انتهت الأزمة بين الرباطومدريد التي امتدت أسابيع على خلفية الأحداث التي شهدتها الحدود بين مليلية المحتلة والأراضي المغربية لكن اليمين الإسباني يرغب في استمرار هذه الأزمة سياسيا وانتخابيا للهجوم على حكومة خوسي لويس رودريغيث سبتيرو. وشكلت زيارة وزير الداخلية الإسباني ألفريدو روبالكابا الى الرباط واجتماعه بنظيره المغربي الطيب الشرقاوي ثم استقبال العاهل الملك محمد السادس له نهاية أزمة امتدت أكثر من شهر ونصف شهر، وانتهت باعتراف اسبانيا بوقوع بعض الخروقات ضد مواطنين مغاربة في معبر مليلية المحتلة خاصة بعدما أكد روبالكابا التزامه بعدم تكرار مثل هذه الأحداث. وتفيد مختلف المعطيات أن اليمين الإسباني لم تعجبه نهاية هذه الأزمة واعتبر أن المغرب خرج رابحا سياسيا أمام الرأي العام في البلدين. في هذا الصدد، اعتبرت مصادر من الحزب الشعبي المحافظ أن استقبال الملك محمد السادس لروبالكابا هو بمثابة رد سياسي على زيارة رئيس الحكومة الإسبانية السابق خوسي ماريا أثنار الى مليلية، وهي الزيارة التي كان يرغب من وراءها في تأجيج وتأزيم الأوضاع بين البلدين. ومن جهة أخرى، صرح رئيس حكومة الحكم الذاتي في مليلية، خوسي إمبرودا المنتمي للحزب الشعبي أمس الثلاثاء أن 'المغرب خرج رابحا سياسيا من هذه المعركة المتعلقة بالحدود '. بدوره، صرح إغناسيو غونثالث أحد وجوه الحزب الشعبي المحافظ أمس الثلاثاء أن 'الحكومة المركزية في مدريد لا يمكن أن تستمر في تقديم تنازلات للاستفزازات المستمرة من طرف المملكة المغربية لأن هذا يعني السير في الطريق الخاطئ'. وشنت زعيمة حزب الاتحاد والتقدم الديمقراطي روسا دييث حملة قوية ضد الحكومة لما اعتبرته تنازلات لصالح المغرب وتفادي مثول وزير الخارجية الإسباني ميغيل آنخيل موراتينوس أمام البرلمان لتقديم شروحات لهذه الأزمة. وبدلت روسا دييث رفقة الحزب الشعبي مجهودات جبارة لمثول ممثلي الحكومة في البرلمان لمعالجة الأزمة مع المغرب، لكن الحزب الاشتراكي الحاكم وبدعم من بعض الأحزاب رفض هذا المطلب واعتبره بمثابة مبادرة لتأزيم الأوضاع أكثر مع الجار الجنوبي، لا سيما وأن الحزبين المحافظين يتميزان بخطاب شديد اللهجة ضد المغرب. وساهمت نقابة كونفدرالية الشرطة الإسبانية بدورها في هذه الحملة عندما رفضت نتائج زيارة وزير الداخلية ألفريدو روبالكابا واعتبرت أن نهاية الأزمة تمر أساسا عبر تقديم المغرب اعتذارا للشرطة على ما وصفته عمليات الاعتداء من طرف مواطنين مغاربة ضد أفراد من الشرطة الإسبانية. والمثير أن الصحافة الإسبانية بدورها أصيبت بنوع من الإحباط بسبب مضمون ونتائج زيارة ألفريدو روبالكابا للمغرب. فطيلة أسابيع، وهذه الصحافة تعمل على تهميش مطالب المغرب بضرورة وقف اعتداءات الشرطة الإسبانية ضد مواطنين مغاربة واعتبرت في مقالات تحليلية أن المغرب افتعل الأزمة للحصول على موقف من مدريد لصالح مقترح الحكم الذاتي في الصحراء الغربية. لكن ما حدث هو أن زيارة روبالكابا ركزت على الخروقات ضد المغاربة وكيفية تفادي هذه الخروقات من خلال العمل المشترك بين البلدين. وكانت النائبة الأولى لرئيس الحكومة، تيريسا فيرناديث دي لفيغا، قد صرحت قبل أيام أن الحكومة تتبنى الاستراتيجية الدبلوماسية لحل المشكل مع المغرب في حين يفضل الحزب الشعبي 'النزعة القتالية'. ويرى الحزب الاشتراكي الحاكم أن الحزب الشعبي يبالغ في توظيف المغرب في هجومه على الحكومة لأهداف سياسية وانتخابية محضة.