عقدت الجماعة الحضرية لتطوان مساء أمس الإثنين 25 فبراير 2013 بمقر الجماعة الأزهر دورة فبراير العادية المخصصة لمناقشة والتصويت على الحساب الإداري لسنة 2012، بالتصويت على هذا الأخير بالإجماع بعد انسحاب مستشاري المعارضة.. هذه الدورة انطلقت على الساعة الرابعة والنصف مساء، حيث تم فتح باب قاعة الجلسات في وجه المواطنين ورجال الصحافة على الساعة الرابعة و20 دقيقة، أي قبل انطلاق أشغال الدورة بعشر دقائق فقط خلافا لما هو معمول به في سائر الجماعات، حيث يتم فتح الباب قبل انطلاق الدورة بساعة على الأقل، وذلك بتعليمات من رئيس الجماعة الحضرية الذي دأب على سلك هذه "الاستراتيجية" حتى يتسنى حضور مناصريه.. وقد انطلقت الدورة بالتصويت على العضو الذي سيترأس أشغالها كما ينص على ذلك القانون، ليتم اختيار المستشار عبد الكريم زكرياء المنتسب لحزب العدالة والتنمية والمقرب جدا من رئيس الجماعة الحضرية لترؤسها، لتبتدئ بطرح نقاط نظام عادية من قبل بعض مستشاري المعارضة، وهم محمد القريشي وعبد الإله الصغير المنتميان لحزب التجمع الوطني للأحرار، وعبد السلام أخماش المنتمي لحزب الحركة الشعبية، وحميد بونوار المستقل، وذلك على إيقاع التشويش من طرف بعض المراهقين الذين شرعوا في التلفظ بكلمات ساقطة مستمدة من "قاموس" الأسواق الشعبية والأزقة الضيقة والحانات الرخيصة، تخدش الحياء ولا تليق بتاتا بحرمة المجلس الجماعي، الشيء الذي دفع بأعضاء حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حليف حزب العدالة والتنمية في تسيير المجلس، على الساعة الخامسة و25 دقيقة إلى طلب رئيس الجلسة الانسحاب لمدة 5 دقائق قصد التشاور، وبعد عودتهم على الساعة الخامسة والنصف حملوا كامل المسؤولية لرئيس الجماعة الحضرية والسلطة المحلية في ما حدث من فوضى وتشويش داخل أشغال الدورة، هذا الأمر أصاب رئيس الجماعة بالذهول والارتباك، ليقوم بعد ذلك بثماني دقائق بالاتصال هاتفيا بنائبه الخامس، عبد الواحد اسريحن، المنتمي لحزب الوردة، وهما معا داخل القاعة، خوفا من قلب أعضاء هذا الحزب للطاولة عليه والتصويت ضد الحساب الإداري مما سينتج عنه إسقاطه، خاصة وأن هذا الأمر كان محط تخوف وقلق كبيرين لرئيس المجلس، إلا أن نائبه الخامس طمأنه بكون أعضاء حزبه سيصوتون لصالح الحساب، ليتنفس إثره الرئيس الصعداء بعدما لوحظت على وجهه علامات الاصفرار والارتباك.. في تلك الأثناء أعلن فريق التجمع الوطني للأحرار "المعارض" على لسان ناطقه الرسمي، محمد القريشي، الانسحاب من الجلسة بعد تحميله بدوره المسؤولية كامل في ما جرى لرئيس الجماعة الحضرية واصفا ذلك التصرف الذي قام به أولئك المراهقين ب"البلطجة"، معتبرا إياه "إهانة لكرامة المجلس ومستشاريه"، خاصة وأن هؤلاء لم يكونوا سوى بعض المراهقين المنحدرين من وسط "الحزام الأخضر" الشعبي وكان يقودهم نائب رئيس إحدى الجمعيات "الناشطة" بهذا الحي والتي تلقت من مجلس الجماعة منحة سنوية ضخمة يسيل لها اللعاب، إلى جانب استفادتها مؤخرا من حافلة الجماعة للقيام برحلة استجمامية لمدينة إفران السياحية استغرقت ثلاثة أيام…، حيث تعمدوا التشويش على مداخلات أعضاء المعارضة في الوقت الذي كانوا فيه يلتزمون الصمت أثناء تدخلات أعضاء الأغلبية.. (والفاهم يفهم..)