في ما يشبه اعترافا صريحا بفشل النسخة الأولى من مخطط تقسيم المغرب من بوابته الجنوبية، طرحت العصابة الحاكمة في الجزائر نسخة ثانية لهذا المخطط الانفصالي باتجاه شمال المغرب، حيث أعلنت على لسان مجموعة من لقطاء مواقع التواصل الاجتماعي المحسوبين على أهل الريف المغربي، والمستقرين ببلجيكا ودول أوروبية، عن فتح مكتب لهم بالجزائر العاصمة، باسم تمثيلية للريف لرفع مطالب انفصالية أملتها المخابرات الجزائرية عليهم بعد تعديل عناوينها من دولة في الصحراء، إلى دولة في الجبل، والبقية ستأتي تباعا لاستقطاب مجرمين وإرهابيين وتجار مخدرات ومطلوبين للقضاء وفارين من العدالة محسوبين على أهالي الهضاب والسهول وساكنة السواحل الأطلسية والمدن والقرى والمداشر، وتجميعهم وتأطيرهم في مجموعات من الجمهوريات الصحراوية والجبلية والشاطئية الوهمية والمزعومة، بحسب تضاريس وجغرافيا المملكة المغربية المتنوعة، ومن ثمة الإعداد من جديد لفصول مسرحية هزلية، ومسلسلات طويلة ومشوقة في اختلاق الأحداث وصناعة الإجرام وافتعال الأزمات وبؤر التوتر، تقضي بها العصابة على آخر ما تبقى من دولة الجزائر وشعب الجزائر ومصداقية مؤسسات البلد، وتورط معها تاريخ المنطقة وعلاقاتها وجوارها في جرائم سياسية غبية، سيكون أول من يدفع ثمنها هو التراب الجزائري نفسه، الأكثر عرضة في المنطقة للهشاشة وللتفتيت والتفكيك، بحكم النشأة الهجينة، وبحكم واقع النزاعات الترابية الانفصالية والاستقلالية داخل الجزائر، وبحكم السياسة العنصرية والعدوانية لقيادة العصابة وتوجهاتها في علاقاتها الديبلوماسية الدولية، بحيث صارت تُقرأ أي تحركات للعصابة في اتجاه اختلاق كيانات وهمية انفصالية فوق تراب دول جوارها، وتفريخ العصابات الإرهابية، على أنها تصدير واضح للأزمة الانفصالية الداخلية الجزائرية، ومحاولة افتعال إجماع داخلي وتعبئة وطنية وهمية، بالتلويح بحروب خارجية والتخويف من فتن على الحدود. وفي الوقت الذي يتم فيه تهيئة الرأي العام الجزائري خاصة، في ظرفية انهيار تام لدولة المؤسسات والحريات والحقوق، للقبول بحكم العصابة وقَدَر دولة العسكر الأبدية التي تطلق النيران في كل الاتجاهات، بما فيها صدور الجزائريين أنفسهم ومستقبلهم في العيش الآمن والكريم وفي جوار آمن ومستقر، تعيد العصابة إنتاج الأخطاء السياسية القاتلة نفسها التي انحدرت بدولة الجزائر إلى الحضيض من الفقر والجهل والظلم والجنون والشقاء والغباء، ولولا أموال الغاز والبترول الهائلة والمتدفقة والمهدورة التي تعوض الخسارات والبدائل التنموية المفتقدة، لما قامت للعصابة ومؤسساتها المنخورة قائمة، وهي الأموال نفسها التي يسيل لها لعاب المجرمين والإرهابيين، وكل الأشرار الذين تستقطبهم العصابة إلى ترابها وتحت مظلتها للتدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار وابتزازها وتهديد الأمن الإقليمي باسم دعم جزائر الجهاد ومكة الثوار وكعبة الأحرار لحركات التحرير والثورة في مشارق الأرض ومغاربها. وحده الشعب الجزائري من لا يستحق لا حراكا ولا ثورة ولا تحريرا ولا تقريرا لمصيره، فقط لأن عصابة استولت على مقاليد حكمه، وعلى كفاحه وإرث مجاهديه في ثورة التحرير والوحدة والحرية والاستقلال، وجعلته أصلا تجاريا مضادا لروحه وجوهره ونبله، ووجهته لخدمة مشاريعها وأجنداتها العدوانية على شعوب المنطقة المغاربية والساحل التي كانت سندا لاستقلال الجزائر وتقرير مصيرها، لتصير في زمن هذا الاستقلال وتقرير المصير وبانتقام من العصابة الوارثة للاستعمار في الجزائر، عُرضة لتهديد وحدتها الترابية، ومُجازاتها على صنيعها النبيل بجزاء سنمار الغادر. إن العصابة تعلم وهي تفتتح مكاتب أو تجمعات فوق ترابها لإيواء وتدريب عناصر إرهابية أو انفصالية من دول الجوار المغاربي أو الساحلي، أن ما ستجنيه هو نفس ما جنته منذ نصف قرن على