تطوان ترحب بأبي الفنون والحمامة البيضاء تحلق عاليا فوق هامات المسرحيين تعيش مدينة تطوان منذ يوم الثلاثاء الماضي (27 أكتوبر) أجواء فرجوية رائعة باستضافتها للدورة السابعة عشرة للمهرجان الوطني للمسرح المنظمة من قبل وزارة الثقافة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وبشراكة وتعاون مع ولاية طنجةتطوانالحسيمة، والجماعات الحضرية لكل من تطوان ومرتيل والمضيق والفنيدق.. وكان وزير الثقافة محمد الأمين الصبيحي، قد أعطى الانطلاقة الرسمية لهذه الدورة في حفل افتتاحي بهي شهده فضاء التياترو بسينما إسبانيول.. وأكد، في كلمة بالمناسبة، أن هذه التظاهرة أضحت موعدا سنويا للاحتفاء بالإبداع المسرحي وأهله، ومناسبة لالتقاء المبدعات والمبدعين للتحاور والتبادل حول قضايا المسرح، وكذا فرصة لتتويج أفضل وأحسن الإنتاجات والكفاءات المسرحية التي برزت طيلة موسم بأكمله. واعتبر الصبيحي أن تكريم الفنانة المقتدرة الشعبية العذراوي والكاتبين المسرحيين المسكيني الصغير ورضوان احدادو يعد لحظة اعتراف ووفاء لما منحوه للثقافة المغربية عموما والمسرح المغربي خصوصا من أفكار واجتهادات وإبداع غزير. هذا وقدم الناقد المسرحي عبد الحق ميفراني شهادة في حق الفنانة الشعبية العذراوي، فيما تحدث الكاتب المسرحي حول شخصية ومسار الكاتب المسكيني الصغير، وألقى الباحث المسرحي مصطفى الرمضاني شهادة في حق الكاتب رضوان حدادو. تجدر الإشارة إلى أنه لأول مرة في تاريخ المهرجان الوطني للمسرح تعرف البرمجة 30 عرضا مسرحيا على خمس خشبات بمعدل خمسة عروض يوميا، وهذا في حد ذاته قيمة مضافة تسجل لهذه الدورة.. ولعل توفر فضاءات العرض بمدن الإقليم هو ما شجع وزارة الثقافة لنقل المهرجان من مكناس الذي استوطن فيها لمدة 16 سنة إلى تطوان.. هذا وقد تم انتقاء اثني عشر عرضا مسرحيا للمشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان، كما تم اختيار 18 عرضا مسرحيا خارج المسابقة الرسمية تقدم بموازاة مع فعاليات المهرجان على خشبات كل من المركز الثقافي للفنيدق، ومسرح لالة عائشة بالمركز الثقافي للمضيق، وسينما الريف بمرتيل، ويتخلل برنامج المهرجان جلسات نقدية لمناقشة عروض المسابقة وندوات فكرية حول شخصية عبد الصمد الكنفاوي وحول آفاق المهنة والتنظيم وتطوير آليات الدعم وتنظيم وتأطير الحقل المسرحي والآليات الجديدة للإبداع المسرحي، ومجموعة من الورشات التكوينية للشباب وهواة المسرح، بالإضافة إلى توقيع مجموعة من المؤلفات والإصدارات المسرحية الجديدة. وسيتوج المهرجان الوطني للمسرح، الذي تتواصل أشغاله إلى غاية 3 نونبر القادم، بمنح جوائز للفائزين، وهي جائزة التأليف وجائزة الإخراج وجائزة السينوغرافيا وجائزة الملابس وجائزة التشخيص ذكور وجائزة التشخيص إناث وجائزة الأمل والجائزة الكبرى. وتتشكل لجنة تحكيم المهرجان، التي تم تقديمها خلال الجلسة الافتتاحية للدورة، من عبد الكريم برشيد (رئيسا) ومحمد مفتاح وإدريس الروخ وفتيحة وتيلي ورضوان احدادو ومصطفى الرمضاني ونور الدين زيوال وبدر السعود الحساني وإبراهيم وردة (أعضاء). هذا، ونظرا لأهمية الكلمة التي افتتح بها محمد أمين الصبيحي