من المنتظر أن تبت المحكمة الإدارية بأكادير في موضوع تفويت عملية تدبير النقل الحضري إلى شركة أجنبية يوم 29 نونبر المقبل، وقد سبق للمحكمة الإدارية الاستئنافية بمراكش أن أيدت الحكم الابتدائي القاضي بإيقاف إجراءات تنفيذ عقد التدبير المفوض للنقل الحضري لأكادير الكبرى. الحكم صدر لفائدة شركتي «الكَاب» و«زيطراب»، الطاعنتين في قرار والي جهة سوس ماسة درعة وعامل عمالة أكادير إداوتنان، بتفويت التدبير المفوض للنقل الحضري بأكادير الكبرى لشركة «ألزا» الإسبانية، حيث اعتبرت الشركتان الطاعنتان ذلك التفويت مناقضا لقوانين الصفقات،لأنه شابته خروقات بخصوص الضمانة البنكية ومدة انتهاء العقد، فيما حملت مصادر من السلطات مسؤولية أزمة النقل الحضري بالمدينة إلى من عمل بالزج بالملف في المحاكم وخلق مزايدات حوله. أزمة النقل الحضري بأكادير تعود إلى أزيد من سنة ونصف، وتطرح استفهامات عديدة همت الجانبين المالي والإداري، مما عقد مسارات معالجتها وحلها. وقد تضرر بسببها أزيد من 10 آلاف طالب وطالبة بالمؤسسات الجامعية والمعاهد والمدارس بالمنطقة، وما ترتب عن ذلك بخصوص مستقبلهم الدراسي من تأثيرات سلبية. كما تم بسببها أيضا تسريح أزيد من 500 عامل وعاملة تابعين لإحدى الشركات وتعريضهم وأسرهم لمصير مظلم ومشاكل اجتماعية بالجملة، بالإضافة إلى تضرر مصالح فئات واسعة من المواطنين، في حياتهم الاقتصادية والاجتماعية، وتأثيرات ذلك على سمعة المدينة ومحيطها وحركيتها التنموية، خاصة في المجال السياحي. في طريق الإفلاس تعود مشاكل النقل الحضري بأكادير الكبرى إلى عهد سابق، عندما دخلت الوكالة الحضرية للنقل العمومي وشركتا «الكاب» و«زيطراب» التابعتان للخواص في أزمة عميقة تشمل تردي الخدمات وعدم الاستجابة لمطالب المستخدمين والعمال وانتظارات المواطنين، وكان الجميع، منتخبين وسلطات ومواطنين، متفقا على إيجاد حل يخلص النقل الحضري من السكتة القلبية التي كانت تتربص به. والجدير بالذكر أن عمال ومستخدمي وكالة النقل الحضري بأكادير كانوا يعانون حالة قلق وترقب، بعد أن تناهى إلى علمهم توقف الصندوق الوطني لمنح رواتب التقاعد عن أداء مستحقات ورواتب المشرفين على التقاعد من مستخدمي الوكالة بدعوى عدم أداء المستحقات والديون المترتبة عن الوكالة، والتي بلغ مجموعها حوالي مليار و900 مليون سنتيم، الأمر الذي يهدد العديد من الأسر في قوتها اليومي. وكانت الوكالة تعيش أزمة مادية خانقة أرجعتها مصادر مسؤولة إلى سوء التسيير، الذي ظلت تعانيه الوكالة طيلة عقود، بحيث كانت تعتبر صندوقا أسود لتمويل مشاريع وأهداف بعيدة كل البعد عن تنمية وتطوير خدمات هذه المؤسسة الحيوية في حياة المواطنين من حيث توفير وسيلة نقل مريحة بتكلفة معقولة تراعي محدودية الإمكانات المادية لبسطاء المدينة وساكنتها. وترجع أسباب الوضعية الحرجة التي تتخبط فيها المؤسسة، حسب نشطاء نقابيين داخل المؤسسة، إلى عدم وفاء الجماعات المشكلة لوحدة المدينة لالتزاماتها حيال الوكالة، كما تنص على ذلك بنود البرنامج التعاقدي المبرم سنة 2001 بمقر الولاية، والذي التزمت بموجبه هذه الجماعات (الدشيرة، إنزكان، أيت ملول وبلدية أكادير) بأداء نسبة 1 في المائة من ميزانياتها لمساعدة الوكالة على تسديد المتأخرات العالقة بذمتها من أجل الحفاظ على الخدمات ذات الطابع الاجتماعي، وكذا بغاية تدارك العجز المادي المزمن الذي بات يهددها بخطر السكتة القلبية. وكان من المنتظر أن يضخ هذا الاتفاق مبلغ 10ملايين درهم سنويا في ميزانية الوكالة ابتداء من سنة 2002 إلى غاية سنة 2005 بعد أن بلغ حجم الديون المتراكمة عليها حوالي مليار و900 مليون سنتيم، مع احتساب الفوائد بفعل المتأخرات في الأداء، بحيث لم يكن المبلغ يتجاوز مبلغ 800 مليون سنتيم، ساهم في مراكمته سوء التسيير والتسيب اللذان ظلا ينخران هذا المرفق الحيوي، الذي لم تنفع معه سياسة ترشيد النفقات التي أعلن عن انتهاجها من أجل إخراج الوكالة من ضائقتها المالية. ويذكر كذلك أن 360 عاملا يخوضون إضرابات واحتجاجات أمام مرأب شركة «زيطراب» للنقل الحضري بمدينة أكادير منذ شهر غشت الماضي دون أن يكلف المسؤولون بالشركة أنفسهم عناء فتح حوار جدي لحل هذه المعضلة، حسب مصدر من نقابة العمال، الأمر الذي سبب أزمة خانقة للنقل بالمناطق المشكلة لأكادير الكبرى، لأن الشركة همشت مطالب العاملين ولم تحترم مدونة الشغل، بينما اعتبر مسؤول من داخل الشركة أن الأمر يتعلق بانتقام بسبب ما أسماه موقف شركته من تفويت قطاع النقل الحضري لجهة أجنبية. ويطالب عمال شركة «زيطراب» بالتسجيل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والتغطية الصحية من جراء عدم التصريح بالعمال، وعدم أداء مستحقات التغطية الصحية، مما يحرم هؤلاء من التعويضات العائلية، وكل ملفات الأمراض، والعمليات الجراحية، كما يتم رفض ملفات الأمومة، وطالب هؤلاء الشركة بالكف عن الاقتطاعات غير القانونية من أجور العمال بتوزيع دفاتر الذعائر واقتطاعها من أجور المراقبين وتوقيف السائقين والجباة بسبب أعطاب الحافلات، واقتطاع تلك الأيام من أجورهم واقتطاع خسائر حافلات الشركة من أجور السائقين واقتطاعات أخرى غير مبررة، ومعالجة رداءة الأسطول لأن الحافلات كلها مهترئة ولا يتم إصلاحها، وتشكل خطرا على حياة الركاب والمستخدمين على السواء، والعديد من الحافلات تم رفضها من لدن الفحص التقني، ومع ذلك تشغلها الشركة. وأضاف بلاغ عمال «زيطراب» أن التأمين يتم على السائق وخمسين راكبا، فى الوقت الذي يتم استثناء الجابي وباقي ركاب الحافلة، الذين قد يصل عددهم إلى 120 راكبا، وفى بعض الأحيان يتم إخراج الحافلات من دون وثائق. واشتكى المتضررون من التسيير الإداري وتحديد المسؤوليات فيما يتعلق بشواهد العمل وبذلة وساعات العمل والتوقيفات غير القانونية وتعسفات بعض المسؤولين و تعدد المهام وعدم احترام التخصصات واقتطاعات القروض من أجور العمال وعدم أدائها لشركة القروض، حيث تترتب عن ذلك زيادات فى فوائد التأخير، تظل في ذمة العامل، في الوقت الذي يعتقد هذا الأخير انه أدى القروض وفوائدها كاملة. ويشار إلى أن الشركة أوقفت جميع خدماتها، مند شهر غشت تاريخ دخول المستخدمين في الإضراب والاحتجاج ، ضاربة بعرض الحائط مصير العشرات من أسر العمال ومساهمة في تعميق أزمة النقل الحضري بالمنطقة. أزمة النقل الحضري بأكادير وفي سياق متصل، خلفت أزمة النقل الحضري بأكادير الكبرى العديد من رد فعل بسبب المعاناة التي يتكبدها التلاميذ والطلبة وعموم المستخدمين من أجل الوصول إلى مقرات عملهم ومصالحهم بسبب هذه الأزمة من جراء غياب وسائل النقل خاصة الحافلات ، وهي الوضعية التي تفاقمت اثر توقف إحدى الشركات. وهكذا خاض طلبة جامعة ابن زهر وكذلك تلاميذ المدارس احتجاجات واسعة النطاق وإضرابات متتالية خلال الأسابيع المنصرمة مطالبين بحل عاجل لمشكل النقل الجامعي والمدرسي. وقد أصدرت منظمة التجديد الطلابي بيانا إثر منعها من تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر ولاية جهة سوس ماسة درعة للتنديد بأزمة النقل الحضري، خاصة في شقه الجامعي بعد فشل لقائها بعدد من المسؤولين والمنتخبين، أكدت من خلاله تنديدها