بسم الله الرحمن الرحيم؛ السيد والي جهة طنجةتطوانالحسيمة السيد رئيس جهة طنجةتطوانالحسيمة السادة عمال عمالات تطوانوالمضيقوالفنيدق ومرتيل السادة رؤساء الجماعات الحضرية لمدن تطوان، الفنيدق، المضيق ومرتيل السيد رئيس المجلس الإقليمي لعمالة تطوان السادة البرلمانيون والمنتخبون المحليون السيدات والسادة نساء ورجال الصحافة والإعلام السيدات والسادة نساء ورجال المسرح المغربي ساكنة مدينة تطوان الرائعة أيها الحضور الكريم
يسعدني أن أتواجد للسنة الثانية على التوالي بمدينة تطوان المضيافة في إطار المهرجان الوطني للمسرح ويشرفني أن أشارك الأسرة المسرحية دورة أخرى من دورات هذا الحدث الثقافي والفني بهذه الجهة المتشبثة بثقافتها وحضارتها وعلمها والغنية بكفاءاتها ومواردها . إن وصول المهرجان الوطني للمسرح للدورة الثامنة عشرة وترسيخه كمناسبة سنوية للاطلاع على الحصاد المسرحي الوطني الذي تزرع بذوره الأعمال المسرحية المدعمة في إطار الإنتاج و الترويج و التوطين، وكذا جعله فرصة للقاء والتشاور والتبادل بين المسرحيين، جعلنا نزداد إيمانا بأهميته ويقينا بجدواه، مما حدا بنا إلى إحداث إطار قانوني ينظمه كجائزة وطنية للمسرح تقدم لنساء ورجال المسرح سنويا ضمن فعاليات المهرجان مقابل جهودهم الإبداعية طيلة سنة بكاملها. هذه الجائزة التي تشمل كل أصناف الإبداع المسرحي من تأليف وإخراج وسينوغرافيا وتصميم الملابس وتشخيص نسائي وذكوري إلى جانب تتويج العمل المتكامل وتشجيع أحد إشراقات أمل المسرح المغربي. ولم يكتف المرسوم المنظم لهذه الجائزة بتعداد الجوائز فقط بل عمل على تأطير كل جوانب تنظيمها من انتقاء الأعمال حتى الإعلان عن النتائج محددا تركيبة لجنتي الانتقاء والتحكيم وطرق اشتغالهما، مع العمل على الرفع من الغلاف المالي لكل أصناف الجائزة وكذا تعويضات اللجنتين المذكورتين. وهي المبالغ التي لم تتغير منذ انطلاق هذا المهرجان. ولم نتوقف عند الجانب القانوني لتأطير هذه التظاهرة فقط، بل عملنا منذ السنة الماضية على إيلاءها أهمية خاصة على مستوى الجانب الإحتفائي بالشكل الذي يليق بنساء ورجال المسرح المغربي وضيوفهم وذلك بشراكة تامة مع المبدعين أنفسهم الذين تولوا إبداع وإنجاز حفلي الافتتاح والاختتام بشكل راق وخلاق. ولا تفوتني المناسبة لأذكركم بأن الوزارة ومنذ سنة 2012 نهجت مقاربة جديدة للتعامل مع الإبداع الثقافي والفني عموما والمسرحي خصوصا، ووضعت برنامجا يهم دعم المشاريع الثقافية والفنية وفق دفتر للتحملات يدقق في كل العمليات المرتبطة بهذا الدعم، مع إسناد دراسة الملفات واختيار المشاريع للجن مهنية ومتخصصة ومستقلة. وفي إطار دعم المسرح، وباستشارة مع المهنيين تم تعديل التصور عدة مرات ليواكب التحولات التي يعرفها المشهد المسرحي وليساير طموحات الأسرة المسرحية المغربية. وهكذا انتقلنا من صيغة دعم الإنتاج والترويج إلى صيغة دعم مجالات أخرى كالإقامات الفنية وورشات التكوين، وتنظيم والمشاركة في التظاهرات والمهرجانات المسرحية والجولات المسرحية ومسرح الشارع سنة 2014، وإضافة