فعاليات المهرجان، حيث رصدت حصيلة منجزات وزارة الثقافة في القطاع المسرحي، واستشرفت آفاق المسرح المغربي وانتظارات نساء ورجال المسرح، ارتأت بيان اليوم أن تنشرها هنا ضمن هذا الملف الذي أعدته خصيصا بمناسبة المهرجان. الصبيحي يرصد حصيلة وزارة الثقافة في القطاع المسرحي ويتطلع للأفضل المسرح المغربي في حاجة إلى المزيد من الدعم وتوفير الإمكانيات الضرورية لإنتاجه وترويجه وتقريبه من المواطنين بسم الله الرحمن الرحيم؛ ...... أيها الحضور الكريم تغمرني سعادة كبيرة وأنا أتواجد بينكم في ليلة افتتاح الدورة السابعة عشرة للمهرجان الوطني للمسرح التي تحظى بالرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله. هذا العرس الثقافي والفني والمسرحي الكبير الذي نحتفي من خلاله بأبي الفنون، في حضرة صانعي الجمال والخيال، وفي أحضان المدينةالبيضاء، جوهرة الشمال، حاضرة تطوان الغراء. إن هذه التظاهرة، أيتها السيدات والسادة، أضحت موعدا سنويا هاما للاحتفاء بالإبداع المسرحي وأهله ومناسبة لالتقاء المبدعات والمبدعين للتحاور والتبادل حول قضايا المسرح، وفرصة لتتويج أفضل وأحسن الإنتاجات والكفاءات المسرحية التي برزت طيلة موسم بأكمله. كما أنها محطة لاستقراء المنجزات والتفكير في تطوير القطاع وتجويد أدائه. وفي هذا الصدد لابد من الإشارة إلى أن الوزارة، ومنذ سنة 2012، نهجت مقاربة جديدة للتعامل مع الإبداع الثقافي والفني عموما والمسرحي خصوصا، ووضعت برنامجا يهم دعم المشاريع الثقافية والفنية وفق دفتر للتحملات يدقق في كل العمليات المرتبطة بهذا الدعم، مع إسناد دراسة الملفات واختيار المشاريع للجن مهنية ومتخصصة ومستقلة. وفي إطار دعم المسرح، وباستشارة مع المهنيين تم تعديل التصور عدة مرات ليواكب التحولات التي يعرفها المشهد المسرحي وليساير طموحات الأسرة المسرحية المغربية. وهكذا انتقلنا من صيغة دعم الإنتاج والترويج إلى صيغة دعم مجالات أخرى كالإقامات الفنية وورشات التكوين، ودعم تنظيم والمشاركة في التظاهرات والمهرجانات المسرحية والجولات المسرحية ومسرح الشارع سنة 2014، وإضافة مجال توطين الفرق المسرحية بالقاعات المسرحية سنة 2015 باعتباره مجالا هاما وقادرا على حل بعض إشكالات التنشيط المسرحي بالمسارح وبمحيطها، ولتنزيل هذه المقاربة على أرض الواقع كان لزاما رفع الغلاف المالي المخصص للدعم المسرحي من من 5 ملايين درهما سنة 2012، إلى 8 ملايين درهما سنة 2013، إلى 10 ملايين درهما سنة 2014، ثم إلى 15 مليون درهما سنة 2015. وبالعودة إلى مخلفات الدعم المسرحي لسنة 2015 نجد أن مجموع المشاريع المودعة لدى وزارة الثقافة بلغت 216 مشروعا في الدورتين استفاد منها 105 مشروعا بغلاف مالي وصل إلى 11.199.000 درهم موزعة كالتالي: الدورة الأولى : الإنتاج والترويج، 39 مشروعا ب 3.915.000 درهم الإقامات الفنية وورشات الكتابة والتقنيات، 9 مشاريع ب 255.000 درهم تنظيم والمشاركة في المهرجانات والتظاهرات المسرحية، 9 مشاريع ب 495.000 درهم مسرح وفنون الشارع، 3 مشاريع ب 125.000 درهم توطين الفرق المسرحية بالمسارح، 9 مشاريع ب 4.380.000 درهم الدورة الثانية: الإقامات