بعد مهرجان ماطا، سطرت جمعية جبل لحبيب للتنمية الاجتماعية والمحافظة على البيئة بالعالم القروي، برنامجا لانطلاق إحياء موسم الولي الصالح "سيدي حبيب"، واختارت تاريخ 12 من يونيو للافتتاح الرسمي للموسم، وبرمجة القيام بجولة استطلاعية للمناظر الجبلية الفريدة التي تتمتع بها منطقة جبل الحبيب والمواقع المحيطة بالضريح، مصاحبة بأهازيج واستعراضات فلكلورية محلية، وإقامة معرض للصناعة التقليدية للمرأة القروية. ويأتي إحياء هذا الموسم استجابة للرغبة الأكيدة لسكان منطقة جبل لحبيب، وتفعيلا لبرامج وأهداف سطرتها الجمعية، واهتماما بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية والمؤهلات الطبيعية التي تزخر بها المنطقة، كما جاء في ورقة التنظيم للجمعية المذكورة. وللإشارة ف"سيدي حبيب" هو حبيب ابن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع الفهري ، ولد على ما يبدو بالقيروان ، المدينة التي بناها جده المجاهد الأكبر و الفاتح لشمال إفريقيا .لكن مولده بالضبط مجهول تاريخه .عاش و ترعرع في أحضان هذه المدينة مع أبناء المجاهدين الذين اختاروها دارا لهم منذ نشأتها .في كنف أسرة لها من الحرمة و الجاه ، و رصيد من التقدير لم يكن يحظى به غيرها من لدن العرب و البربر معا ، تزوج بأخت موسى بن نصير .بطل المغرب و الأندلس .و أنجبا منها أولادا هم : خالد ، عبد الرحمان ، و أبو أيوب، و إلياس ، و عبد الوارث ، و عمران اقتفى أثر جده في الجهاد ، و عاش طيلة حياته متعقبا فول الرمان و البرابرة الملحدين مساهما في توسيع رقعة دولة المسلمين .خرج مع موسى بن نصير في جيشه الذي فتح به الأندلس ستة 93 للهجرة ، و شارك في فتح برشلونة ، و اربونا و قادس ، عين على رأس الجند الذين كلفوا بحراسة الثغور بعدوة الأندلس ، و عندما و لي عبيد الله الحبحاب من قبل هشام بن عبد المالك واليا على إفريقيا ، سرحه هذا الأخير في جيش كثيف من العرب والبربر لغزو ارض المغرب ، و تطهير جيوبه من بقية الرومان .فانتهى إلى السوس الأقصى و قاتل أهل مكثوفة التي كان أهلها ما يزالون مشركين ، ثم تخطاهم إلى تخوم السودان (دولة مالي حاليا) . و أصاب في غزوته هذه من غنائم الذهب و السبي شيئا كثيرا . كان ذلك سنة 114 ه. ثم أغزاه الحبحاب ثانية جزيرة صقلية فكان أول من وطأ أرضها من الغزاة العرب المسلمين . و بذلك لقب بحبيب الصقلي . و قد ساهم رحمة الله في إخماد ثورة البربر بقيادة ميسرة المدغري الذي ثار بطنجة على عمر بن عبد الله المرادي لإساءته السيرة معهم . و كان البربر خلال هذه المدة قد تغلغل فيهم مذهب الخوارج .فأعلنوا الثورة على الخلافة . و تزعمها مقدم المذهب ميسرة السالف الذكر. و كانت كما يقول المؤرخون .أول ثورة مغربية ضد الخلافة الإسلامية . و لما انتهى إلى هشام ما كان من أمر خوارج البربر استضعف بن الحبحاب . و عزله ثم ولى مكانه كلثوم بن عياض القشيري و وجه إليهم جيشا كثيفا لقتالهم .إلا أن كلثوم لما قدم إلى القيروان أساء السيرة في أهلها .فكتبوا على حبيب ابن ابي عبيدة وهو يومئذ بتلمسان يشكون منه إليه .فبعث إليه حبيب ينهاه و يتوعده فاعتذر كلثوم له .ثم استخلف كلثوم على القيروان عبد الرحمان بن عقبة السلمي واتجه في جموعه إلى المغرب و صرح ابن اخيه بلج بن بشر في كثيبة من الجيش في اتجاه تلمسان لتأديب حبيب الفهري . و هناك التقيا و اقتتلا ثم تصالحا و زحفا معا على المغرب الأقصى . فنهضت إلهيم جموع البربر بقيادة قائدهم خالد بن حميد الزناتي و كان اللقاء على وادي سبو . فاشتد القتال بينهم و قتل كلثوم و حبيب .و كثير من الجند و ذلك سنة 1223 ه . فتفرقت العساكر و مضى اهل الشام و فيهم عبد الرحمان بن حبيب إلى الأندلس ، أما أهل مصر و إفريقية فرجعوا إلى القيروان . يقول صاحب الاستقصاء لأخبار المغرب الأقصى في مجلده الأول ص116 ٌكان ابنه-ابن حبيب- عبد الرحمان في جملة أصحاب بلج النازحين إلى سبتة ، فحمل معه جثة أبيه من ساحة المعركة خوفا من أن يشوهها البربر ، و صار بها في طريقه إلى سبتة .فلما كان ما ذكرناه من الحصار على سبتة أمر خدامه بحمل الجثة على بغلته و قصد بها مكانا في الجبل كثيف الشجر خالي من السكان و دفنها بسفحه و ذلك بالقرب من مكان حصارهم . و يروى أن السلطان أبا الحسن المريني لما نزل بسبتة بقصد الجهاد في الأندلس سنة 740 ه ، رأى في منامه ذات ليلة حبيب بن أبي عبيدة فعرفه بنفسه و دله على مكان رفاته . و في صباح يومه بعث كثيبة من جيشه تبحث في المكان الذي دله عليه ، عن القبر المجهول . و تفرقت في القرى المجاورة له تستقصي خبره ، و إذا برجل مسن يصيح في الجميع أنا الذي أدلكم عليه .و قصة ذلك : أني لما كنت شابا يافعا كانت مهمتي رعي الماعز ، و كنت أتجرأ على اقتحام هذا الجبل بالرغم من كثافة غابته و كثرة الوحوش الضارية به . و بينما أنا ذات يوم اقتفي اثر ماشيتي إذا بي أقف على القبر و قد أحاطت به أشجار العليق من جميع الجهات . فأخذه جنود السلطان معهم إلى ذلك المكان . و حفروا على الجثة . و نقلوها إلى أعلى الجبل و دفنوها بقمته و بنوا عليها الضريح بالشكل الذي هو عليه الآن . و منذ ذلك التاريخ أطلق على الجبل اسم جبل الحبيب .تشهيرا بهذا الرجل سليل المجاهدين و ابن قبيلة مضر الدائعة الصيت.