أمام حدة التنافس وعنف الحملات الانتخابية بين الأحزاب المشاركة في الانتخابات الجماعية والجهوية وكثرة الطعون والشكايات وقوة التصريحات المضادة بين رؤساء الأحزاب السياسية وتبادل التهم فيما بينهم، أصبح الكل يتساءل: هل/ وكيف ستتقبل الأحزاب السياسية نتائج استحقاقات 4 شتنبر خصوصا أحزاب العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة والاستقلال والتجمع والاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية وتحالف فيدرالية اليسار؟ هل ستقبل نتائج هذه الانتخابات دون أي اتهام أو طعن أو تشكيك كيف ما كانت النتائج؟ أم إنها ستردد أسطوانة التحكم والتزوير وصناعة الخرائط واستعمال المال الحرام؟ كيف سيتعامل "البيجيدي" مع هذه الانتخابات إذا فاز حزب "البام" بأغلبية مقاعد الجهات والجماعات واحتل المراتب الأولى؟ كيف سيتعامل حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي إذا فاز حزب "البيجيدي" بأغلبية مقاعد هذه الانتخابات؟ كيف سيتعامل حزب "البام" إذا فاز حزب الاستقلال بالمرتبة الأولى في الانتخابات الجماعية؟ كيف سيتعامل حزب الاتحاد الاشتراكي إذا ما خرج غير فائز في هذه الانتخابات؟ كيف سيتعامل تحالف فيدرالية اليسار إذا خرج منهزما في هذه الانتخابات؟ وماذا أعدت الدولة من سيناريوهات لمواجهة ردود الأحزاب إذا ما شككت في مساطر ونتائج انتخابات 4 شتنبر الجماعية والجهوية؟ للإجابة عن هاته الأسئلة، نؤكد أن سياق تنظيم الانتخابات الجماعية والجهوية لسنة 2015 والنتائج التي ستفرزها سيضع الدولة - خصوصا إذا هيمن حزب الأصالة والمعاصرة على نتائج الانتخابات الجماعية والجهوية- في محك حقيقي حول مصداقيتها ونزاهتها وحيادها في هاته الانتخابات من جهة، وسيضع الأحزاب السياسية في موقف صعب لإقناع مناضليها بنتائج الانتخابات الجماعية والجهوية، وخصوصا أحزاب "البيجيدي" والاستقلال والاتحاد الاشتراكي وتحالف فيدرالية اليسار، من جهة أخرى. لذلك من المنتظر وقوع ردود فعل متباينة بين الدولة والأحزاب السياسية مهما كانت نتائج هاته الانتخابات، الأمر الذي يتطلب الكثير من الحكمة والتعقل لتدبير مرحلة ما بعد 4 شتنبر. حياد الدولة ومصداقيتها أمام المحك ستتجه كل الأنظار إلى رئيس الحكومة ووزارة الداخلية ووزارة العدل والحريات يوم 4 شتنبر لكونهم المؤسسات المشرفة على العملية الانتخابية، لمعرفة مواقفهم من نتائج هذه الاستحقاقات وكيفية إقناع الأحزاب والمواطنين بحياد الدولة ومصداقيتها في ضمان حقوق كافة مكونات العملية الانتخابية على قدم المساواة للبرهنة على صدق الدولة الالتزام بمبادئ الخيار الديمقراطي الضامن لتكافئ الفرص بين الأحزاب وتوفير الشروط الموضوعية لتنظيم انتخابات 4 شتنبر بعيدة عن مناهج التزوير والتدخل والتحكم وصناعة الخرائط الحزبية للقطيعة مع خطاب المؤامرة والشك في نزاهة وشفافية الاستحقاقات، وعلى هذا الأساس ستضع ردود الأحزاب تجاه نتائج هاته الانتخابات مصداقية الدولة المشرفة الرئيسية على انتخابات 4 شتنبر في محك حقيقي، وهو ما يمكن أن يعيد مسألة النزاهة للواجهة. حزب العدالة والتنمية والوضع الصعب رغم الطابع المحلي للانتخابات الجماعية والجهوية ل 4 شتنبر، فالحزب يعتبرها انتخابات سياسية لكونها: أولا: أول انتخابات يشرف عليها رئيس الحكومة ووزيري الداخلية والعدل والحريات. ثانيا: سعي الحزب تنظيم انتخابات وفق المقتضيات الدستورية والقانونية المؤطرة لها. ثالثا: استغلال الحملات الانتخابية لهاته الانتخابات للدفاع عن تجربته الحكومية. رابعا: البرهنة على أنه ما زال حزب ثقة المواطن رغم كل ادعاءات واتهامات أحزاب المعارضة. خامسا رغبته في البقاء كقوة سياسية أولى على الأقل في المجال الحضري وترسيخ صورة المواجه الشرس لما يسميه بقوى"التحكم