بالمركب الثقافي بخريبكة وفي عرس ثقافي حقيقي كان الموعد داخل قاعة غصت بالمبدعين وقراء الأدب وعمال المناجم المتقاعدين بسحناتهم الحاملة للدهشة والإصرار ، كما حضرت فعاليات من فروع النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط كدش يوم الجمعة 7 يناير 2011 ..لقاء الاحتفاء برواية بولنوار للكاتب والباحث السوسيولوجي عثمان أشقرا وقد ترأس هذا اللقاء مجيد تومرت و الناقد شعيب لحليفي الذي اعتبر هذا اللقاء استثنائيا برفقة الروائي عثمان أشقرا. ومعلوم أن هذا اللقاء جاء ثمرة تعاون ، تنظيمي بين المكتب الوطني للنقابة الوطنية لعمال الفوسفاط (الكونفدرالية الديمقراطية للشغل) وجمعية النادي السنيمائي بخريبكة والذي عرف في بدايته تقديم مجموعة من الكلمات الترحيبية لكل من مصطفى زمزم عن فرع النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط ؛وعبد اللطيف الركاني عن جمعية النادي السنيمائي بخريبكة ؛ولكبير لكراوي عن الاتحاد المحلي للكدش وخالد العلمي لهوير عن المكتب المكتب الوطني للنقابة الوطنية لعمال الفوسفاط..بالإضافة إلى كلمتي كل من عبد السلام البرماكي وبلعيد لغماوي كرمز للذاكرة الفوسفاطية ..كما قدم مصطفى خيبر هدية فنية للكاتب تحية منه باعتباره ابن أحد شخصيات الرواية (المعلم بليوط). في ورقته لتقديم الرواية عمد شعيب حليفي إلى التماس أسلوب حواري مع النص مؤكدا في البداية على إجماع عدد من النقاد المغاربة على أن رواية بولنوار من الأعمال الثقافية(رواية ثقافية ) التي تنطلق من الواقعي الاجتماعي لتؤسس لإبداع سردي يخلق القلق والمتعة في الآن نفسه ،بشخوصها الرمزية الممثلة للوعي الكائن والممكن والمغلوط، وبتحويلها لوضع الطبقة العاملة بمناجم الفوسفاط وتاريخ الفعل النقابي بخريبكة إلى نص تخييلي جمالي ينسج في أربعة فصول أحاديث تشكل سجلا تاريخيا ومعرفيا، تروى، تناوبا، بلغة تزاوج بين أسلوب سهل ممتنع وآخر يطفح بالشاعرية وبمعان ودلالات ظاهرة وأخرى مستضمرة في حكي ثلاثة عشر حكاية على لسان شخوص رمزية هي مرايا تحيل وتعكس على شخصيات حقيقية ومركبة من مختلف أطياف الوعي الاجتماعي، ويضيف حليفي بأن الروائي يرسم جسد نصه بأمكنة ولغات وثقافات محلية مختلفة ومتنوعة كاشفا استقراء واستنطاق دلالاتها العميقة واستثمار الروائي لمعارفه في البحث السوسيولوجي والسينيمائي بقدرة فنية تبتعد عن التقريرية في جعل الرواية احتجاجا على الواقع الذي ولدت فيه. وخلص الناقد في كلمة أخيرة إلى أن الرواية استطاعت بخصائصها الفنية وحمولاتها الدلالية وأسسها المعرفية أن تكون من النصوص التي تساهم في خلق تحول في الأدب بتمتين روابط الثقافة بالمجتمع في تشييدها التخييلي لواقع العامل المغربي بلغة رائقة لملحمة بروليتارية. ثم تدخل بعد ذلك السيناريست كريديس بلعيد الذي وقف على مراحل تحويله للرواية الى سيناريو مقبل على التصوير السينمائي، بعدما حاز على دعم المركز السينمائي. واختتم اللقاء بكلمة الروائي عثمان أشقرا الذي أكد فيها - بعد التعبير عن السرور والاعتزاز بانتمائه إلى بولنوار- على الواقعي والتخيلي وأن شخوص نصه شخوص حقيقية جسدت قيما حقيقية ، قيم النبل والوفاء والإخلاص والإلتزام بالإضافة إلى تركيزه على بعض الشخصيات التي أسماها بالمركبة وهي مزيج التخيلي بالواقعي، مشيرا إلى دور العمل النقابي والنادي السينيمائي بخريبكة في تكوينه وتأطيره منتهيا إلى أن الرواية وشم في ذاكرته وجسده كتبت وانكتبت عن واقع عاش فيه وما زال يعيش صيرورته . وقد تلى هذا اللقاء نقاش حي متنوع ومختلف أغنى الكلمات والمداخلات. (*)- باحث في الثقافة المغربية