تختم العصابة الحاكمة في الجزائر سنتها المنتهية، وتستقبل السنة الجديدة بتسريع وتيرة سقوطها في شر أعمالها العدائية وسياستها الابتزازية والاستفزازية، بتوسيع دائرة العدوان خارج من نصبته عدوها الكلاسيكي الوحيد، وتكريس الانفصام بين خطابها وواقع تصرفاتها وتخبطاتها. فما كادت السنة الجديدة تحل بكل طموحات الدول والشعوب وآمالها في تجاوز الأزمات والتوترات ومراجعة الأخطاء والحد من الخسارات، حتى سارعت العصابة إلى تكثيف خرجاتها وفضائحها معلنة استمرار صب الكراهيات والقطائع واللعنات والشتائم على التاريخ وعلى المستقبل، من خلال أحداث وتحركات دالة على أن الجزائرالجديدة في ظل حكم العصابة ما هي إلا نسخة رديئة وباهتة من الجزائر القديمة التي تحتفظ فيها العصابة بكل مقوماتها العقائدية العدوانية، وتتجه فيها إلى مزيد من إغلاق الدولة والمجتمع الجزائريين على محيطيهما الإقليمي والدولي، وإلى ضرب العزلة التامة عن بلد بات يتنفس بقايا الحياة والروح فقط من آبار المحروقات وأنابيبها، فلا استثمار إلا في الأزمات والحروب والكراهيات، ولا علاقات دولية إلا ما كان منها قائما على الابتزاز والاستغلال والدس والخديعة، ولا مشاريع تنموية لإسعاد الشعب الجزائري وتحسين حياته وظروف عيشه، إلا ما كان من مشاريع وهمية يعلن عن افتتاحها من مناسبة إلى أخرى، دون أن ترى النور ولا أن تشملها مخططات أو ترصد لها ميزانيات، فيما تتوسع دائرة الطوابير على المواد الغذائية، وفي كل شهر أو بضعة أشهر تدخل هذه المادة أو تلك من زيت أو حليب أو دقيق أو بيض أو عدس وفاصولياء أو ماء أو حتى غاز، في قائمة المواد الغابرة والنادرة التي يصطف المواطنون من فجر يومهم إلى عصره للحصول عليها. وكان آخر ما افتتحت به سنة 2024 من حكايات الطوابير والصفوف المصفوفة، أن قام أحد قياديي ميليشيات البوليزاريو من تجار القطاني والحبوب ومآسي الشعوب والحروب بدهس صفوف المواطنين الجزائريين المتدافعين على أكياس العدس والبقوليات التي يتاجر فيها، متسببا في مقتل عدد منهم وجرح آخرين… مقدما بذلك شهادة دالة وخلاصة معبرة عن وضع مأساوي تدخل به دولة العصابة هذه السنة الجديدة بفضيحة مدوية، وبمواصلة مسار رهن مستقبل الجزائر والجزائريين بيد شرذمة من القتلة والإرهابيين الذين يوجهون جرائمهم ضد الشعب المغربي في معاكسة وحدته الترابية، وضد الشعب الجزائري في نهب ثرواته والمتاجرة بغذائه وأمنه وسلامه واستقراره. تتزامن هذه الفضيحة التي افتتحت بها العصابة يومها الأول من سنة 2024، مع حدث آخر فاضح يرسم ملامح مستقبلية كئيبة وعصيبة على الجزائريين في السنة الجديدة، ألا وهو الحدث الذي بعثت به العصابة الحاكمة رسائل واضحة وفاضحة إلى الشعب الجزائري خاصة، ويتمثل في إقامة جنازة رسمية للجنرال الدموي المتقاعد المطلوب للعدالة السويسرية في جرائم الحرب، المدعو خالد نزار، جزار الجزائريين في العشرية السوداء وأحد مهندسي الفتن الإقليمية والحروب في المنطقة، الذي لم يسلم من دمويته القريب منه عائليا ولا البعيد سياسيا، ففي آخر يوم من سنة 2023، نظمت القيادات العسكرية للعصابة مع واجهتها