يوحي اسمها (مشروبات الطاقة Energy drinks) بأنها تحتوي على طاقة حرارية كبيرة High energy ، وتشير إعلاناتها إلى أنها مفيدة وذات طعم رائع ومدهش يمنحك الانتعاش السريع الذي تحتاجه، وأنها تعزز القدرة على تحمل المجهود البدني والتركيز الذهني، وتمنحك النشاط والحيوية أثناء الإجهاد، فضلا عن أنها غنية بالفيتامينات وبعض المكونات الطبيعية، وأنها تزودك بأجنحة للطيران فورا.. هذا رائع بالفعل؛ ولكن هل هذا صحيح حقا؟ ما الذي تعرفه عن هذه المشروبات؟ هل هي سيئة أم آمنة؟ هل يمكن باطمئنان دعوة الصغار لشرابها؟ هل حقا تسبب النشاط الحقيقي دون ضرر؟ وهل أنت بحاجة إلى مشروب للطاقة تتناوله في دقيقة ويدوم من 4 إلى 6 ساعات؟ ماذا عن كونها تساعد على الأداء الجسدي للرياضيين، وأنها تنبه السائقين الذين يميلون إلى النعاس؟ ما علاقة الكافيين بها؟ وما نسبته إليها؟ وهل تسبب الإدمان حقا، أم إنها مجرد إشاعات لا ينبغي تصديقها؟ مكونات ومزاعم في أواخر التسعينيات، اكتسب شراب الطاقة الشهير (الثور الأحمرRed Bull ) المشبع بالكربون شعبية واسعة في الولاياتالمتحدة أولا، وقد لاقى المشروب رواجا كبيرا بين طلاب الجامعات، وكان قد انتشر في البداية بين أروقة الحانات والنوادي الليلية، ثم توسع بشكل متسارع ليصبح في النهاية جزءا من ثقافة المجتمع العامة هناك[1]. واستنادا إلى نتائج دراسة مسحية قام بها قسم التغذية في جامعة شرق كارولينا الأمريكية؛ بهدف تقييم أنماط استهلاك شراب الطاقة لدى طلبة الجامعات، أظهرت النتائج أن (51%) من المشاركين يستهلكون عبوة واحدة على الأقل من مشروب الطاقة في الشهر، وأن أغلبية الطلبة (67%) يستهلكون مشروبات الطاقة للسهر ومقاومة النوم، وأن (65%) منهم يستهلكون مشروبات الطاقة للحصول على الطاقة والحيوية، وأن (54%) منهم يشربونها ممزوجة مع الكحول في السهرات والحفلات، كما أظهرت أن أغلبية المستهلكين يتناولون عبوة واحدة من شراب الطاقة في معظم الحالات، بينما (49%) منهم يتناولون ثلاث عبوات أو أكثر مع الكحول أثناء الحفلات الليلية[2]. وتزعم الشركة المنتجة لهذا المشروب بأنه يحسن القدرات الإدراكية والتركيز الذهني، ويحسن أيضا الأداء العضلي، ويزيد من القدرة على تحمل الجهد البدني[3]. وتنسب الشركة هذا التحسن إلى المزج الفريد لمكونات المشروب الرئيسية وهي: الكافيين Caffeine، والتورين taurine، والجلكورونولكتون Glucuronolacone. وفي دراسة مؤيدة لهذا الزعم، أجراها الباحثان Baum وWeiB، تم اختبار تأثير التورين والكافيين على الرياضيين صغار السن، وتم قياس الوظائف القلبية لدى ثلاث مجموعات مختلفة بعد التمارين الرياضية؛حيث أعطي شباب المجموعة الأولى مشروب Red Bull قبل التمرين، وأعطي للمجموعة الثانية أحد مشروبات الطاقة بدون التورين، أما المجموعة الثالثة فأعطيت مشروبا للطاقة خاليا من كل من التورين والكافيين. وأظهرت النتائج ارتفاعا ملحوظا في حجم ضربات القلب stroke volume، وسرعة تدفق الدم أثناء انبساط عضلة القلبdiastolic inflow velocity لدى المجموعة التي تناولت مشروب Red Bull الثور الأحمر، وهذه النتائج تقود إلى افتراض أن التأثير المزدوج لكل من التورين والكافيين هو الذي يحسن وظائف القلب البطينية[4]. تسويق تجاري أم تدليس علمي؟ ومع ذلك، يبدو أن الأكثر معقولية، والأرجح علميا، أن أغلب التغيرات التي يتم ملاحظتها بعد تناول مشروب Red Bul مصدرها الأساسي هو الكافيين؛ حيث تحتوي العبوة الواحدة منه على نفس كمية الكافيين (80 mg) المتوفرة في فنجان من القهوة[5]. ولكن نظرا لأن شرب فنجان من القهوة يتطلب وقتا أطول من تناول شراب بارد؛ فإن فنجان من القهوة يساوي عبوة من مشروب الطاقة Red Bull، ولكن على امتداد فترة زمنية أطول تسمح برشف القهوة الساخنة على مراحل وليس دفعة واحدة كما يحدث عقب تناول مشروب Red Bull ؛ حيث تدخل إلى الجسم جرعة كبيرة من الكافيين في فترة زمنية قصيرة، ما يتسبب في حدوث ارتفاع حاد ومفاجئ في تركيز الكافيين بالبلازما. هذا بالإضافة إلى تأثير الإيحاء النفسي الذي يشعر به المستهلك فور أن يتناول مشروبا يوصف ب"شراب الطاقة"، فهذا التأثير النفسي الكاذب قد يحدث تأثيرا كيميائيا حقيقا بالفعل، وهكذا يبدو أن تناول فنجان بارد من القهوة قد يعطي ذات الإحساس ب"النشاط والانتعاش" الذي يحدثه مشروب Red Bul، ولكن بأضرار أقل وبثلث التكلفة تقريبا. وبحسب باحثين في جامعة "فيينا"، فإن الأثر الإيجابي على الأداء الذهني والحالة المزاجية الذي يحدثه شراب الطاقة Red Bull يعزى إلى تأثير الكافيين على مستقبلات المفرزة للأدينوزين ( receptors (adenosinergic والتأثير التوازني لمفعول التورين على المستقبلات. ونظرا لأن نصف مجموعة الأفراد الخاضعين للدراسة كانوا من غير مستهلكي الكافيين، فإن التأثيرات الموصوفة لا يمكن أن تفسر على أنها ناتجة عن عودة معدل الكافيين في البلازما إلى معدله الطبيعي بعد انسحاب تأثير الكافيين في مشروب الطاقة [6]. وبينما تعتقد الشركات المصنعة أن التورين يزيد من فعالية الكافيين ويعزز الاستفادة منه، تشير الدراسات إلى أنه يقلل من فعالية وأداء الجهاز العصبي لدى الإنسان، بينما ترى بعض البحوث أن هناك علاقة بين مستوى التورين وزيادة ضغط الدم ونبضات القلب؛ لهذا أوصى بعض أعضاء الاتحاد الأوروبي بمزيد من الدراسات لمعرفة الحد الأعلى الآمن للمواد التي تضاف إلى مشروبات الطاقة، ومن بينها التورين. إذن فمشروبات الطاقة ليست أكثر من مواد منبهة لا تزيد الطاقة الحرارية للجسم، بل الطاقة المنبهة من خلال مادتي الكافيين والتورين، ولهذا فالوصف الحقيقي لها أنها (مشروبات منبهة)؛ نظرا لتأثير محتواها من المواد المنبهة على الجهازين العصبي والدوري، ولهذا لم يوافق الاتحاد الأوروبي على وصفها بمشروبات الطاقة؛ لأن تأثيرها مقصود به الطاقة المنبهة وليس السعرات الحرارية المتعارف عليها غذائيا. الكافيين.. نافع قليله ضار كثيره - 5 ملجم/ كجم من وزن الجسم؛ أي إن الكافيين يكون مفيدا، ولكن بالجرعات المحددة لكل فئة عمرية، وفي ذات الوقت قد يكون مصدر خطر بالنسبة لبعض الحالات المرضية. ولهذا لا ينصح الخبراء باستهلاك الكافيين بكميات كبيرة؛ لأنه يسبب انخفاضا في النشاط، على الرغم من أنه يعطي دفعا مؤقتا منه في البداية. ولهذا تؤكد التشريعات الغذائية البريطانية أن المشروبات التي يزيد تركيز الكافيين فيها على 125 ملجم/ لتر يجب أن يكتب على بطاقتها محتواها من الكافيين وباقي المنبهات، وأنها لا تصلح لاستهلاك الأطفال والأشخاص المصابين بحساسية من الكافيين. وقد وافقت دول الاتحاد الأوروبي في عام 2002 على تشريعات جديدة لبطاقة الأغذية، تتطلب هذه التشريعات وجود عبارة (يحتوي على نسبة عالية من الكافيين)، وذلك في المشروبات التي يزيد تركيز الكافيين فيها على (150 ملجم / لتر)، وتشترط أن تحدد كمية الكافيين الموجودة في العبوة، كما تمنع القوانين الكندية بيع المنتجات التي تحوي كمية كافيين تزيد على 150ملجم /لتر. وبينما تشير المواصفات الصحية إلى أن استهلاك الفرد البالغ من الكافيين يجب ألا يتعدى 50 ملجم / للعبوة[7]؛ يتراوح مقدار الكافيين في مشروبات الطاقة بين (27- 78.5 ملجم/ لعبوة 250 ملجم). - 32 ملجم لعبوة 250 ملجم)؛ أي إن هذه المشروبات تحتوي على كميات عالية جدا من الكافيين تصل إلى ثلاثة أضعاف الكافيين الموجود في المشروبات الغازية، وتزيد على كمية الكافيين الموجودة في كوب القهوة الأمريكاني السوداء؛ ما يجعلها غير خالية من المضاعفات الجانبية. وفي أكتوبر 2007، أظهرت دراسة نشرتها مجلة Nutrution أنه يتم تسجيل حادث تصادم أسبوعيا لدى 29% من مستهلكي مشروبات الطاقة، وذكر 22% من عينة الدراسة أنهم يعانون الصداع دائما، بينما ذكر 19% أنهم يشعرون بخفقان في القلب بسبب مشروبات الطاقة[8]، وكل هذه الأعراض تندرج تحت قائمة الآثار الجانبية لتناول نسب مرتفعة من الكافيين. والملفت للنظر أن هذه النسب المخيفة من الكافيين لا تذكرها بعض الشركات على منتجاتها حتى لا تؤثر على حجم المبيعات. معايير السلامة يشير المسوقون لهذه المشروبات إلى وجود فوائد صحية لها دون حقائق علمية تؤكد ذلك، كما أن الحملات الدعائية تشجع على استهلاك هذه المشروبات بشكل مفرط، دون الإشارة إلى حدود موصى بها للاستهلاك اليومي بالنسبة للبالغين، ودون التحذير من أن الإفراط في تناولها قد يؤدي إلى الإدمان وأحيانا إلى الوفاة. وقد قامت الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس بإعداد مشروع لمواصفات سعودية، خاصة لهذه المشروبات تضمن: 1- ألا تزيد نسبة الكافيين على 32 ملجم / 100 ملجم. 2- أن تكون خالية من المنشطات المحظورة والهرمونات. 3- التقييد بالكتابة على العبوة وبخط واضح للعبارات التحذيرية التالية: * كتابة رقم تسجيل وزارة الصحة بعد الترخيص. * تدوين معلومات كاملة عن محتوى المنتج ومخاطر سوء الاستخدام إن وجد. * ذكر الحد المأمون على الصحة المسموح بتناوله يوميا. * تحديد كمية الكافيين في العبوة، ووضع عبارة تحذيرية للمشروبات التي يزيد فيها محتوى الكافيين عن (150 ملجم/لتر)، وذلك بكتابة العبارة (يحتوي على نسبة عالية من الكافيين). * يمنع الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 16 سنة من تناول هذه المشروبات. * لا تتناول مشروبات الطاقة أثناء ممارسة الرياضة والتمارين. ممنوعون يمنع من التعامل مع مشروبات الطاقة: - الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع في ضغط الدم: من الممكن أن يزيد من ضربات القلب مما يولد ضغطا إضافيا في الأوردة. - المصابون بالتهابات في المعدة: يزيد من إفراز العصارة المعدية. - الأشخاص الذين لديهم حساسية للكافيين. - الحوامل والمرضعات: يجب عليهن الحد من استخدام الكافيين؛ لأنه من الممكن أن يصل إلى الجنين، وخوفا من الإجهاض. - كبار السن: الحساسية من الكافيين تزداد مع زيادة السن. - الأطفال: الكافيين يجعلهم سريعي الغضب والانفعال، ويؤدي إلى زيادة القلق لديهم والتسرع. نصائح طبيعية للحصول على الطاقة - عند شعورك بالتعب عليك بقسط قصير من الراحة، ومن ثم تناول بعض الفواكه أو الخضراوات أو العصائر الطازجة، فالعناصر الغذائية الموجودة فيها تساعد على إعادة النشاط والحيوية إلى أجسامنا. - حاول شرب الماء على مدار اليوم، فأنا مثلا دائما بحوزتي عبوة من الماء أشرب منها، ولو كمية صغيرة، حتى إن لم أكن عطشان، فالعطش هو الإشارة النهائية لبدء الجفاف. - إياك وتناول مشروبات الطاقة قبل وأثناء وبعد الرياضة؛ فهي تفقدك السوائل وتسرع من عملية الجفاف، وأنت قبل وأثناء وبعد الرياضة بحاجة إلى السوائل، والماء هو أفضل هذه السوائل، وهو وحده كفيل بسد احتياجاتك.