الفنية وورشات الكتابة والتقنيات، 13 مشروعا ب 270.000 درهم تنظيم والمشاركة في المهرجانات والتظاهرات المسرحية، 12 مشروعا ب 535.000 د الجولات المسرحية الوطنية، 11 مشروعا ب 1.860.000 درهم. وإلى جانب الدعم المسرحي تحتفي الوزارة سنويا باليوم العالمي للمسرح حيث عرفت مختلف جهات المملكة سنة 2015 تقديم مائة وواحد عرضا مسرحيا، بهذه المناسبة، موزعة على 36 مدينة، وتم الاحتفاء أيضا باليوم الوطني للمسرح في 14 ماي وذلك ببرمجة مئة وخمسة عرضا مسرحيا ب 47 مدينة. كما عرفت سنة 2015 تنظيم الدورة السادسة عشرة للمهرجان الدولي لمسرح الطفل بمدينة تازة بمشاركة دول؛ مصر، تونس، لبنان، المملكة العربية السعودية، إسبانيا، فرنسا، كوت ديفوار والمغرب ممثلا بعدة فرق مسرحية للطفل. ويبقى الحدث البارز مسرحيا، خلال هذه السنة هو احتضان بلادنا للدورة السابعة للمهرجان العربي للمسرح الذي نظمته الهيئة العربية للمسرح بشراكة مع وزارة الثقافة، حيث عرفت هذه الدورة مشاركة 15 عرضا مسرحيا من مختلف الدول العربية و71 عرضا من المغرب موزعا على مختلف مناطق المملكة. كما عرفت الدورة إقامة مؤتمر فكري خصص للاحتفاء بمأوية المسرح المغربي بمشاركة نخبة من الباحثين والنقاد والمهتمين. هذا إلى جانب تكريم ثلة من نساء ورجال المسرح المغربي، وإصدار مجموعة من المؤلفات المسرحية المغربية. وبالإضافة إلى دعم مجموعة من الفرق المسرحية للمشاركة في مهرجانات عربية ودولية، تم إيفاد وفد يضم 82 مسرحيا مغربيا إلى تونس الشقيقة للاحتفاء بمأوية المسرح المغربي في إطار أيام قرطاج المسرحية. حيث تم تقديم خمسة عروض مسرحية ومحاضرة علمية وندوة فكرية وأمسية فنية. وقد خلفت هذه المشاركة صدى طيبا لدى كل الوفود الحاضرة بالمهرجان. كما عرف البرنامج الجديد لتنشيط المراكز الثقافية حضورا قويا للمسرح المغربي من خلال برمجة شهرية لعدد كبير من العروض المسرحية بمختلف المراكز الثقافية التابعة للوزارة وصلت إلى حوالي 500 عرضا مسرحيا تتوزع بين الشباب والمحترفين. وتأتي الدورة السابعة عشرة للمهرجان الوطني للمسرح بتطوان لتتويج هذه السنة الحافلة بالأنشطة المسرحية الوازنة وبالإبداعات الدرامية المتميزة، تحمل معها شراكة جديدة مع ولاية جهة طنجةتطوانالحسيمة والمجالس المنتخبة بهذه المنطقة لإعطاء نفس جديد لهذا الحدث الوطني الهام من خلال تصور يمزج بين الاحترافية والاحتفالية ودقة التنظيم، وهي الشراكة التي وضع من خلالها الطرفان كل الإمكانيات المادية والبشرية واللوجستيكية للارتقاء بهذه التظاهرة وجعلها مناسبة حقيقية للاحتفاء بالمسرح والمسرحيين وفرصة لإطلاع جمهور مدن تطوانوالفنيدق والمضيق ومرتيل على غلة الموسم المسرحي. وستعرف هذه الدورة تقديم إثني عشر عرضا مسرحيا ضمن المسابقة الرسمية بمسرح سينما اسبانيول والمركز الثقافي بتطوان وثمانية عشرة عرضا خارج المسابقة بمدن الفنيدق والمضيق ومرتيل. وندوتين فكريتين؛ تهم الأولى الدعم المسرحي والتنظيم القانوني للقطاع وتخص الثانية شخصية عبد الصمد الكنفاوي أحد رموز المسرح المغربي بالشمال. وستشهد هذه الدورة أيضا تكريم امرأة ورجلين من أطاليس المغرب الشامخة ويتعلق