السياسي". سادسا اعتماد نتائجها كمقياس لموقف الشعب من الحزب. ووعيا من حزب العدالة والتنمية بأهمية الانتخابات الجماعية والجهوية ل 4 شتنبر ورهاناتها الإستراتيجية، تقدم الحزب ب 16 ألفا و310 ترشيحات؛ أي بنسبة 12,46 بالمائة، محتلا بذلك الرتبة الثالثة بالنسبة للانتخابات الجماعية، و678 ترشيحا؛ أي بنسبة تغطية تبلغ 100 بالمائة بالنسبة للانتخابات الجهوية، محتلا المرتبة الأولى واضعا خمس وزراء هم: عبد العزيز العماري وإدريس الأزمي وعبد العزيز الرباح وبسيمة الحقاوي والحسن الداودي وكلاء لوائح وسط إمكانية خضوع مرشحي الحزب للتصويت العقابي من بعض السلفيين- باستثناء جماعة المغراوي بمراكش- ومن أتباع "جماعة العدل والإحسان". حزب "البام" وسؤال المشروعية والتحدي بعد فوزه الساحق في انتخابات الغرف، نزل الحزب بكل ثقله في الانتخابات الجماعية والجهوية ب18 ألفا و227 ترشيحا؛ أي بنسبة 13,92 بالمائة بالنسبة للانتخابات الجماعية، محتلا بذلك المرتبة الأولى، وب673 ترشيحا؛ أي بنسبة تغطية تبلغ 99,26 بالمائة بالنسية للانتخابات الجهوية، محتلا المرتبة الثالثة. ونظرا لرهانات الحزب على هاته الانتخابات، اعتمد إستراتيجية إعلامية مهنية لتدبير حملته الانتخابية وترشيح كل أعضاء مكتبه السياسي كوكلاء لوائح إما للانتخابات الجماعية أو الجهوية. وقد أحدث ترشيح إلياس العماري بالحسيمة وبيد الله بالسمارة وأحمد اخشيشن بقلعة السراغنة ومصطفى الباكوري بالمحمدية المفاجأة، بل إن ترشيح هؤلاء كوكلاء لوائح لحزب "البام" للانتخابات الجهوية أربك كل حسابات واستراتيجيات الأحزاب، خصوصا الأحزاب المنافسة له وأقصد "البيجيدي" والاستقلال والاتحاد الاشتراكي والتجمع لأنه من العبث قبول مغامرة حزب "البام" بترشيح بيد الله واخشيشن والعماري والباكوري- وهم أهم قادته - دون التأكد مسبقا من إمكانية فوزهم برئاسة الجهات المرشحين بها. ولعل ترشيح هؤلاء القادة هو أكبر تحد لحزب "البام" الذي يراهن على الفوز بأكثر من جهة، خصوصا جهة الدارالبيضاء–سطات، وجهة مراكش- آسفي وجهة طنجة- تطوان- الحسيمة، ولما لا الفوز بجهة العيون- الساقية الحمراء. والمتتبع للحملة الانتخابية يلاحظ أن هناك أكثر من مؤشر على أن حزب "البام" سيخلق الحدث في هاته الانتخابات لإثبات مشروعيته الشعبية وطرح نفسه الحزب البديل لمواجهة حزب العدالة والتنمية. وهنا نتساءل هل ستقبل أحزاب "البيجيدي" والاستقلال والتجمع والتقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي وتحالف فيدرالية اليسار بأن يصبح حزب "البام" القوة الأولى بالنسبة لمجالس الغرف ومجالس الجماعات ومجالس الجهات؟ وكيف ستواجه الدولة هاته الأحزاب في حالة ما طعنوا أو شككوا في نتائج هاته الانتخابات التي من المؤكد أن حزب "البام" سيخرج منها قويا ومنتصرا ومعبدا الطريق نحو المشاركة في الحكومة المقبلة؟ هل ستتقبل هاته الأحزاب بقواعد لعبة الانتخابات المغربية أم إنها ستعود بنا إلى خطاب ما قبل 2011؟ حزب الاستقلال ومصير مستقبل أمينه العام يدخل هذا الحزب استحقاقات 4 شتنبر على أساس تحد كبير جاء على لسان أمينه العام حميد شباط، مفاده أنه إذا لم يحتل حزب الاستقلال المرتبة الأولى في الاستحقاقات المقبلة فإنه سيقدم استقالته من الأمانة العامة. وهذا تحد كبير صرح به السيد شباط. ووعيا منه بخطورة تصريحه قدم الحزب 17 ألفا و214 ترشيحا؛ أي بنسبة 13,15 بالمائة بالنسبة للانتخابات الجماعية، محتلا المرتبة الثانية و678 ترشيحا بالنسبة للانتخابات الجهوية؛ أي بنسبة تغطية تبلغ 100 بالمائة، محتلا بذلك المرتبة الأولى إلى جانب "البيجيدي". السيد شباط، أمين الحزب، واع بأنه سيواجه مرشحين شرسين من الأغلبية بل إنه سيواجه عدة وزراء ترشحوا في جهة فاس- مكناس منهم: امحند العنصر وإدريس الأزمي