* اعتقدت جهة ما داخل الدولة المغربية أنها باعتقال الأستاذ محمد المرواني واتهامه "بالإرهاب" ،ستضعف حزب الأمة أو على الأقل سيساهم في "فرملة" خطواته المتتالية والثابثة السياسية والتنظيمية ناسية أو متناسية أن الحزب الذي استطاع تجاوز مقتضيات قانون الأحزاب التي تضع حواجز لا يستطيع القفز عليها الا من علا كعبه وتنظيمه ،لا يمكن ازاحته بالسهولة التي تصورتها، وأن محمد المرواني رغم مكانته التنظيمية والتنظيرية والفكرية ليس هو الحزب ، بل إن للحزب أطرا ومؤسسات وقواعد وفروع ، وتنظيمات موازية ،وله تواجد معتبر في12جهة من أصل16. وكما يبدوا فإن حزب الأمة خرج منتصرا في معظم المعارك التي أرغم على الدخول فيها كما سنرى منذ تأسيسه،ولم يحدد لها لا مكانا ولا توقيتا ،بل هي "منح" أتت دون تخطيط مسبق ،ووزارة الداخلية هي التي كانت مبادرة ومحددة. فكانت البداية لما رفضت السلطات المغربية وبدون تقديم أي مبرر "منح" ترخيص لعقد المؤتمر التأسيسي في قاعة عمومية كباقي التنظيمات الأخرى ،واضطر معه الحزب عقد عرسه التأسيسي في المقر المركزي للحزب الاشتراكي الموحد الذي يعتبر أحد أبرز أضلاع القطب الديمقراطي المنتظر تفعيله الذي يضم أيضا حزبي الأمة والبديل الحضاري الاسلاميين. وكعادتها نزلت قواعد الحزب بشكل حماسي ومكثف رغم ضيق القاعة ،وحضرت أيضا في الجلسة الافتتاحية أسماء سياسية ونقابية وفنية بارزة يتقدمها محمد مجاهد ومصطفى الرميد ومحمد الخالدي وحسن النفالي ..وغيرهم،وتابعت الحفل السياسي مختلف وسائل الاعلام الوطنية والعربية والدولية بطريقة فاجأت الجميع. ليدخل الحزب بعدها معركة ثانية قانونية هذه المرة ،حيث أحال وزير الداخلية ملف حزب إخوان محمد المرواني الى المحكمة الإدارية بالرباط في سابقة هي الأولى من نوعها بالمغرب ،بعدما أنكر في رده على سؤال لنائب برلماني توصل مصالح وزارته بالملف الكامل لحزب الأمة. وفي الوقت الذي كان ينتظر فيه الجميع صدور حكم ايجابي من طرف هيئة المحكمة الإدارية بالرباط بعدما ظهر للجميع الحقيقة المرة التي لم تتقبلها السلطات المغربية ،وهي أن احترام القانون سيؤدي الى اعتراف غير مرغوب فيه في المرحلة الراهنة بحزب سياسي جديد بمرجعية اسلامية ،أعلنت وزارة الداخلية وبدون مقدمات - المعركة الثالثة- عن اعتقال محمد المرواني أمين عام حزب الأمة الى جانب قيادات سياسية أخرى ،واتهمته في تجاوز خطير لقرينة البراءة ،وتدخل مباشر في وظيفة القضاء ،بقيادة "خلية ارهابية" تتوخى قلب النظام عن طريق حجز وحمل السلاح ،ليصاب الجميع بالدهشة والصدمة. فكانت نتيجة كل هذه المعارك التي دخلها حزب الأمة مكرها ،أن حقق في تقديرنا الحزب نجاحا على الأقل على أربع مستويات : أولا على المستوى الإعلامي :حيث اهتمت وسائل الإعلام بقضية محمد المرواني ومن معه بمختلف تلاوينها ،بشكل ساهم في التعريف بالحزب ووثائقه ومواقفه وقيادته على نطاق واسع ،وهو الأمر الذي لم تكن تنتظره مؤسسات الحزب ،فقنوات "الجزيرة والعربية والمنار والعالم "على سبيل المثال لا الحصر استضافت قيادت الحزب أكثر من مرة ،فكانت مناسبة ملائمة للتوضيح والتعريف والمطالبة والبروز أيضا. ثانيا على المستوى السياسي: ويتجلى النجاح أساسا هنا في توسيع دائرة التضامن ،حيث تم تحويل لجنة التضامن مع حزب الأمة في الحصول على وصله القانوني الى اللجنة الوطنية للتضامن مع المعتقلين السياسيين الستة ،التي تضم في صفوفها مختلف الحساسيات السياسية والحقوقية والنقابية والجمعوية والفنية والفكرية والإعلامية ،اليسارية والاسلامية ،ويمكن أن نطلق على هذا التجمع الغير مسبوق في التاريخ السياسي المغربي بالتحالف الغير معلن ،خصوصا وأن مكوناته تنتمي للصفين الديمقراطي والاسلامي. ثالثا على المستوى الحقوقي :حيث عمق حزب الأمة علاقاته مع مختلف الجمعيات الحقوقية الوطنية والعربية والدولية ،وأنجزت الإطارات الحقوقية المشار اليها تقارير تنتقذ فيها التعامل السلبي للسلطات المغربية مع مشروع حزب الأمة ،وبعضها نظم لقاءات -المنظم والوسيط- نوقشت فيها بعض الوثائق الصادرة عن محمد المرواني من داخل سجنه-نعم الإصلاح الديمقراطي ممكن مغربي-.
رابعا على المستوى التنظيمي:فرغم الحصار المضروب على الحزب قانونيا واعلاميا ..استطاع تفعيل مجموعة من الإطارات الموازية الشبابية منها على الخصوص وكان لافتا للإنتباه صدور بيانات لشبيبة الحزب تطالب بتسريع الإصلاح الديمقراطي ،ومشاركتها الفعالة والوازنة في عدد من المحطات النضالية. وفي خطوة نوعية أعلنت الأمانة العامة لحزب الأمة عن تنظيمها لوقفة احتجاجية أمام مبنى البرلمان بمناسبة الذكرى الأليمة الثالثة لاعتقال أمين عام الحزب وللمطالبة أيضا بحقة المشروع في التنظيم والتعبير ،وهي مبادرة تنذر بتطور تنظيمي وسياسي مثير لهذا الحزب الفتي ،ساعده في ذلك أمرين:أحدهما داخلي والآخر خارجي فالداخلي يتمثل في الإحساس بالظلم الكبير الذي تعرض له الحزب باعتقال أمينه العام ،وحرمانه من حقيه في الوجود القانوني ،مما جعل التماسك الداخلي للحزب يزداد ،أما الخارجي فيتجلى في نسيم الحرية الذي يهب هاته الأيام على مجموعة من الدول العربية ،وتأثيره طبعا على المشهد السياسي المغربي. ولا سبيل أمام السلطات اليوم إلا أن تعيد الاعتبار لهذا الحزب القادم بقوة سياسيا وتنظيما من خلال منحه الوصل القانوني شأنه في ذلك شأن التنظيمات التي أمنت وجودها القانوني ،وإطلاق سراح قائده وباقي القيادات المعتقلة معه،أما ماعدا هذا فالاحتجاج سيتواصل وسيتضاعف والمغرب لن يكون في منئا عن ما يجري في محيطه. [email protected]