حلت أخيرا السوبرانو المغربية سميرة القادري، ضيفة على الحلقة الجديدة من برنامج "موزاييك"، الذي يقدمه الإعلامي منتصر على أمواج إذاعة راديو ميدي 1، والتي أذيعت على الهواء مباشرة في التاسعة والنصف مساء وعلى مدى ساعتين، للحديث عن جديدها الفني، وأيضا عن لمحات من حياتها الشخصية وتجربتها الفنية. الفنانة العالمية سميرة القادري لها خط غنائي خاص بها, لذلك كان اللقاء معها شاملا ومركزا على العديد من النقاط الهامة. استهلت القادري حديثها بالحديث عن مسارها الفني، والتي تناولت فيه ثلاث محطات هامة، بداية باعتبارها كفنانة سوبرانو اختارت الطريق الفني الصعب و ركبت صهوة المغامرة مع المؤلف الموسيقي مصطفى عايشة في أداء الشعر العربي في قوالب ليريكية عالمية. ولأول مرة و حصريا، كان الجمهور المغربي مع موعد للإستماع الى روائع من فن الليد في ثلاث قطع، الأولى بعنوان "اندفاع" لنزار قباني، والثانية موسومة ب "دربها" للشاعر جبران خليل، والثالثة تحت عنوان "هدية جميلة"، وهي مقطع من مونودراما للصوت و البيانو لربندى الهندي طاغور والتي أهدتها للمكفوفين. سميرة قادري صوت أوبرالي كانت سباقة إلى جانب هبة القواس و ريم الطويل وسوزان حداد و و عبير نعمة في الغناء الليريكي العربي، بالإضافة إلى جهودها العلمية لتطوير هذا المجال، وهذا ما حاولت القيام به في مداخلاتها الأكاديمية، محاولة بشروحاتها تقريب المتلقي من هذا اللون الغنائي، الذي يتطلب إلى جانب الصوت ثقافية واسعة حول الموسيقى العالمة. وتخللت الحلقة اتصالات كثيرة من الفنانين والأكاديميين المغاربة الذين أشادوا كثيرا بمسيرة السوبرانو سميرة القادري، التي وصفها مقدم الحلقة ب ماريا كالاس العالم العربي، ومن أهم الشهادات كانت لعازف العود والمؤلف إدريس الملومي الذي أشاد بتجربتها و باجتهادها في التمرد على الاجتراري و المبتذل بحضورها القوي في المحافل الدولية، حيث أعطت للموسيقى المغربية بعدا كونيا. مؤكدا على أن " سميرة القادري هي إحدى المتربصات واستحقاق وبهدوء بمجد المغايرة في الاشتغال الفني، بحيث أن مجد سميرة القادري يتجلى في الاقتراب من الشعر بأجوات المغايرة، التي تفرض على المرء الاشتغال والالمام برصيد معرفي حقيقي بالفعل الموسيقي" مضيفا " سميرة القادري هي إحدى الأيقونات الموسيقية اليت لم تكتفي فقط بالطمأنينة للجاهز والمعتاد في الاستماع الموسيقي، أما على المستوى الفني فيمكنني تصنيف الصوت الجميل لسميرة القادري بخانة السوبرانو، على أساس أن صوت السوبرانو يفترض أن يحمل حمولة صوتية ومعرفية قوية جدا، حيث استطاع صوت القادري أن يمزج الصوت الليريكي والطرب العربي، والنجاح في هذا الأمر، لا يمكن سوى أن يكون لدى الكبار". كما كانت من بين الشهادات القيمة، إشادة أخرى للفنان ميكري حسن رئيس المجلس الوطني للموسيقى بقوله " إنها خارجة عن إطار الفنانات العربيات بغنائها وثقافتها الفنية وممسؤوليتها الفنية، وبكونها فنانة المغرب على غرار فيروز فنانة لبنان، وأم كلتوم فنانة مصر، وبالتالي تستحق فنانة البحر الأبيض المتوسط". والجدير بالذكر، أن تجربة "مزيج" تُعدُّ لبٍنة جديدة في بناء المشروع الفنّي للسّوبرانو المغربيّة سميرة القادري، كما يُعبّرُ هذا العمل الجمالي عنْ رغبة الفنانة القادري المُستمرّة في إعادة ترتيب نسيج الموسيقى المغربية بمختلف روافدها المغاربية والعربية والمتوسطية لأجل إعطائها بعدا كونيّا تستحقُّهُ أصلا بحُكم غناها الثقافي الذي ينبني على الإمتياز الجغرافي والتّاريخي لحوض المتوسط... و تُعدّ سميرة القادري "صوتَ الْمُتوسّط البلّوري" وسفيرة فنّية عابرة لثقافات حوض البحر الأبيض المتوسّط. إن صوتَ السوبرانو المغربية المُحمّل بعبق التاريخ العربي- الأندلسي- المورسكي يسمُ تجربة فنية وفكرية مميّزة قوامها الكونية والحداثة. ومن هنا انطلقت الفنانة القادري في مشوار البحث عن مقاربة جديدة لإعادة الاعتبار لهذا النمط الموسيقي الذي يعتبرُ سمة أساسية لحضارة عمّرت لقرون عديدة في شبه الجزيرة الأيبيرية، كما كانت لها انعكاستها الثقافية والفنية على المغرب العربي الكبير، وخاصة المغرب الأقصى.