ومحمد عبو والوزير المقال محمد اوزين وإدريس مرون. وأمام حدة الصراع بين حزب الاستقلال وأحزاب الأغلبية راهن الحزب على شعار "مع الشعب" مفاده لا للهزيمة ولا لاحتلال حزبي "البيجيدي" و"البام" المراتب الأولى قبل حزب الاستقلال في هذه الاستحقاقات بعد خوض أمينه العام حروبا عنيفة مع جل قادة أحزاب الأغلبية بل حتى مع بعض قادة أحزاب المعارضة. وأعتقد أن أمين حزب الاستقلال لا يتكلم من فراغ، فحزبه يتوفر على الامكانيات المادية والبشرية الكفيلة بأن تجعل منه الرقم الصعب تجاوزه في استحقاقات 4 شتنبر. لكن السؤال العريض الذي يقلق البعض هو: هل سيقبل حميد شباط نتائج انتخابات 4 شتنبر إذا لم يفز بالمرتبة الأولى على الأقل بالنسبة للانتخابات الجماعية والجهوية؟ وهل سيوفي بوعده بتقديم الاستقالة من الأمانة العامة في زمن انتخابي صعب؟ أم إنه سيدخل في حرب إعلامية عنيفة مع رئيس الحكومة ووزير الداخلية ووزير العدل والحريات بسبب نتائج هاته الانتخابات؟ حزب التجمع والبحث عن رئاسة الحكومة يدخل حزب التجمع الوطني للأحرار انتخابات 4 شتنبر الجماعية والجهوية بإرادة قوية لاحتلال المواقع الأولى في هاته الانتخابات، خصوصا أنه استفاد من استقطاب كائنات انتخابية قوية ومن أعيان كبار يراهن عليهم الحزب "كماكينات" انتخابية فعالة لتأمين رهاناته السياسية وفي مقدمتها الفوز على الأقل بجهة أو جهتين واحتلال مراتب متقدمة في الانتخابات الجماعية استعدادا لقيادة حكومة مقبلة بتحالف مع "البام" والاستقلال والحركة الشعبية والاتحاد الدستوري. لكن ما بعثر استراتيجيات حزب التجمع هو ترشح إلياس العماري بجهة طنجة- تطوان- الحسيمة ومصطفى الباكوري بجهة الدارالبيضاء- سطات واحمد اخشيشن بجهة مراكش- آسفي، الأمر الذي سيدفعه ليراهن أكثر على جهة كلميم واد نون حيث حظوظ امباركة بوعيدة جد قوية وجهة فاسمكناس حيث الرهان على الوافد الجديد سعيد اشباعتو، أما وزيريه المرشحان فاطمة مروان ومحمد عبو فإن نتائجهما ستكون عادية. لكن السؤول الذي يطرح على قادة الحزب هو هل لهم القدرة على مواجهة حزب "البام" في بعض الدوائر الانتخابية التي سيكون فيها الصراع قويا بينهما؟ الاتحاد الاشتراكي وانتخابات إثبات الوجود يدخل الاتحاد الاشتراكي هاته الانتخابات برهانات انطولوجية وهي إثبات الذات والبرهنة على أن الاتحاد الاشتراكي في عهد قيادة لشكر في الطريق الصحيح رغم احتلال الحزب الرتبة الخامسة على مستوى الترشيح بالنسبة للانتخابات الجماعية، حيث إنه رشح 11 ألفا و685 ترشيحا؛ أي بنسبة 8,92 بالمائة، والرتبة السادسة بالنسبة للانتخابات الجهوية بتقديم 637 ترشيحا؛ أي بنسبة تغطية تبلغ 93,95 بالمائة وراء حزب التقدم والاشتراكية. ونشير هنا إلى أن حزب الاتحاد الاشتراكي يدخل هاته الانتخابات وهو يعيش على إيقاع تصدعات داخلية ومغادرة ناخبين كبار لوائحه للترشح مع أحزاب أخرى. ويتبين من وكلاء لوائح الحزب المرشحين للانتخابات الجهوية أنه سيجد صعوبة في الفوز بجهة أو جهتين. وحسب أكثر التوقعات، فإن حزب الاتحاد الاشتراكي يوجد اليوم في منعطف كبير. إما إثبات الذات واسترجاع قواعده الشعبية أو أنه سيصبح من بين الأحزاب العادية في مشهد سياسي تتصارع فيه أحزاب قوية. وفي هذه الحالة ينتظر الكل ردود فعل الكاتب الأول للحزب السيد إدريس لشكر بعد ظهور نتائج الانتخابات الجماعية والجهوية التي إما أنها ستقوي حظوظه للاستمرار في قيادة الحزب أو دخول الحزب في دوامة الاتهامات والتصدعات الداخلية. بصفة عامة هناك أكثر من مؤشر على أن الدولة والأحزاب ستوجد في مواقف حرجة بعد إعلان نتائج الانتخابات الجماعية والجهوية التي ستظهر الحجم الحقيقي لكل حزب في مشهد سياسي غير واضح المعالم، الأمر الذي سيضع قادة هاته الأحزاب في محك حقيقي أمام مناضليها.