يقول العوام في تطوان وفي كثير من أنحاء المغرب ان سيدي الصعيدي * 28هو مولى تطوان وسلطانها، أي أنه وليها وصالحها وحاميها وضامنها، وهذا الضريح هو على يمين النازل في اتجاه باب الصعيدة، أما تاريخ بناءه وبانيه فاننا نجد تضاربا في هذا، ففي الوقت الذي يذهب فيه السيد أحمد الرهوني في كتابه عمدة الراويين الى أن " هذا الضريح وما حوله من بناء الباشا أحمد بن علي الريفي في حدود 1150" 29، يحكي لنا المؤرخ محمد داوود أسطورة بناءه فيقول : " ان المحل الذي به الآن ضريح سيدي الصعيدي كان خلاء، وقد نبت فيه عليق وهو شوك متكثل، وذات يوم دخل كلب الى وسط ذلك الشوك وبال عليه فلم يغادر مكانه الا وهو أعمى فاقد البصر، فقال الناس اذ ذاك انه لابد أن يكون ذلك كرامة لصاحب القبر ولابد أن يكون صاحب ذلك القبر من الصالحين، وكان قرب ذلك المكان مراح به دواب ومواشي لأحد أولاد الحاج *30 فرأى ذلك المراح في المنام رجلا قال لهأنني أنا هو الصعيدي.فأظهر قبري واشهره فبنى عليه وأشهر قبره ودفن الى جانبه وجعل هناك دربوز كبير"31 الا أننا واستنادا الى النقش الذي يوجد بأعلى القنا الموجود على يسار النازل الى باب الصعيدة والذي يحمل هذه العبارات : الحمد لله أمر بتجديد السقاية المباركة المجاهد البركة... عبد الله وفقه الله عام أربعة وثلاثين ومائة وألف" وقد طمست هناك كلماتربما عن قصد نرجح أن يكون الراهب الباشا أحمد الريفي أثناء ولايته الاولى على المدينة في عهد المولىاسماعيل ، وهكذا فمن الأرجح أن يكون الامر هنا يتعلق بزاوية أقدم قد أعيد بناؤها من لدن الباشا أحمد خلال سنوات 1720-1730، وقد كانت هذه الزاوية التي بنيت على ضريح سيدي الصعيدي هي المسجد الوحيد في تلك الناحية من مدينة تطوان وهي قريبة من سور البلد، ومنذ ذلك الحين صار أهل تلك الحومة يصلون هناك ويدفنون موتاهم قصد التبرك بصاحب المكان، ويجتمعون بها في أوقات الصلاة وفي المواسم الدينية،وصار الضريح والى يومنا هذا مزارة كبيرة، وأشهرت لسيدي الصعيدي كرامات فجعلت له احباس وصار الناس وخصوصاالنساء والمرضى أصحاب الحاجات يقصدون ذلك الضريح بالهدايا والندور، كالشمع والخبز والحليب، وترك مبلغ من المال في صندوق مخصص لمثل هذه الأعطيات الصغيرة، وصار ذلك بالاضافة الى ثمن حق الدفن داخل الزاوية موردا ماليا للعائلة الحاجية البانية للزاوية والقائمة على شؤونها الى هذا اليوم، وبما أن سيدي الصعيدي قد اشتهر بأنه مولى البلد صار الغرباء عن المدينة يتقدمون الى ضريحه بالزيارة والهدايا، ليتقبلهم ضيوفا في بلده،" وصار من يرد على تطوان من حج بيت الله الحرام يزور ضريحه أولا ثم يقصد داره بالطبول والغيطات، وربما صحبته الطوائف بأعلامها وأذكارها". وهكذا أسدلت على الزاوية وضريحها قداسية نماها الخيال حتى كان لها من الشهرة ما كان، الا أنه وفي فترة الاحتلال الاسباني للمدينة سيتعرض الضريح مع مجموعة أخرى من الزاويا والمساجد للاتلاف وتحويله من مكان للتعبد الى مخزن للبارود وآلات الحرب، ذكر الناصري " أنهم – جنود الاحتلال – كسروا القباب الخشبية الموضوعة على ثبور الصلحاء وعين من بينها ضرائح سيدي الصعيدي وسيدي علي بركة... وزاد أنهم حفروا عددا من قبور الاولياء وحولوا عددا من زواياهم الى مرابط الخيل"32. *- "يكنى أبا عبد الله محمد وينمى سعيد يا ومن أهل سبتة يعني أن هذا الضغيم يكنى أبا عبد الله ويسمى محمد وينتسب سعيد يا الى قبيلة بني سعيد كما يعرف بأنه من أهل سبتة فتحصل أنه أبو عبد الله سيدي محمد السعيدي السبتي، فهذا السيد الجليل على شهرته وعظم كرامته لم نجد الى الآن من نص على تاريخ وجوده، ولا على نسبه بل وعلى اسمه على وجه التحقيق وبودنا لو ظفرنا بذلك، ويظهر بحسب القرائن أنه لم يكن في زمن التبين ولا قبله وأنه وجد فيما بعد ذلك ما بين عمارة البلد في وقت التبين الى عمارتها في أيام المنظري... فيؤخذ من ذلك أنه توفي رضي الله عنه في أواسط القرن السابع من نحو 625 الى 650 " 28 - أبو العباس أحمد الرهوني، المصدر السابق، ج.4، ص.22-23-24 29- نفسه، ج.2، ص. 19. *-" قاسم الحاج ذكره الفقيه البركة الشريف سيدي الحسن ابن الشيخ سيدي محمد بن علي بن ريسون في تأليفه المسمى "فتح التأبين" ودمغه بالولي الصالح العابد سيدي قاسم الحاج التطاوني الدار، الأندلسي الأصل/، وذكر أنه كان معظما عند الخاصة والعامة من مدينة تطاون وأن ولاة الأمر كانوا لا يردون شفاعته توفي ودفن في قبة سيدي الصعيدي 30- محمد داوود، المصدر السابق، ج.1، ص.:32 .