يبدو أن السيناريو الذي اختاره النظام الجزائري للتعاطي مع الحراك الشعبي، قد لايفلح في إقناع الشعب، بعد أن عبر العديد من المواطنين، وفق مانقلته وسائل إعلام محلية، عن رغبتهم، ليس فقط في إزاحة الدمية، ولكن أيضا من يحرك خيوط هذه الدمية. وكان الرئيس بوتفليقة قد أعلن مساء الاثنين 11 مارس، عن تأجيل الانتخابات الرئاسية وعدم ترشحه لعهدة خامسة، كما أعلن عن إجراء "تعديلات جمة" على تشكيلة الحكومة و تنظيم الاستحقاق الرئاسي عقب الندوة الوطنية المستقلة تحت إشراف حصري للجنة انتخابية وطنية مستقلة. وتوضح هذه الخطة الانتقالية، أن من سيدبرها هو النظام الحالي، وهو مايعني بقاء كل خيوط اللعبة في يده، بلرغم من التغييرات الشكلية التي تم تقديمها للشعب، باعتبارها استجابة للحراك الشعبي. وقال بوتفليقة في رسالته "تمُرُّ الجزائر بمرحلة حساسة من تاريخها. ففي الثامن من شهر مارس الجاري، و في جُمعةِ ثالثة بعد سابقتيها، شهِدت البلادُ مسيرات شعبية حاشدة. ولقد تابَعْتُ كل ما جرى، و كما سبق لي وأن أفضيت به إليكم في الثالث من هذا الشهر، إنني أتفهمُ ما حرك تِلكَ الجُموعِ الغفيرة من المواطنين الذين اختاروا الأسلوب هذا للتعبيرِ عن رأيهم، ذلكم الأسلوب الذي لا يفوتني، مرَّة أخرى، أن أنوه بطابعه السلمي". ويقترح الرئيس بوتفليقة نسخة سريعة من الإجراءات المقترحة "لكنها بثوب الاستمرارية"، إذ أنها تضمن له البقاء في سدة الحكم الى غاية تنظيم انتخابات رئاسية مستقبلية، بعد عقد الندوة الوطنية. وفي نفس الوقت عين بوتفيلقة نور الدين بدوي وزيرا أولا، ليحل محل أحمد اويحيى، في حين تم تعيين رمطان لعمامرة وزيرا أولا، وهما رجلان مقربات جدا من السلطة، بل ويمارسان مهامهما حاليا في السلطة التنفيذية. ومن الواضح أن هذه القرارات تضمن بقاء الرئيس بوتفيلقة في الحكم حتى انتخاب خليفته، وهذا يعني أنه سيبقى في منصبه بعد 18 أبريل ، دون تحديد الأساس القانوني الذي تم اتخاذه لأن الدستور لا ينص على تمديد العهدة. مباشرة بعد هذه القرارات خرج بعض الجزائريين لاحتفال في الشارع، في انتظار ما ستقرره الأغلبية وأيضا بقية الجزائريين لأن بوتفليقة يقترح انتقالا تديره السلطة وبآلياتها.