أقدم المغرب خلال هذه الأيام على خطوة رمزية ولكن ذات أبعاد سياسية وتاريخية عميقة عندما وضع ملصقا في المعبر الحدودي بين أراضيه ومدينة مليلية المحتلة (شمال شرق البلاد)، يتضمن بشكل واضح عبارة "مليلية المحتلة"، الأمر الذي أثار حفيظة مدريد التي اعتبرته "عملا غير ودي" وطالبت بسحبه، مما يهدد بأزمة في العلاقات الثنائية. ومليلية، إلى جانب سبتة ، هي أراض تقع في أراضى المملكة المغربية، وتزعم اسبانيا أنها جزء من أراضيها. ويتضمن الملصق الذي تسبب في الأزمة الجديدة توجيهات بشأن تأمين السيارات التي تمر يوميا من مليلية إلى الأراضي المغربية وخصوصا نحو مدينة الناضور أو البلدة الصغيرة المسماة بني أنصار. ويعبر تلك النقطة الحدودية يوميا أكثر من عشرة آلاف سيارة ومركبة حيث يرغب المغرب في فرض ما يسمى التأمين الدولي على هذه السيارات. وكانت البداية مع حكومة الحكم الذاتي في مدينة مليلية التي احتجت بقوة على استعمال المغرب تعبير "مليلية المحتلة" في الملصق. وطالب رئيس هذه الحكومة خوسيه إمبرودا حكومة مدريد المركزية بزعامة الاشتراكي خوسيه لويس رودريغيث سبتيرو بالتدخل لدى الرباط لسحب الملصق، أو تقديم احتجاج رسمي في حالة رفض الاستجابة. وينطلق إمبرودا من اقتناعه بأن مليلية أرض إسبانية وليست محتلة. وقامت الخارجية الاسبانية بتقديم احتجاج للسفارة المغربية في مدريد معربة عن تحفظها على استعمال "مليلية المحتلة" وتطالب بإزالته، لكن رد المغرب كان واضحا هو التأكيد على أن مليلية، رفقة مدينة سبتة، هي أراض مغربية تحت الاحتلال الإسباني. والمثير أن رئيس بلدية بني أنصار المحاذية لمليلية، يحيى يحيى، اتخذ قرارا باستعمال تعبير "مليلية المحتلة" في جميع الوثائق الرسمية للمدينة الصغيرة التي يترأس مجلسها البلدي. وتقع مدينتا سبتة ومليلية شمال المغرب وتحتلهما اسبانيا، ويقوم اقتصادهما على التهريب نحو المغرب، وقد فاقت أرقام التهريب سنويا المليار و200 مليون يورو. ويبقى اللافت هو أن الاحتجاج السياسي الذي تقدمت به اسبانيا للمغرب. فتاريخيا، كانت مدريد تعتبر أن سبتة ومليلية أراض يمكن بحث سيادتهما وكانت تتفهم مطالب المغرب، لكن تدريجيا تغيرت مواقف الطبقة الرسمية والسياسية الإسبانية بشأن هذا الموضوع، إذ تحول التفهم إلى رفض لبحث السيادة المستقبلية بل والاحتجاج على المغرب كلما أشار إلى الوضعية السيادية للمدينتين.