نظمت جمعية المدى لتنمية جهة طنجةتطوان في إطار جلستها الثالثة ضمن جلسات المقهى الأدبي الذي تسعى الجمعية إلى تكريسه تقليدا ثقافيا داخل المدينة، قراءة في رواية "بولنوار" للأديب والسوسيولوجي الدكتور عثمان أشقرا، وقد قام بقراءة الرواية الدكتور نجيب العوفي الناقد الأدبي المتميز الذي عنون قراءته ب (محفل بولنوار السردي) حيث قدم للروائي الذي يجمع بين الأدب وعلم الاجتماع وأنه يتحرك إبداعيا في هذا المجال، ليقدم بعدها تعريفا بقرية بولنوار الخربيكية وأنها مع كونها منجم للفوسطاط فهي مناجم روائية وإبداعية من النوع الثقيل ضاربا أمثلة على ذلك، معتبرا رواية بولنوار تحفة منجمية بامتياز، وأنه إذا كانت الرواية من قبل ومن بعد هي أسلوبها فبولنوار ذات نمط أسلوبي قروي قح، يجتمع فيها جمالية الفصحى وجمالية العامية (الفصعامية حسب اصطلاح توفيق الحكيم)، وأن الرواية تعكس الهوية المغربية الفسيفسائية جغرافيا وعمرانيا وأناسا وألسنة (التنوع داخل الوحدة) وهي حسب قوله ظاهرة إيجابية، وأنها رؤية ذات نكهة مغربية بمحفلها السردي الباذخ المفعم بالأممية والمحلية، ليعرج على قراءة وقائع الرواية وأحداثها ليؤكد أن الرواية المغربية انفتحت على المنجم التاريخي الثري والغني، أما من حيث المكان والزمان فالرواية تعتمد بنية بوليفونية، وتقنية (حدثني) المتوارثة، على وجه اللعب الحكائي الساخر، ليقوم بعدها بقراءة شخوص الرواية واحدا تلو الآخر بطريقة يعكس فيها أدوارها داخل الرواية وما ترمز إليه خارجها، ليعبر عن أن الروائي عثمان أشقرا بقدر ما يمتاح من الخيال يمتاح من الواقع ومن مرجعيته السوسيولوجية، مؤكدا على أن الرواية المغربية نادرا ما نضع فيها حاجزا بين المرجع والإبداع، وأخيرا تبقى"بولنوار" الزمان والمكان هي العمق الحكائي واللازمة المتكررة في لسان الرواية، وأنها وثيقة إبداعية أنثروبولوجية، وما أجمل أن تقرأ بولنوار في تطوان حسب تعبيره. أخذ بعدها الكلمة الروائي عثمان أشقرا ليقدم شكره للدكتور نجيب العوفي على قراءته النقدية المتميزة معبرا عن أن جزءا من تذوقه للأدب مدين به للدكتور نجيب العوفي الذي عرفه منذ السبعينات بمدينة خريبكة، وأنه مع حلم الشباب الخريبكي واهتمامهم بالهندسة لتحسين الوضعية المادية، فإنه كان استثناء في هذا لإصابته بلوثة الأدب على حد قوله، ليتكلم عن سؤال الذاكرة والعودة إلى الأصول، فهذه الرواية لم يلهث وراءها ولكنها كانت تعيش في داخله وتنظر الوقت لتنفجر، وقد ختمت هذه القراءة بالمناقشة المتبادلة بين الحضور والدكتور نجيب العوفي والروائي عثمان أشقرا في جو مفعم بالأدبية. وتجدر الإشارة إلى أن الرواية "بولنوار" فازت بالجائزة الأولى للرواية سنة 2007 وحصلت على دعم المركز السينمائي المغربي بعد كتابة السيناريو من طرف الأستاذ بلعيد كريديس وعرضها على المخرج حميد الزوغي.