اللعبة السياسية في بلادنا تقتضي من الجميع أغلبية ومعارضة الرضى بالواقع، وتحكيم العقل في قضايا مصيرية تجتازها الأمة. حكومة زعيم المصباح فهمت اللعبة وأعلنت الصورة الحقيقية لخارطة طريق جعلت الكل يفهمها ويبحث ويغوص عن مراميها ومقاصدها. الكل إذن متشبث بالعملية السياسية في إطار الديمقراطية الحقة، وفي إطار الاستقرار لتجنب البلاد الويلات والصعاب. صقور المعارضة القديمة مازالوا يؤكدون أن هناك صعوبة في تحقيق انتقال ديمقراطي حقيقي، وهذا ما يفسر لنا الواقع المعاش الذي أصبح مترديا، ولو بعد إجراء التعديل على الدستور الذي أصبح في خبر كان، لأنه لا يستجيب لطموحات وهموم مختلف الشرائح الإجتماعية. انتقادات أغلبية الأمس ومعارضة اليوم لا نجد لها في القاموس السياسي إلا الإقصاء والردة والهيمنة على المشهد السياسي برمته. هجمة شرسة تعرفها الساحة السياسية ببلادنا على الواقع المر الذي ينذر بمستقبل مشؤوم خاصة ونحن على أبواب الاستحقاقات المقبلة التي عجزت الحكومة الأولى لزعيم المصباح عن تنظيمها في الوقت المناسب الذي كنا في أمس الحاجة إليها، رغم الاستفسارات والتساؤلات التي طرحت حولها وحول العجز والفتور الذي يطال تنظيمها في الحاضر والمستقبل. حكومة زعيم المصباح الثانية مقبلة إذن على نبذ كل الخلافات فيما بينها، لفتح أوراش كثيرة وعالقة في المشهد السياسي. فهل نحن إذن قادرون على خلق أقطاب سياسية وبتحالفات معينة ذات استراتيجيات واضحة بعيدا عن التجاذبات السياسية، يكون الرابح فيها المواطن المغربي أولا وأخيرا؟ وهل بلادنا تعيش تحديات دستورية وسياسية عميقة أثرت وتؤثر على البلاد والعباد؟ أمام تحولات ربوع البلاد العربية خاصة ونحن نعيش فتورا، بل نكوصا لمفهوم الربيع العربي وتجلياته. أم أن هذه الأقطاب التي تحتاجها بلادنا في هذا الوقت الحرج وبالضبط لاستكمال بناء المؤسسات وفق آليات يصعب معها التشاركية والتوافقية في اتخاذ القرارت، وفي غياب تام لانتماء حقيقي يخدم البلاد، أمام تنكر الجيران لجيرانهم، وأمام الفتور الذي يعرفه المسار الديمقراطي الحقيقي لتثبيت الاستقرار الذي يخدم المصلحة المشتركة بين الدول المغاربية، والذي لا يشكل في نفس الوقت أي عرقلة للمسيرة السياسية بين هؤلاء من أجل تحقيق بناء ديمقراطي حقيقي في إطار شراكة حقيقية اقتصادية، وتحقيق مفهوم الانتماء السياسي للمغرب الإفريقي والعربي، وهو مفهوم أصيل ومتلازم حضاريا وجغرافيا وسياسيا . هذا المفهوم نعتبره كذلك لبنة أساسية للتشييد والبناء في إطار الاستقرار للمنطقة بكاملها. بقلم توفيق المصمودي