المدنية مراسيم كبرى لتشييع مجرم الحرب المذكور، ورفع ذكره بأوصاف الشهيد والبطل ورمز الكفاح، في ظل ارتفاع مطالب الآلاف من الأسر الجزائرية بالكشف عن مصير مفقوديها من أبنائها المختفين في فترة جبروت وسطوة الهالك المبجل، وتوليه مقاليد وزارة الدفاع، ومطالب أخرى للاقتصاص لربع مليون جزائري من ضحاياه الذين يستصرخون ضمير دولة العصابة والعدالة الدولية. جواب العصابة واضح من خلال ختم السنة بتكريم رمزها وصاحب عقيدتها الدموية، في إشارة إلى تبني مشروعه واستمرار نهجه والتمسك بسنته، والاستعداد لتكرار سيناريو الذبح مهما كلف من ثمن وخسارة للجزائر. من غريب الصدف أن تترابط أحداث نهاية سنة وبداية أخرى في دولة الجوار، بتوجيه أضرارها بالتوازي والتشابك في الآن ضد الشعبين الجزائري والمغربي على السواء، فقيادي البوليزاريو الذي دهس بسيارته أبناء الشعب الجزائري المصطفين في طوابير العدس والفاصولياء هو نفسه الذي ينخرط في مشروع انفصالي لدهس التاريخ الوحدوي للمغرب، وضرب سيادته على أقاليمه الصحراوية. وجزار الجزائريين في العشرية السوداء الذي مجدته العصابة وباركت جرائمه في جنازة توديعه وتوديع آخِر يوم من سنة 2023، هو نفسه الذي وجه سلاح عسكره وميليشيات عصابته وفلول إرهابه إلى صدور المغاربة، ووجه في الآن نفسه سيلا من الكراهية والعنف ضد المغرب في سياسة دولة العصابة وفي تدبير جوارها ومصالحها الإقليمية. لن تجد مضرة تريد العصابة إلحاقها بالشعب المغربي، إلا وتصيب أول ما تصيبه الشعب الجزائري، فالحجر الذي توهمت وضعه في حذاء المغرب لإيلامه وعرقلته هو الصخرة نفسها التي وضعتها في طريق نماء وازدهار الجزائر، ونصبتها في مسيرة الشعب الجزائري، والحرب التي تسعى إليها العصابة ضد المغرب هي هذه الحرب نفسها التي تتخبط فيها داخليا ونفسيا وخارجيا، وما تتوعد به المغرب من انهيار ودمار وعزل عن محيطه الإقليمي، هو الوعيد نفسه الذي يحيق بالجزائر أرضا وشعبا، وسط العبث البهلواني للعصابة بالتاريخ والجغرافيا. وما تريد العصابة تفجيره في وجه المغرب من قبائح ومنكرات، هي هذه القبائح نفسها التي تلطخ وجه الجزائر اليوم وتلج بها سنة 2024 بمزيد من حصاد الفشل والخسارة والخيبة والعزلة الإقليمية والدولية. ولعل تسارع أحداث عزل دولة العصابة في محيطها العربي والقاري بنهاية السنة التي ودعناها، باندلاع أزماتها مع دولة الإمارات العربية المتحدة، ودول الساحل الإفريقية في جوارها الجنوبي، بعد أن أنفقت الغالي والنفيس وبذلت الجهد الجهيد لتطويق المغرب وكسر علاقاته وشراكاته وصداقاته العربية والقارية والدولية، لهو خير دليل على اتجاهها نحو المجهول ونحو الهاوية التي حاول العقلاء والحكماء سواء من الجزائريين الأحرار أو من أصدقاء الجزائر وأشقاء شعبها أن يجنبوا هذا البلد المصير إليها. ولما لم يعد من خيار لدى العصابة إلا الانتحار بعد استحالة تحقيق الانتصار، فإن خطتها لسنة 2024 وفي سياق الاستحقاق الانتخابي الرئاسي المقبل، هو جر الجزائر معها إلى الهاوية وتوعد أبنائها وشعبها بفزاعة الجنرال نزار في حلة جديدة تتناسب مع جزائر تبون الجديدة.