مَن الخاطئ الكاذب، الغاش لشعبه، المزور للحقائق، المعتدي المتعنت في افتعال أزمة مباراة فريقي اتحاد العاصمة الجزائري ونهضة بركان المغربي، وتصعيدها إلى مستوى من الظلم والعدوان تجاوز كل الحدود؟ ومن المستفيد من هذه الواقعة؟ العالم العاقل كله يجيب بصوت واحد واثق في شهادته ومشاهدته، وبناء على تحكيم القوانين الرياضية القارية المنظمة للتظاهرة والمباراة والمحكمة في مثل هذه الوقائع والخلافات: إن المسؤول الأول عن الاستفزاز ومخططه والمستفيد منه هو السلطات الجزائرية بكل الوضوح الذي تصرفت به، لأن هذه السلطات هي من قدم الدليل المدين لها على طبق من ذهب، لأنها تصرفت بشكل علني وموثق ضد فريقها وضد القانون وضد التزاماتها ومسؤولياتها أمام الجهة المنظمة لهذه التظاهرة الرياضية في استضافة الفرق المتبارية بغض النظر عن مواقف هذه السلطات من لون علم أو جنس أو عرق الفرق أو انتماءاتها الدينية أو الجغرافية. فإن كانت لهذه السلطات الجزائرية قوانين خاصة بها أو مواقف سياسية، أو ما تسميه سيادية ومبدئية، أو حتى كرامة مزعومة وأنفة وعزة بالإثم والجرائم التي تسوغها لنفسها لقبول من تشاء على أرضها ورفض من تشاء، وطرده وترحيله ومنعه وحرمانه من المشاركة في مثل هذه التظاهرات التي تحكمها قوانينها ودفتر تحملاتها، فليكن ذلك مبدأ وعقيدة عليها تعادي وعليها توالي في كل الظروف والأحوال، أما وهي تتقدم بملفات ترشيحها لاستضافة هذه التظاهرة المحكومة بقوانين الهيئات القارية أو الدولية ذات الاختصاص، ثم تلهث جريا وراء نيل شرف الاستضافة، وتقديم كل الضمانات والأدلة على أحقيتها في التنظيم وعلى وفائها بكل الالتزامات والتعهدات باحترام دفاتر التحملات والحفاظ على المسافة الضرورية بين كل الفرق الرياضية المتنافسة، وتختار توقيتا دقيقا قبيل إجراء المباراة وأثناء استقبال فريق مشارك تحمل هذه الدولة ضغينة وحقدا وأجندة انتقامية عدوانية ضده وضد جمهوره وشعبه ودولته، لإثارة جدل سياسي حول عدم أحقية هذا الفريق في ولوج ملاعب الدولة المستضيفة التي صارت بحكم الواقع والقانون ملاعب رهن إشارة الهيئة المنظمة التي هي في موقعة القمصان والقرصان محكومة بقوانين الكاف وتحت تصرفها القانوني وسلطتها الرقابية والتنظيمية بلوائحها وحكامها ولاعبيها وقمصانهم وأحذيتهم التي خضعت للإجازة والترخيص، بكل ما تحمله من علامات مرخصة في تفاصيلها الدقيقة قبل المشاركة في هذه التظاهرة الكروية الرياضية، إذ لا شيء تركته هذه القوانين والتراخيص للجدل البعدي أو للاعتراض، وعلى التراخيص والقوانين تتم المحاسبة أو إيقاع العقوبة ولا شيء ولا أحد غير هذا، من نزوة دركي في الحدود، أو رجل سلطة ومخابرات في الدولة المضيفة، أو رئيس اتحادية رياضية فيها، له الحكم والصلاحية في التدخل البعدي لفرض شروط أو قوانين خاصة به أو بدولته، للتحكم في التظاهرة والمباراة برفض حكم أو إلغاء ترخيص أو حرمان لاعب أو فريق أو ترحيله أو تهديده أو التأثير على قدراته ومعنوياته بالحيل والدسائس من تجويع وترهيب وتجريم وسب وشتم وقيادة حملات تشويه وضغط وتحريض، بدءا من المضايقات في السفر والرحلة وحجز الأمتعة غير الممنوعة أو غير المحرمة قانونا، وتفتيش عن الأقمصة بناء على تعليمات عدائية، وإطلاق اليد لشرطة الحدود ولأجهزة المخابرات وأزلامها للتلفظ بالمشين من الأقوال وبالجهالات في القوانين وبقلة لباقة وآداب في مخاطبة واستقبال ضيوف هم تحت عهدة ومسؤولية الهيئة القارية والدولية المنظمة والمشرفة، تشملهم قوانينها وتراخيصها واستدعاءاتها وعقوباتها وتحكيمها وأحكامها، وليس للدولة المستضيفة من ذلك إلا التعاون على تسهيل المهمة القارية وتنفيذ تعليماتها والاحتكام إلى قوانينها من غير تزيد أو مزايدة أو تطاول على الاختصاصات. فماذا صنعت دولة العصابة التي تحكم البلد القاري المستضيف لهذه التظاهرة الرياضية بكل هذه الالتزامات والتراخيص والقوانين، بل وبالتقاليد الكروية في مثل هذه المناسبات؟ لقد عصفت بها عصفا شديدا لم تراع لا آثارها القانونية البالغة الخطورة على دولتها وعلى منظومتها الرياضية، ولا راعت إخلالها بواجب احترام قوانين الكاف والفيفا التي قبلتها وقبلت الاحتكام إليها، ثم حينما تم تنبيهها إلى حكم هذه القوانين وإلى سلامة التراخيص للقمصان المصادرة والممنوعة ظلما وعدوانا، بل وقرصنتها وتزييف بدائل عنها غير مرخصة، وتنبيهها كذلك إلى سقوط حجتها، تمادت في غيها، وامتنعت عن تنفيذ الحكم، في الوقت الذي تنتظر فيه فعاليات التظاهرة الإعلان عن انطلاق المباراة والإفراج عن القمصان القانونية المحتجزة، والخضوع للحق وإصلاح الخطأ، وزادت على كل ذلك بالهجوم على المراقب المعتمد وعلى التحكيم القاري الملزم لها في هذا الجدل بالجنوح إلى التنفيذ الفوري للقرار القانوني وإنهاء المهزلة، تحت طائلة المساءلة والمعاقبة، بل وتحريض الجماهير الكروية والرأي العام الجزائريين، وأزلام العصابة في الإعلام على تهديد سلامة الفريق الرياضي المغربي لنهضة بركان فوق أراضيها، بعد كل التنكيل الذي تعرض له وبعد صموده في وجه إضعاف معنوياته وقدراته البدنية والتأثير بنسبة عالية في حظوظه غير المتكافئة مع خصمه الجزائري المستقوي في ميدانه بخروقات العصابة. صار السعار والتطاول والتغليط والكذب والتزوير بديلا عن الحجة الدامغة التي لا تملكها دولة العصابة عن أحقيتها في مصادرة واحتجاز القمصان القانونية المرخصة التي لا يمكن بحكم التراخيص القانونية أن يلعب فريق نهضة بركان بغيرها، حتى لو خاطت أيادي العصابة بديلا مزورا عنها، بإزالة العلامة الصغيرة التي تراها استفزازا لأنفها المدسوس والمغموس في دماء جرائمها في حق الشعب المغربي، وهذه العلامة لا تعدو أن تكون خريطة للمغرب الذي يمثله هذا الفريق في هذه التظاهرة القارية. فإذا كان للعصابة رأي سياسي مما تسميه موقفا سياديا، من الوحدة الترابية للمغرب، فإن مجال تصريفه بهذه الحدة في الشأن الرياضي المستضعف المقدور عليه وعلى رياضيين شباب بسطاء مسالمين حالمين بتقديم عرض رياضي سلمي تنافسي، هو تعبير صارخ من العصابة، لا عن مبادئ وأنفة وشجاعة وبسالة وسيادة وقيادة ونبالة، وإنما وبكل الوضوح والحجة والبرهان، عن جبن وخسة وخيانة وغدر ونفاق ونذالة، والدليل أن هذا الشعار أو الرمز أو العلامة الخرائطية التي يجادل فيها نظام العصابة باسم الحرص على السيادة، لم تكن كذلك حينما أقرتها العصابة وصححت بها خرائطها المزورة عن المغرب، إبان انعقاد مؤتمر قمة قادة الدول العربية ما قبل الأخيرة التي استضافتها الجزائر، حيث صار المبدأ الذي تتمسك به في وجه هذه اللعبة الرياضية الآن، موجبة للاعتذار عنه آنذاك في القمة العربية، ببلاغ تصحيحي اعتبر أمر نشر خريطة المغرب منقوصة من صحرائه، مجرد خطأ تقني غير مقصود، ومرت قمة الجزائر، التي شارك فيها الفريق الديبلوماسي المغربي برايته العالية في سماء الجزائر، وبخريطته السيادية كاملة، مرفوعة فوق رؤوس أزلام العصابة وقادتها وفوق رأسي شنقريحة وتبون في قاعة المؤتمرات، وفي فندق عشاء الشيراتون، وفي مداخل المطارات والبوابات. فما بال هذه الخريطة السيادية المغربية، بل والعلم المغربي الذي يتم إنزاله على الدوام في الملاعب الجزائرية، بعد ثلاث سنوات على مؤتمر