قبل أسابيع قليلة، كان خطاب “العهدة الخامسة” للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الصوت الأعلى في البلاد بعد دعوات متثالية من أحزاب ومنظمات موالية له، تدعوه للتقدم للسباق للترشح للإنتخابات الرئاسية. هذا القرار نتج عنه نوع من الإحتقان والغليان الذي أدى إلى إرتباك النظام ودفع بالسلطة خلال الأول من مارس الوعد في رسالة منسوبة إلى بوتفليقة بعدم إكمال عهدته الخامسة في حال إنتخابه وبتنظيمِ إنتخابات رئاسية مبكرة قوبلت بالرفض من طرف الشارع في مسيرة الثامن من الشهر الجاري. واليوم، عادت السلطة إلى المقترح نفسه، لتُعيد تدويره في شكل قرارٍ يبدو وقد صيغ بلغةٍ تخاطب عواطف الجزائريّين: تأجيل الإنتخابات وعدم ترشّح بوتفليقة، أي إسقاط العهدة الخامسة وتمديد الرابعة ما يعني أنه سيبقى رئيساً مِن دون إنتخابات حتّى إشعار آخر، بمعنى يستمرّ عمله إلى نهاية العام الجاري، ولا شكّ أن إعداد دستورٍ توافقي ثمّ الذهاب إلى الإستفتاء عليه ثمّ تنظيم إنتخابات رئاسية سيتطلّب سنواتٍ كثيرة ، لأن طبيعة التجارب عودتنا أن الأنظمة العربية تنحني لعاصفة رياح التغيير. تبقى مطالب الحراك واضحةً من خلال المطالبة بإسقاط العهدة الخامسة، وبإبعاد ومحاسبة رموز الفساد التي أفرزتها مرحلة بوتفليقة،ومن الواضح أن قرار اليوم يلتفّ على تلك المطالب حيث يظهر لمتتبع الوضع في الجزائر أنه لا نيّةَ على للإستجابة لمطالب الشعب، خاصة مع تواصُل أجواء الدولة الشمولية ذاتها: إختطاف وسائل الإعلام العمومية والتضييق على الصحافة والصحفيّين... وبقية القوى الحية في المجتمع . إذ يسجل للشعب الجزائري الذي إنتفض ضد النظام الحاكم عفوية حراكه و سلمية مسيراته التي أبهرت العالم، رغم محاولات أطراف عديدة تشويهها وإخراجها عن سلميتها ونضج شبابه الإجتماعي والسياسي . كما يعتبر إسقاط العهدة الخامسة وما تمخضت عنه من قرارات أخرى من تأجيل لإنتخابات إلى تنظيم ندوة وطنية هي مكسب بحد ذاتها رغم مايحتمل من قراءات متعددة وإنتصار رمزي قد يكون بداية لمعركة طويلة لتحقيق الديموقراطية المنشودة وتغليب كلمة الشعب على كلمة مصاصي الدماء.