مجال توطين الفرق المسرحية بالقاعات المسرحية سنة 2015 باعتباره مجالا هاما وقادرا على حل بعض إشكالات التنشيط المسرحي بالمسارح وبمحيطها. ولتنزيل هذه المقاربة على أرض الواقع كان لزاما رفع الغلاف المالي المخصص للدعم المسرحي من 5 ملايين درهم سنة 2012، إلى 8 ملايين درهم سنة 2013، إلى 10 ملايين درهم سنة 2014، ثم إلى 15 مليون درهم سنة 2015 وهو الغلاف الذي سيخصص برسم سنة 2017. وبالعودة إلى مخلفات الدعم المسرحي لسنة 2016 نجد أن مجموع المشاريع المودعة لدى وزارة الثقافة بلغت 360 مشروعا في الدورتين استفاد منها 151 مشروعا بغلاف مالي وصل إلى 14.600.500 درهم منها 4.638.500 درهم لدعم الإنتاج والترويج لفائدة 39 مشروعا، و4.670.000 درهم لدعم التوطين لفائدة 12 مشروعا بمدن الدارالبيضاء (كمال الزبدي – عين حرودة – مديونة)، مراكش، مكناس، الرباط (مسرح اباحنيني)، العيون، تطوان، وجدة، تازةوالحسيمة. كما حظيت الجولات المسرحية الوطنية بدعم 26 مشروعا قدم من خلاله 167 عرضا مسرحيا بمبلغ 2.617.000 درهم. أما تنظيم والمشاركة في المهرجانات والتظاهرات المسرحية فقد استفاد منه 39 مشروعا، يهم دعم الجوانب اللوجيستيكية والتقنية لمهرجانات مسرحية وطنية وكذا المشاركة في مهرجانات مسرحية خارج الوطن بمبلغ 1.500.000 درهم، في حين حظي 20 مشروعا في مجال الإقامات الفنية وورشات الكوين ب 545.000 درهم، وحصل 15 مشروعا على 630.000 درهم. وهي مشاريع تتوزع بين العروض المسرحية الخاصة بالعرض في الشارع (11 مشروعا) وحلقات الفرجة والحكاية (4 مشاريع منها 3 حلقات بجامع الفنا بمراكش وحلقة واحدة بسلا) وسيمكن هذا الدعم من تقديم 52 عرضا مسرحيا بالشارع و 265 عرضا للحلقة. ومن أجل إضفاء المزيد من الفعالية على هذا الدعم وتجويد الآليات القانونية المنظمة له بغية تطوير الإبداع وتحسينه، عملنا مجددا على تعديل دفتر التحملات الخاص بدعم المشاريع الثقافية والفنية في قطاع المسرح وجعلنا مبدأ معاينة الأعمال المسرحية أساسا جوهريا لدعم إنتاج أي عمل مع تخصيص منحة 50.000 دره لكل فرقة بذلت مجهودا ولم يصل عطاءها إلى المستوى المطلوب. أما بالنسبة للتوطين الذي نأمل أن يتطور إلى الأحسن سنويا فقد فتحنا مراكز جديدة هذه السنة لتوسيع الاستفادة من هذا المجال حيث أصبح عدد المراكز تسعة عشر إلى جانب ثلاثة احتياطيين، وخففنا العبأ على الفرق المسرحية بتقديم عشرة عروض منها خمسة بفضاء التوطين عوض خمسة عشر. وإلى جانب الدعم المسرحي تحتفي الوزارة سنويا باليوم العالمي للمسرح في 27 مارس حيث عرفت مختلف جهات المملكة سنة 2016 تقديم حوالي 200 عرضا مسرحيا، موزعة على 40 مدينة، وتم الاحتفاء أيضا باليوم الوطني للمسرح في 14 ماي وذلك ببرمجة ما يفوق 140 عرضا مسرحيا بأكثر من 30 مدينة. هذا إلى جانب تنظيم عدد من العروض المسرحية في إطار برنامج تنشيط المراكز الثقافية والتي بلغت ما يعادل 500 عرضا مسرحيا سنويا. كما يعمل المسرح الوطني محمد الخامس، وهو مؤسسة تحت وصاية وزارة الثقافة ويستفيد بدوره من دعمها بغلاف مالي يصل إلى 