تبون وشنقريحة وأزلامهما من جمهور يائس وإعلام بائس، يصيران موضوع حياة أو موت يختزل فيهما شرف الجزائر وسيادتها وعظمتها ومقدساتها وكونيتها، وما بال العصابة تصرح للقادة الدوليين وللإعلام الأجنبي بل وللمبعوثين الأمميين والوسطاء العرب والعجم، أنها ليست طرفا مباشرا أو حتى غير مباشر في نزاع الصحراء، وأن الموضوع لا يعنيها إلا بالقدر الذي يعنيه للمنتظم الأممي الذي ينظر في ملف النزاع لتسويته وإنهائه، ثم تصر في الداخل الجزائري وفي محيطها الإقليمي بل والدولي على تمثيل البوليساريو والتخاطب باسمه وتولي المرافعة عنه، وتحويل الجزائر إلى ساحة حرب مفتوحة على المغرب شعبا ودولة وأرضا وتاريخا… كل ما سيبقى في ذهن شبابنا الرياضي من أبناء مدينة بركان والمغرب الشرقي المجاهد، العائد من هذه الواقعة المسرحية العدوانية البئيسة، هو صورة الغدر والخيانة لدماء أجدادهم وعائلاتهم التي استشهد أفراد منها في سبيل تحرير الجزائر واستقلالها ومنهم من آوى ثوار التحرير وقادته الجزائريين وأطعم وسقى ومول بالعتاد والسلاح وشارك في المعارك على أرض الجزائر، من أجل أن يتولى اليوم مجانين من شيوخ الإجرام والخيانة وغلمة من المغفلين والمخدوعين إفك الافتراء على أبنائهم والتنكيل بهم وكراهيتهم. وليت دولة العصابة حاربت هؤلاء الفتية من أهالينا في بركان وفي المنطقة الشرقية الحدودية المغربية في ميادين الشرف الرياضي، وبالمنطق الرياضي، لكنها اختارت أن تجعلهم هدفا في ميدان معركة غير شريفة وغير متكافئة وبأسلحة غير رياضية بل محرمة في الرياضة، مع ادعاء كاذب ومزيف بأن هؤلاء الشباب من مغربنا الشرقي المجاهد قد استحدثوا وقت المباراة ذلك الشعار الوطني المطبوع على قمصانهم، المرفوض والممنوع عند العصابة بكل مكوناتها وأتباعها، بدءا من جماهير مغفلة مخدوعة لا خلاق لها، وانتهاء بإعلام موتور مصاب بالسعار، جاهل حتى بأبسط قواعد اللعبة الرياضية التنافسية الشريفة، يفتي في السيادة والعظمة ويزور الحقائق ويقلبها، ويتحامل على فريق وعلى قميصه الذي يحمل رمزا وشعارا لا يمس بسيادة الجزائر ولا بشعبها في شيء، وليس له أي طابع استفزازي موجه خصيصا لهذه المباراة، كما يدعي الإعلام المزور وطبقته السياسية المزورة، لأنه بكل بساطة وبناء على التراخيص القارية لهذه التظاهرة، هو قميص مسجل ومصادق عليه منذ مدة طويلة، وسبق له أن لعب لسنوات ولا يزال، بل سبق لفرق مغربية أخرى في رياضات عديدة منها رياضة كرة السلة أن وضعت خارطة المغرب بصورة أكبر على قمصانها الرياضية في مباريات جمعتها مع فرق جزائرية، ولم يثر حينها أي جدل أو تعليق أو حملة إعلامية مناهضة ومدينة. فمن إذا هو المستفز الآن وفي هذه الظرفية التبونية والشنقريحية، أليست دولة العصابة التي تتخذ المغرب وتصعيدها ضد وحدته الترابية وسيادته، وسيلة لتعبئة الشعب الجزائري باسم السيادة الجزائرية المستهدفة زعما والمنتهكة زورا، من أجل تنفيذ أجندة انتخابية تطيل عمر مسلسل جثمان العصابة على صدر الشعب الجزائري، بل وفي ظرفية شديدة تتزامن مع إعلان قيادات بلاد القبائل عن إحياء الدولة القبائلية واستقلالها عن الجزائر، والتي لم تثر إعلاميا في بلاد الجزائر ما أثاره قميص رياضي بسيط لناد كروي مغربي، من زوبعة حول استهداف السيادة الجزائرية. فمن أولى بدق ناقوس الخطر على السيادة المزعومة راية القبائل الحرة المستقلة وخريطتها التاريخية، أم قميص بركان المغربي الذي يحمل صورة واقعية عن خريطة المغرب، لا دخل لها في الشأن الجزائري كما لا دخل للجزائر في شأن هذه الخريطة، وإلا صار التدخل متبادلا في مثل هذه الحالات