شهادة حق في قطاع رثيناه وبكينا على حاله أكثر من مرة ودون جدوى، لكن ما رأيته اليوم في مدرسة "التهامي الوزاني بتطوان" جعلني أغير رأيي فيما كتبته من قبل عن انعدام الإصلاح بشكل نهائي فيما يخص المنظومة التعليمية ببلادنا، وأقول ان الفساد لا يستشري كل المدارس حيث ابتعد بشكل كلي عمن رحمهم ربي وعملوا بجدية و اهتمام، و اتقوا الله في أبناء هذا الشعب من المحظوظين الذين توجهوا لهذه المدرسة. استغراب ذاك الذي عشته اليوم في فصلين من هذه المدرسة للمستوى الثالث حيث وجدت التلاميذ به يجيدون النطق باللغة الفرنسية وكتابتها كما لو كانوا ممن يأتون من المدارس و المعاهد الخاصة إن لم يكن أحسن - و قد علمت بأن بعض الأسر قد ألحقت أبناءها لهذه المؤسسة و آثرتها على مدارس خاصة مجاورة- أما الفصل الرابع فالمستوى أرفع بكثير لأن تلاميذه يجيدون القراءة و الكتابة و النحو والتعرف على أنواع الجمل بكل سهولة. هذه المعاينة ارتأيت ان أتشاركها معكم ببعض الصور التي سألحقها بالمقال من دفاتر بعض هؤلاء التلاميذ كي تشاركونني الفرحة بما وجدت عليه التعليم العمومي اليوم، و المتمثل بكل تجلياته القيمة بهذه المدرسة التي ينشط بها كل العاملين، بدءا من المدير و المدرسين لغاية التلاميذ الذين يشكلون الطرف الناجع و المقصود بهذه التربية و بأصول التعلم بكل قواعده. هم نظموا لأكثر من مرة عدة أنشطة تأرخت بالصور و بالأحداث و أبصمت ان التعليم بمثل هاته المؤسسات لا يزال بخير. و تعتبر هذه المبادرة الرائدة المثل الأعلى الذي يجب أن يقتدى به كي نعيد ثقتنا بالمدرسة العمومية، و نكف عن ضخ أموال بمؤسسات خاصة أصبحت الجلاد المباشر للمواطنين البسطاء الذين يضحون بالغالي و بالنفيس كي ينقذوا ماء وجه المنظومة التعليمية التي انحدرت بشكل صاروخي نحو الانحطاط. مرة أخرى شكرا للعاملين بهذه المدرسة ممن يثلجون قلوبنا بعطاءاتهم السخية، و تضحياتهم اللامتناهية كي يؤكدوا لنا أن الخير العميم في الأنفس و في الضمائر المجدة و المكدة، و في الكفاءات المعطاءة دون مقابل و دون رقابة...