"كانوتيه.. كيتا.. ديارا".. ثلاثة أسماء استطاعت خلال فترة وجيزة أن تحتل الصدارة في ملاعب كرة القدم العالمية وتمثل بلدهم الإفريقي مالي في المحافل الرياضية، لكن الأهم من ذلك أنهم يلعبون ك"ضمائر حية" استطاعت أن توظف كرة القدم في خدمة الإسلام، فصاروا يملئون المستطيلات الخضراء سجودا وإيمانا ويقدمون القدوة الحسنة عبر مواقف مشرفة تعبر عن إخلاصهم لدينهم الحنيف. "بدأت في ممارسة شعائر الدين الإسلامي وأنا في العشرين من عمري وأنا سعيد جدا على نعمة الإسلام"، هكذا عبر النجم المالي فريدريك عمر كانوتيه لاعب نادي إشبيلية الإسباني عن سعادته الكبيرة وفخره الشديد لانتمائه للدين الإسلامي، وذلك قبل أيام من افتتاح كأس الأمم الإفريقية المقام حاليا في أنجولا. "الرهان" على الالتزام وتألق كانوتيه في مباراة منتخب بلاده أمام المنتخب الأنجولي في افتتاح البطولة كأس الأمم الإفريقية وسجل الهدف الثاني لمنتخب بلاده في مباراة انتهت بالتعادل الإيجابي بين الفريقين 4/4، ولا يفوت كانوتيه مناسبة ليعبر فيها عن مدى فخره بدينه ومبادئه. ويعرف عن كانوتيه الذي يبلغ من العمل حوالي 32 عاما التزامه الديني منذ إعلان إسلامه عام 1998، وفي سبيل ذلك اتخذ مواقف عبرت عن حرصه الشديد على عدم فعل ما يغضب ربه، فرفض لبس قميص نادي إشبيلية الذي عليه اسم راعي القميص وهي شركة 888.com وهي شركة مراهنات وهي محرمة في الدين الإسلامي. ولذلك قررت إدارة نادي إشبيلية السماح لكانوتيه بلبس القميص من دون وجود اسم الراعي، مما حدا بشركة المراهنات للتبرع لصالح جمعية خيرية إسلامية لإقناع كانوتيه بالعدول عن رأيه. وفي سنة 2006 تقدم كانوتيه بطلب إلى السلطات المالية من أجل إنشاء قرية للأطفال، ولكن لم يتم الرد عليه لحد الآن وهو يواصل حاليا العمل من أجل تحقيق طلبه، وفي عام 2007 دفع كانوتيه أكثر من 700 ألف دولار أمريكي (ما يقارب راتبه السنوي) من أجل منع إزالة مسجد في مدينة إشبيلية. ويعود السبب إلى أن إحدى شركات العقار الإسبانية تحاول إزالة المسجد بحجة أن عقد الأرض التي يقع عليها المسجد قد انتهى؛ وبالتالي فقد بات من حقها استخدام المسجد لأي مشاريع أخرى غير دينية وفور وصول الخبر إلى كانوتيه عن طريق جماعة من المسلمين الذين يقطنون إشبيلية لم يتوان عن شراء هذه الأرض لمنع إزالة المسجد وعند سؤال كانوتيه عن الأمر قال بأنه "لا يملك أي تعليق على الأمر فالأرض قد عرضت للشراء وقام بشرائها للإبقاء على المسجد". كانوتيه الذي اعتنق الإسلام وهو في العشرين من عمره سار على خطى نجم نجوم مصر محمد أبو تريكة الذي كان في مطلع العام الماضي رفع قميصه تضامنا مع غزة خلال بطولة أمم إفريقيا عام 2008، فقام بعد تسجيله هدف الفوز على نادي ديبورتيفا لاكورونا في ذهاب دور ال8 لكأس إسبانيا بالكشف برفع قميصه ليكشف عن "فلسطين" مكتوبة بعدة لغات، وفور قيامه بهذا العمل الرائع تلقى كانوتيه بطاقة صفراء بفرحة غامرة ورحابة صدر استثنائية، كما نال التحية من زملائه المحترمين، ويرفض أيضا هذا اللاعب الرائع الإفطار في شهر رمضان برغم أن الدوري يكون في ذروته، كما يرفض ارتداء أي قميص توجد عليه شعارات لشركات تتاجر ببضائع محرمة مثل المشروبات الروحية وغيرها. ولم يَعُق التزام كانوتيه المولود في فرنسا والمتزوج من فاطمة ولديه منها طفلان (إبراهيم وإيمان) أن يتألق ويحافظ على نجوميته، ففي 2 فبراير 2008 تم اختيار كانوتيه أفضل لاعب كرة قدم إفريقي وبالتالي أصبح أول لاعب مولود خارج القارة الإفريقية يحصل على هذه الجائزة. "من ترك شيئا لله.." وعلى نفس خطى كانوتيه، جاء مواطنه سيدو كيتا اللاعب المتميز الذي كان معه