بمنع الوقفة بدعاوى أمنية غامضة ورفضها المقاربة الأمنية في حل أزمة النقل الجامعي وتشبثها بحق الطالب في النقل الجامعي وتحميل المسؤولية الكاملة لولاية أكادير ورئاسة الجامعة في تأزم ملف النقل. كما أصدرت الكتابة الجهوية لحزب العدالة والتنمية بلاغا بعد عقدها لاجتماع طارئ مؤخرا، تدارست فيه الوضعية المتأزمة التي آل إليها النقل الحضري بأكادير والمدن المحيطة به، وتأثيرات ذلك على فئات واسعة من المواطنين، وتداعيات الموضوع ومسؤوليات الجهات المعنية به. وسجل بلاغ الكتابة الجهوية لحزب العدالة والتنمية مؤازرة الحزب لمطالب الطلبة وعموم المتمدرسين المشروعة في توفير نقل حضري بمواصفات تحقق الشروط الدنيا للتلقي العلمي، كما سجلت مؤازرة الحزب الكاملة لمطالب عمال وعاملات شركة «زيطراب» في محنتهم الاجتماعية، ودعا سلطات الولاية والشركة إلى تمكين العمال المعتصمين بأيت ملول من حقوقهم الكاملة. واستنكر حزب العدالة والتنمية بسوس الخروقات الإدارية والقانونية التي شابت الموضوع ودعا وزير الداخلية إلى اتخاذ ما يلزم من إجراءات لإيجاد الحلول المناسبة للأزمة وتحديد المسؤوليات تجاهها، كما دعا رؤساء الجماعات المحلية لأكادير الكبرى إلى إدراج هذه النقطة للتداول واقتراح البدائل والخيارات التي تصون حقوق المواطنين والهيئات النقابية بالجهة وإلى المساندة الكاملة للمستخدمين والعمال الذين طالتهم تأثيرات الأزمة . مزايدات حول أزمة النقل الحضري وفي نفس اليوم الذي انعقد فيه، بمقر ولاية أكادير، المجلس الإداري للوكالة المستقلة للنقل الحضري بالمدينة، تحت رئاسة والي جهة سوس ماسة درعة وعامل عمالة أكادير إداوتنان رشيد الفيلالي الذي خصص لدراسة القضايا المتعلقة بالنقل الحضري، حيث ذكر بلاغ صادر عن الولاية أن الاجتماع، الذي حضره عامل عمالة إنزكان أيت ملول وكافة أعضاء المجلس الإداري للوكالة، خصص ل«تدارس السبل الكفيلة باتخاذ تدابير عاجلة وعملية كفيلة بتلبية حاجيات السكان عموما والطلبة والتلاميذ على وجه الخصوص في هذه المرحلة الانتقالية، التي تأتي قبل دخول التدبير المفوض للنقل الحضري بالحافلة إلى حيز التطبيق على مستوى أكادير الكبرى، وكذا على إثر توقف نشاط شركة خاصة للنقل كان لها حق الامتياز». وأضاف المصدر ذاته أن أشغال المجلس توجت بمصادقة أعضائه بالإجماع على مقرر يقضي باللجوء إلى مسطرة كراء حافلات لتلبية حاجيات السكان والطلبة على وجه الاستعجال، مشيرا إلى أنه تمت كذلك المصادقة بالإجماع على الميزانية التعديلية اللازمة لهذه العملية . وأوضح البلاغ أنه سيتم في مرحلة أولى اللجوء إلى كراء 20 حافلة بمستخدميها توجه بالأساس لتلبية حاجيات طلبة جامعة ابن زهر خلال ساعات الذروة لدعم الشبكة العادية خارج هذه الأوقات. وأفاد البلاغ أنه بالنظر إلى الوضعية المالية للوكالة، فإن ميزانيتها «لن تتحمل أي أعباء من جراء كراء هذه الحافلات، إذ ستعمل وزارة الداخلية على تحمل مبلغ موازنة مصاريف هذه العملية، والذي يقدر ب 11 مليون درهم». في نفس اليوم عقد رؤساء جماعات وبرلمانيو أكادير الكبرى لقاء حول أزمة النقل الحضري، الذي تعيشه المنطقة مند مدة، وأفاد بلاغ صدر إثر نهاية الاجتماع المذكور بأن اللقاء الاستعجالي، الذي انعقد ببلدية إنزكان يوم 16 أكتوبر الماضي، عرف نقاشا أجمع فيه النائبان البرلمانيان عيسى أمكيكي و نور الدين عبد الرحمان، ورؤساء جماعات أكادير وإنزكان وأيت ملول والدشيرة والقليعة والتمسية وأورير وتعازوت وأولاد دحو والدراركة، على ضرورة حل «مشكل النقل الحضري بأكادير الكبرى وإيجاد حل جذري عاجل يستجيب لمصلحة جميع المواطنين بمن فيهم الطلبة والتلاميذ الذين يعانون من التعثر الدراسي، إضافة إلى العمال والمستخدمين...».