إذا كان الدعم الموجه للمسرح، منذ سنة 1998، قد خلف نتائج إيجابية انعكست على الإبداع المسرحي، فإن الممارسة على أرض الواقع أبرزت الحاجة إلى إعادة النظر في هذه الآلية على المستوى المقاربة والميزانية. وهكذا وضعت وزارة الثقافة، في إطار استراتجياتها لدعم الصناعات الثقافية والإبداعية، منذ سنة 2014، آلية جديدة لدعم وتنشيطِ قطاع المسرح يستفيدُ منها المسرحيون والفرق المسرحية ومؤسسات الإنتاج والترويج المسرحي في شكل طلبات عروض مشاريع، خصصت الوزارة لها غلافا ماليا يُقدر ب 15 مليون درهم برسم سنة 2016. همت هذه الصيغة الجديدة مجملَ حلقات إبداع وإنتاج وترويج الأعمال المسرحية، وتشمل المجالات التالية : إنتاج وترويج الأعمال المسرحية، توطين الفرق المسرحية بالفضاءات المسرحية، الجولات المسرحية الوطنية، الإقامات الفنية وورشات الكتابة والتقنيات، تنظيم والمشاركة في المهرجانات والتظاهرات المسرحية ومسرح وفنون الشارع. ولإضفاء المزيد من المصداقية والشفافية اعتمدت الوزارة لجنةً مستقلة لدراسة وانتقاء المشاريع تضمُّ مسرحيين ومبدعين وباحثين ومختصين في المجال. وقد تولت رئاستها، خلال سنة 2016، الفنانة نعيمة لمشرقي، وضمت كلا من السيدات والسادة سعاد خويي، بشرى أهريش، حكيمة حاتم، عبد المجيد فنيش، سعيد الناجي، فؤاد زروال، رشيد منتصر، محمد بنحساين، بوسرحان الزيتوني وعزيز الفاضلي. وقد لقيت هذه الصيغة تجاوباً كبيراً من طرفِ الفاعلين المسرحيين والمهنيين الذين تعتبرهم الوزارة شركاءها المباشرين في تحسين مؤشر الحكامة الثقافية ببلادنا. وهو الأمر الذي يعكسه، على سبيل المثال، عددُ الترشيحات التي عرفتها دوْرتا سنة 2016 والتي وصلت إلى 360 مشروعا حضي بالدعم منها 151 مشروعا. ففيما يخصُّ مجال إنتاج وترويج الأعمال المسرحية، همَّ الدعم 39 مشروعا عاد إلى 39 فرقة مسرحية، وبلغ الدعم في هذا المجال، 4.638.500 درهم، أي ما يعادل 31% من المبلغ الإجمالي المخصص لدعم قطاع المسرح، ويمثل 60% من تكاليف إنتاج العمل المسرحي. وقد اتَّسَمتْ المشاريع المدعَّمة في هذا الإطار، بتعدد محاورها ومواضيعها وبتراوحِها ما بين الأعمال الموجهة للكبار والأعمال الموجهة للصغار والأعمال باللغة العربية واللغة الأمازيغية والأعمال بالحسانية. وفيما يخص توطين الفرق المسرحية بالفضاءات المسرحية، بلغ عددُ المشاريع المدعمة 12 مشروعا للتوطين بإثني عشر مركزا ثقافيا موزعة على 10 مدن وهي الدارالبيضاء(كمال الزبدي – عين حرودة – مديونة)، مراكش، مكناس، الرباط(مسرح اباحنيني)، العيون، تطوان، وجدة، تازة والحسيمة. وبلغ الدعم في هذا المجال 4.670.000 درهم، أي ما يعادل 31% من المبلغ الإجمالي المخصص لدعم قطاع المسرح، وتستفيد الفرق المدعمة في إطار التوطين من فضاءات مسرحية لإنتاج وترويج أعمالها ولتنشيط محيطها وترسيخ علاقات مع الجمهور وخلق تقاليد للفرجة المسرحية. وبذلك يغطي الدعم الموجه للإنتاج والترويج المسرحي والتوطين بالمسارح نسبةً هامة من الإنتاجات المسرحية الوطنية، تبلغ 70% من مجموع الإنتاجات