تعدّ مهنة "الحلاقة" من أبرز المهن التي تندرج ضمن قطاع الخدمات، نظرا للدور الكبير الذي تلعبه على المستوى التنموي، وباعتبارها مهنة حيوية ذات حضور بارز داخل النسيج المجتمعي. غير أنه رغم هذا الحضور الواسع داخل المجتمع، فإنها لازالت تتخبط في دائرة مشاكل وإكراهات تحول دون تحديثها وإعادة هيكلتها بما يتماشى ومتطلبات العصر، وبالتالي يجعلها بوابة لدخلاء قد يعمقون أزمة التنظيم، أو يزيدوا من تشتيث جهود لم الشمل . ازدواجية الانتماء تعمق أزمة القطاع وللوقوف على أزمة القطاع، قنا بمعاينة آراء عينة من ممتهني الحلاقة سواء التقليدية أو العصرية، حيث استشفت من تصريحات هؤلاء أن مهنة الحلاقة التي تحسب على القطاع الخدماتي، تعيش حاليا وضعا مزريا، يساهم في تكريسه غياب إرادة حقيقية لإعادة هيكلتها، خاصة وأنها تعاني انقساما في الانتماء الإداري، باعتبارها محسوبة إداريا على الصناعة التقليدية ، فيما تحسب المدارس المختصة بالتكوين على إدارة التكوين المهني. مهنة الحلاقة تعيش وضعا مزريا وحول الوضعية المرزية التي يعاني منها مهنيو القطاع، يقول (م.ع) أحد ممتهني الحلاقة، أن "هذه المهنة قد غدت مهمشة، وهو ما انعكس على مداخيلها التي أصبحت تعرف تراجعا مضطردا، إلى درجة أصبح فيها المهني كالمتسول، خاصة وأن الزبون هو الذي أصبح يفرض الثمن الذي يريد، وهو الأمر الذي أفرزه امتهان دخلاء للمهنة كانوا السبب الرئيسي في تعميق أزمتها وتدهورها " . غياب التنظيم جعل الدخلاء يقتحمون المهنة السيد (ب.ع) وهو ممتهن للحلاقة التقليدية، أكد على أنه "في الماضي كانت رخصة فتح محل للحلاقة تمنح للمعني بعد تزكية لامين الحلاقين، غير أن هذا المنصب لم يعد ساريا منذ الثمانينات، وربما هذا من الأسباب التي فتحت القطاع على مصراعيه أمام دخلاء عليه، مما انعكس على مردوديته التي تراجعت سواء على مستوى جودة الخدمات أو على المستوى المادي" . وفي سياق ذي صلة، صرح السيد (م.أ) وهو ممتهن للحلاقة العصرية بأن "أهم الإكراهات التي يعاني منها القطاع، غياب هيكلة تحميه من الدخلاء وتنظمه، وتراجع المداخيل التي قد تصل في أحسن الأحوال إلى 2000 أو 2500 درهم في الشهر كمتوسط دخل، إلى جانب غياب أي نظام تعاضدي يضمن للمتهن تقاعدا مريحا نسبيا عند الاقتضاء " . توجيه ممتهني الحلاقة لا يمكن أن يكون جزئيا ممتهن آخر للحلاقة التقليدية (ر.د) مال في تعليقه للكلام عن الحملات التي توجه للقطاع من جهات خارجية، ويتعلق الأمر بتوجيهات لممتهني القطاع بضرورة تعقيم أدوات الحلاقة بشكل دوري، وهو ما يراه أمرا مكلفا، خاصة مع محدودية المداخيل التي بدأت تتقلص لغياب أي تنظيم للقطاع من لدن الجهات الوصية ، مؤكدا أنه لا يمكن الكلام عن القطاع في جزئيات خارجة عن الإطار الشمولي، وهو ما يستدعي ضرورة التدخل العاجل والشمولي لإعادة تنظيمه وهيكلته وتقنينه، حتى يتم حمايته من الدخلاء، وبالتالي الحفاظ على كرامة المهني ، وضمان دخل قار له . مهنة الحلاقة وطبيعة الإكراهات وعن الإكراهات التي يعاني منها ممتهنو الحلاقة بكل أنواعها، أضاف (ر.د) بأن هذا القطاع يخفف عبء التشغيل على الدولة بتشغيله لعاملين أو أكثر في كل دكان، ومع ذلك فإنها تفرض عليه ضرائب لا تتماشى وطبيعة المهنة، ولا يراعى في ذلك الدخل غير القار الذي يساير المناسبات، فيما الإدارات الوصية لا تعبأ بما يجري داخله من تجاوزات ، يتطلب معها ضرورة تحصين القطاع بما يتلاءم وطبيعته، مع وجوب وضع نظام تعاضدي يستهدف ممتهني الحلاقة حتى يتسنى لهم ضمان تقاعد مريح عند بلوغ سن التقاعد .