الأمر بالفنانة القديرة الشعيبية العذراوي أو "لالاغنو" كما أحببناها، والكاتب المتمرس المسكيني الصغير صاحب نظرية المسرح الثالث، والكاتب والباحث رضوان حداد ابن مدينة تطوان العاشق المسرحي الولهان. وتكريمهم هو لحظة اعتراف ووفاء لما منحوه للثقافة المغربية عموما والمسرح المغربي خصوصا من أفكار واجتهادات وإبداع غزير. فشكرا لهم على ما قدموه للوطن وهنيئا لهم بهذا الاحتفاء ومتمنياتي لهم بالصحة والعافية وطول العمر. أيتها السيدات أيها السادة؛ إن المسرح المغربي باعتباره أداة للتوعية ووسيلة لمقاومة الجهل والتطرف والانحراف أصبح أكثر من أي وقت مضى في حاجة إلى المزيد من الدعم وتوفير الإمكانيات الضرورية لإنتاجه وترويجه، وتقريبه من المواطنين، ونحن في وزارة الثقافة ماضون بإرادة قوية في هذا الاتجاه وذلك بمواصلة تحديث وتطوير القوانين المنظمة للمهن الفنية، ونشتغل حاليا على مشروع جديد في هذا الاتجاه يصون كرامة الفنان ويرتقي بوضعه الاجتماعي، إلى جانب الاستمرار في إحداث المسارح وفضاءات العرض، ومضاعفة منح الدعم الموجه لتوطين الفرق المسرحية ورفع الغلاف المالي على أمل أن تواكب المجالس المنتخبة والجماعات الترابية هذا التوجه والتكفل بالترويج على المستوى الجهوي والمحلي. ولابد هنا أن نحيي ولاية طنجةتطوانالحسيمة والمجالس المنتخبة على مساهمتهم في إحداث فضاءات ثقافية ومسارح بهذه المنطقة وذلك في إطار المشاريع الكبرى التي يرعاها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله. وقبل ختم كلمتي أود أن أتوجه بالتحية والتقدير لكل نساء ورجال المسرح المغربي الذين لازالوا يناضلون من أجل أن يرتقي المسرح إلى أعلى المراتب وأخص بالذكر الفرق المسرحية المشاركة في هذه الدورة وكل النقاد والباحثين ونجوم المسرح والدراما المغربية. كما أشكر لجنة التحكيم بكافة أعضائها على قبولهم هذه المغامرة، غير الهينة، وعلى رأسهم الدكتور عبد الكريم برشيد. وفي الأخير أتقدم بآيات الشكر والامتنان لمدينة تطوان البهية التي فتحت لنا ذراعيها لنقضي بين أحضانها لحظات من المتعة والفرجة، وأخص بالشكر السيد محمد يعقوبي والي جهة طنجةتطوانالحسيمة الذي لم يترد ولو لحظة واحدة لإقامة هذا الحدث بهذه المدينة وأبدى استعدادا كبيرا للتعاون وكذا كل مساعديه الأقربين. والشكر موصول لكل المجالس المنتخبة بجهة طنجةتطوانالحسيمة والجماعات الحضرية بمدن تطوانوالفنيدق والمضيق ومرتيل والمجلس الإقليمي بمدينة تطوان. كما لا تفوتني المناسبة لأشكر الصحافة الوطنية بكل أطيافها ومختلف وسائلها على الجهود المحمودة التي تبذلها للتعريف بالمنتوج المسرحي وترويجه ونقده. ولابد في النهاية من الإشادة والتنويه بكل اللجن الساهرة على إعداد وتنظيم هذا الحدث الهام على المستوى المركزي وعلى المستوى المحلي من أطر وزارة الثقافة وأطر ولاية جهة طنجةتطوانالحسيمة، والمسرح الوطني محمد الخامس وكل التقنيين والعمال والأعوان. وأملنا أن تحقق هذه الدورة الأهداف المتوخاة منها وأن يسعد الجمهور التطواني العاشق للمسرح بلحظات من الفرح والبهجة. والله ولي التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.