المذكورة سنويا. من جهة أخرى، بلغ عددُ المشاريع المدعمة فيما يخص الجولات المسرحية الوطنية 26 مشروعا لفائدة 26 فرقة مسرحية، ستقدم خلالها 167 عرضا موزعة على العروض المسرحية الموجهة للأطفال والعروض المسرحية الناطقة بالأمازيغية والعروض المسرحية الناطقة بالحسانية ومختلف الألوان المسرحية بالعربية، وبلغ الدعم في هذا المجال 2.617.000 درهم، أي ما يعادل17 % من المبلغ الإجمالي المخصص لدعم قطاع المسرح. وفيما يخص الإقامات الفنية وورشات الكتابة والتقنيات، بلغ عددُ المشاريع المدعمة 20 مشروعا همت 9 فرق مسرحية و 11 شخصا ذاتيا وتشمل ورشات تأليف أو اقتباس النصوص المسرحية، وتنظيم محترفات تكوينية في المجالات المرتبطة بالمسرح، والبحث والتوثيق في مجال المسرح. وتغطي الوزارة 60 % من تكاليف هذه الورشات، بهدف تقوية مجال التكوين في الكتابة والإخراج المسرحيين والتقنيات بفضاءات مُحفزة على الإبداع في أفق خلق شبكة للإقامات المختصة في التكوين داخل المغرب، وبلغ الدعم في هذا المجال 545.000 درهم، أي ما يعادل 3.5 % من المبلغ الإجمالي المخصص لدعم قطاع المسرح. كما شمل الدعمُ، على مستوى تنظيم والمشاركة في المهرجانات والتظاهرات المسرحية 39 مشروعا، يهم تنظيم مهرجانات مسرحية وطنية بدعم الجوانب اللوجيستيكية والتقنية وكذا المشاركة في مهرجانات مسرحية خارج الوطن وبلغ الدعم في هذا المجال 1.500.000 درهم، أي ما يعادل 10 %من المبلغ الإجمالي المخصص لدعم قطاع المسرح. وعلى مستوى دعم مسرح وفنون الشارع، بلغ عدد المشاريع المدعمة 15 مشروعا. وهي مشاريع تتوزع بين العروض المسرحية الخاصة بالعرض في الشارع (11 مشروعا) وحلقات الفرجة والحكاية(4 مشاريع منها 3 حلقات بجامع الفنا بمراكش وحلقة واحدة بسلا) وسيمكن هذا الدعم من تقديم 52 عرضا مسرحيا بالشارع و 265 عرض للحلقة، وبلغ الدعم في هذا المجال 630.000 درهم، أي ما يعادل 4 % من المبلغ الإجمالي لدعم قطاع المسرح. وإلى جانب آلية دعم المسرح، عملت الوزارة على تكثيف ترويج الأعمال المسرحية من خلال مختلف التظاهرات والمهرجانات المسرحية المنظمة على طول السنة : -اليوم العالمي للمسرح (27 مارس ) وقد شهد سنويا على مدى أسبوع بمعدل 200 عرضا مسرحيا موزعة على ما يعادل 40 مدينة. -المهرجان الدولي لمسرح الطفل بتازة (شهر أبريل ) حيث تم تقديم ما يقارب 30 عرضا مسرحيا سنويا من مختلف الدول وعلى المستوى الوطني؛ -اليوم الوطني للمسرح (14 ماي)، تم تقديم حوالي 140 عرضا مسرحيا بما يقارب 35 مدينة؛ -المهرجان الوطني للمسرح (شهر أكتوبر) حيث تم تقديم حوالي 30 عرضا مسرحيا في كل سنة. هذا إلى جانب تنظيم عدد من العروض المسرحية في إطار برنامج تنشيط المراكز الثقافية والتي بلغت ما يعادل 500 عرضا مسرحيا سنويا. كما يعمل المسرح الوطني محمد الخامس، وهو مؤسسة تحت وصاية وزارة الثقافة ويستفيد بدوره من دعمها بغلاف مالي يصل إلى 15.600.000 درهم، على إنتاج 9 عروض مسرحية وما يوازي 200 عرضا مسرحيا في السنة وزعت بين قاعة المسرح وباقي المراكز الثقافية بالمغرب.