في حوار صحفي حاولت الباحثة (كذا) هند عروب أن تظهر بلباس الممسك بتلابيب المشهد السياسي في المغرب لكنها سقطت فيما لا ينبغي للباحث ان يقترفه، ألا وهو ادعاء تمثيل الشعب والحديث نيابة عنه. قالت الباحثة "أنا أرى أن المغاربة لا زالوا رعايا وكي يبلغوا مرتبة المواطنة هم بحاجة إلى مسار من الوعي التاريخي"، وفي هذا الكلام تجن خطير على الشعب المغربي، وخلط للمفاهيم، فالرعية هي التي لا تملك ناصيتها بينما المواطن هو الذي يقرر ويساهم في تدبير شأنه. فالمغربي منذ مدة ليست بالقصيرة سار في اتجاه المشاركة في المسار السياسي للبلاد ولم يعد يقبل كل ما يملى عليه أو يأتي من فوق. أليست الانتخابات والاختيار دليل مواطنة؟ أليست الاحتجاجات اليومية دليلا على المواطنة؟ أليس الانتظام في جمعيات المجتمع المدني دليلا على المواطنة؟ أم أن هند عروب تفهم المواطنة على مزاجها الشخصي؟
وقالت عروب "إذا عدنا مثلا إلى الدستور ففي فصله الجديد 41 ما زال يؤكد صراحة على مسألة إمارة المؤمنين، ثم إن بنية إمارة المؤمنين لا تتوافق بالمطلق مع فكرة المواطنة، لأن أمير المؤمنين فوق المحاسبة، وفكرة المواطنة تكرس مبدأ المحاسبة والمساءلة، مساءلة المحكوم لحاكمه".
لا يمكن لهند عروب التي تعلمت ودرست "بوليكوبات" العلوم السياسية منقولة دون دراسة ودراية أن تفهم شيئا اسمه إمارة المؤمنين كنمط تاريخي ارتضاه المغاربة، وكان عليها أن تتساءل عن القدرة على إيجاد حل لمعادلة صعبة لولاها ما استطاع المغاربة بناء نظام سياسي، ألا وهي المزج بين إمارة المؤمنين ورئاسة الدولة الديمقراطية الحداثية.
ولأن هند عروب لها مآرب أخرى من كلامها فإنها لم تقل بأن الفصل 41 لا يكتمل إلا بالفصل 42 الذي يتحدث عن رئاسة الدولة، وجاء الفصلان المذكوران كعملية تفتيت للفصل 19 من الدستور المنسوخ وذلك استجابة للتحولات التي عرفها المغرب والعالم وعرفها التطور الدستوري للمغرب.
وأشارت عروب إلى أن "الدستور لم يكن تعاقديا. هناك هيئات من المجتمع المدني رفضت أن تتداول مع هذه اللجنة لأنها معينة من الفوق، من قبل السلطة، والسلطة لا يمكن أن تكون حكما وخصما وطرفا في ذات الآن. اللجنة كان يجب أن تكون لجنة تأسيسية منتخبة من قبل الشعب، وليست معينة، إذن ما يبنى على باطل فهو باطل أصلا".
وجود هيئات لم تشارك في صياغة الدستور هو من باب الاستثناء الذي لا يبرر القاعدة، فالأصل هو أن ممثلي المجتمع من أحزاب ونقابات وجمعيات مدنية شاركت في صياغة الورقة الدستورية ورفضت قلة قليلة المشاركة، وهذا الرفض ليس دليلا على أنه لم تكن هناك مقاربة تشاركية.
وقالت عروب بلغة الجزم"المخزن لم يتخط بعد غضب الشارع كما أسلفت في جوابي السالف، ما زالت هناك أخطار اجتماعية، لأن الوضع غير مستقر، من يعتقد أن المرحلة الحالية هي استقرار سياسي فإما أنه أبله أو لا يجيد قراءة الأوضاع"، فهل من حقنا وصف هند بالبلهاء لأننا اكشفنا أنها لا تقرأ الواقع جيدا؟ وعلى أي أساس اعتمدت؟ فالاحتقان الاجتماعي ليس فيه استثناء اليوم لأن الأزمة عالمية ،غير أن المغرب لم يصل الحد الذي وصلت إليه بلدان كثيرة.
بقي أن نشير إلى أن الباحثة المقيمة في أمريكا، على نفقة من يعرف كيف يستغل الباحثين والصحفيين لخدمة أجندته، ليست على دراية كبيرة بما يعتمل في المغرب وإنما كل ما قالته هو مجرد ما حفظته من "البوليكوبات" في العلوم السياسية وهي في متناول أي طالب وهي وحدها لا تمنحه القدرة على التحليل.