15.600.000 درهم، على إنتاج 9 عروض مسرحية وما يوازي 200 عرضا مسرحيا في السنة وزعت بين قاعة المسرح وباقي المراكز الثقافية بالمغرب. كما عرفت سنة 2016 تنظيم الدورة السابعة عشرة للمهرجان الدولي لمسرح الطفل بمدينة تازة بمشاركة دول؛ مصر، تونس، المملكة العربية السعودية، إسبانيا، الصين، سلطنة عمان، روسيا والمغرب ممثلا بعدة فرق مسرحية للطفل. كما نعتز أيما اعتزاز بما أنجزناه خلال هذه الفترة على المستوى التشريعي وخاصة ما يتعلق بتنظيم وتأطير المهن الفنية ومنها مهنة المسرح التي أنتم أهلها وعاشقوها. فبإرادة قوية وشراكة فعالة قمنا بمواصلة تحديث وتطوير القوانين المنظمة للمهن الفنية، من خلال مشروع جديد يصون كرامة الفنان ويرتقي بوضعه الاجتماعي، هذا القانون الذي خرج إلى الوجود منذ شتنبر الأخير. كما نؤكد على الاستمرار في إحداث المسارح وفضاءات العرض، ومضاعفة منح الدعم الموجه لتوطين الفرق المسرحية ورفع الغلاف المالي على أمل أن تواكب المجالس المنتخبة والجماعات الترابية هذا التوجه والتكفل بالترويج على المستوى الجهوي والمحلي. ولابد هنا أن نحيي ولاية طنجةتطوانالحسيمة والمجالس المنتخبة على مساهمتهم في إحداث فضاءات ثقافية ومسارح بهذه المنطقة وذلك في إطار المشاريع الكبرى التي يرعاها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله. وتأتي الدورة الثامنة عشرة للمهرجان الوطني للمسرح بتطوان لتتويج هذه السنة الحافلة بالأنشطة المسرحية الوازنة وبالإبداعات الدرامية المتميزة، التي تحمل معها شراكة متميزة وجدية مع ولاية جهة طنجةتطوانالحسيمة والمجالس المنتخبة بهذه المنطقة ووكالة تنمية أقاليم الشمال. وهي الشراكة التي وضع من خلالها كل الأطراف كل الإمكانيات المادية والبشرية واللوجستيكية للارتقاء بهذه التظاهرة وجعلها مناسبة حقيقية للاحتفاء بالمسرح والمسرحيين وفرصة لإطلاع جمهور مدن تطوانوالفنيدقوالمضيق ومرتيل على غلة الموسم المسرحي. وأغتنم الفرصة أيضا للتنويه بالاختيار الصائب والالتفاتة الرمزية الراقية اتجاه امرأة ورجلين من قمم أطلس المغرب الشامخة في المجال الثقافي والفني ويتعلق الأمر بالفنانة القديرة خديجة أسد، هذه المرأة الاستثنائية المعطاءة على مستوى الكتابة والتمثيل بالمسرح والتلفزيون والسينما، والتي شكلت إلى جوار شريك حياتها الفنان عزيز سعد الله ثنائيا ناذرا يفيض موهبة وعطاء. والفنان والمربي جمال الدين دخيسي الذي أعطى الشيء الكثير للخشبة مبدعا ومديرا للمسرح الوطني محمد الخامس ومنح حياته للتكوين والتربية بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، وأغلب خريجي هذه المؤسسة الحاضرون في هذه الأمسية يشهدون على ذلك. والحاج عبد السلام بوحديد ابن الشمال الذي جاور المعمورة في الستينيات وخدم المسرح منذ ذلك الحين إلى الآن. وتكريمهم الليلة هو وقفة للاعتراف والوفاء اتجاه ما قدموه للثقافة المغربية عموما والمسرح المغربي خصوصا من إبداع غزير وتضحيات جمة. فشكرا لهم على ما قدموه للوطن وهنيئا لهم بهذا الاحتفاء ومتمنياتي لهم بالصحة