بني مطهر في الوقت الذي يسعى الجميع إلى العمل بحكامة نوعية على دعم ثوابت التنمية، قصد تنشيط الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والأيكلوجية لتدبير مخططات التنمية، تبقى الجماعة الحضرية لمدينة عين بني مطهر، نموذجا لسوء التسيير والعشوائية، رغم مرور الذكرى الثلاثين لصدور ميثاق 1976 الجماعي؛ الذي يسعى إلى جعل الجماعة قوة اقتراحية في مسلسل التنمية، خاصة على المستوى المحلي والجهوي. ومن منا لا يعلم ما للمجال البيئي من أهمية وانعكاسات على الوضع الاجتماعي. فبلدية عين بني مطهر، ليست فقط غير قادرة على أن تكون شريكا حقيقيا للخواص، وللمجتمع المدني، بل أصبحت غارقة في مسلسل العشوائية التي طالت جميع مشاريعها ومرافقها، فمن شهوة التفويتات الغير القانونية، والتطاول على الأملاك العمومية، إلى تشجيع التمدن الفوضوي، وإنجاز المشاريع الفاشلة، لم يسلم حتى المجال البيئي من عسف مجلسنا؛ إلى درجة أن الوضع البيئي والصحي، أصبح لا يبشر بخير. خاصة أن ظاهرة التصحر، أضحت خطرا زاحفا لا مفر منه، ناهيك عن غياب الثقافة البيئية والمجال الأخضر لدى مجلسنا. وفي هذا الصدد، فإن ما يثير الانتباه في مرافق جماعتنا، هو مكتب حفظ الصحة؛ الذي يفتقر بدوره إلى أدنى الشروط الصحية، وهو الآخر في أمس الحاجة إلى من يهتم بصحته وعافيته، نظرا لعدم توفره على ممرض. وفي ظل شلل مكتبنا الصحي، يلاحظ غياب المراقبة التامة، والتي من المفروض أن تجرى بانتظام، سيما داخل سوقنا الأسبوعي الذي أضحى بمثابة مزبلة ومرتع لمختلف المرضيات والظواهر، كظاهرة الذبح دون ترخيص Abattage clandestin، إضافة إلى المطاعم الغير المرخصة التي انتشرت في بلدتنا، والمواد الاستهلاكية التي تباع في ظروف غير سليمة؛ أما مجزرتنا، فهي في وضع لا يحسد عليه، فحالها يحتاج هو الآخر إلى إعادة النظر، هذ، علما بأن جماعتنا تتوفر على موارد مالية جد هامة، خاصة أن مسيري مجلسنا، لم يستطيعوا على امتداد ما يفوق15 سنة، إنجاز أدنى ما يمكن إنجازه، وهو مطرح لمعالجة النفايات، أو على الأقل تدبير مسألة النفايات، مما أدى إلى وقوع كارثة حقيقية، تتمثل في انتشار الأكياس البلاستيكية؛ التي أصبحت تغطي معظم المساحات والأراضي، خاصة أنها لا تتلاشي إلا بعد 100سنة ضوئية، مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة التلوث.. وهكذا، وعلى مقربة من مقر مجلسنا، يتخلص بائعو الدجاج من نفاياتهم، دون رقيب أو حسيب، وكأن طبيعة بلدتنا، لا تستحق العناية والاكتراث. ناهيك عن مصبات مجاري الوادي الحار؛ التي تصب في قلب الأراضي الفلاحية، والتي تضاعف من مخاطر امتداد التلوث إلى الفرشة المائية، الأمر الذي يزيد من الانعكاسات السلبية على طبيعة المدينة والمنطقة بشكل عام، وكأن بلدتنا لا تراهن على المجال الفلاحي، وعلى تربية الماشية. وهذا وجه آخر من أوجه التسيير الذي تعرفه جماعتنا، فكيف ترجو ساكنة عين بني مطهر الخير من منتخبين، لا يقدرون الوضع البيئي، ولا يهتمون بصحة وسلامة المواطنين، إلى درجة أن صحة الجميع، أصبحت معرضة للتهديد، في ظل غياب الدور المنوط بمكتب حفظ الصحة بجماعتنا، خاصة أثناء فصل الصيف الذي تتكاثر فيه الآفات والأمراض، مثل داء السعر، وحوادث السير.. هذا، علما بأن جماعتنا لا تتوفر إلا على سيارة إسعاف واحدة، قدمت لها كهبة... و من باب الغيرة على أساليب التسيير التي ينهجها مجلسنا، يتساءل سكان مدينة عين بني مطهر: متى سوف يرون أحياء نظيفة؟، ومتى سوف تحظى بيئة مدينتهم بالعناية؟ ومتى تحسن ظروفهم الصحية؟