وقد أكد المجتمعون على تجاوز وضعية المتفرج نحو المطالبة عبر مراسلة مستعجلة باجتماع عاجل مع وزير الداخلية «شكيب بن موسى» في غضون الأسبوع المقبل لتدارس الوضع. وتعليقا على موضوع لقاء بلدية إنزكان، قال مستشار من بلدية أكادير ينتمي إلى الأغلبية إن اللقاء جاء مباشرة بعد تأييد محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش حكم إيقاف التنفيذ، وقد عرف نقاشا ساخنا أجمع فيه النواب البرلمانيون والرؤساء، في مقدمتهم «طارق القباج» عمدة المدينة المركز، عن أسفهم لما آل إليه الوضع نتيجة تسرع السلطة وكذا ضغوطاتها خلال المرحة السابقة، من أجل تفويت هذا القطاع الحيوي دونما مراعاة لرأي المعنيين المباشرين بالملف، وهم الجماعات والمهنيون. واعتبر المتحدث أن اللقاء كان تجاوزا للوالي «الفيلالي»، الذي فشل في إدارة الملف وأدخله في مأزق كبير، بحيث إن الملف لا يزال أمام المحكمة الإدارية بأكادير في انتظار البت في دعوى الموضوع الرامية إلى إلغاء صفقة الوالي والتصريح بالبطلان، على حد تاكيد المستشار المذكور. وفي رد لرشيد الفيلالي، والي جهة سوس ماسة درعة وعامل عمالة أكادير إداوتنان ، الذي خرج عن صمته، وأدلى بتصريح لإحدى الإذاعات الخاصة بأكادير، أكد أن هذا الملف وقعت فيه عدد من المزايدات، لأن قضية النقل تهم جميع مواطني المدينة، ولا يجب أن تكون فيها مزايدات لأنه مرفق حيوي. وأضاف الوالي أن الملف بدأ منذ سنتين ونصف، بمبادرة من الولاية وبإشراف مباشر منه، باعتباره الجهاز التنفيذي لمجلس العمالة، الذي يعتبر كذلك جماعة، لأن «هذا المجلس نبهنا إلى مشكل النقل». وأضاف الوالي أن صفة الجهاز التنفيذي لمجلس العمالة أسندت له بموجب اتفاقية فوتت له جميع الجماعات بدون استثناء، وبالإجماع، لهذا لا يجب تضليل الرأي العام، ويمكن أن تكون المجالس الحالية غير متفقة، لكن التوقيعات والإمضاءات موجودة والواقع لا يعلى عليه، يؤكد رشيد الفيلالي، الذي يضيف أن الجماعات وقعت وفوضت الملف إلى مجلس العمالة. وأكد الفيلالي انه لم ينفرد أبدا بالقرار ولا بتدبير الملف، بحيث إن جميع المراحل التي قطعها الملف تمت بتشاور مع رؤساء الجماعات من خلال لقاءات تجاوزت أكثر من ثمانية اجتماعات، عبر لجنة تقود العملية إلى اختيار الشركة الإسبانية. «إذا كنا نقدر مصلحة المواطن، يقول الفيلالي، فهناك الحل الجاري تطبيقه الآن، والذي احترمت فيه جميع الضوابط القانونية، لأنه إذا كان هناك إنسان أو شركة متضررة أو يظهر لها بأنها متضررة، فنحن في دولة الحق والقانون، ومن حقها أن تقاضي أيا كان في المحكمة، وإذا أنصفتها المحكمة فالقانون فوق الجميع، ونحن نؤمن به».وألح الوالي على أن النقل الحضري هو من اختصاص الجماعات، وليست هناك نية لدى أحد أو هيئة للترامي على اختصاصات الجماعات.وأوضح أن من المغالطات التي رُوّج لها هي الكفالة أو الضمانة، لهذا لابد من التذكير بأن هناك ضمانتين، الأولى ضمانة تقديم العرض البالغة 2 مليرن ونصف درهم ، وضمانة تنفيذ العقد.وأضاف الوالي موجها كلامه للمواطنين «إن السادة المنتخبين هم على اطلاع تام، وأتحدى أي مجلس يقول إنه ليس على علم بمضامين وحيثيات وجزئيات هذا الملف لأنني أتوفر على جميع المحاضر، وكانوا حاضرين في جميع الاجتماعات وتم ذلك في جو من التعاون والتوافق.» وأنهى الوالي كلامه بالقول إن أجرأة كراء الحافلات، التي ستخصص للنقل الجامعي والتلاميذ، توجد في طور الإنجاز.