كل متتبع للدراما المصرية يلاحظ الفرق الكبير بين هذه الدراما في عهد النظام السابق ، و بعض الإنتاجات المتميزة ما بعد ثورة 25 يناير . معظم الأعمال المُقدمة هذه السنة وخصوصا في شهر رمضان تعكس بشكل مباشرة التغيير السياسي الذي تعيشه مصر ، أهمها الحضور المتميز للطائفة القبطية المسيحية و بقوة و إعطائها دورا ا متميزا خصوصا بعد أحداث الإسكندرية ، و هكذا نشاهد في مسلسل ( دوران شبرا ) التعايش بين الجارتين المسلمة و المسيحية و التي جسدته كل من الممثلة دلال عبد العزيز و الممثلة عفاف شعيب و التي أثارت الأولى على نفسها و استضافة المسلمة في بيتها بعدما بقية الثانية بدون مأوى ، مما دفع الصحف المصرية أن تعطي اهتماما كبير لهذا الخط داخل هذا العمل الدرامي ، نفس الشئ نلمسه في مسلسل( أدم ) بين البطل الذي سيغامر بنفسه لإنقاذ الفتات المسيحية ، مما دفع بالعائلة المسيحية بأن تحتوي الشاب الذي اعتبرته بطلا ، و يحاول المسلسل إعطاء حيز كبير للطائفة القبطية بمصر و إعتبارها طرف منتج إيجابي داخل المجتمع المصري و رقم ضروري في المعادلة السياسة لا يمكن تغييبه هذا من الجانب الإجتماعي . من الجانب السياسي نلاحظ الهجوم على النظام السابق سواء بشكل مباشر أو غير مباشر , كفضح ممارسات أخطر جهاز في مصر و هو جهاز أمن الدولة، و الحوارات الغليظة كالقمع وحرية التعبير و الفساد المصطلحات التي لم نتعود على سماعها سابقا ,و نلاحظ مدا التناقض بين ضابطين أمن داخل نفس الجهاز و مدا أيضا تأثير محيطهم العائلي على ظروف عملهم ، و حتى لا يُشوه هذا الجهاز حاول المخرج إعطاء الإنطباع في مسلسل(أدم) أن ليس كل الضباط فاسدون و متسلطون فخلق شخصية الضابط " الطيب" المتعاطف مع البطل . خالد الصاوي المتميز طل علينا هذه السنة بعمل أكثر من رائع ( خاتم سليمان) بعدما أن تميز السنة الفارطة في مسلسله الرائع ( أهل كايرو) , إذا كان مسلسل (أهل كيرو) متميز رغم الظروف السيئة و حصار الرقابة , فإن مسلسل ( خاتم سليمان ) كسر كل "تابوهات" و أعطى صورة حقيقية للواقع المصري من خلال مجموعة من الشخصيات أهمها البطل و زوجته الطموحة الإنتهازية ، كما وضح للمشاهد العربي مدا فظاعة الفساد الذي كان يعرفه النظام المصري و تدخله المباشر بواسطة الحزب الحاكم المتواطئ مع جهاز أمن الدولة في إختيار مستشاري مجلس الشعب ، و كيف أن هؤلاء يستثمرون في هذا المشروع السياسي المربح بصرفهم الملايين و يجنون المليارات . غير أن مسلسل المواطن "إيكس" أخذ خط مغاير للأعمال الثلاثة التي تطرقنا لها ، فقد ركز على شباب مصر التائه الحالم من منظور جديد ومختلف يعكس بشكل صحيح ظروف الشباب العربي بشكل عام . فهل ستُعرض هذه الأعمال على القنوات العربية كما هي ؟ أم أن مقص الرقابة سيلعب دوره ، إنني أراهن أن هذه الأعمال الاربعة (أدم) – (خاتم سليمان) –(دوران شبرا) و (المواطن إيكس ) لن تعرض على القنوات الرسمية ، أما ما عدا ذلك فباقي الأعمال عادية ، تتطرق لمواضيع مستهلكة و مكررة . نجيب البقالي