تفجرت احتجاجات في العاصمة الأردنية عمان ومدن الأقاليم بعد ان خفضت الحكومة دعم الوقود في خطوة لضمان الحصول على قرض بقيمة ملياري دولار من صندوق النقد الدولي لكنها أدت إلى ارتفاع أسعار الوقود. ونزل أكثر من ألف شخص إلى الشوارع في العاصمة عمان في وقت متأخر يوم الثلاثاء واندلعت احتجاجات أصغر في عدة مدن بالأقاليم بعد ان قالت جماعات إسلامية وعشائرية معارضة إنها ستقوم بتظاهرات.
وهتف مئات المحتجين بهتافات مناهضة للملك عبد الله وأجهزة الاستخبارات القوية مرددين شعارات تستهدف شخصيا الملك، ولم يسمع بها قبل موجة من الاحتجاجات التي تستلهم ثورات الربيع العربي، وأصابت المملكة أوائل العام الماضي.
وهتف شبان في ساحة دوار الداخلية الرئيسية في قلب عمان "حرية حرية فليسقط عبد الله" بينما نددت حشود غاضبة بزيادات الأسعار التي كانت متوقعة على نطاق واسع.
وعززت السلطات تدابير الأمن في شتى انحاء البلاد التي تقع في مفترق طرق في الشرق الأوسط وتتاخم السعودية والعراق وسوريا والضفة الغربية واسرائيل.
وكانت مظاهرات احتجاج مناهضة للاستبداد والفساد وسوء إدارة الأموال قد أدت إلى الإطاحة ببعض الزعماء العرب ومنهم زعماء تونس ومصر وليبيا واليمن.
ولكن على خلاف المظاهرات المطالبة بالديمقراطية التي تستلهم الربيع العربي في البلدان المجاورة والتي تحولت إلى العنف فإن الأردن لم يسجل حالة وفاة واحدة في نحو عامين من الاحتجاجات السلمية.
وفي اماكن أخرى غير العاصمة عمان سارت احتجاجات متفرقة بسلام لكن محطة بنزين اشعل فيها شبان غاضبون النار في إربد ثاني أكبر مدن الأردن في الشمال.
وخطوة رفع الدعم التي اعلن عنها مجلس الوزراء ويبدأ نفاذها بعد منتصف الليل هي أول زيادة رئيسية في أسعار البنزين منذ احتجاجات الشوارع التي وقعت اوائل العام الماضي ودفعت السلطات الأردنية الى زيادة الإنفاق الاجتماعي وتجميد زيادات كبيرة لأسعار الوقود.
وتتراوح زيادات أسعار الوقود من اكثر من 50 في المائة لإسطوانات الغاز المستخدم في الطهي و33 في المائة للديزل والكيروسين المستخدم في وسائل النقل والتدفئة و14 في المائة للبنزين الأقل جودة.
وحذر رئيس الوزراء عبد الله النسور المعارضة الإسلامية الرئيسية (الأخوان المسلمين) وهم اكبر حزب سياسي في البلاد من استغلال زيادات الأسعار للتهييج. وقال ايضا ان زيادات الأسعار حتمية ولا مفر منها.
وقال في مقابلة مع التلفزيون الحكومي "لو تأجلت هذه الخطوة لواجهنا كارثة وإفلاسا."
وتطالب معظم فصائل المعارضة العشائرية والإسلامية بإصلاحات أسرع لكنها لا تسعى إلى الإطاحة بالملك عبد الله.
وقال النسور انه من المتوقع ان يرتفع عجز الميزانية الى 3.5 مليار دولار هذا العام. ولم يذكر مقدار الوفر في الإنفاق الذي سيحققه خفض الدعم. وكان الأردن ينفق 2.3 مليار دولار سنويا على الدعم أي نحو ربع ميزانيته السنوية.
وقال النسور "الوضع المالي للمملكة تأثر بشدة بالربيع العربي."
ويأمل الأردن أن يظهر خفض الدعم التزامه بالترشيد المالي ويساعده على كسب التأييد من صندوق النقد الدولي ومعونات غربية وعربية وأن يمكنه من اللجوء الى أسواق رأس المال لإصدار سندات دولية.
وكانت الحكومة اضطرت الى الاعتماد بشدة على الاقتراض الداخلي من البنوك. وقفز الدين العام 19 في المائة منذ العام الماضي إلى 22 مليار دولار ويبلغ الآن 72 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. وهبطت بشدة احتياطات النقد الأجنبي بنسبة 34 في المئة الى 6.85 مليار دولار منذ نهاية العام الماضي.
وقال النسور ان تحويلات نقدية مباشرة سيتم صرفها لأفقر الأسر في الأردن في غضون اسبوع للتخفيف من آثار الأسعار. ووعد أيضا أنه سيتم تعديل أسعار الطاقة بالنقصان إذا انخفضت أسعار النفط عن 100 دولار للبرميل.