العنادية والحجاجية. إذا كانت الصحراء بالنسبة للعصابة أمرا غير محسوم في تقرير مصيره، وكان أمر النزاع حولها موضوعا على طاولة الأممالمتحدة ومجلس الأمن، فلم حسمت الجزائر وقررت مصير هذا الإقليم وسلمته في الأوراق والخرائط عندها لميليشيات لا تملكه ولا تحكمه ولا تتواجد فوق ترتبه وإنما فوق ترابها، بدون استفتاء تقرير المصير المجهول، ولا انتظار قرارات أممية، فلتحترم على الأقل الواقع والوضع القائم الذي لا يرتفع، في انتظار الحكم الأممي، ولا تصادره في خريطة على قميص مغربي، لم تر لا الكونفدراية الإفريقية لكرة القدم فيه ما يشينه أو يعيبه قانونيا وأخلاقيا.. فكما وضعت قضية نزاع الصحراء بين يدي المنتظم الأممي، في انتظار الحسم، وترضى الجزائر كما تعلنه بهذا الاختصاص الديبلوماسي التحكيمي الأممي الحصري، ويفترض بالضرورة أن ترضى بنتائجه وهي إلى اليوم لم تصدر بعد، فإنه من المنطقي ومن باب الأولى بالنسبة لدولة تحترم نفسها وتحترم التزاماتها المعلنة أن ترضى بالاختصاص الحصري الرياضي للكونفدرالية الإفريقية في الإشراف على تنظيم التظاهرات الكروية القارية، وترضى لزوما بنتائج تحكيمها في النزاع على القمصان، وتشرف مسؤولياتها والتزاماتها، وها هي هذه الكونفدرالية قد حكمت بسلامة القمصان مما تدعيه عليها دولة العصابة ومجانينها من كل الأطياف التي أظهرت بسعارها في هذه الواقعة المجانية، مبلغ ما وصلت إليه من حضيض في الأخلاق، ودرك أسفل في الجهل والجهالة بحدود الحق والباطل، وعدم التمييز بين الخطأ والصواب والقانون وشريعة الغاب، وانحطاط في السلوك وسوء أدب في المخاطبة، وقلة احترام لعقول البشر. ولا نقول احترام مبادئ حسن الجوار والدماء والتاريخ المشتركين، لأنه لم يعد ثمة لدى المحتجزين في هذا المرستان الكبير بجوارنا، وفي هذه الثكنة المسماة بالجزائر شيء اسمه جوار، فضلا عن أن يكون حسنا أو غير حسن. كان على العصابة أن تختصر كل هذا الطريق الملتوي والمذل الذي ينتهي بها دائما إلى التهلكة وفقدان المصداقية والعزلة والتخلف عن ركب الأمم والدول التي تحترم نفسها وتقدر مسؤولياتها عن تأمين سياساتها وأعمالها من عبث المجانين والمعربدين، وتعلن بناء على أنفتها المزعومة وكراهيتها الأبدية لرؤية شيء اسمه المغرب أو الشعب المغربي، أن تعتذر بداية عن استضافة أية تظاهرة أو مؤتمر أو لقاء عربي أو قاري أو دولي يستدعى إليه المغرب أو يحضره، أو يرفع علم المغرب أو يرسم خريطته، حتى تكفي نفسها كل هذا الصراخ والعويل المستدامين في أي لقاء مع المغرب والمغاربة، وبدل كل هذا اللف والدوران الذي لا ينتهي، مرة ضد قميص، ومرة أخرى ضد علبة أو عملة عليها خريطة المغرب أو رايته، لأن القادم من مشاركات المغرب أكثر فأكثر، وإذا كثرت المشاركات وتنوعت وتعددت من هذا العدو المغربي، فلا يؤمن أن تظهر خريطة أو علامة أو نشيد أو منجز يصيب العصابة كل مرة بالسعار والدوار. هذا كل ما في حكاية واقعة قراصنة الأقمصة ومزوري الحقائق، أما حكاية العميان الذين لا يرون إلا ما أرتهم العصابة من عداوة وبغضاء، فلا يستحقون منا إلا كل الشفقة والرحمة والدعوات لهم بالخلاص من العذاب الذي تنزله بهم العصابة في السجن الكبير المسمى بالجزائر، وليعلم الذين أعمتهم العصابة أنهم في الحقيقة هم المستهدفون بتزييف وعيهم وبعمليات التطويع والتعبئة عبر هذه الرياضة الجماهيرية، التي يعلمون مدى تأثيرها، ويوظفونها ضد نهضة بلادهم وثورة شعبهم، لإطالة أمد الاستعباد عليه، وتجنب سيناريوهات المطالبة مجددا بالمطلب الجوهري للحراك الشعبي الجزائري وهو مطلب الدولة المدنية ورحيل العصابة.