من المعلوم أن الذاكرة أداة ضرورية للدراسة والحياة بل إنها تعتبر مستودع المعرفة البشرية كلها. تظل الذاكرة تسجل، وهي تحتفظ في نفس الوقت بكل ماحصلت عليه من معارف ومعلومات، لتبرزها وتكشف عنها في الأوقات التي تحتاج إليها. يعتبر الدماغ مركز قيادة الجسم بحيث لاشيء يمكن حدوثه في الجسم دون أن يكون للدماغ علاقة به وهو مركز التفكير والإحساس. يتلقى الدماغ المعلومات الموجودة في الدرس عبر أعضاء الحواس بواسطة الأعصاب فيربط فورا بينها وبين ملايين المعلومات والذكريات المختزنة لديه، وعلى أساسها يعطي التعليمات للأعضاء عبر الأعصاب لتقوم بالعمل المناسب والحركة المناسبة لتأدية عمل خلاق. إن الذكريات العلمية المختزنة جلها تتكون أثناء الأشواط الدراسية. وبصفتي طبيباً في القطاع أستقبل يوميا تلاميذ وطلبة يشتكون في هذا الشهر «ماي» من ضعف الذاكرة والنسيان ويطلبون الحصول على بعض النصائح وبعض الأدوية لمواجهة الإمتحانات. لكن في غالب الأحيان أطلب منهم الإبتعاد عن الأدوية فهي لاتحل المشكل بل بالعكس قد تخلق تعَوُّدا يصعب إصلاحه وبالمقابل أقترح عليهم بعض الطرق الكفيلة بتقوية ذاكرتهم توصلت إليها بعد تعب مرير خلال دراستي ولتعميم الفائدة أقترح مايلي: 1 - يجب أن يعرف المتلقن مشاكل ذاكرته ثم يخطط لها برنامجا يهدف إلى التخلص من تلك المشاكل وعند بلوغه هذا الهدف عليه أن يتخلص من وجود المشاكل غير المباشرة كشرود الذهن (ضعف التركيز الفكري)، سرعة التأثر والإنفعال، تشاؤم عام أو عدم حب الدراسة. 2 - على المتَعلم التأكد من فهم الدرس فهما صحيحا: قبل البداية في تخزين الدرس في الدماغ يجب فهمه، فإذا لم يتأت ذلك فيجب أن يطلب من المدرس إعادة التفسير مرات عديدة حتى يستقيم ذلك في الذاكرة. الإعادة والتكرار لهما دور كبير في اكتمال ترسيخ الدروس في الذهن. فكل درس تكررت إعادته ينتهي إلى النزول في عمق الذاكرة 3) يجب على المتلقن أن لا يعكر حياته الدراسية بالمشاكل الأخرى سواء كانت اجتماعية أو عائلية أو مادية، عليه أن يتدرب على التفريق بينهم. 4) يفجب على الدارس أن يربط مضامين الموضوع بأشياء مألوفة للتخفيف من صعوبة بعض مضامين الدرس بحيث يجب ربط بعض الكلمات المجهولة ببعض الأشياء المعروفة سابقا. عندما نريد أن نحفظ شيئا، فالذاكرة تقوم بعملية التآلف والترابط. فالدرس الذي نريد حفظه ونجمع ما بينه وبين ما يوجد في أذهاننا من معلومات وأفكار تتعلق به أو تناقضه. بحيث يجب التأمل في ذلك جيدا. إن الدارس يجد بسهولة تامة كل الأشياء التي سبق له من قبل أن رتبها بعناية في مكانا ما، نفس الشيء تتطلبه الذاكرة، بمعنى يجب ترتيب بعناية كل ما يراد حفظه. 5) على طالب العلم أن يقوم بالتركيز والتمعن والإنتباه أثناء القراءة لأن الانتباه إلى الموضوع ومحاولة إخلاء الذاكرة ليصبح التفكير منصبا على الدرس فقط حتى تتمكن المعلومات الجديدة أن تجد لها مكان في الذاكرة ونفس الشيء عندما يريد إسترجاعها يوم الاختبار، في هذه المرحلة الحاسمة يجب إبعاد الذاكرة من كل ما يمكن أن يشلها. 