أمرت النيابة العامة بمدينة تطوان، الواقعة شمال المغرب، الشرطة القضائية باستدعاء حميد شباط، أمين عام حزب "الاستقلال"، بمعية مسؤول حزبي آخر، للاستماع إليهما في موضوع شكاية تتهمهما بالسرقة وخيانة الأمانة، وبفتح تحقيق معهما في واقعة تتعلق باختفاء لوحة للفنان الإسباني بيرتوتشي. وكانت هذه اللوحة قد اختفت بشكل مفاجئ من مقر نادٍ مجاور لمقر حزب "الاستقلال" بمدينة تطوان، ويحمل بدوره اسم "نادي الاستقلال"، غير أن صورة فوتوغرافية فضحت تواجد هذه اللوحة بمكتب الأمين العام للحزب بالمقر المركزي بالرباط، ثم اختفت بعدها نهائياً عن الأنظار. إسحاق شارية، محامي الطرف المشتكي، أكد في تصريح ل"العربية.نت"، صحة خبر أوامر النيابة العامة للشرطة القضائية باستدعاء حميد شباط للمثول أمامها للتحقيق معه في هذه الواقعة التي كانت موضوع شكاية وضعت منذ أواخر 2014. وأشار إلى أن الشرطة القضائية ستستدعي أيضاً مدير مقر الحزب بتطوان، إلى جانب زعيم الحزب، واصفا القرار الذي اتخذته العدالة المغربية بالتاريخي، لأن الأمر يتعلق من وجهة نظره، بلوحة لها رمزية تاريخية وقيمة مالية حددها في 7 ملايين درهم مغربي. وأوضح شارية أنه كلف من طرف الجمعية الوطنية لمحاربة الفساد بمدينة تطوان، للترافع باسمها في هذا الملف ضد حميد شباط، الذي اعتبره متورطاً في سرقة هذه اللوحة من "نادي الاستقلال" الذي لا علاقة له بالحزب إلا الجوار، كما أنه تأسس قبله، تبعاً للمتحدث. وقال المحامي إن تاريخ اللوحة يعود إلى سنة 1934 من القرن الماضي، حيث قام الفنان الإسباني في ذلك الزمن بإهدائها إلى 20 عائلة من المدينة، بمناسبة الذكرى الأربعينية لوفاة الحاج أحمد بنونة، رائد المقاومة بالمدينة في زمن لم يتأسس فيه بعد حزب "الاستقلال". وأبرز إسحاق شارية أن الشكاية التي وضعت أمام النيابة العامة تتضمن وثائق تثبت ملكية اللوحة لأبناء المدينة، معتبراً إياها إرثاً فنياً وطنياً، وأنها جزء من ذاكرة كل المغاربة ينبغي أن تدرج في متحف المدينة. يذكر أن الفنان الإسباني الغرناطي، ماريانو بيرتوتشي، ارتبط وجدانياً بمدن طنجة وشفشاون وسبتة وتطوان، وغيرها من مدن الشمال التي كانت خاضعة للاستعمار الإسباني، وتؤكد بعض أعماله التصويرية والتوثيقية هذه العلاقة، ومن ضمنها اللوحة المسروقة. كما لعب بيرتوتشي دوراً حاسماً في أن يلج المغاربة أول مدرسة لتدريس الفن في المغرب والتي تأسست سنة 1945، وكانت مقصورة في البداية على الطلبة الإسبان وبعض اليهود المغاربة، وهو ما أتاح للطلبة المغاربة بداية من نهاية الأربعينيات التعرف على بعض الاختصاصات التقنية والنظرية للتعبير التشكيلي، ليكملوا لاحقاً دراساتهم العليا في عدد من المدارس والمعاهد الفنية الغربية، الإسبانية والفرنسية على الخصوص.