!! وعلى الساعة الخامسة و44 دقيقة، انضاف المستشار المستقل حميد بونوار إلى قافلة المنسحبين من أشغال الدورة، احتجاجا بدوره على ما اقترفته تلك "البلطجية" من تصرفات لاأخلاقية والفوضى التي عمت القاعة، ليكون المستشار المعارض المنتمي لحزب الحركة الشعبية، عبد السلام أخماش، آخر المنسحبين من الدورة على الساعة السادسة و13 دقيقة، حيث لم يمكث للاستماع لعرض رئيس الجماعة الحضرية والتصويت على الحساب الإداري.. وإذا كان رئيس الجماعة الحضرية قد راهن على تلك الفوضى لجر أعضاء المجلس للتصويت على عقد جلسة سرية مغلقة، تخوفا مما ستؤول إليه الأمور بعد التحاق المحتجين من عمال النقل المضربين وأعضاء جمعية المعطلين وغيرهم، وخوفا كذلك من إسقاط حسابه الإداري من طرف أعضاء المعارضة والغاضبين على تسيير المجلس من مستشاري الأغلبية، ولم يفلح في ذلك، يكون قد نجح في إخلاء القاعة من مستشاري المعارضة وكسب ثقة حليفه في تسيير المجلس، حزب الوردة، واحتضان الناقمين من أعضاء حزبه بالمجلس، ليتم التصويت على الحساب الإداري لسنة 2012 بالإجماع في جو مثير للسخرية والقرف في الوقت نفسه.. أشغال هذه الدورة عرفت حضور بعض عمال النقل الحضري المضربين والمعتصمين بساحة الحمامة منذ أزيد من 20 يوما، حيث رفعوا لافتة كبيرة داخل قاعة الدورات محملين فيها كامل المسؤولية لما آلت إليه وضعيتهم الاجتماعية والأسرية من تدهور لرئيس الجماعة الحضرية لتطوان الذي زج بهم في متاهة إضراب مستمر واعتصام مفتوح طال أمده، إلى جانب والي ولاية تطوان وباقي السلطات المحلية والمنتخبة وأرباب شركات النقل الذين تجنوا على حقوقهم واستغلوا مآسيهم أسوأ استغلال، إذ ذرف بعضهم الدموع وسط الدورة قائلين "إننا لا نطالب بالسيارات الفارهة والإقامات السكنية الفخمة.. ولا نطالب بالكريمات ولا بالامتيازات.. ولسنا في حاجة للكماليات.. بل كل ما نطلبه هو ضمان كسرة خبز حلال لنا ولأبنائنا وأسرنا.. وبلقمة عيش تسد رمقنا وتحفظ كرامتنا الآدمية…"، ليخيم صمت رهيب على القاعة، وعلامات التألم بادية على محيا كل الحاضرين الذين تعاطفوا بشكل واسع معهم، كما عرفت ذات الدورة احتجاج أحد المواطنين الذي تم إقصاؤه من الاستفادة من دكان بسوق الإمام مالك، وهو رجل طاعن في السن، محملا المسؤولية في ما طاله من إقصاء إلى كل من رئيس الجماعة الحضرية السابق ورئيس مجلس الجهة الحالي، رشيد الطالبي العلمي، ونائبه آنذاك رئيس المجلس الإقليمي الحالي، بوشتى اتباتو، والرئيس الحالي، محمد إدعمار.. للإشارة، فإن هذه الدورة حضرها ولأول مرة، حوالي 45 عضوا بالمجلس الجماعي من أصل 55 عضوا، من بينهم أعضاء طال غيابهم عن المجلس ولم يحضروا دوراته إلا نادرا جدا، قبل انسحاب أعضاء المعارضة للأسباب التي ذكرناها سالفا..