عندما يصبح التموقع الحزبي وسيلة لتدمير الاستقرار والسلم الاجتماعي والبحث عن الاغتناء الفاحش على حساب الطبقة الشغيلة والتنمية المجتمعية، فتلك هي أم الكوارث، وعندما يصبح الوصول إلى مواقع مسؤولية تدبير الشأن العام المحلي، مطية لطحن السلم الاجتماعي ومصالح الناس بالتحالف مع من أفتكوا مناطقنا الشمالية بسلاح الغازات السامة، فتلك مصيبة عظمى لا يجب السكوت عن مقترفيها. بهذه العبارة المؤثرة جدا صرح أحد عمال شركة فكتاليا الإسباية المغربية المفوض لها تدبير النقل الحضري بالناظور، واصفا الوضع المزري الذي يعيشه عمال هذه الشركة ، حيث دخلوا في إضراب مفتوح عن العمل منذ يوم الإثنين 17 من الشهر الجاري للفت انتباه المسؤولين بخطورة وضعيتهم وما قد يترتب عنها من جهة، ومن جهة ثانية من أجل المطالبة بتسوية وضعيتهم و بحقوقهم المشروعة التي أجهزت عليها الشركة الإسبانية منذ شروعها في استغلال مرفق النقل الحضري بالناظور ابتداء من شهر يونيو المنصرم وفي مقدمتها حقهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والتصريح بالأجور والتعويض عن العمل أيام الأعياد ومطالبة الشركة باحترام مدونة الشغل. مصادر مقربة من المضربين قالت أن الشركة الجديدة تعاملهم معاملة حاطة بالكرامة على شاكلة عاملات ضيعات الفرولة بالديار الاسبانية دون حسيب ودون رقيب، ويعبرون عن استنكارهم الشديد لتنكر هذه الشركة لحقوقهم المشروعة. والأخطر ما في الأمر – تقول ذات المصادر – أن شريك هذه الشركة الاسبانية ليس سوى نائب رئيس الجهة الشرقية المنتمي لحزب التراكتور وصاحب شركة فوغال المفوض لها تدبير مرفق النقل الحضري بمدينتي بركان وتازة، الذي سبق له وأن أهان بكل وقاحة سكان مدينة بركان في تصريح تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي والذي كان قد خلف ردود فعل استنكارية من قبل المجتمع البركاني. وفي السياق ذاته،أوضحت عمالية أن شركة فكتاليا الإسبانية دشنت دخولها إلى مدينة الناضور بالتخلص من 18 عاملا دون سبب، وفق ما كشفته عدة منابر إعلامية محلية وجهوية ، حيث ينتظر باقي العمال دورهم ليكون الانطباع السائد بأن طردهم يبقى مسألة وقت مما يطرح تساؤلات عريضة حول أهداف شركة فكتاليا التي انطلقت على وقع شحن الأجواء بقطاع حيوي وينذر بتوتر الاستقرار الاجتماعي الذي عرفته المدينة على عهد الشركة السابقة التي تم الالتفاف عليها في زمن قياسي وبشكل يطرح تساؤلات لدى الرأي العام العمالي. المصادر ذاتها كشفت عن معلومات مفادها أن شركة فيكتاليا لاتزال شركة صغيرة بأسطول محدود جدا وتجربة متواضعة تتولى منذ سنوات قليلة تدبير النقل الحضري بمدينة أليكانطي الإسبانية ببضع عشرات من الحافلات ليس إلا . ويعود الفضل في تمددها إلى مدينة الناضور المغربية إلى نائب رئيس الجهة الشرقية الذي أوجد لهذه الشركة موطأ قدم لتدبير قطاع حيوي مهم بمدينة كبرى مثل الناظور التي لها أهمية استراتيجية كبرى بالجهة الشرقية للمملكة . وتستغرب مصادر من عمال الشركة عن قبول نائب مجلس الجهة الشرقية القيام بدور معاكس للذي انتخب من أجله،وكيف أنه تحالف مع شركة تفتقد لأدنى تجربة في مجال تدبير مرفق النقل الحضري بحواضر حيوية، وكيف أنه ارتضى لنفسه المساهمة في تسليم عملية تدبير مرفق على درجة عالية من الحساسية بمدن حيوية إلى شركات صغيرة بدون تجربة دون قراءة توقعاتها وعواقبها الوخيمة السلم الاجتماعي بهذه المدن، وكيف أنه يستغل موقعه لتشريد المواطنين والمواطنات عوض البحث في مصالحهم ومستقبلهم . إن مثل هذه المغامرات غير المحسوبة لن تزيد هذه المدن سوى مشاكل أخرى على رأسها خلق احتقانات اجتماعية نحن في غنى عنها مثل ما يحصل بالناظور. ذات المصادر العمالية تحذر سكان مدينة آسفي من هذه الشركة الاسبانية التي تسلمت مسؤولية تدبير النقل الحضري بها وملامح تدبيرها ماثلة أمام الرأي العام بمدينة الناظور . ودعت ذات المصادر سكان مدينة آسفي إلى رفض هذه الشركة الاستعمارية، موضحين أن بلادنا في حاجة إلى شركات مواطنة تعزز السلم الاجتماعي عوض تشريد ضحايا جدد من العمال وإخراجهم إلى الشوارع للاحتجاج. ونبهت ذات المصادر عمال ومستخدمي الوكالة المستقلة للنقل الحضري بآسفي إلى الحذر واليقظة والمطالبة بضمانات تحميهم من التشرد والضياع على غرار ما يتعرض له زملائهم بمدينة الناظور من قبل ذات الشركة التي جلبها نائب رئيس مجلس الجهة الشرقية الذي ترجح بعض المصادر تأثيره على المجلس الجماعي لمدينة آسفي لفتح الطريق أمام الشركة الاسبانية والتعاقد معها. واختتمت المصادر العمالية تصريحها بتساؤل عريض" هل المنتخب وجد لتدبير شؤون المواطنين أم لطحن آمالهم في الحياة الكريمة؟