والعافية وطول العمر. وقبل ختم كلمتي أود أن أتوجه بالتحية والتقدير لكل نساء ورجال المسرح المغربي الذين لازالوا يناضلون من أجل أن يرتقي المسرح إلى أعلى المراتب وأخص بالذكر الفرق المسرحية المشاركة في هذه الدورة وكل النقاد والباحثين ونجوم المسرح والدراما المغربية. كما أشكر لجنة الانتقاء ولجنة التحكيم بكافة أعضائهما على قبولهم هذه المغامرة، غير الهينة. وفي الأخير أتقدم بآيات الشكر والامتنان لمدينة تطوان البهية التي فتحت لنا ذراعيها لنقضي بين أحضانها لحظات من المتعة والفرجة، وأخص بالشكر السيد محمد يعقوبي والي جهة طنجةتطوانالحسيمة الذي لم يتردد ولو لحظة واحدة لإقامة هذا الحدث بهذه المدينة وأبدى استعدادا كبيرا للتعاون وكذا كل مساعديه الأقربين. والشكر موصول لكل المجالس المنتخبة بجهة طنجةتطوانالحسيمة والجماعات الحضرية بمدن تطوانوالفنيدقوالمضيق ومرتيل والمجلس الإقليمي بمدينة تطوان ووكالة تنمية أقاليم الشمال واتصالات المغرب. كما لاتفوتني المناسبة لأ شكر الصحافة الوطنية بكل أطيافها ومختلف وسائلها على الجهود المحمودة التي تبذلها للتعريف بالمنتوج المسرحي وترويجه ونقده. ولابد في النهاية من الإشادة والتنويه بكل اللجن الساهرة على إعداد وتنظيم هذا الحدث الهام على المستوى المركزي وعلى مستوى المديرية الجهوية لطنجةتطوانالحسيمة والمديرية الإقليمية لتطوان من أطر وزارة الثقافة وأطر ولاية جهة طنجةتطوانالحسيمة، والمسرح الوطني محمد الخامس وكل التقنيين والعمال والأعوان. وأخص بالإشادة فريقي الافتتاح والاختتام الذين عملا أياما عديدة لإنجاز لحظات من المتعة والفرجة المسرحية. كان لي الشرف طيلة هذه السنوات الخمس الأخيرة بالاشتغال، من موقعي في وزارة الثقافة، مع نساء ورجال المسرح المغربي ومع الجمعيات المهنية والنقابات، حيث كان الشغل الشاغل لكم جميعا هو النهوض بالمسرح المغربي الذي خدم الثقافة المغربية عبر مجموعة من المحطات. وقد اشتغلنا جميعا، بنفس تشاركي وفي جو إيجابي وبناء، على أنجع السبل للارتقاء بمسرحنا أخذا بعين الاعتبار المتغيرات المجتمعية والممارسات الثقافية والفنية. ويمكن القول بكل موضوعية، أننا تمكنا، معا، من وضع اللبنات الأساسية لإرساء قواعد ممارسة مسرحية مهنية، من خلال توسيع شبكة المسارح ووضع نموذج متكامل لدعم المسرح وإحداث منظومة قانونية أكثر مهنية. ورغم كل ما تم إنجازه، فإن المسرح المغربي يستحق الكثير لما يتوفر عليه من طاقات هائلة من الشباب والرواد ومن مؤهلات إبداعية، وذلك حتى يتمكن من لعب أدواره التربوية والمجتمعية والتنموية والترفيهية. وأنا أودعكم من مسؤوليتي هاته، عليكم عزيزاتي أعزائي أن تبرهنوا بالحجة والدليل، لكل من ادعى باطلا نهاية المسرح المغربي، أن أبا الفنون لازال حيا معطاء يستشرف المستقبل بكل عزم وإرادة وطاقات نساءه ورجاله.
وأملنا أن تحقق هذه الدورة الأهداف المتوخاة منها وأن يسعد الجمهور التطواني العاشق للمسرح بلحظات من الفرح والبهجة . والله ولي التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته