ستخطف كأس الأمم الإفريقية مجددا الأضواء من البطولات الأوربية لكرة القدم، والسبب التحاق اللاعبين الأفارقة المحترفين بمنتخباتهم في دورة غانا التي ستنطلق الشهر الجاري، إذ من المتوقع أن يفوق العدد 204 لاعبا يمارسون في أوربا. ومن المنتظر أن تفقد البطولة الفرنسية أزيد من 60 لاعبا في دوري الدرجة الأولى، علما أن دورة مصر 2006 شهدت غياب 59 لاعبا مقابل غياب 50 لاعبا فقط عن دورة تونس 2004. وبإجراء مقارنة بسيطة بين عدد اللاعبين الأفارقة الذين التحقوا بالمنافسات الإفريقية منذ دورة جنوب إفريقيا سنة 1996 (9 لاعبين)، يلاحظ أن عدد اللاعبين الذين ستحرم منهم الأندية الفرنسية تضاعف حوالي سبع مرات. فدورة بوركينافاصو شهدت التحاق 21 لاعبا بمنتخباتهم، مقابل 24 و42 لاعبا على التوالي في دورتي 2000 بنيجيريا وغانا و2002 بمالي. وسيكون المنتخب المغربي واحدا من المنتخبات التي ستحرم الأندية الفرنسية من لاعبيه الدوليين بما أنه يعتمد أساسا على مجموعة محترفة متكونة من 19 لاعبا، إذ سيغيب عن نانسي ثلاثة لاعبين دفعة واحدة هم يوسف حجي وكريستيان بصير ومنصف زرقة، علما أن الفريق الفرنسي يصارع من أجل الفوز بلقب الموسم الجاري. كما سيفقد بوردو مهاجمه مروان الشماخ، لكن الخسارة الكبيرة ستكون في صفوف فالنسيان الذي سيجد نفسه أمام فراغ مهول في الدفاع بالنظر إلى غياب عميده عبد السلام وادو الذي صنف كأفضل لاعب في الفريق. وعلى مستوى أندية الدرجة الثانية، فإن غرونوبل لن يتأثر كثيرا بغياب بوشعيب لمباركي بما أن الأخير لم يضمن بعد رسميته بشكل كامل. أما الدوري الانجليزي فسيغيب عنه 40 لاعبا مقابل 24 لاعبا فقط فيي دورة مصر، وسيكون يوسف السفري واحدا من الغيابات المؤثرة في صفوف ساوثهامبتون. وهناك من الأندية الانجليزية من ستتأثر كثيرا بإجراء الدورة الإفريقية، إذ سيغيب كل من الإيفواريين ديديي دروغبا وسالمون كالو والنيجيري جون أوبي ميكيل والغاني مايكال إيسيان عن شيلسي والإيفواريين إيمانويل إبوي وكولو توري عن الأرسنال والمالي مومو سيسوكو عن ليفربول. وستكون الضربة الموجعة من نصيب بورتسموث الذي سيفقد ثلاثة لاعبين في الوقت الذي يوجد فيه على بعد ثلاث نقاط من الصف الرابع المؤدي إلى عصبة الأبطال الأوربية، إذ سيحرم من خدمات كل من النيجيريين نوانكو كانو وجون أتاكا والغاني سلاي منتاري. وسيحرم الدوري الاسباني بدوره من بعض نجومه وعلى رأسهم الكامروني صامويل إيطو والإيفواري يايا توري لاعبي برشلونة، إضافة إلى المالي مامادو ديارا لاعب ريال مدريد، في حين سيغيب الماليان فرديريك كانوتي وسايدو كيتا عن اشبيلية. وفي الدوري الألماني، تلقى هامبورغ الذي يتصارع على اللقب مع الباييرن صفعة قوية إثر استدعاء أربعة من لاعبيه الاساسيين لدورة غانا، ويتعلق الأمر بالكاميروني تيموتي أتوبا والإيفواري كي ديميل والمصري محمد زيدان والناميبي كولين بينجامين. ودفعت هاته الغيابات المرتقبة للاعبين الأفارقة إلى احتجاج مسؤولي ومدربي العديد من الفرق، إذ بدأ الضغط يرتفع على اللاعبين، فمنهم من يسعى إلى منع لاعبيه من الانضمام مستخدما كل الطرق، ومنهم من يبحث عن تأخير سفر لاعبيه لآخر وقت ممكن، وهو ما يتعارض مع لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) التي تنص على أحقية المنتخب الوطني في ضم لاعبيه قبل انطلاق البطولات الكبرى بأربعة عشر يوما، أي يوم 6 يناير بالنسبة إلى كأس أمم إفريقيا، في حين أن كثيرا من اللاعبين لن يلتحقوا بمعسكرات منتخباتهم إلا خمسة ايام قبل انطلاق المنافسات وسط صمت المسؤولين بالاتحادات الإفريقية. هذا المعطى أصبح يؤشر على ظاهرة خطيرة قد تجعل الولاء للفريق أهم من الولاء للمنتخب الوطني الذي يكون أحيانا كثيرة وراء صعود نجم اللاعب والتحاقه بعالم الاحتراف. ومن أجل تجاوز هذا الغياب بادرت بعض الفرق إلى التعاقد بشكل مرحلي مع بعض اللاعبين، فشيلسي يحاول التغطية على غياب دروغبا بالتعاقد مع الفرنسي أنيلكا، ومارسيليا تعاقد مع الأرجنتيني أنخيل كروفييزا لتعويض غياب النيجيري تاي تايوو، علما أنه سيفتقد لخدمات مهاجمه السنغالي مامادو ديانغ الذي سجل 7 أهداف في 6 مباريات. ويبدو أن التبريرات التي تقدمها الفرق المحترفة تبدو مقنعة إلى حد ما، فمقابل رغبة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (كاف) في الرفع من مستوى أداء الكرة الإفريقية من خلال تنظيم الدورة الإفريقية كل سنتين، تبدي الفرق الأوربية امتعاضها من ذلك على اعتبار أن الاتحاد الأوربي يكتفي بإقامة كأس اوربا للأمم كل أربع سنوات، إضافة إلى أنها تجد نفسها ملزمة بدفع أجور اللاعبين الأفارقة طيلة وجودهم مع منتخباتهم، وهي الفترة التي قد تصل إلى شهر بالكامل. وفي السياق ذاته، سبق لمدرب شارلتون الانجليزي آلان كير بشلي أن ابدى امتعاضه الشديد وقال «إن هذه البطولة تعطينا الإحساس بانها تقام في توقيت مخالف للأجندة الدولية»، مشيرا إلى أنه من المفروض النظر في أمر هذه البطولة بجدية.