في نادي إشبيلية لكن قصة انتقاله إلى أكبر أندية إسبانيا جاءت تحت عنوان "من ترك شيئا لله.. أبدله الله خيرا منه". ذكرت صحيفتا "ماركا" و"آس" الرياضيتان الإسبانيتان العام الماضي أن النجم المالي لاعب تلقى عرضا خياليا من ريال مدريد للانضمام إلى صفوفه في الموسم الجديد، إلا أن رد اللاعب بالرفض بعد أسبوعين من تلقيه العرض كان مفاجأة للجميع، وأكدت صحيفة "ماركا" أن كيتا (28 عاما) رفض ريال مدريد الذي يعتبر ارتداء ألوانه حلما لأي لاعب في العالم بعد دراسته لكل شيء يتعلق بالنادي الملكي، ومنها الإعلانات المطبوعة على فانلات اللاعبين. فقد اكتشف النجم المالي، المعروف بالتزامه بتعاليم الإسلام أن عقده يُحتم عليه مثل كل اللاعبين الدعاية، والتصوير لشركة ألمانية تسمى (بواين Bwin)، فقام بالاستقصاء عن نشاط الشركة، فعرف أن لها استثمارات كبرى مع العديد من شركات الخمور في أوروبا، الذي اعتبره مخالفا لشرع الله ولدينه الحنيف. وعلى الفور رفض كيتا عرض أكبر فريق كرة قدم في العالم، وليس في أوروبا وحدها تجنبا للوقوع في أخطاء شرعية. لكن الله عوض كيتا، ففي تدريباته العادية مع إشبيلية فوجئ كيتا بعدها بأيام باتصال أحد المسئولين في إدارة نادي برشلونة الإسباني يطلب منه التفاوض لانتقاله لصفوف الفريق الغريم لريال مدريد، عقب علمهم برفض اللاعب الانضمام للنادي الملكي، كما يطلق عليه في إسبانيا. وكما فعل كيتا مع ريال مدريد فعل مع برشلونة، فدرس العقد كاملا، ووجد أن الإعلان الوحيد على فانلته لمنظمة اليونسيف المعنية بحقوق الطفل في العالم، ويبلغ قيمة عرض انتقال كيتا من إشبيلية لبرشلونة 15 مليون يورو لمدة أربع سنوات. وعُرف عن اللاعب حرصه الشديد على أداء الصلوات في وقتها، وكان له مع كانوتيه دور كبير في إقناع إدارة إشبيلية بتخصيص جزء من النادي ليكون مصلى لهما خلال أوقات التدريبات ووجودهما بالنادي. وانضم كيتا -الفائز بجائزة أفضل لاعب في كأس العالم للشباب عام 1999 في نيجيريا- إلى برشلونة مقابل 14 مليون يورو، ويعول منتخب مالي على كيتا بجانب كانوتيه لإحراز مركز متقدم في البطولة الإفريقية الجارية حاليا، وأحرز كيتا في المباراة الهدف الثالث بعد هدف كانوتيه. ديارا "الهارب النبيل" لكنّ هناك رقما صعبا في الفريق المالي تخشاه فرق البطولة، وتحبه الجماهير في شتى بقاع العالم الإسلامي وهو محمد ديارا (تطق ممادو ديارا) الذي أطلق عليه البعض لقب اللاعب الصائم، حيث يرفض محمد الذي يلعب لنادي ريال مدريد الإسباني أن يفطر في نهار رمضان مما اضطر النادي الذي كان رافضا لمبدأ صوم اللاعبين المسلمين إلى المثول لرغبة ممادو ولاعبين مسلمين آخرين في الفريق وصمم أطباء الفريق لهم نظاما غذائيا منفصلا يتيح لهم اللعب خلال الصوم. ولم يتأثر مستوى ديارا بالصوم بل على العكس قدم أفضل موسم كروي له في رمضان وأعطى دليلا في أوروبا أن اللاعبين الملتزمين بدينهم يعودون بالفائدة على أنديتهم. ولم ينته ديارا عند ذلك الحد، بل قام بأداء العمرة العام الماضي ونقلت عنه وسائل الإعلام الإسبانية أنه حينما دخل إلى المدينةالمنورة ذهب للصلاة فجلس يبكي ويذرف الدموع وأنه كرر ذالك عندما تواجد في مكةالمكرمة. لكن المشهد الذي ترك أثرا في نفوس الجماهير العاشقة لديارا هو مشهد "الهروب"، وهو ليس هروبه من النادي أو واجبات تعاقده، بل هروبه من وقوعه في المعصية، فبعد إحدى المباريات التي فاز فيها فريقه، فتح أحد اللاعبين زجاجة خمر وقام برشها على ديارا كنوع من الاحتفال، ففاجأ ديارا عدسات المصورين بالجري تجنبا لقطرات الخمر من أن تدنسه ليعطي درسا في "الهروب النبيل"، بحسب تعليقات محبيه. مصطفى أشرف