تهدف الملتقيات والمهرجانات الأدبية والفنية إلى ترسيخ الفعل الثقافي وتوسيع دائرة الحوار والتعريف بالإبداع والمبدعين لأجل الارتقاء بالذائقة الجمالية للإنسان. فكل مشروع مَهْما كان حجمه ومجاله، لابد أن يحمل أهدافا ثقافية واجتماعية، ولابد أن ينبني على خلفيات ورؤى فنية وفكرية واضحة المعالم، وعلى رسالة يرى أصحاب المشروع أنها الأكثر نفعا وفائدة للمجتمع الأم وللإنسانية بصفة عامة. وتضع الملتقيات والمهرجانات نصب أعينها الإسهام في النهوض بالحركة الثقافية وتشجيع وإبراز الطاقات الإبداعية، وتفعيل النشاط الثقافي والفني، وتساهم في نشر الوعي الثقافي من خلال تنظيم العروض والمعارض والندوات، وغيرها من الأنشطة ذات الطبيعة الثقافية، بالإضافة إلى كونها رافعة أساسية للتنمية السوسيو اقتصادية وإحدى الركائز المعتمدة للنهوض بالسياحة المحلية والترويج لها، فضلا عن مساهمتها في خلق أجواء الفرجة، وإدخال البهجة إلى نفوس الناس وخاصة الأطفال منهم، وخلق حركة اقتصادية وتجارية ذؤوبة، وكذا تثمين وتحيين وإحياء الموروث الثقافي المرتبط بالعادات والتقاليد والصناعات التقليدية والألبسة والأطعمة .. وغيرها. وتساهم الملتقيات والمهرجانات الدولية في تحقيق التقارب بين الثقافات والشعوب بصورة مباشرة وبدون أية حواجز، فترسخ ما تكون وسائط «الميديا» قد رسمته من معالم التقارب الإنساني بين شعوب الأرض جميعا، على اختلاف اللغات والأعراق والأديان والتاريخ والجغرافيا. ويعد ملتقى التسامح الدولي للفنون والآداب ب»شفشاون» بالمغرب من أهم الملتقيات الدولية التي تنظم سنويا، والتي تستقطب اهتماما إعلاميا وشعبيا كبيرا داخل المغرب وفي العالم كله، نظرا لما يحققه من التحام وتوافد وتوافق واختلاف وتقارب بين شعوب العالم وثقافاتهم. يقول مدير الملتقى السيد يوسف الخرشوفي:((إنَّ الرسالة التي أُنشئ من أجلها ملتقى التسامح الدولي للفنون والآداب هي نشر الثقافة بكل أشكالها، وتقديمها كرابط بين الشعوب يتخطى الحدود إلى الشعوب؛ لذا فنحن نعمل على إنشاء قاعدة ثقافية تعتمد على استراتيجية طويلة المدى، الهدف منها خدمة الثقافة، وتمهيد أرضية تحتضن الإبداع والابتكار بكل أشكاله، وتوفير جوٍّ ملائم يجمع المثقفين والثقافات من كل الأطياف والأجناس في مكان واحد، ويقدِّم نموذجًا للثقافة المغربية والعربية على الشكل الذي يجب أنْ يعرفه العالم)). وقد عمدت إدارة الملتقى في دورته الثالثة، التي ستمتد على مدار خمسة أيام من 10 إلى 15 ماي 2017 تحت شعار «الفن صانع السلام». إلى توسيع دائرته على كل المستويات انطلاقا من قيمة المشاركين من فنانين وأدباء ومثقفين إلى عددهم ومجالات فنونهم وإبداعاتهم، حيث رفعت فيه سقف المشاركين إلى 300 فنان في مجالات إبداعية متنوعة، من مختلف الجنسيات والثقافات. وستكون الجزائر ممثلة في شخص الشاعر جمال الدين بن خليفة، وقد هيأت إدارة الملتقى بالتعاون مع الوصاية والمجتمع المدني فضاءات متفرقة بمدينة شفشاون أهمها فضاء الفن المعاصر الذي يمتد على مساحة تناهز 5000 متر مربع، مع تخصيص قاعات عرض خاصة وفضاءات بعض الفنادق كشريك مهم في هذا المشروع الثقافي الضخم. كما سيقام معرض للفنّ في الهواء الطلق، تعرض فيه أعمال الفنون البصرية المختلفة في ساحة مفتوحة من ساحات المدينة، كما سيشتمل المعرض على مجموعة متنوّعة من القطع المختلفة من فن النحت، والزجاج، والمعدن، والأقمشة، والخشب والرسومات، والتصوير. بالإضافة إلى عشرات الفعاليات الثقافية والأدبية والفنية، والتراثية، والاجتماعية، والمسرحية، والسينمائية. كما يتضمن برنامج الدورة ورشات وسهرات موسيقية، ورحلات سياحية لاكتشاف مواقع سياحية وثقافية وطبيعية بشمال المغرب. وستشهد الدورة عقد ندوات حول دور المبدع في نشر وإرساء قيم التسامح والتعايش بين الشعوب، وتكريم ثلاث أسماء لامعة في مجالات الشعر والمسرح والفنون التشكيلية. كما تجدر الإشارة في الأخير أن إدارة المهرجان قد اختارت فرنسا لتكون ضيف شرف الدورة الثالثة.