إنشائها واحتضانها لمخيمات البوليساريو، واختطافها لعدد من أبناء الصحراء المغربية واحتجازهم لتصنع بهم أسطورة جمهورية وهمية فوق تيندوف، فلا هي اقتطعت هذا الجزء الغالي من التراب الوطني المغربي، ولا هي نالت من المغرب ومن ثوابته ومقدساته وسيادته ووحدته، ولا هي احترمت حقوق المحتجزين الذين يقضون تباعا فوق رمال تيندوف الحارقة، في انتظار الإفراج عمن بقي منهم بعد نصف قرن، وتحريرهم من الرق والعبودية للعصابة الجزائرية وصنيعتها الخائنة والغادرة، ولا هي أبقت على ماء وجهها وانخرطت في مسلسل الحل السياسي، ولا هي حفظت أموال الشعب الجزائري ومقدراته من الإهدار والتبديد في قضايا عدوانية خاسرة. ستظل الخسارة والفشل يلاحقان نظام العصابة في هذا المخطط الانفصالي الذي لم يحقق شيئا يذكر لصالح العصابة أو لصالح الشعب الجزائري الموعود بالانتصار على المغرب وسحقه كقيمة تختزل فيها مفاهيم الشرف والأنفة والعزة والقوة الضاربة الجزائرية، وإذا كان لم يحقق شيئا يذكر من وعود العصابة وأحلامها بشأن الصحراء المغربية، وفي عز الحرب الباردة، فكيف سيحققه في التلاوين الانفصالية الأخرى التي ينخرط فيها نظام العصابة، ومنها هذا التلوين الجديد والهجين لما يسمى بتمثيلية شعب الريف، أو التلاوين والأشكال والتنويعات والمتحورات الانفصالية الأخرى التي تطورها مختبرات العصابة لتفكيك الدول وتمزيق الشعوب، وتجربها على حدودها الغربية مع المغرب وعلى حدودها الجنوبية مع مالي، والقادم أوسع وأسوأ. حينما انتفضت دولة مالي ضد الابتزاز الجزائري لها في وحدتها الترابية، وأدركت متأخرة ذلك، وأشهدت الرأي العام الدولي على أن العصابة الحاكمة في الجزائر تتاجر في قضاياها الأمنية والحيوية، وتحتضن وتمول حركات وقيادات انفصالية، ألغت بشكل سريع ومن طرف واحد ما يسمى باتفاق الجزائر الذي توسطت فيه دولة العصابة في مفاوضات مالي مع الجماعات المسلحة، التي تبين منها أنها دس وخديعة وتدخل في الشأن المالي أكثر منه وساطة، حيث سمت دولة مالي هذه الوساطة الجزائرية المبطنة باسمها الحقيقي الوارد على لسان رئيس وزراء مالي وهو "دعم الحركات الانفصالية المسلحة" واستغلال ثقة الدولة المالية في الوساطة الجزائرية المشبوهة "للقيام بأعمال عدائية وغير ودية" ومندسة. هذا العدوان على الوحدة الترابية والتدخل في الشؤون الداخلية الذي لاحظته دولة مالي الجار الجنوبي للجزائر، بخصوص تعامل العصابة مع قضاياها السيادية والوجودية، هو نفسه الذي لاحظته دولة الكونغو من التحركات المشبوهة والعدوانية للعصابة ورئيس أركانها الدموي في موضوع التصعيد العسكري على الحدود بين رواندا والكونغو، حيث يشتبه في تنسيق العصابة الجزائرية مع رواندا لدعم حركات انفصالية داخل الكونغو الديموقراطية، الأمر الذي دفع هذا البلد المهدد في وحدته الترابية إلى استدعاء السفير الجزائري واستفساره عن تورط بلاده في المساس بسيادة الكونغو ووحدتها الترابية. ثمة في مختبرات العصابة الحاكمة في الجزائر نماذج لمتحورات انفصالية تستعد لإطلاقها في كل دول بلدان الجوار وبدون استثناء، حينما تسمح ظروف الابتزاز بذلك، أما المغرب فقد خبر طويلا هذه الفيروسات المسلطة على الشعوب، واتخذ في مواجهتها كل البروتوكولات الصحية الوقائية والعلاجية اللازمة، ولقح جبهته الداخلية بلقاحات الوطنية والعزة والمنعة، وسيظل شوكا عصيا في حلوق وأقدام العصابة، وسما زعافا يفتت جثتها، ولعنة تطاردهم في عقر ديارهم، سواء في مخيمات الذل والعار، أو في مكاتب ومختبرات تفريخ وتخريج الإرهابيين بالعاصمة الجزائرية. أما المتعاونون مع هذه العصابة الغادرة الخائنة لتنفيذ مخططات انفصالية وإرهابية ضد بلدهم، فنقول لهم هنيئا لكم نهب ما تبقى من أرصدة مالية في بنوك الانفصال الجزائرية، فسينفقونها وتنفقونها ثم تكون عليكم جميعا حسرات، ثم تغلبون.