6) يجب على التلميذ محاولة استعمال جميع الحواس «الإبصار، السمع، اللمس، الشم، الذوق» مع التركيز على السمع والبصر. لأن بالامكان استرجاع الأصوات التي ينطق بها بصوت منخفظ أو مرتفع، وكذلك استرجاع المشاهد التي كان يلاحظها بإمعان وتبصر ويتدكر ما يستطيع منها كتابة أو شفويا ثم يعود لإصلاح الأخطاء ويكرر نفس العملية حتي يتمكن من تدكيرها برمتها. إن الذاكرة الكتابية لها دور بارز في الدراسة ويمكن لكل تلميذ أن يعرف مقدار ذلك من خلال التمارين الكتابية، إذ أن هناك مواد لا يمكن إستعابها وحفظها إلا بطريقة التمارين فقط مثل الرياضيات... يجب على الطالب الجامعي إعادة التركيز مرة أخرى على الدرس بعد فترة لا تتعدى عشرة أيام لأن بعد هذا تبتدئ الأفكار المخزونة تتلاشى خصوصا وأن الإمتحانات تكون في آخر السنة لذلك يجب صيانة هذه الأفكار بصفة مستمرة ودورية. حينما يشرح الأستاذ الدرس يشعر بعض الطلبة أنه لا داعي لتكراره وإعادته، لكون إحساسهم الخاطئ يوحي لهم بأن محتوى الدرس قد تسرب إلى ذاكرتهم. لكن الحقيقة عكس ذلك، بحيث أن الدرس قد فهم فقط، ويبقى على السطح. إنه لم ينزل إلى أعماق الذاكرة لتخزنه. 8) على الشباب القيام بالأنشطة الموازية للدراسة، فممارسة بعض الهوايات كالموسيقى قد يؤدي إلى تقوية الذاكرة لأن ذلك قد ينشط الجسم ويبعد عنه الملل والتعب اللذين يعتبران عدوّان لذودان للتركيز. بجانب هذا تعتبر الرياضة من الضروريات لجسم الشاب الدارس بحث تؤدي إلى الشعور بالثقة في النفس حيث تغمره طاقة قوية تؤد الامتياز بروح المبادرة، وهذا كله يسهل التركيز وبالتالي الحفظ على الحيوية والنشاط الجسمي وكذلك العقلي. فالرياضة تزيد من ضربات القلب مما يؤدي إلى وصول الأكسجين إلى خلايا الدماغ الذي يكون أثناء التحصيل في حاجة ماسة إليه، فعدم وصول هذا الأكسجين إلى خلايا المخ ثلاثة دقائق يعني موت هذه الخلايا نهائيا، 9) بعض الطلبة المقبلين على الاختبارات يتساءلون عن وجبات الأكل: والنصيحة هي أن وجبات الأكل يجب أن تكون منظمة من حيث الكم والكيف ومن الأفضل يجب إستئناف القراءة بعد انتهاء الهضم أي حوالي ساعتين بعد الأكل ومكونات هذا الطعام يجب أن تكون غنية بالمواد الحيوية المحتوية على الفيتمينات. 10) يجب على المقبل على الامتحانات عند الشعور بالتعب أو الإرهاق أن يتوقف عن إبداء أي مجهود ثم البحث عن مكان هادئ، مظلم والإسترخاء وكذلك المرح وعدم التفكير في أي شيء لمدة لا تقل عن نصف ساعة وكلك استنشاق الهواء النقي بعمق. 11) إننا نلاحظ عند إقتراب الإختبارات يكثر السهر ويقل النوم عن المتعلمين وهذا التصرف غير صحي لأن مراكز النوم واليقظة تقع في قاعدة الدماغ وأعلى النخاع الشوكى. فالعياء يسبب فقدان الانتباه والتركيز مما يؤدي إلى توقف مركز اليقظة وهذا يؤدي بدوره إلى النوم. وهذا الأخير يتيح إعادة التنظيم الوظيفي للجهاز العصبي والتأمين البدني والنفسي للدارس، وللنوم دور في تكامل الذاكرة وهذا ما يفسر السلوك المتوتر عندما يكون النوم غير كاف تحت تأثير المنشطات أو مشروب الشاي والقهوة كل هذا ينتج عنه عدم القدرة على التركيز خصوصا قبل الإمتحانات بأيام قليلة. 12) يوم الامتحان يجب قراءة ورقة الأسئلة قراءة سريعة ومركزة حتى يكون الإلمام بموضوع الإمتحان ثم يجب إعادة القراءة مرة أخرى بإمعان والبدء في اختيار أسهل الأسئلة ثم البدء في الاجابة بصرف النظر عن قيمة درجات كل سؤال. عند الإجابة لأي سؤال يجب عدم نسيان أمرين في غاية الأهمية: الأول هو وضع خط تحت كل جزء من أجزاء السؤال قبل البدء في الإجابة حتى يتم ضمان الإجابة عن كل جزء من الأجزاء. كل هذه الإرشادات والنصائح نعطيها لتلامذتنا وطلبتنا أثناء زيارتهم لنا في المركز الصحي والهدف هو تطوير طريقتهم الشخصية للحفظ عبر التمارين المستمرة والمتكررة ليكسبوا المهارة العليا.